أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة نهر عطشان .














المزيد.....


مقامة نهر عطشان .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8260 - 2025 / 2 / 21 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


مقامة نهر عطشان :

كتب كاظم الرويعي نصا جميلا , غناه طالب القرغولي مطلع السبعينات , يقول فيه : (( هذا انه نهر عطشان يا ذلة النهران من تعطش , هذا آنه بديك ألتم , بديك انطش , ولا شالن اجفوني غيض , ولا گتلك كتلني الگيظ بس يفلان احذر حوبة النهران من تعطش )) , ما كان لهذا النص ان يعرف او ليكون فاعلاً لولا انْ يلحنه الرائع طالب , إذ كان هناك شعراء كبار لاينافسون , استطاعوا أنْ يفتحوا آفاقاً جديدة في تحولات القصيدة الشعبيَّة , وأضفوا صفة الحداثة على الكتابة الشعرية , كان الرويعي صوتاً ستينيّاً متميزاً بحدود تجربته ولونه , هذا التميّز المراوح فنيّاً بين القدامة والحداثة , وشكل قصيدة الأغنية , حيث الميل للمقاصير داخل القصيدة .

التضاد بين النهر والعطش من المحن الوجوديَّة التي تُنازع الشاعر وينازعها من أجل وجود حياتي أنقى وأرقى , من أجل فجر تحتضنه عيون الأهل , والفجر هنا انتظار الغائب , والعيون راصد مستمر لهذا الغياب , الغياب المُتحسّب له بلوعةٍ وحسرةٍ تقوّضان الحلم , خشية أنْ (واخاف العمر يخلص بيك ) , وفي الشعر , هذه هي محاولة التحديث بالمعاول القديمة , لأنَّ كل ما يشغل هذه الشعرية أنْ تمسك شكل قصيدة الأغنية , وهذا سر نجاح هكذا قصائد , عندما تلحن الى أغانٍ ما زالت تُشكّل حضوراً فاعلاً في مسار الأغنية العراقيَّة الجديدة .

يدفعنا النص لأن نتسائل , هل تمر الأنهر بطابق من طوابق السماء ؟ وهل ذهب شاعرنا إلى الله سباحةً وكان معه النهر ماءً متصوفاً وطروبا ؟ ربما في الشعر الرويعي وحدهُ تصعد الأنهرُ إلى هناك , لتجعله يقول ما يعلمهُ العارفون من الناس , فبعد أن تكوّنت أجسادُنا من طّمْي النهران فقد لا يستغني الله عن استعادة ماء يرسلهُ للأرض طيناً للخلقِ وسّيلاً للرحيل أو التغيير , فنحن أولاد الغِرْين رطبين أو يابسين.

ترى متى يصبح النهر مضيئاً ؟ حين يعطش ؟ فيتحفز لتنهض الطاقةُ في خلاياه الباطنية , وهل ان ما بين طاقةُ الظاهر المتيبس والباطن المترطب بنكهة اللغةٌ المسورة بألف حجاب , إلا الممحاة ؟ الصديقة التي عادةً ما تُنجي النصوصَ من الخراب , وهل بالمحو وحدهُ تجترحُ المخيّلة تجاربها ؟ونحن الذين نظن أن التجريب فأسٌ للنحت , فيما اختصاص الممحاة يتعلق بخلق النصوص وهي بالأرحام .

كان العراق مجموعة أنهار تصبُ في مجرى التاريخ دون لائمة من أحد , ألا ان شهدت أجندة الغرب , وأصابع العرب , غيلته , فتم اغتياله , أثقلته زج الرماح في ألأرواح , أصابوا الطيبة فشيعوها , أسجفوا العشير طوائفَ , وأسرجوا الدستور عرقيًا , لَمَّ اللهُ شعثَك ياعراق , بين رافديك , سأقف لألملــــم شتات ظلي , ونسيج الصمت في دجلة والفرات يئن الكلم في جوانحي , ممزوجًا بدم الأحبة , ووحشة الغربة , فقايضني الألم بحورًا , وحسرة تنز من الأدمة .

من هنا ولد هذا النص , فألأحلام ليست منحنية , والدرسُ الذّي علّمته إيّاهُ الأشجارُ مازالَ أخضرا , والضوءُ الّذي ادّخرته ُ , مازال يكشفُ المسرّات , والعشقُ الذّي يسكنُه , مازال يحتفي بالقبل , فالولادات اليانعة , أنجبتْها فكرةٌ عفيفة لحلمٍ طويلٍ ,تشبه الوطن , حين كنا نتمرّن على مختلف الألعاب كتابةً ثلاثية الأبعاد دون خوف أو احباط يجعل من نصوصنا مدافن مسبقة الصنع.

غادرت لميعة عباس عمارة النهر , والدنيا , فكتبو لها :

(( لَميعةُ فَكَّتْ شَعْرَها وتَنَهَّدَتْ وغَنَّتْ مِنَ الحُزْنِ العِراقيِّ ألحانا
لِأهوارِها عادتْ لِتَلْقى طُيُورَها بلا قَصَبٍ والطينَ يَكْدَحُ عَطشانا
كأيَّةِ أُنثى لا تُؤجِّلُ دَمْعَها رأَتْ أرضَها الأُولى ولَمْ تَرَ إنسانا
كشاعرةٍ لَمْ يُنجِبِ الحُلْمُ مِثْلَها حَكَتْ لِمُريديها جميعَ الذي كانا
تُجَمِّعُ مِنْ نخْلِ الأساطيرِ باقَةً لِتَغرِسَ في ثِلْجِ المُحِيطاتِ بُستانا
تُبَشِّرُ بالأُنثى الزعيمةِ دائمًا وتَحْكُمُ بالشِّعْرِ المُعَظَّمِ بُلْدانا
كأيَّةِ مَندائيَّةٍ مُستهامَةٍ تقولُ لِماءِ النهرِ : قُدِّسْتَ مَوْلانا )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة همسة .
- مقامة العجوز .
- مقامة الخنفشاري .
- مقامة مقاولي التفليش .
- مقامة فتوى الشمندفر .
- مقامة الأنتعاش .
- مقامة الشطار .
- مقامة مامش البنفسج .
- مقامة صرعى زياد .
- مقامة الجَلْجَلة .
- مقامة قلب الطين .
- مقامة سالمة ياسلامة .
- مقامة السقوط .
- مقامة الصورة الجانبية .
- مقامة الظلمة .
- مقامة الأدمان .
- مقامة الطمأنينة .
- مقامة الثمل .
- مقامة الحريق .
- مقامة الحزن .


المزيد.....




- بعد نيله جائزة -برلمان كتاب البحر الأبيض المتوسط-.. الكاتب ا ...
- فيلم يسلط الضوء على انتهاكات كييف
- المتحف البريطاني يختار الفرنسية اللبنانية لينا غطمة لـ-أحد أ ...
- العربية في إيران.. لغة -أم- حية بين الذاكرة والتحديات
- فيديو.. متهم يهرب من نافذة المحكمة بطريقة سينمائية
- فيديو.. أول ظهور للفنانة المغربية دنيا بطمة بعد السجن
- سجلات الليدرشيت يشعل النقاش حول القيادة
- المخرج السوري هيثم حقي لـ CNN بالعربية: -لا نريد سوى سوريا ا ...
- بهية محمد.. زواج الفنانة اليمنية من مصري يثير جدلا يمنيا
- وزير الهجرة: التعددية الثقافية تثري السويد


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة نهر عطشان .