أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - إرث البروباغندا البعثية، أكاذيب متوارثة في سوريا.














المزيد.....

إرث البروباغندا البعثية، أكاذيب متوارثة في سوريا.


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 14:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلاشى البعث، لكن موروثه ما زال مؤثرًا. كان لا بدّ لأبواقه، ومن تربّى في مدارسه، أن يجدوا طريقًا جديدًا لمواصلة مهمتهم في بث الكراهية ضد الكورد. لم يعد بإمكانهم الصراخ علنًا بأن “الكورد خونة”، ولا اتهامهم بالمؤامرات بصيغة مباشرة كما كان يحدث في العقود الماضية، فكان الحل ببساطة هو إعادة تدوير الخطاب القديم ولكن بأسلوب أكثر تهذيبًا، أكثر التفافًا، وأكثر قدرة على خداع من لا يعرف التاريخ.

اليوم، لم يعد هؤلاء يقولون: “الكورد تهديد للوطن”، بل صاروا يتحدثون عن “المخاوف المشروعة”. لم يعودوا يتهمون الكورد بـ”العمالة”، بل صاروا يقولون إن “لديهم أجندات خارجية”. لم يعودوا يصرخون في الإعلام بأن “الكورد انفصاليون”، بل باتوا يناقشون بخبثٍ مسألة “الحفاظ على وحدة البلاد”. لم يعد بالإمكان مهاجمة الكورد بشكل فظّ، فصاروا يختبئون خلف جمل ناعمة تبدأ عادةً بعبارات وحدها كافية لكشف نواياهم، لأنها مجرد مدخل لتكرار نفس الدعاية القديمة التي استخدمها البعث لعقود، ولكن بقفازات ناعمة هذه المرة.

المثير للسخرية أن هذا الأسلوب لا يختلف في جوهره عن البروباغندا القديمة، بل هو مجرد نسخة محسّنة منها. سابقًا، كان الإعلام البعثي يصوّر الكورد كمصدر خطر دائم، كقنبلة موقوتة داخل الدولة، والآن، يواصل هؤلاء اللعبة نفسها، لكنهم يفعلونها بدهاء أكبر. ستجدهم يرددون أن “الكورد إخوتنا”، ولكنهم في الوقت ذاته يحذرون من “النفوذ الخارجي”. ستراهم يتحدثون عن “التعايش السلمي”، ولكنهم لا يخفون قلقهم من “الخيانة”. وكأن المشكلة ليست في عقودٍ من القمع والتمييز، بل في الضحية التي تجرأت على المطالبة بحقوقها!

هم يريدون أن يبدو خطابهم عقلانيًا، لكن الحقيقة أنه ليس سوى محاولة للالتفاف على الواقع. حين يقولون إنهم “ليسوا ضد حقوق الكورد”، ولكنهم “يرفضون الانفصال”، فهم في الحقيقة يلمحون إلى أن كل مطالبة بالحقوق تعني “مشروع انفصال”. وكأن الكورد لم يكونوا دومًا جزءًا من هذه الأرض، وكأنهم لم يكونوا ضحايا سياسات ممنهجة استهدفت وجودهم ذاته. وحين يحذرون من “المشاريع المشبوهة”، فهم في الحقيقة لا يقصدون سوى فكرة واحدة: الكورد ليسوا شركاء طبيعيين في هذا الوطن، بل هم طرفٌ يحتاج دومًا إلى مراقبة، وكأن وجودهم في حد ذاته موضع شك.

هذا الأسلوب ليس جديدًا، بل هو مجرد إعادة تدوير للبروباغندا البعثية، ولكن هذه المرة دون الشعارات العسكرية ودون القبضة الأمنية التي كانت تحميه. الفرق الوحيد أن هؤلاء أصبحوا أكثر حرصًا على استخدام مصطلحات حديثة، كلمات تبدو ديمقراطية، لكنها تحمل في جوهرها نفس الفكرة القديمة: “الكورد ليسوا جزءًا طبيعيًا من هذا الوطن، وحقوقهم يجب أن تظل محل نقاش، وليس أمرًا بديهيًا”.

لكن هذه المحاولات مكشوفة، لأن الكراهية لا يمكن إخفاؤها خلف الكلمات المنمقة، ولا يمكن إعادة تغليف الظلم ليبدو كأنه “نقاش وطني”. فحين يُقال إن “حقوق الكورد تحتاج إلى توافق”، فهذا يعني ببساطة أن حقوقهم ليست حقوقًا طبيعية، بل هي قضية يجب أن يقررها الآخرون، وكأنها امتياز وليس حقًا أصيلًا.

الفرق الوحيد هذه المرة أنهم يتحدثون لأنفسهم، وأصواتهم، التي كانت تملأ الفضاء يومًا، أصبحت مجرد طنينٍ مزعج، لا يثير سوى السخرية. فالعالم تجاوزهم، والتاريخ تجاوزهم، والكورد تجاوزوهم أيضًا. وما زالوا هم، بكل سخافة، يعتقدون أن بإمكانهم إيقاف عجلة الزمن ببعض العبارات المنمقة التي لم تعد تقنع حتى قائلها.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتباكون الزائفون في سوريا: وجوه النفاق. الجزء الرابع: قمع ...
- من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدس ...
- المتباكون الزائفون في سوريا: وجوه النفاق. الجزء الثالث: التج ...
- المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الثاني :الحز ...
- المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الأول
- من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدس ...
- سوريا الجديدة، بين التعريب والتغيير
- الوطنية على طريقة ديك الحارة
- من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...


المزيد.....




- يوم دامٍ في أوكرانيا.. لحظة انفجار ضخم في سومي بعد قصفها بصو ...
- مصدر لـCNN: ويتكوف أطلع مسؤولا مقربا من نتنياهو على محادثات ...
- -الكرش- الهندي: من رمز للمكانة الاجتماعية إلى قاتل صامت
- الحوثيون يطلقون صاروخيْن باليستييْن على تل أبيب وغارة أمريكي ...
- رغم القصف والدمار.. فلسطينيون يحيون أحد الشعانين في غزة
- قرقاش يعلق على لقاء محمد بن زايد مع الشرع
- الأمن الروسي يعتقل عميلين جندتهما استخبارات كييف في مولدوفا ...
- أكبر مزاد لملابس الأميرة ديانا
- ترامب سيطلب من الدول العربية أن تختار بين المعسكرين الأمريكي ...
- زيلينسكي يتعهد باستعادة -الأراضي المحتلة- لكنه يجهل الطريقة ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - إرث البروباغندا البعثية، أكاذيب متوارثة في سوريا.