|
الإستعمار النفسي أعلى مراحل الرأسمالية
رابح لونيسي
أكاديمي
(Rabah Lounici)
الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عادة ما يرى بعض الإقتصاديين بأن الرأسمالية مرت بثلاث مراحل، وهي الرأسمالية المالية أو المركنتيلية ثم الرأسمالية الصناعية ثم الرأسمالية المالية، لكن هذه النظرة كانت في نهاية القرن 19 وبدايات القرن20 قبل أن يظهر فلاديمير لنين، فيكشف مرحلة أخرى في كتابة :الإستعمار أعلى مراحل الرأسمالية"عام 1917، أي بمعنى أن الرأسمالية كي تستمر يجب عليها إستعمار بلدان بهدف توسيع أسواق سلعها وبحثا عن مناطق للإستثمار ومواد أولية وأيد عاملة رخيصة، إضافة إلى تصدير البؤساء الذين أفرزهم النظام الرأسمالي إلى المستعمرات كي لايقوموا بثورة ضدها وإسكات الطبقات المستغلة بإعطائها جزء مما تنهبه من المستعمرات. ففي الحقيقة هذه الفكرة قد سبقها إليه البريطاني هوبسن في كتابه "الإستعمار" عام 1902، ولايستبعد ان يكون لنين قد أخذ عنه هذا الطرح وطوره فيما بعد. أن هذا الطرح اللنيني عن الإستعمار جعله يدرك بأنه لا يمكن القضاء على الرأسمالية إلا بعد القضاء على الإستعمار لأنه هو منقذها، وهو الأمر الذي خفي عن ماركس وأنجلس في القرن19 عندما اعتقدوا بأن الإستعمار الأوروبي لبلدان سيدخل الرأسمالية والحضارة إليها، ويخرجها من إقتصاد مغلق بنشر الملكية الفردية، وسيحدث التطور في هذه البلدان المستعمرة، فتثور ضد الراسمالية التي هي مرحلة ضرورية يجب المرور عليها –حسبهما- قبل الإنتقال إلى الإشتراكية. فبناء على ما أدركه لنين عن دور الإستعمار في إنقاذ الرأسمالية من السقوط جعله يدعو بعد إنتصار الثورة البلشفية في 1917 وميلاد الإتحاد السوفياتي شعوب المستعمرات إلى الثورة ضد الإستعمار، وهو ما يتجلى في ندائه إلى شعوب الشرق في 1919، وقد كان لهذا النداء السوفياتي للتحرر من الإستعمار دورا كبيرا في ميلاد حركات التحرر الوطني في البلدان المستعمرة متأثرة بالأفكار الماركسية، طبعا إلى جانب عوامل أخرى لعبت دورا في ميلاد هذه الحركات مثل الوعي الوطني والظلم الإستعماري، وكذلك تأثيرات الحرب العالمية الأولى دون أن ننسى مباديء ويلسون الأربعة عشر، خاصة المبدأ الذي يقول ب"حق الشعوب في تقرير مصيرها". لكن لو عاش لنين إلى هذا اليوم، ورأى بنفسه العولمة الرأسمالية وتحرر الشعوب من الإستعمار، لكن رافقها تغلغل كبير للرأسمالية العالمية لم تعرف مثيلا لها، فهل سيبقى على نفس طرحه أم سيكتشف مرخلة أعلى بكثير عن مرحلة الإستعمار؟، طبعا لا نعلم ما سيكون، لكن اليوم هل تحتاج الرأسمالية العالمية إلى إستعمار بلدان بشكل مباشر بهدف تسويق منتجاتها وبحثا عن مناطق للإستثمار وإستغلال طاقتها وموادها الأولية وتوظيف أيد عاملة رخيصة؟. فبإستثناء بعض التدخلات العسكرية ضد دول أو أنظمة يمكن أن تعرقل مصالحها، فإنها اليوم لا تحتاج إلى إحتلال آراض وتجنيد الجيوش المكلفة لها، بل اليوم الرأسمالية العالمية تحتاج إلى إستعمار نفسية الإنسان في العالم تجعله يقبل على سلعها بنهم كبير بكل ما ينجر عن ذلك. فقد نجحت الراسمالية في ذلك إلى حد بعيد جدا مستخدمة تكنولوجيات الإعلام والإتصال، ومنها الإعلانات والأفلام والمسلسلات ومختلف البرامج الإعلامية بهدف غرس نمط إستهلاكي كبير جدا لسلع تنتجها المصانع الرأسمالية، بل أصبحت هذه المصانع تنتج سلعا ليس للإنسان أي حاجة لها، فقد خلقت حاجات غير ضرورية، فهل لو لم يشرب الإنسان الكوكاكولا أو يأكل الهامبورغر أو إستخدام أدوات الزينة مثلا سيموت، بل بالعكس فهذه الحاجات غير الضرورية تقتله أكثر، بل هي ادوات لإنتاج أمراض تحتاج إلى أدوية، وهو ما يشغل صناعات الأدوية التي تدر اموالا ضخمة بسبب إنتشار أمراض نتيجة الإستهلاك المفرط لسلع ومنتوجات ومواد غير ضرورية للإنسان. أنتجت لنا الرأسمالية العالمية اليوم حاجات غير ضرروية للإنسان، وغرست ذلك بواسطة وسائل الإعلام والإتصال والإعلانات، فأصبحت الشعوب تقبل عليها بلهفة، وكل ذلك بهدف تحريك عجلة المصانع الرأسمالية بعد توسع أسواق بسبب نمط إستهلاك صنعته هي، فكل ذلك يدر بأموال ضخمة على الرأسماليين في العالم، وينتج أمراضا لدى الكثير من الناس. فهذا ما نسميه الإستعمار النفسي، فهي قد استعمرت النفوس البشرية اليوم. وهو ما يطرح أمامنا البحث عن طرق وأساليب لمواجهة ذلك بعد ما أصبح الإنسان لا يأكل ليعيش، بل يأكل من أجل الأكل والمتعة واللذة، فقد أصبحت شراهة الإستهلاك هدفا لذاته بدل ما يكون الإستهلاك مجرد وسيلة. فقد أنتقلت الرأسمالية من فكرة إعطاء أجر حديدي للعامل في القرن19 كي يصلب عوده، ويقدر على العمل الذي يعود أرباح منتجاته لمالك وسائل الإنتاج، ويأخذ العامل أجرا حديديا وضئيلا جدا. أما اليوم، فبواسطة وسائل الإتصالات والإعلانات حولنا الإنسان إلى آلة تستهلك كل ما تنتجه المصانع الرأسمالية من سلع سواء نحن بحاجة إليها أم لا، فيصبح الإنسان متلهفا على تغيير تلك السلع يوميا والتفاعل مع كل جديد بفعل تأثير الإعلانات، فتحول إلى آلة في خدمة الرأسماليين في العالم. قد نبه بعض المفكرين إلى ذلك، ومنه الفرنسي روجي غارودي الذي دائما ينتقد الحضارة الغربية التي حولت الإنسان إلى آلة يستهدف التقدم والإنتاج فقط دون ان يطرح أسئلة لماذا وكيف وما هو الهدف، وإلى أين نحن سائرون؟، ونجد من ضمن هؤلاء في منطقتنا المصري عبدالوهاب المسيري الذي يردد نفس الأمر في نقده للحضارة الغربية ولهذا النمط الإستهلاكي والبحث فقط عن المتعة واللذة، لكن نشير أن المسيري المعروف بموسوعته حول اليهودية واليهود والصهيونية، فإنه عند نقده الحضارة الغربية في كتاباته، فإنه لم يقم إلا بنقل ما كتبه غارودي من قبل لدرجة أنك إن سبق لك ان أطلعت على كتابات غارودي من قبل، ثم تطلع على ما كتبه المسيري حول الحضارة الغربية تشعر أنها مجرد إعادة لأفكار غارودي بلغة عربية، خاصة أن غارودي والمسيري كانا ماركسيين حتى ثمانينيات القرن الماضي قبل أن يقولا بأنهما أكتشفا الإسلام بروحيته وإعطائه معنى للحياة، لكنهما بقيا وفيين للطروحات الماركسية بعد عزلها عن ماديتها وإعطائها جانبا روحيا، ولهذا سواء غارودي او المسيري، فإنهما يرون بأن تلك الروحية الإسلامية بإمكانها أن تواجه الرأسمالية بنزعتها المادية ونمطها الإستهلاكي بكل شراهته خدمة لمصالح رأسماليي العالم. لكن غاب عن الكثير بأن أيضا فلسفة الماهتما غاندي يمكن أن تلعب دورا كبيرا في مواجهة الجشع الرأسمالي. يعرف عن غاندي دعوته إلى فلسفة اللاعنف والعصيان المدني وتبنيهما في كفاحه ضد الإستعمار البريطاني، لكن دعا أيضا بأسلوب حياته وزهده إلى مسالة هامة، وهي الإكتفاء بالعيش البسيط جدا، فبدل البحث عن إقتناء السلع الرأسمالية يدعو إلى الإستغناء عنها والإكتفاء بالعيش البسيط جدا وبالضرورات فقط، فقد دعا غاندي إلى العيش البسيط والمغزل الذي معناه دعوة إلى إقتصاد منزلي لاتتحكم فيه بريطانيا، ولايمكن لها مراقبته، فلو أخذ العالم الثالث بهذه الفكرة الغاندية معناه إمكانية بناء إقتصاد متحرر من التوسع الرأسمالي وفك الإرتباط به، فبناء على طرح غاندي، سيتم الإكتفاء لفترة بالضرورات فقط واللجوء إلى إنشاء الصناعات المحلية بكل الأموال المتوفرة من الإنفاق الباهظ على سلع ليست ضرورية، وهو ما يحل لنا مشكلة الإدخار التي عانى منها دول العالم الثالث. استهدف غاندي من دعوته إلى بساطة العيش وعدم إستهلاك السلع البريطانية التي تنتجها رأسماليتها محاصرة هذه الأخيرة، مما سيؤدي حتما إلى إنهاء الإستعمار الناتج عن هذا التوسع الرأسمالي. فمن خلال دعوة غاندي يمكن إقامة صناعات محلية معتمدين على الذات، وهو ما يدعو له البعض من خلال إستيراد فقط ما نحتاجه للضرورات وعدم الرضوخ للإشهار الذي سيطر على كل وسائل الإعلام اليوم بهدف تسويق سلع الرأسماليين، فلكي تعيش هذه الرأسمالية خلقت لنا حاجات ليست ضرورية لحياتنا، فلو عدنا لما دعا إليه غاندي، وهو الإستغناء عن ما هو غير ضروري، فبإمكاننا أن نطور إقتصادياتنا المحلية. نعتقد أن فكرة غاندي التي أخفاها الإعلام الرأسمالي هي التي ستتكرر مع الكثير من المفكرين، فمثلا نجد روجي غارودي الذي اشرنا إليه آنفا يذم إقتصاد الكم الرأسمالي بدل التركيز على الهدف من الإنتاج، فهو دائما يطرح مسألة ما الهدف من أي إنتاج كان، ويذم الجري وراء الكم بخلق حاجات ليست ضرورية للإنسان، لكن ركز الإعلام والإشهار على خلق نمط إستهلاكي يخدم الإقتصاد الرأسمالي، وذلك بتحويله الكثير من السلع والمنتجات إلى حاجات ضرورية للإنسان، وهي في الحقيقة غير ذلك على الإطلاق. يبدو أن غاندي يدرك جيدا أن الرأسمالي ليس له أي هدف إلا جمع الأموال وتحقيق الأرباح بأي وسيلة كانت، ولو بتسويق سلع لايحتاجها الإنسان، وليست ضرورية له، لكن يصورها له كأنها ضرورية لا يمكن الإستغناء عنها بإستخدام الإشهار المبني على توظيف ذكي للعلوم النفسية والإجتماعية والإعلامية. ونجد نفس الفكرة عند الجزائري مالك بن نبي الذي أشار إلى ما ينفقه الإنسان الجزائري من أموال ضخمة في أعراسه وأعياده مثلا أثناء العهد الإستعماري، وهي ليست ضرورية على الإطلاق، ورأى أنه بإمكان توظيفها في إعانة الفقراء والبؤساء الذين تعج بهم الجزائر آنذاك. هذا ما نلاحظه اليوم من تبذير للمال العام في أمور لامعنى لها، وبإمكان إدخار تلك الأموال للإستثمار في قطاعت منتجة وتطوير إقتصادياتنا وخدمة الإنسان. فلنشر أن مالك بن نبي تأثر كثيرا بغاندي حيث يعود إليه في جل كتاباته، بل دعا صراحة إلى الإستلهام منه في كتابه "فكرة الآفرو- آسيوية". نجد أيضا نفس أفكار غاندي في التراث الديني مثل الأحاديث النبوية في الإسلام التي تقول ب"أننا لانأكل إلا إذا جعنا، وإذا أكلنا لا نشبع"، فهي دعوة شبيهة بدعوة غاندي إلى الإستغناء والإكتفاء بالضرورات المعيشية فقط بدل الجري وراء الإقتناء، كما نجد حديث آخر يقول "لا خير في أمة تأكل مما لاتنتج، وتلبس مما لاتنسج"، فهي نفس دعوة غاندي إلى الهنود للإعتماد على المغزل والإقتصاد المنزلي، أي إنتاج حاجاتهم الضرورية كي لا يقعوا تحت سيطرة الرأسمالية البريطانية. طبعا هذا الطرح يناقضه الكثير من الإقتصاديين الذين يقولون بان كثرة الإستهلاك يحرك الإقتصاد، ويستندون على أوروبا التي يفسر البعض نهضتها الإقتصادية بالإنفجار الديمغرافي الذي فتح أسواقا واسعة تطلبت زيادة الإنتاج، لكن هل عاد هذا الإقتصاد بالخير على الإنسان وحياته أم أزداد الفقر والبؤس والإستغلال، فما فائدة إقتصاد يجمع الأمول، ويحصرها في يد اٌقلية تعيش في الترف والبذخ مقابل أغلبية تعيش في بؤس مدقع، ولا يخدم حياة الإنسانية عامة وتحسين معيشتها، هذا ما يدفعنا إلى طرح سؤال يحتاج إلى بحث أعمق، وهو: أليست الأيديولوجية الرأسمالية هي وراء الترويج لهذه الفكرة كي تخدم مصالحها؟، طبعا نحن لا نناقش ذلك في هذه المقالة، فهي تحتاج إلى نقاش إقتصادي واسع حول هل الزهد في المعيشة يقوي الإقتصاد أم يضعفه لأنه يضر بالأسواق؟، لكن ما نحن متأكدين منه، وهو ما يشير إليه غارودي بشكل مستفيض في الكثير من كتبه هو أن الرأسمالية خلقت لنا حاجات نستهلكها، ونبحث عنها، لكنها غير ضرورية تماما للإنسان، بل تضر بصحته في كثير من الأحيان، ولا تعود بالفائدة إلا للرأسمالي المعروف بجشعه، فهو لا يبحث إلا عن الأرباح بأي وسيلة كانت، ولو بخلق سلع ليست ضرورية لمعيشتنا، ونعتقد أن دعوة غاندي تكمن هنا. يعتقد البعض أن غاندي أستلهم ذلك من الصوفية التي تدعو إلى الزهد في الحياة التي عرفتها شعوب الشرق، خاصة الهند، لكن هذا الزهد هو سلبي وهروب من الواقع، لكن غاندي كان إيجابيا، ففي الحقيقة غاندي مثل غيره من قادة حركات التحرر الوطني كانوا جد متأثرين بالثقافة الغربية، وهو ما ندم عنه الغرب الإستعماري الذي لم يدرك ان نشر ثقافته ستكون السم القاتل لهذا الإستعمار ذاته، فقد أكتشف ذلك متأخرا، فعمد إلى تشجيع كل ما هو بال في ثقافتنا نحن كي لا ننهض، وهنا يأتي تفسير لما يشجع ويدعم هذا الغرب بعض الحركات الدينية عندنا وغيرها، فلم يكن ذلك في الحقيقة بهدف مواجهة الشيوعية فقط في إطار الحرب الباردة، بل أيضا لإبقائنا متخلفين نعيش على تقاليد بالية وماض متخلف كي لا نتقدم، ولانعرف السبيل الذي اتبعته أوروبا إلى التقدم. ففي الحقيقة أستلهم غاندي الكثير من هذه الأفكار عن الأمريكي هنري ثورو (1817-1862) والروسي ليون تولستوي (1828-1911) الذي كان يلتهم كتبه إلتهاما، وأنشأ غاندي مزرعة سماها "مزرعة تولستوي" عندما كان في جنوب أفريقيا أين اهتم بتعليم الفلاحين الهنود الذين هاجروا إليها إضافة إلى زراعتها كي يعيشون منها، فهنري ثورو ألف كتابا واحدا فقط عنوانه "والدان أو الحياة في الغابة" حول عودته إلى الطبيعة هروبا من المادية وإكتفائه بالحياة البسيطة، وأعتبر ذلك نوعا من العصيان المدني على الرأسمالية وجشعها وماديتها، ومنه أستلهم غاندي مصطلح العصيان المدني، فقد أستنتج ثورو بأن الإنسان لا يحتاج إلى كل هذا البذخ كي يعيش، أما تولستوي، فهو ينحدر من عائلة غنية جدا تملك آراض زراعية واسعة وفلاحين يشتغلون عندها، فسئم تولستوي من ذلك البذخ والترف، فرأى انه إستغلالا بشعا للإنسان، فقد كان إشتراكيا دون ذكرها، فأراد التنازل عن أملاكه لصالح هؤلاء الفلاحين الذين يعيشون صعوبة الحياة والإستغلال، فمنعته عائلته من ذلك، فقد عاش تولستوي حياة بسيطة جدا في آواخر حياته متهكما من بذخ العيش، ورأى أنه غير ضروري كل ذلك الإنفاق على سلع لسنا بحاجة إليها، وقد أستلهم تولستوي ذلك من حياة المسيح الذي قال عنه أنه إنسان عادي، لكنه عظيم بإعطائنا درسا وأسلوبا لحياة بسيطة، مما كان سببا في تكفير الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لتولستوي بسبب هذا الموقف من المسيح، ونجد نفس الأمر وقع للفرنسي إرنست رينان الذي قال نفس الكلام تقريبا، فتعرض حتى هو للتكفير من الكنيسة الكاثوليكية، وهو ما يثبت لنا مدى إستغلال الرأسماليين للدين المسيحي خدمة لمصالحهم لأن ما قال به تولستوي ورينان وآخرين عن المسيح كمثال لبساطة العيش والزهد والتضحية والإكتفاء بالضرورات المعيشية فقط والإستغناء عن كل ما هو غير ضروري يشكل خطرا على الجشع الرأسمالي الذي يعيش بخلق حاجات غير ضرورية للإنسان، ويسوق لها بإشهاراته اليوم، ليربح الملايير في الوقت الذي لا يجد فيه الملايير من البشر أبسط الضرورات التي كان بالإمكان إنتاجها بدل خلق حاجات غير ضرورية للإنسان، بل مضرة حتى بصحته، فالرأسمالي الذي يقوم بذلك لا يختلف عن المتاجر بالمخدرات الذي يجب عليه أن يصنع مستهلكين كثر بتخديرهم وتحويلهم إلى مدمنين يستحيل الإستغناء عنها، فيصبحون بذلك في قبضته. وفي الأخير نقول بأن الإستعمار النفسي المبني على تكنولوجيا الإتصالات هي أعلى المراحل التي بلغتها الرأسمالية العالمية اليوم، ومن غير المستبعد أن تظهر مراحل أعلى منها مستقبلا مع مختلف التطورات العلمية والتكنولوجية والسياسية والإقتصادية تكون أكثر كارثية على الإنسان الذي يعاني اليوم من تلوث البيئة والتغيرات المناخية بسبب هذا الإستهلاك المفرط الذي أنتجته الرأسمالية العالمية خدمة لمصالح رأسماليي العالم على حساب الإنسان والطبيعة والكون، وهو ما يتطلب اليوم إعادة النظر في هذه الرأسمالية العالمية بعد ما أنتجت لنا كوارث كبرى قد سبق ان أشرنا إليها، وقد سبق لنا أن طرحنا في سلسلة مقالات من قبل بديلا إنسانيا لهذا الوحش الرأسمالي الذي سيدمر الإنسان والعالم.
#رابح_لونيسي (هاشتاغ)
Rabah_Lounici#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جذور وخلفيات دعوة ترامب إلى عمليات التهجير في الشرق الأوسط
-
إتفاق إسرائيل-حماس الأخير بين الوهم والحقيقة
-
ما حقيقة مشروع -الولايات المتحدة الإبراهيمية- في الشرق الأوس
...
-
دور الإعلام والمجتمع المدني في النظام السياسي البديل
-
السلطة التنفيذية والرقابة الشعبية لها في النظام السياسي البد
...
-
مسألة الحريات وحقوق الإنسان في النظام السياسي البديل
-
تطور تكنولوجيا الإتصالات ومستقبل الديمقراطية في الغرب ومنطقت
...
-
تغييب مشكلة السلطة في التراث الفكري الإسلامي وإنعكاساته؟
-
مستقبل منطقتنا بين سيطرة الكمبرادورية وسلطة العلم والمعرفة
-
تنظيم بديل للمصارف وتمويل المشاريع الإقتصادية
-
من أجل نموذج جديد للتنمية
-
تنظيم جديد لمؤسسات الإنتاج الإقتصادية وتوزيع الدخل
-
مباديء وأسس النظام الإقتصادي البديل
-
لماذا فشلت كل الإختيارات الإقتصادية في منطقتنا؟
-
هل فعلا الندرة هي وراء المشكلة الإقتصادية؟
-
ما هي الإشكاليات الواجب حلها لإخراج منطقتنا من التخلف؟
-
تفسير- ماركس وأنجلس - لتخلف منطقتنا
-
تفاسير عنصرية وإستعلائية لتخلف منطقتنا
-
ماذا بعد الرئاسيات الأخيرة في الجزائر؟
-
تفسير مالك بن نبي لتخلف منطقتنا
المزيد.....
-
بقوس ونشاب.. زبون دائم يستدرج صاحبة متجر إلى الخلف قبل أن يط
...
-
القادة العرب يستعدون لطرح اقتراح حول غزة بمقابل خطة -الريفيي
...
-
مبعوث ترامب: تحركت إلى موسكو بعد اتصال من السعوديين
-
مصر.. الـ-إيجوانا- تظهر في منطقة حضرية وتثير قلقا (صور)
-
ماذا نعرف عن انشطار الدوامة القطبية والانفجار البارد الذي يؤ
...
-
اكتشاف فيروس تاجي جديد لدى الخفافيش في الصين
-
مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط: شروط لتخصيص نصف مليار
...
-
واشنطن تخشى الصراع مع إيران
-
ذا ناشيونال إنترست: غزة بعد -حماس-
-
أريستوفيتش يتوقع حدوث انقلاب وحرب أهلية في أوكرانيا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|