أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سلامٌ بين الفاشيين الجدد وحربٌ على الشعوب المقهورة














المزيد.....


سلامٌ بين الفاشيين الجدد وحربٌ على الشعوب المقهورة


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




إن اختيار واشنطن وموسكو للمملكة السعودية مكاناً للاجتماع بين وفدي بلديهما لمناقشة آفاق الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أن اجتاحت قوات روسيا هذا البلد قبل ثلاث سنوات، إنما هو دليلٌ على طبيعة التغيرات العميقة التي تدور تحت أنظارنا في الأوضاع الدولية. فإن طريقة اللقاء بذاتها منسجمة تماماً مع المكان: لم تسعَ إدارة دونالد ترامب النيوفاشية إلى حفز سلام بين المتحاربين في إطار القانون الدولي والأمم المتحدة، كما لم تنفكّ الصين تدعو إليه منذ بداية النزاع، بل تسعى وراء عقد اتفاق مباشر مع نظام فلاديمير بوتين، النيوفاشي مثلها، على ظهر الشعب الأوكراني. ومن الطبيعي بالتالي ألا يختار الطرفان ساحة محايدة منسجمة مع القانون الدولي، كالأمم المتحدة.
ومما يزيد من بشاعة المشهد أن الولايات المتحدة شريكة بصورة كاملة في حرب الإبادة الجماعية التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزة والتي ما زالت مستمرّة، بل انتقل قسمٌ من زخمها إلى الضفة الغربية، في حين أسرعت إدارة ترامب إلى إلغاء الإجراءات المحدودة التي كانت الإدارة السابقة قد اتخذتها من باب رفع العتب، لا سيما تجميد تصدير القنابل الفتّاكة التي تزن الواحدة منها طنّاً والتي أسهمت إسهاماً كبيراً في تدمير قطاع غزة وإبادة أهله، وكذلك في حرب الإلغاء التي شنّتها إسرائيل على «حزب الله» في لبنان. لا بل، كما كان متوقعاً سوى من الذين حاولوا الهروب من الواقع المرير بإسقاط أحلامهم عليه (أنظر «أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة» 21/1/2025) فاقت الإدارة الجديدة سالفتها في المغالاة الصهيونية مع دعوة ترامب إلى تهجير سكان القطاع بلا رجعة، أي إلى تنفيذ ما يسميه القانون الدولي «تطهيراً عرقياً» وهو من الجرائم ضد الإنسانية.

والحال أن المحور النيوفاشي الصهيوني-الأمريكي يلتقي مع روسيا البوتينية في الكراهية العرقية للشعوب المقهورة، وقد غالت موسكو في هذا المجال، ليس في عدوانها الاستعماري على أوكرانيا بإنكار سيادتها القومية وحسب، بل في المنطقة العربية أيضاً حيث اختبرنا إسهامها الرئيسي في تدمير سوريا وإبادة عدد هائل من سكانها، بينما كانت متواطئة بصورة مكشوفة مع الدولة الصهيونية بإتاحة المجال أمامها كي تقصف المواقع الإيرانية في سوريا مثلما تشاء (الأمر الذي اندرج في التنافس بين النفوذين الروسي والإيراني في سوريا). وقد شبّهت موسكو بلسان وزير خارجيتها بين حربها على أوكرانيا وحرب إسرائيل على غزة، مقارِنة بين وصفها حكام أوكرانيا بالنازيين ووصف الصهاينة لـ«حماس» بالنازية. وكان ملفتاً أن موقف موسكو من مشروع التهجير المجرِم الذي تفوّه به ترامب، إنما كان فاتراً حتى بالمقارنة مع الإدانة الصريحة التي صدرت عن بعض حلفاء واشنطن التقليديين، على غرار فرنسا.
وها أن الضالعين الأمريكيين في قتل مئات الآلاف من الغزاويين يجتمعون بالضالعين الروس في قتل مئات الآلاف من السوريين، ويجمع الطرفان بالدولة الصهيونية احتقارهم المشترك لحقوق الشعوب على أراضيها.
وما نشهده في الحقيقة ليس أقل من إعادة رسم خارطة العالم السياسية بالانتقال من المواجهة التي كانت دائرة خلال «الحرب الباردة» بين معسكر غربي ادّعى الاستناد إلى قِيَم الديمقراطية الليبرالية (وقد خانها باستمرار) ومعسكر شرقي سادت فيه أنظمة استبدادية، الانتقال من تلك المواجهة إلى انحلال المنظومة الغربية، بعد المنظومة الشرقية، بنتيجة الأزمة القاتلة التي أصابت الديمقراطية الليبرالية والصعود العالمي للفاشية الجديدة (أنظر «عصر الفاشية الجديدة وبما يتميّز» 4/2/2025). وقد شكّلت حقبة «الحرب الباردة الجديدة» التي تلت انهيار الاتحاد السوفييتي وانحلال منظومته، معبراً لهذا الانتقال بجمعها بين شريعة الغاب والنيوليبرالية الفاحشة، اللتين كان لواشنطن الدور الرئيسي في تغليبهما على القانون الدولي وعلى التنمية القائمة على دولة الرفاهية وحماية البيئة.
وقد بتنا نشهد تلاقياً بين النيوفاشيين على حساب الشعوب المقهورة، إذ إن الفاشية الجديدة كالقديمة تنكر جهاراً حق الشعوب في تقرير مصيرها. وقد أصيبت الحكومات الليبرالية المتبقية في أوروبا بالذهول، هي التي اتّكلت طيلة ثمانية عقود على الحماية الأمريكية للمنظومة الغربية ولم تتجاسر على تشكيل محور عالمي مستقل عن واشنطن، ليس في المجال العسكري وحسب، بل في مجال السياسة الخارجية في المقام الأول. والنتيجة أن شعوب العالم المقهورة لم تعد قادرة على الاستفادة من الشرخ بين القوى العظمى الذي كان قائماً في الماضي، بل بات عليها أن تخوض كفاحات المقاومة والتحرّر بشروط أصعب مما في أي وقت مضى، وحالة فلسطين أسطع دليل على ذلك.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس: «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»
- عصر الفاشية الجديدة وبما يتميّز
- في خطورة مواقف ترامب بشأن غزّة وفلسطين
- أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة
- بعد خمسة أيام غيّرت وجهه… ما مصير لبنان؟
- سلطة رام الله واستكمال الحصار
- طوفان الأقصى والغرب والمحرقة
- خواطر متشائمة على عتبة عام جديد
- كيف يُعاد بناء الدولة السورية؟
- سوريا إلى أين؟
- ماذا يجري في سوريا؟
- وقف النار في لبنان لن يكون «نصراً إلهيّاً»
- «فريق الأحلام» الصهيوني في إدارة الولايات المتحدة
- ترامب والشرق الأوسط: ماذا ينتظرنا؟
- الهجمة الإسرائيلية اللاحقة على إيران
- معضلة «حزب الله»
- مصير المنطقة بين الصهيوني الأمريكي وزميله الإسرائيلي
- لماذا ترفض طهران وقف النار في لبنان؟
- «حزب الله» وخطأ الحساب
- تصعيد التهويل الإسرائيلي في لبنان: تأملات استراتيجية


المزيد.....




- بقوس ونشاب.. زبون دائم يستدرج صاحبة متجر إلى الخلف قبل أن يط ...
- القادة العرب يستعدون لطرح اقتراح حول غزة بمقابل خطة -الريفيي ...
- مبعوث ترامب: تحركت إلى موسكو بعد اتصال من السعوديين
- مصر.. الـ-إيجوانا- تظهر في منطقة حضرية وتثير قلقا (صور)
- ماذا نعرف عن انشطار الدوامة القطبية والانفجار البارد الذي يؤ ...
- اكتشاف فيروس تاجي جديد لدى الخفافيش في الصين
- مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط: شروط لتخصيص نصف مليار ...
- واشنطن تخشى الصراع مع إيران
- ذا ناشيونال إنترست: غزة بعد -حماس-
- أريستوفيتش يتوقع حدوث انقلاب وحرب أهلية في أوكرانيا


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سلامٌ بين الفاشيين الجدد وحربٌ على الشعوب المقهورة