أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يحيى عبيد - العرب خيمة وسوق














المزيد.....


العرب خيمة وسوق


عماد يحيى عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العرب .. خيمة وسوق
من العباءة إلى ربطة العنق
...
لم يعرف العرب عبر تاريخهم السياسي حالة الدولة وفقا لدلالة المصطلح القانوني الفكري السياسي، حتى في أبهى عصور ازدهارهم، فبأحسن أحوالهم اعتمدوا على الشخص الزعيم القائد الذي يربط مصير البلد بشخصه، فالمؤسسات والقوانين والعدالة، كل هذه الرموز الضابطة لسيرورة الدولة بقيت تحت شخصية الرأس الزعيم ولم تكن يوما فوقه، ونتج عن ذلك أن العرب لم يعرفوا الديمقراطية بالمطلق نتيجة غياب تطبيق فكر الدولة المؤسساتي، وتغول شخصية القائد - خاصة المستبد – وارتهان الحكم له، وإن حاول بعض المؤرخين أو الكتّاب أن يذكروا شذرات من الممارسات الديمقراطية في أحقاب الحكم العربي، لكنها لم ترق لتكون مؤسسة سائدة ريادية ومدبرة للسلطة.
لذلك، فحين نشير إلى التاريخ السياسي لبلد عربي ما، نذكره انتسابا لاسم الزعيم (عصر هارون الرشيد – أو محمد علي – أو عبد الناصر – أو صدام حسين) وليس ارتباطا بمفهوم حكم الدولة، لأن أسلوبية الحكم السياسي العربي كانت ومازالت تدار وفق ذهنية قيادة القبيلة، واستطاع الغرب أن يحقق مآربه لدى العرب انطلاقا من إدراكه لظاهرة (الخيمة والسوق) التي تحدث عنها هنري كيسنجر.
هنري كيسنجر (1924-2024) وزير الخارجية الأمريكي الأسبق (1973-1977)، أكثر وزراء الخارجية شهرة في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية، إن لم نقل في العالم بأسره، وهو الذي تزامنت وزارته مع حكم الرئيس الأمريكي نيكسون، ومن بعده خلفه جيرالد فورد.
كيسنجر (اليهودي الأمريكي) أثيرت حوله زوبعة من الاتهامات، كمجرم حرب لضلوعه بعمليات الإبادة في فيتنام وكمبوديا ولاوس، ومع ذلك فاز بجائزة نوبل للسلام عام 1973 والتي أثارت لغطا وبلبلة بصدقية تلك الجائزة بعد أن استقال عضوان من اللجنة احتجاجا على هذا المنح، لكن من جهة أخرى ما زال الفكر السياسي الغربي يعتبره ثعلب السياسة الدبلوماسية لبراعته في المكر والمراوغة وتضليل الرأي، ونقل الرسائل الرئاسية بصورة مغايرة لما هي بالأصل.
لقد شغل كيسنجر منصبه كوزير لخارجية أمريكا مع رئيسها نيكسون، الذي أقصي عن الحكم بإجباره على الاستقالة بعد فضيحة (ووتر غيت) الشهيرة عندما اكتشفت طريقته للتنصت على أعضاء الكونغرس الأمريكي، ليستمر بعدها وزيرا للخارجية مع نائبه جيرالد فورد - الذي أصبح رئيسا وأكمل معه حتى بداية عام 1977.
ليس هنا مربط الفرس ....
استبعد كيسنجر من منصبه السابق بعد أن تولى (جيمي كارتر) رئاسة أمريكا، فأراد أن يعيد البريق لحياته، فأسس شركة كيسنجر للاستشارات الجيوسياسية الدولية وكتب أكثر من اثني عشر كتابا أهمها مذكراته، وحيث أن الحدث الأبرز الذي قام به إبان توليه وزارة الخارجية الأمريكية هو دوره كوسيط (للسلام) في الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر، (تلك الحرب الأكثر إثارة في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية) وقد أفرد لتلك الأحداث الحيز الأكبر في مذكراته.
يقول كيسنجر في مذكراته - جزء (سنوات البيت الأبيض) أنه تروى كثيرا وهو يبحث عن مدخل للتحاور والتفاوض مع العرب، فأخذ يستشير العديد من أصدقائه ممن لهم معرفة وخبرة بالشؤون العربية ليهتدي إلى مدخل لفهم عقلية الشخصية السيادية العربية، فاستشار بعض أصدقائه العرب (على رأسهم الملك حسين، وبعض الحاشية السعودية) واستشار دبلوماسيين سابقين ورجال أعمال، ومحللين سياسيين وأساتذة جامعات، ولكن النصيحة الأكثر فائدة، جاءت من رجل المال الشهير (دافيد روكفلر) صاحب الاستثمارات النفطية في الخليج وإيران (الشاه).
نصيحة روكفلر تقول: لكي تنجح مع العرب عليك أن تتعامل معهم من خلال مبدأ يعتمد على مرتكزيين رئيسيين هما (العرب خيمة وسوق)!!
كيف هذا؟ يسأل كيسنجر:
يجيب روكفلر: أما الخيمة، فالعرب أمة ما زالت تعيش حياة البداوة والقبيلة، وفي القبيلة تبقى الكلمة الأولى والأخيرة فيها لشيخ هذه القبيلة أو زعيمها أو رئيسها (حسب تركيبة الحكم) وما عليك سوى أن تتفق مع هذا الزعيم، ولا تعر اهتماما للرأي العام أو للشعب، فهذه الفئة مغيبة عندهم ولا رأي لهم لأن الديمقراطية لديهم مفقودة (يكفيك أن تمسك زعيم الخيمة) واتفق معه على ما تريد وستحصل عليه.
وأما السوق: فإن العرب في تفاوضاتهم السياسية لا يزالون يعيشون على أيام سوق عكاظ، والسياسة لديهم هي مجرد صفقات فهم يسامونك على الصفقة بطريقة تجارية محضة، ولا يقبلون التفاوض دون مساومة، فإن اشتريت بازرهم وسيتنازلون، وإن بعت إرفع سعرك عاليا وتنازل للحد الذي تريده إن بازروك، فهم يطلبون الكثير ويتنازلون أكثر...
وإذا أتقنت هذه اللعبة فلن تستعصي لك مهمة عند العرب.
يقول كيسنجر: كانت هذه النصيحة هي الأثمن، وكانت السبب في نجاحي في مفاوضاتي معهم في تلك الفترة.
ما يحدث الآن على رقعة هذا الوطن يثبت أن خيمة القبيلة مازالت تظلل هذا الوطن، من مهاب ريحه إلى منابت شيحه، ومازالت العباءة هي الحاكم المستبد حتى لو استبدلت بربطة عنق، وسوق المساومات قد ازدهر في ظل المتغيرات السياسية في الساحة الشرق أوسطية، بعد أن تراجعت السياسة العربية إلى الحضيض، واكتملت شخوص مسرح الدمى المربوطة بأصابع خارجية، أما الإخراج فهو غربي بامتياز..



#عماد_يحيى_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مدينة إفلاطون وإمارة ميكافيللي


المزيد.....




- كونان أوبراين في إعلان ترويجي مرح لحفل جوائز الأوسكار
- -جيمس بوند- يواجه تغييراً إداريًا ودانيال كريغ يعلق
- نتانياهو يزور مخيم طولكرم مع تكثيف إسرائيل عمليتها العسكرية ...
- أوكرانيا: إحياء الذكرى السنوية الثالثة للغزو الروسي
- من نفذ تفجيرات الحافلات في إسرائيل؟ وهل تبنتها القسام عبر تل ...
- اليوم العالمي للغة الأم: ألسنة تصارع للبقاء في عالم متغير
- تحليل: هل يتكرر سيناريو عرب أمريكا في الانتخابات الألمانية؟ ...
- بشرط واحد .. ميونيخ توافق على استضافة ربع نهائي دوري الأمم ا ...
- مستشار الأمن القومي الأمريكي: النزاع في أوكرانيا سينتهي -قري ...
- نتنياهو من طولكرم: أمرت بمهاجمة معاقل الإرهابيين في الضفة ال ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يحيى عبيد - العرب خيمة وسوق