أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم عمر - عرس فينيكس الافتقار الى الهوية














المزيد.....


عرس فينيكس الافتقار الى الهوية


عبدالكريم عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 18:15
المحور: الادب والفن
    


وكأنها لم تكن متيقنة من أنني سأقرؤه حين أهدتني الكاتبة الكردية عالية ميرزا كتابها عرس فينيكس. قالت بإلحاح: “أريدك أن تقرأه”، فَوَعَدْتُها بذلك، وفعلت. كما قرأت أيضًا بعض النصوص التي كُتبت عن الكتاب، وكان من أهمها المقدمة التي كتبها الكاتب والشاعر إبراهيم يوسف، ومقال ساحر وجميل للكاتب والمفكر الكردي إبراهيم محمود.

في حضرة هذين العملاقين، قد يبدو الحديث عن الأدب كما لو أن سكرانًا ينصح كاهنًا بتعاليم العبادة. ومع ذلك، فإن نشوة اللحظة ومتعة القراءة تغريانني بالخوض في غمار النص وتسجيل انطباعاتي الخاصة. ومثل هذه الملاحظات السريعة حول عمل أدبي تكون غالبًا ذاتية، تخضع لثقافة القارئ وخلفيته الفكرية والاجتماعية. وكأنني أجزم باستحالة فصل ذات القارئ عن رؤاه.

المسألة التي استوقفتني في هذا السياق تتعلق بقضية نوقشت كثيرًا، وهي العلاقة بين الشكل والمضمون في العمل الأدبي. لماذا اختارت عالية هذا الشكل تحديدًا؟ لماذا جعلت مضمونها مفتوحًا على كل الهويات والأشكال؟
لقد تناول المبدعان إبراهيم يوسف وإبراهيم محمود هذا الجانب بعمق، وأثنيا على مغامرة عالية ميرزا في خلق نص أدبي تمرّد على التصنيف ضمن إحدى الهويات الكلاسيكية للأجناس الأدبية. إذ أن النص، على حد تعبير إبراهيم يوسف، “لم يسعَ إلى الحصول على وثيقة جنسية من أيّة دوائر النفوس”.

لكن بالنسبة لي كقارئ، فإن هذه المغامرة أدت إلى طغيان جلال الشعر على جمال السرد، مما جعل الخطوط والخيوط المحورية اللازمة لحياكة سيرة ذاتية تتمحور حول فكرة جوهرية تضيع في زخم اللغة. فقد ضيّق طغيان الشعر في عرس فينيكس الدروب أمام السرد وإمكاناته في تتبع الأحداث ضمن الزمان والمكان، فلا الأحداث ولا الشخصيات ولا حتى الأماكن كُتبت بطريقة سردية تتيح للقارئ فهم تسلسل الوقائع والتفاعل معها.

لندع الشكل قليلًا، ولننتقل إلى المضمون الذي أرادت الكاتبة تناوله.

تبدأ عالية كتابها بالحديث عن طعنة أصابت روحها وجسدها، لكنها اختارت الشعر لغةً لسرد الأحداث والمآسي الواقعية، فجاء السرد جميلًا، لكنه غامض وعامّ.

ما كان واضحًا وجليًا في عرس فينيكس هو رؤيتها للمجتمع وفهمها له، وكيف انعكس ذلك على سلوكها وتفاعلها معه. فبالنسبة لعالية، أن تكون فردًا، وأن تكون امرأة تحديدًا، يعني أن العيش داخل القطيع هو موتٌ على دفعات، إذ لا يُنظر إليكِ كفرد مستقل، بل فقط من خلال مرآتهم، التي تعكس لكِ صورتك كما يريدونها أن تكون. ولأنها لم تخضع لنواميس هذا المجتمع، دخلت في صراع مرير معه، ودفعَت ثمن ذلك.

لكن إلى جانب هذا الصراع الخارجي، هناك صراع داخلي آخر أكثر تعقيدًا تعيشه البطلة بين ذاتها العاقلة وذاتها العاطفية. ففي عقلها الواعي، وقفت عالية ضد الموروث الجمعي وحاربته، لكن ذاتها العاطفية ظلت مغروسة في جذورها، تنتمي إليها رغم ما يحفّها من أوهام. وهذا ما يفسر حنينها إلى أماكن كانت مسرحًا للمأساة، وإلى شخصيات كانوا أبطالها الأساسيين.
وثورة بطلة عرس فينيكس على القيم البالية في نظرها لم تكن مجرد تحدٍّ، بل اصطدمت على الصعيد الشخصي بعواطف متضاربة؛ كالحب والاحترام والتضحية، في مقابل الكراهية والازدراء والأنانية. حيث اجتمعت هذه المتناقضات في الوقت نفسه، وفي الأشخاص أنفسهم.

ربما كان هذا التناقض العاطفي العنيف هو ما دفع الكاتبة إلى اختيار غموض الشعر على وضوح السرد، مما جعل العمل الأدبي يفقد هويته الواضحة ضمن الأجناس الأدبية المتعارف عليها.



#عبدالكريم_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة بثلاث لغات
- كبف تبدو المرأة في فكر عبدالله اوجلان؟
- التكفيرية هل هي جوهر الدين أم طارئ عليه؟
- ماركسيون يحلمون بعودة الديكتاتورية إلى العراق - رد على سلامة ...
- صورة الرئيس في الإعلام الكردي


المزيد.....




- لماذا تلهم -تفاهة الشّر- سوريّي اليوم؟
- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع
- ماتفيينكو تدعو إلى تجديد النخبة الثقافية الروسية بتضمينها أص ...
- جدل حول مزاد للوحات الفنية بواسطة الذكاء الاصطناعي ومخاوف من ...
- توغل بفن الراب والثورة في -فن الشارع- لسيد عبد الحميد
- -أحلام (حب الجنس)- يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين ا ...
- رحيل الشاعرة السورية مها بيرقدار والدة الفنانين يوسف وورد ال ...
- نجوم الغناء العربي يحتفلون بيوم التأسيس السعودي


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم عمر - عرس فينيكس الافتقار الى الهوية