سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 15:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقول المادة (74) من الدستور ما يلي: (يحدد بقانون، راتب ومخصصات رئيس الجمهورية).
اوردنا هذه المادة بعدما تردد في الاخبار قبل ايام عن قيام رئيس الجمهورية بزيادة راتبه بنفسه من 20 مليون الى 27 مليون دينار شهريا. الخبر فيه الكثير مما يجب ان يقال. فاولا ليس لرئيس الجمهورية ان يبادر الى الاقتراب من مالية الدولة او محاولة التلاعب بمقادير ما يستلمه هو او اي شخص آخر منها. وهو امر نحسبه معروف للجميع. فمن يحدد له راتبه هو تشريع صادر من مجلس النواب ومن هذه الجهة حصرا حسب المادة اعلاه. وإن كل ما يستطيع عمله في هذا المجال هو المصادقة على التشريع ليصبح قانونا. وثانيا لم يقم رئيس الجمهورية في اي وقت بتقديم اي مشروع قانون لمجلس النواب حسب ما حدده له الدستور بشأن المادة اعلاه. ويكون سبب استنكافه عن تقديم مشروع القانون الى المجلس انه كالآخرين من الفاسدين قد اعتبر منصبه غنيمة. ويكون بعمله هذا قد خرق الدستور في المادة (68) منه المتعلقة بشروط تبوؤ منصب الرئيس القائلة بوجوب كون المرشح مشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والاخلاص للوطن. وثالثا إن ما نراه من صمت نيابي بشأن هذه الزيادة العجيبة تعني ان مجلس النواب او بعض اعضائه كانوا على علم بها مقدما. ومن نعنيهم من النواب هم اعضاء لجان المالية والنزاهة. فهؤلاء قد اثبتوا بانهم قمة الفساد في مجلس النواب. ولا ندري إن كانوا قد اجتمعوا هم لوحدهم او سويا مع ممثلي الحكومة بالرئيس للاتفاق على مقدار الزيادة قبل ان يأتي هذا ويعلنها. إذ ان من سيقوم بصرف المبلغ هي وزارة المالية. فمن غير المعقول بهذا ان تقوم هذه بصرف مبلغ قام آخرون من وراء ظهرها بتحديد مقداره. ويحق للجميع هنا قبل احالة هذا الرئيس للقضاء مساءلة وزير المالية ورئيسه بشأن هذا الامر.
ايضا من الاخبار قد علمنا بقيام النائبة حنان الفتلاوي بمساءلة الرئيس عن امر مبادرته لزيادة مقدار راتبه. اننا كالجميع نعلم بان الفتلاوي قد صوتت على قانون الاحوال الشخصية وباقي سلة القوانين المعروفة. والآن تقوم هي بعد طول صمت بالتهيئة للانتخابات مع موضوع الراتب. وبالنظر للمعلومات التي اوردناها اعلاه نتساءل لماذا لم تذهب هذه النائبة الى لجان المجلس لتسائلهم بنفس وقت طرحها للسؤال على الرئيس، عن اسباب صمتهم حول هذه الزيادة الرئاسية والتي ترقى الى مستوى نهب المال العام، ام ان النائبة تتصورنا هي الاخرى باننا مجموعة من الاغبياء ؟ والجواب الواضح هو واقتداءاً بسابقة قيام بعض نواب المجلس باطلاق دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية بشأن ما صوتوا عليه هم انفسهم من قوانين السلة، فان النائبة قطعا كانت على علم بالزيادة السرية المقترحة ولم تعترض عليها او تفشي امرها. ثم انتظرت الاعلان الرئاسي لتتظاهر امام الناس بحرصها على المال العام.
بيد ان ما يدعو للعجب او هي ربما الحيرة هو جهل احد النواب المستقلين بالدستور. إذ قام النائب امير المعموري هو ايضا بتوجيه السؤال الى رئيس الجمهورية عن كيفية زيادته لراتبه، وهو امر لا شائبة فيه. إلا ان المشكلة هو انه لسبب ما نسي ذكر المادة الدستورية موضوع المقالة ووجوب تشريع ما ورد فيها !!
سننتظر نحن قيام رئيس الجمهورية بتقديم تفسير لهذا الذي فعله قبل ايام وعن مخالفته من عدمها للدستور. وسيكون لجميع العراقيين الحق في جرجرته الى المحاكم وفقا للمادة (68) منه لخرقه للمادة (74) المذكورتين اعلاه.
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟