أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - التفاوض: عملية أساسية للتفاهم السياسي،، فهل بإمكان الأطراف العراقية المتناحرة ممارسة ذلك لتحقيق المطالب الإنسانية والسياسية لأفراد المجتمع؟















المزيد.....


التفاوض: عملية أساسية للتفاهم السياسي،، فهل بإمكان الأطراف العراقية المتناحرة ممارسة ذلك لتحقيق المطالب الإنسانية والسياسية لأفراد المجتمع؟


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 8262 - 2025 / 2 / 23 - 15:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعيدا عن تأمين مصالح الدولة وإشاعة الأمن والاستقرار، اعتاد قادة الأحزاب الطائفية الماسكة باركان السلطة من بعد سقوط النظام الديكتاتوري لحزب البعث وما خلفه من دمار وأزمات وحروب، التوافق فيما بينهم، فقط، لما تقتضيه مصالحهم السياسية والفئوية الثابتة، وفق مبدأ، تقسيم أمور مؤسسات الدولة الإدارية ومواردها المالية وثرواتها الطبيعية والعقارية فيما بينهم على خلاف ما هو دارج في علم السياسة الدولية ما يسمى بمفهوم (عقيدة الإخلاص الرصين) الذي يلزم حماية المسؤول الحقوق اللزومية، الخاصة والعامة، للدولة والمجتمع واحترام الدستور والقوانين المرعية دون تلاعب أو تسويف.

من منظور الانسجام السياسي ومفهوم العلاقات الدولية أثبتت تجارب الدول الحديثة بأن التفاوض بين الأطراف المتباينة العقيدة والسلوك السياسي والفكري غالبا ما يؤدي إلى نتائج مستدامة أكثر من ممارسة العنف والعقوبات أو المواجهات المسلحة لحل النزاعات العقائدية أو السياسية. في الشأن العراقي، فيما التفاوض من الناحية الواقعية في حسابات قوى وأحزاب ما بعد التغيير عام 2003 (شيعية، سنية، كردية) مع قوى المعارضة المختلفة التي تطالب بإصلاح النظام السياسي لم يكن واردا، فان قوى الحرية والتغيير والأحزاب العلمانية المعارضة، منذ، إنطلاق الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019 ومن ثم إجهاضها لم تتمكن من إنتاج آليات مؤثرة للتحول الديمقراطي والتمثيل المتساوي في البرلمان وبقيت الإشكاليات البنيوية للطائفية السياسية قائمة. وعلى الرغم من الخبرة السياسية والفكرية التي تمتلكها، إلا أنها، أي "المعارضة"، قد فشلت على مدى عقدين في إيجاد وسائل ضغط سياسية وبشرية "ضغط شعبي" يمكن أن تتحول إلى أداة فاعلة لإجبار الأطراف الماسكة بالسلطة على التفاوض الصريح والنزيه لتحقيق العدالة الاجتماعية بسبب الاكتفاء بالتنظير والحيادية والحلول التوافقية إلى أبعد الحدود...

التفاوض هو عملية أساسية لتحقيق التفاهم بين الأطراف المختلفة، أيضا، ركيزة لتحقيق المطالب الإنسانية والسياسية لأفراد المجتمع. في بلد يواجه الكثير من التعقيدات في العلاقات الدولية والإقليمية، كالعراق، يجب أن ينظر إلى التفاوض بوصفه وسيلة سلمية لتحقيق الأهداف المشتركة دون اللجوء إلى الصراع لحل الخلافات السياسية. لكن، يجب على مبدأ التفاوض بين الأحزاب والأطراف السياسية، داخل السلطة أو خارجها، خاصة، بين أطراف غير متكافئة في القوة أو الموارد، ألا يواجه جدلا بشأن فعاليته لتوفير أمن واستقرار العراق وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق والمساواة لكافة العراقيين.

لذا فأن المفهوم العام من الناحيتين السياسية والمجتمعية في ظروف معقدة كالتي يمر العراق بها، يشكل التفاوض بين قوى المعارضة والأحزاب الحاكمة العراقية مدخلا لتحقيق إصلاح منظومة الحكم، سياسيا وإداريا، كما يعتبر إحدى أبرز الآليات لحل الأزمات وتحقيق التوازن السياسي وضمان توزيع السلطة بشكل عادل ومشاركة الجميع في صناعة القرار لإبعاد العراق عن المخاطر التي تتربص به. إلا أن ذلك من الناحية الموضوعية وليس الافتراضية، يتطلب رؤية واضحة لإستخدام التفاوض في إطار من النزاهة والعدالة واستعداد الأطراف احترام وجهات النظر وقبول التنازلات المتبادلة وألا يشكل عدم التكافؤ (القوة والموارد) وسيلة لتكريس الإختلال في السياق السياسي وعدم الالتزام بالمبادئ الديمقراطية وبشكل كبير بنتائج المفاوضات...

التفاوض عادة هو عملية معقدة تتطلب توازنا دقيقا بين المصالح المتعارضة في بيئة من الشفافية وحسن النية لتحقيق العدالة السياسية والإدارية وضمان استقرار النظام السياسي لكن في غياب الشروط قد يتحول التفاوض إلى أداة لتعزيز الهيمنة بديلا عن تحقيق التوافق... في سياق التفاوض الذي تطمح إليه القاعدة الشعبية مع القوى والأحزاب الحاكمة حول مطالب سياسية وإدارية، مثل ضمان تمثيل عادل في الحكومة، حماية الحقوق المدنية وإجراء إصلاحات في المؤسسات، على المعارضة من حيث المبدأ أن تضع سيناريوهات متعددة لعملية التفاوض، بما في ذلك الخيارات البديلة وإيجاد آليات تضمن التزام الأطراف بمبادئ وشروط التفاوض والبالنتائج...

منذ غزوه عام 2003 غالبا ما تكون الأحزاب العراقية "الشيعية والسنية والكردية" الماسكة بالحكم في وضع أقوى من حيث الموارد والمؤسسات. تمارس النيات المبطنة، وقد تستخدم بعض الأحيان التفاوض كوسيلة لاحتواء الموقف المتدهور الناتج عن تعقيد شروط المفاوضات حول مبادئ المشاركة في السلطة وتوزيع الغنائم والامتيازات الإدارية والفئوية فيما بينها تارة. وبينها وبين قوى المعارضة التي تضع تلبية مطالبها بما في ذلك إصلاح النظام السياسي والانتقال السلمي للسلطة أمرا أساسيا لا يقبل التسويف والمماطلة وكسب الوقت من جانب آخر. الأمر الذي أنتج عدم الثقة وصعوبة الوصول إلى اتفاقات نزيهة ومستدامة.

وعلى ما يبدو أن العوامل المؤثرة على نجاح التفاوض بين قوى المعارضة وبعض القوى والأحزاب الماسكة بالسلطة لاتزال غير ناضجة على الرغم من التهديدات السياسية والاقتصادية والعسكرية المحيطة بالعراق من جهات عدة بسبب ضيق أفق بعض القوى والساسة العراقيين وعدم استعدادهم توفير منصة وطنية شاملة ورؤية استراتيجية واضحة وبرنامج سياسي جامع لحل الصراعات الداخلية والخارجية دون اللجوء للعنف أو الإقصاء.

الخلاصة: التفاوض هو مهارة تجمع بين المعرفة النظرية والممارسة العملية. لتحقيق نتائج فعالة، يجب أن يكون الطرف المفاوض، ونقصد "المعارضة" على دراية بالمبادئ الأساسية للتفاوض ومهارات تطبيقها بذكاء وخبرة. يتطلب ذلك إعدادا مسبقا، ذكاء عاطفيا، مرونة، والتزاما بالوصول إلى حلول عادلة ومستدامة. أيضا إرادة سياسية حقيقية وتطبيقا عمليا في سياق وجود ضغط شعبي يدفع بالسلطة والأحزاب صاحبة القرار للقبول بالمفاوضات مع أطراف المعارضة من أحزاب ومنظمات مدنية وحراك شعبي مع وجود آليات تضمن الالتزام بالاتفاق وتحقيق نتائج عملية لإنهاء الأزمات الداخلية والتهديدات والتدخلات الخارجية التي يتعرض لها العراق على مدى ستة عقود...



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاذير من مخاطر عدم الأمان وفقدان الثقة بالنظام في العراق من ...
- هل سيعي الساسة العراقيون خطورة تغيّر توازن القوى في الشرق ال ...
- حلقات مفقودة تعرقل إيجاد مخرج لضبط إيقاع السياسة والمشهد الم ...
- ماكينة القمع تعود بذات الأساليب وذات الأدوات من جديد
- الصياغات المتشددة تجاه أفراد المجتمع ومخاطرها على الحياة الم ...
- نقابة المحامين العراقية... تقفز فوق قيّم مبادئها.. لمصلحة مَ ...
- تأليف السيناريو يجعل : المكتوب على الورق جديرا بالانتقال الى ...
- هل سيعيد سياسيو قوى التغيير تقييم استراتيجياتهم السياسية.. و ...
- الإعتبارات القيمية لثورة 14 تموز 1958 العراقية من حيث الجوهر ...
- 14 تموز.. الثورة التي حققت انجازات كبيرة خلال فترة قياسية
- في العراق... على من تقع مسؤولية تغيير اتجاه البوصلة السياسية ...
- عيد -اليوم الوطني- محور مهم للتعبير عن الهوية وتعزيز الشعور ...
- محنة تخلف عقلية الطبقة السياسية... أحد مظاهر فشل الدولة
- بسبب إنعدام المساءلة والرقابة..طالما ينتهك أصحاب السلطة مقوم ...
- العراق بين تداعيات الأزمات وصراعات القوى السياسية
- في العراق لا يجد مئات الصحفيين مكانا لتحقيق مهامهم بين أوساط ...
- اللغة ليست مجرد وسيلة ملازمة للنصوص الأدبية
- لمصلحة من لا يتحقق السلم المجتعي ويسود العراق جرائم القتل ال ...
- فيلم وثائقي يحكي قصة قرية فلسطينية في الضفة الغربية
- منهج سياسي قاصر.. يضع معوقات حتمية أمام تطور الدولة والمجتمع


المزيد.....




- ألمانياـ تداخلات وتعقيدات المشهد السياسي بعد الانتخابات البر ...
- تقدم روسي بدونيتسك.. وزيلينسكي يتحدث عن التنحي
- الجيش السوداني يحقق مكاسب ميدانية جديدة أمام الدعم السريع
- متحدث أميركي: ترامب يدعم إسرائيل في أي مسار تختاره ضد حماس
- تشييع جثماني الأمينين العامين السابقين لحزب الله في بيروت
- ترامب عن نتائج الانتخابات الألمانية: يوم عظيم
- الشرع يتلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية الطارئة بمصر
- نتنياهو -يصر- على زيادة عدد الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم ...
- فيديو.. مقاتلات ترافق طائرة أميركية بعد -تهديد بوجود قنبلة- ...
- واشنطن تدعم قرار إسرائيل بتأجيل الإفراج عن 600 أسير فلسطيني ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - التفاوض: عملية أساسية للتفاهم السياسي،، فهل بإمكان الأطراف العراقية المتناحرة ممارسة ذلك لتحقيق المطالب الإنسانية والسياسية لأفراد المجتمع؟