أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد صوفي














المزيد.....


زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد صوفي


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يقتلع"الزور" الجزر
-أي القوة
مثل كردي

لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن يعيد إنتاج الموت بطريقة تجعله أكثر كفاية، أكثر تقنية، وأكثر قبولاً في الوعي الجمعي، حيث تُمحى الذاكرة ولا يبقى إلا الواقع المُصنّع. فلم يعد القتل- في زمن بعد الحداثة- مجرد عملية فيزيائية تنهي حياة فرد، بل بات جزءاً من هندسة سياسية وإعلامية تُعيد تشكيل العالم. في الحروب التقليدية، لقد كان القتل- بكل مأساويته وبشاعته ولا إنسانيته- وسيلة لتحقيق النصر، أما الآن، فهو غاية بحد ذاته، يراد منه: تفريغ الأرض. محو الشعوب. وتدمير كل رابط بين الإنسان ومحيطه. لقد انتقل العنف من خانته مجرد أداة لإخضاع الأفراد إلى أسلوب لإعادة تشكيل التاريخ، حيث تصبح الضحية مسؤولة عن موتها، والقاتل يتحول إلى بطل: محررمقرر، والمجازر إلى "أحداث جانبية".، كانت بروفات لخلق دكتاتوريات جديدة، بربطات عنق مختلفة، وأجهزة أمن، وأدوات تعذيب مختلفة.
أما التدمير، فقد أصبح فناً متقناً، لا يقتصر على المدن والمنشآت بل يتعداها إلى الذاكرة الجمعية. حين تُهدم المعابد، تُحرَق المكتبات، ويُزَوَّر الأرشيف، فإن الهدف ليس الانتصار في معركة آنية، بل محو أي احتمال للمقاومة الثقافية في المستقبل. فالدمار المادي ليس سوى خطوة أولى نحو التدمير المعنوي، حيث يُدفَن الماضي، وتُستبدل الحقائق بوهم جديد.
ولكي ينجح هذا المشروع في إبادة المختلف غير المؤتلف، فإن القوة المادية لا تكفي، بل لا بد من تزوير التاريخ والجغرافيا. عندما يُحرَّف الماضي، عندما تُستبدل الوقائع بالأكاذيب، عندما تتحول الضحية إلى جلاد في الرواية الرسمية، عندها يتحقق الموت الحقيقي: موت الذاكرة.
ولابد من الإشارة، هنا، إلى أن الجغرافيا لم تسلم أيضاً من التزوير، سابقاً، والآن، فالخرائط التي تُرسم، الحدود التي تُعاد صياغتها، الأسماء التي تُمحى وتُستبدل، كلها جزء من إعادة تشكيل الواقع وفق مصالح القوة المهيمنة. تُمحى المدن من الخرائط، يُعاد ترسيم الحدود، يُستبدل السكان بمستوطنين جدد، وكل ذلك يحدث دون ضجيج، تحت ستار "التنمية" أو "إعادة الإعمار"، في حين أن الهدف الحقيقي هو محو الهوية وإعادة إنتاج الشعوب وفقاً لنموذج جديد مفروض بالقوة.

إنه زمن الفوتوشوب وإعلام ما بعد الحداثة ياصديقي!
ما عاد التزوير في زمن الفوتوشوب، في حاجة إلى جهد كبير، فالحقائق يمكن إعادة تشكيلها بضغطة زر. صورة واحدة، مُعدَّلة بمهارة، يمكنها أن تعيد كتابة التاريخ بأكمله. كما أن الجمهرات. بل الجمهور الكوني لم يعد يبحث في وسائل التواصل الاجتماعي، عن الحقيقة، بل عن الرواية الأكثر جاذبية وخواء، الأكثر انتشاراً، بغض النظر عن مدى صحتها. لقد أصبح الإعلام في مرحلة ما بعد الحداثة صانعاً للواقع وليس ناقلاً له، فلم تعد الحروب تُحسم في ساحات المعارك، بل على الشاشات، حيث يمكن لصورة أو مقطع فيديو أن يغير مصير شعب بأكمله.
كما أن الأخطر من كل ذلك، يكمن في أن الأكاذيب أصبحت أكثر انتشاراً من الحقائق، لأن الزيف أكثر إثارة، أكثر ترويجاً، وأكثر انسجاماً مع منطق القوة. بل لم يعد الإعلام يبحث عن الحقيقة، بل عن "الحقيقة البديلة" التي تخدم مَن يملك السلطة. في هذا الزمن، ليس المطلوب فقط تبرير الجرائم، بل تحويلها إلى سرديات مقبولة، تجعل الضحية متهمة، والمعتدي صاحب حق.
في هذا الزمن، أصبح التزوير هو الحقيقة الوحيدة، وأصبح التاريخ مجرد منتج يُعاد تشكيله وفق الحاجة. وهنا، فإنه عندما تُحرَّف الوقائع، في إطار عملية إبادة الشعوب، وتُعاد صياغة الخرائط. كخلف مجرم ناعم الكفين لسلف وحشي متدرن الدماغ، فإن النتيجة ليست فقط ضياع الحاضر، بل فقدان المستقبل أيضاً. كي يظل السؤال المدوي: هل يمكن للزيف أن يكون أبدياً؟ أم أن الحقيقة، مهما تأخرت، فإنهالا بد أن تجد طريقها للظهور؟
-من جهتي: مازلت أعقد بل أنصب شبكة التفاؤل العظيم ولا أرميها في وحل الواقع ومستنقعه في انتظار لحظة انقشاع السراب وعودة ماء اليم ولو الأجاج في زمن لصوص"البيض والدجاج"!*
* السجعة الأخيرة: في إطار"فش الخلق"



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي وسلطة الكاتب
- أبواق الفتنة والتهليل لقرع طبول الحرب!
- فيمن ينتظرون حرباً تركية ضد الكرد السوريين: من يخرج بسواد ال ...
- العهد الجديد وتحريض الشوفينيين ضد الكرد والدروز والعلويين
- ضيف جديد الليلة على مقبرة خزنة
- انتقام وتشفٍّ بالجملة: عنصريون يستثمرون خلافاتنا ويحرضون علي ...
- وسائل التواصل الاجتماعي في وجهها الإيجابي: دعونا نستفد منها ...
- الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري
- الثورة السورية و تشريح التشريح بين المسار والانحراف
- شارع مشعل التمو تخليد لرمز الحرية!
- خريطة مقابر السوريين: مأساة أمة مشرّدة بين المنافي والبحار
- الشيوعيون السوريون وقرار الحل: بين الامتحان والمراجعة
- الحربائيون:بين ألوان الولاء وسموم التحريض
- من يقنع سيادته أن يغادر القصر؟
- لغة البقر: خطاب التحريض وإعدام الآخر1
- الكرد بين نيران الاحتلال التركي ونداءات الوحدة
- الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر
- سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملك ...
- سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في ...
- تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها نحو ...


المزيد.....




- بقوس ونشاب.. زبون دائم يستدرج صاحبة متجر إلى الخلف قبل أن يط ...
- القادة العرب يستعدون لطرح اقتراح حول غزة بمقابل خطة -الريفيي ...
- مبعوث ترامب: تحركت إلى موسكو بعد اتصال من السعوديين
- مصر.. الـ-إيجوانا- تظهر في منطقة حضرية وتثير قلقا (صور)
- ماذا نعرف عن انشطار الدوامة القطبية والانفجار البارد الذي يؤ ...
- اكتشاف فيروس تاجي جديد لدى الخفافيش في الصين
- مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط: شروط لتخصيص نصف مليار ...
- واشنطن تخشى الصراع مع إيران
- ذا ناشيونال إنترست: غزة بعد -حماس-
- أريستوفيتش يتوقع حدوث انقلاب وحرب أهلية في أوكرانيا


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد صوفي