أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - ثَمَنِ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ فِي مُجْتَمَعَاتٍ النِّفَاق وَالتَّخَلُّف














المزيد.....

ثَمَنِ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ فِي مُجْتَمَعَاتٍ النِّفَاق وَالتَّخَلُّف


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8259 - 2025 / 2 / 20 - 14:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الْمُجْتَمَعَات الْمُنْحَطِّة الْغَارِقَة فِي التَّخَلُّفِ وَ الرَّجْعِيَّةُ تَسُودُهَا ثَقَافَة النِّفَاق و تَحْكُمُهَا الْأَفْكَار الْمُتَعَفِّنة وَ الْقَيِّم الْمُتَطَرِّفة، أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ مَنْظُومَات تَسْلِطِيَّة شُمُولِيَّة تُنْتِج كُلُّ أشْكَالٍ الْإِكْرَاهَات الْإِنْسَانِيَّة الْفَاسِدَةِ الَّتِي تُعْمَلُ عَلَى تَقْيِيدِ الْفَرْد بِأَغْلَال مِنْ الْقَهْرِ، عَبَّر مُمَارَسَات قَمْعِية مُوغِلة فِي التَّوَحُّشِ، مُجَرَّدَةً مِنْ الْحِسِّ الْإِنْسَانِيِّ السَّلِيمِ تَسْعَى مِنْ خِلَالِهَا إِلَى تَدْجِين الْفَرْد و تَجْرِيدُهُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى إعْلَانِ الْحَقِيقَةُ وَ تُحِيل كَيْنُونَتِه الْإِنْسَانِيَّةِ إِلَى كَيْنُونَةٍ مُشَوَّهَة مُجَرَّدَةً مِنْ رَوْحِ الْحَيَاة.
يُصْبِحُ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ مَحْفُوفًا بِالمَخَاطِر يُكَلَّفُ صَاحِبُهُ الْعُزْلَة و الْفَقْرِ وَ الِإضْطِهَاد و رُبَّمَا التَّعَرُّضِ إلَى الِإغْتِيَال و التَّصْفِيَة الْجَسَدِيَّة إذَا عَجَزَتْ الْمَنْظُومَة السَّلطوية السَّائِدَة عَلَى تَصْفِيَةِ الْفَرْد المُثَقَّف فَكَرِيا وَ خَنَق صَوْتَه الَّذِي يَجْهَرُ بِالْحَقِيقَة.
مِنْ الْمُفْتَرَضِ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ مُقَدَّسَة و مَرْغُوبَة، نَجِدُهَا فِي الْكَثِيرِ مِنْ الْأَحْيَانِ سَبَبًا فِي إسْتِهْدَاف صَاحِبِهَا لِأَنَّ الْبَشَرَ بِطَبِيعَتِهُمْ يَمِيلُونَ إلَى تَصْدِيقِ الْأَوْهَام الَّتِي تَخْدُرهم حَتَّى يَتَنَاسَوْن الْوَاقِع الْمُتَعَفِّن الَّذِي يَحْكُمُهُمْ، أَنْ نُكْرَان الْحَقِيقَة يَمْنَح الْجَمَاهِير الْغَارِقَة فِي مُسْتَنْقَعِ الْجَهْل و التَّغْيِيب نَشْوَة مُزَيَّفَة تَحْجُب عَنْهُمْ مُعَانَاة الْبُؤْس الأَسْوَدِ وَ الِإسْتِغْلَال الْبَشع وَ يَزُودهم بِجَرَعات مُخَدَّرَةً تُعْطِيَهُمْ شُعُورًا كَاذِبًا بِالِإنْتِشاء عَلَى حِسَابِ إخْفَاء الْحَقِيقَة الْمَرَّةِ الَّتِي تَظْهَرُ جَلِيَّةً فِي التَّرَاتِبِيَّة الطَّبَقِيَّة و تَضَارَب الْمَصَالِح الْفِئوِيَّة وَ سُوءِ تَوْزِيع الثَّرْوَة و غِيَاب الْعَدَالَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ و إنْتِشَارِ الْفَسَادِ وَ الْفَقْرِ وَ بَاقِي الظَّوَاهِرِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي تَنْتَشِر دَاخِل الْمُجْتَمَعَات الْمُتَخَلِّفَة. أَنَّ الْبَشَرَ بِطَبِيعَتِهُمْ الْفَاسِدَةِ يَمِيلُونَ إلَى تَصْدِيقِ الْأَوْهَام و الأَكَاذِيبِ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ يَشْعُرُون بِنُشُوة زَائِفَة وَ كُلُّ مَا يُبَرِّرُ إنْحِطَاطِهَا الْبَائِس و عَجْزِهَا الْمُقِيت. وَ لَيْسَ مَا يَكْشِفُ عُيُوبِهَا الْمَتضخمة وَ أَوْهَامِهِا الزَّائِفَةَ.
إنْ مُجْتَمَعَاتِنَا الْمُعَاصِرَةِ الْيَوْم تَنْظُر بِإرْتِيَاب إلَى مَنْ يُحَاوِلُ كَشْفِ الْحَقَائِقِ بِإعْتِبَارِه شَخْص مُزْعِج و مُتَمَرِّد و رُبَّمَا خَائِنٌ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ يَتِمّ الِإحْتِفَاء و تَمْجِيد مَنْ يُجِيدُ تَزْيِيف الْوَاقِع وَتَقْدِيم الْأَكَاذِيب الْمُغَلَّفَة بِالأَمَل وَالْخِدَاع.
إنْ الْجَمَاهِير تُحِبُّ مِنْ يَخْدُرها بِالْأَوْهَام الزَّائِفَة و الوُعُود الْكَاذِبَة الرَّخِيصَة وَتَعَاقُب مِنْ يُوقَظها مِنْ سُبَاتِهَا. وَهَذَا مَا يُفَسِّرُ لِمَاذَا يَكُونُ مَصِير الصَّادِقِينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ الَّتِهميش أَوْ الْعُزْلَة، بَيْنَمَا يَحْظَى الْمُتَلَاعَبُون بِالمَكَانَة وَالنُّفُوذ
وَ هُنَا أتَّسَاءل لِمَاذَا تَرْفُض الْمُجْتَمَعَات الْمُتَخَلِّفَة الْحَقِيقَة ؟
الِإعْتِرَافُ بِالْحَقِيقَة قَدْ يَكُونُ مُؤْلِمًا، لِذَا يَفْضُل الْكَثِيرُون الْبَقَاءِ فِي حَالَةِ إنْكَارِ بَدَلًا مِنْ مُوَاجَهَةِ وَاقَعهم، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ غَالِبًا مَا تَسْتَدْعِي التَّغْيِيرِ، وَهُوَ أَمْرٌ يَهَابُه الْإِنْسَان بِطَبِيعَتِه، لِأَنَّهُ يَعْنِي الْخُرُوجَ مِنْ دَائِرَةِ الرَّاحَة لِأَنَّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ، تُعْتَبَرَ الْحَقِيقَةُ تَهْدِيدًا لَسَلِطات قَائِمَةً عَلَى التَّزْيِيفِ وَالتَّضْلِيلِ، وَ بِالتَّالِي تَتِمّ مُحَارَبَة كُلٍّ مِنْ يُحَاوِل كَشْفُهَا، والْفَرْدِ الَّذِي يُحَاوِلُ السِّبَاحَة عَكْس التَّيَّار غَالِبًا مَا يُوَاجِهُ رَفْضًا مِنَ الْمُجْتَمَعِ، الَّذِي يَفْضُلُ الْبَقَاء مُوَحِّدًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى خَطَأ.
يَبْقَى قَوْلُ الْحَقِيقَة خِيَارًا شُجَاعًا لَكِنَّه مُكَلَّف، فَمَنْ يُقَرِّرُ أَنَّ يَكُونَ صَادِقًا عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِدًّا لِلْعُزْلَة وَرُبَّمَا لِلْخَسَارَة. وَ مَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ التَّارِيخ يُخْبِرُنَا أَنَّ الْعُظَمَاء لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ خدْرِوا مُجْتَمَعَاتِهِمْ بِالْأَكَاذِيب، بَلْ كَانُوا أُولَئِكَ الَّذِينَ تَحدُّوا السَّائِد، وَكَشَفُوا الْحَقِيقَةِ، حَتَّى لَوْ دَفَعُوا حَيَاتِهِمْ ثَمَنًا لِذَلِكَ.
رُبَّمَا يَكْرَهُ النَّاسُ الْحَقِيقَة الْيَوْم، لَكِنَّهُمْ فِي الْغَدِ سَيِّدِرِكُون قِيمَتُهَا، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ وَإِنْ تَمَّ قَمْعِهَا، تَظَلّ قَادِرَةً عَلَى الظُّهُورِ، مَهْمَا طَالَ الزَّمَنُ



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جَدَلِيَّة الْفَلْسَفَة و التَّفَلُّسِف


المزيد.....




- -أمريكا ليست وجهتنا-..أوروبيون يقومون بإلغاء رحلاتهم إلى الو ...
- شاهد حجم الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مستشفى الأهلي ...
- إيران: قد يتغير مكان المفاوضات النووية.. وعلى أمريكا حل -الت ...
- تحذيرات من عاصفة شمسية قد تدمر العالم الرقمي وتعيدنا إلى الق ...
- الاتحاد الأوروبي يعلن عن مساعدات لفلسطين بـ1.6 مليار يورو
- باريس تقول إن الجزائر طلبت من 12 موظفاً بالسفارة الفرنسية مغ ...
- لماذا تحتاج واشنطن إلى أوروبا لإنجاح الجولة الثانية من المفا ...
- بوادر أزمة جديدة.. الجزائر تطلب مغادرة 12 موظفا بسفارة فرنسا ...
- آثار زلزال طاجيكستان (فيديوهات)
- محمد رمضان يرتدي -بدلة رقص- مثيرة للجدل


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - ثَمَنِ قَوْلِ الْحَقِيقَةِ فِي مُجْتَمَعَاتٍ النِّفَاق وَالتَّخَلُّف