أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - في الطريق من كاني ماسي الى بيبو














المزيد.....


في الطريق من كاني ماسي الى بيبو


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


غاصت احذيتنا الجلدية المبتلة في الثلوج السميكة، التي تمددت على السفوح الوعرة، بينما الرتل المترنح يتفقد طريقه عبر الضباب والثلج الذي تساقط بلا انقطاع طوال ساعات الليل، الضباب الكثيف الذي اعترض طريق الجنود الذين تدثروا بمعاطفهم الصوفية الثقيلة، كانت اكتافهم تنوء بالبنادق المدخرة بالرصاص والحراب، على ظهورهم تدلت حقائب الظهر الكتانية بأحزمتها العديدة ، ادخر فيها الجنود مؤونتهم، علب خضروات مهروسة بلا معالم، علبة الجبنة الصلبة وبسكويت فطير غير مملح، يمكن وضعه على النار كخبز لنتناوله ساخنا ، مربى مشمش بطعم الصدأ ، شاي في اكياس صغيرة ومكعبات سكر، مجرفة بمقبض قصير، وقطع مكعبات فسفور ابيض لتسخين الشاي ، علبة ثقاب دفتري، ضماد ابيض ،شريط لاصق طبي ، قطع خبز شعير صلبة، يمكن استعمالها كسلاح ابيض ،كان الرتل المنهك يتفقد طريقة عبر المنحدر يسترشد بالمسالك الضيقة التي شقتها وعول الجبال الطليقة وهي في طريقنا الى قمة الجبل الوعر ، قفازات الصوف كانت بلاجدوى ، بينما ثقوب الاقنعة الصوفية، التي خبئنا فيها رؤوسنا الحليقة ، تظهر الثلج الذي علق برموشنا ، جنود مراهقون في اول خطواتهم للتبدد ، قصص الطفولة لم تغادر ذاكرتهم بعد ، بينما البغال تتوجع بصمت تحت صناديق الذخيرة الثقيلة، وهي تتقدم الرتل صوب القمة المتوعكة، عبر الاحراش الكثيفة والصخور الناتئة واشجار البلوط الضخمة ، كانت البغال الضخمة تتنقل بصمت، وهي تنفث بخارا قويا بينما سبطانات الهاون 120 الثقيلة تسحق ظهرها ، تحسست علبة السجائر ،التي ابتلت بينما البرد يجمد اصابعي ، بحذر وترقب نتفقد اثر حوافر البغال التي بدت كنقاط سود في فجيعة اللون الابيض، الاثر الذي يقودنا الى المجهول ، الخامسة فجرا ، هناك خيط ابيض يغرق في الضباب الكثيف الذي يكشف عن شمس شاحبة تتدثر بضباب القمم البعيدة ، بصمت وارتياب تنقلنا بخطواتنا المتثاقلة ونحن نسترشد بحوافر بغال الرتل ، نشر الرائد امر الفوج الخريطة على ظهر البغل الذي اعد لركوبه ، الا انه فضل المسير مستندا بعصاه الرفيعة وهو يتفقد جنوده المتعبين، لم نشعر بالخوف من خشحشة الشجيرات الجرداء التي تحيط بنا، لم ترعبنا العيون المضيئة التي تلمع عبر الضباب في الكهوف العميقة ، اعتدنا ضوء اليراعات وخبث السناجب ، بصوت خافت قال الرائد:
تقدموا بحذر هناك مصائد مغفلين والغام !
ولكن ما الذي تعنيه مصائد المغفلين، لجنود مراهقين لم يمض على مغادرة طفولتهم سوى اسابيع معدودة ، كنا في الثامنة عشرة في اول الطريق الى المتاهة ، تقدم الرتل عبر الترقب والصخور الوعرة فيما تقاطيع وجهك تغور في ذاكرتي وتعيد تشكيل ملامحها ، كنت اشعر براحتيك الدافئتين وانت تمسحين بأصابعك جبهتي وانفي ووجنتي، تحاولين مساعدتي وانت تتشبثين بكتفي، ان تحملي عني اوجاعي وشقائي ، الحذاء الجلدي السميك يغوص في الثلج بينما الصقيع يقرص اصابعي عبر الجورب الصوفي الاسود المبلل، ، كنت تتفقدين جسمي، وتنفخين انفاسك في عيني فيذوب الثلج عن رموشي ، تتحسين صدري وانت تعقدين اللفاف الصوفي حول عنقي. كان الرتل يترنح عبر الضباب عبر اشجار السنديان الضخمة والسناجب المذعورة التي تتقافز عبر الفروع الجرداء ، بخطواته الحذرة واصل الرتل المنهك طريقه وهو يسترشد باثر حوافر البغال المنهكة، في طريقنا الى القمم المتوعكة



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترانيم
- خوف الحلزون
- قداس لنورس
- انت سيدة مواسم الحصاد والترانيم
- قصة قصيرة سيرة الاخت جولييت
- الهرطقي
- ترانيم مجوسية
- هجرة طائر السنونو الاخيرة
- ادب الطفل ليس حقلا لتجارب غير ناضجة .
- قصص الحرب . المتاهة . القسم الثامن
- قصص الحرب. المتاهة . القسم السابع
- قصص الحرب . المتاهة . القسم الخامس
- قصص الحرب. المتاهة .القسم الرابع
- الصوفي
- المتاهة. قصص الحرب
- الكاهن
- تلاميذ الاسخريوطي
- صديقي الذي فتك بالعصافير في طفولته
- في ادب الطفل
- المسرح والدهشة الاولى التي سترشد خيال الطفل الى الجمال


المزيد.....




- صالون الفنان -مصطفى فضل الفنى والأدبى-فى ندوته مساء الخميس ا ...
- جماليات الوصف وتعطيل السرد.. -حكاية السيدة التي سقطت في الحف ...
- بعد نيله جائزة -برلمان كتاب البحر الأبيض المتوسط-.. الكاتب ا ...
- فيلم يسلط الضوء على انتهاكات كييف
- المتحف البريطاني يختار الفرنسية اللبنانية لينا غطمة لـ-أحد أ ...
- العربية في إيران.. لغة -أم- حية بين الذاكرة والتحديات
- فيديو.. متهم يهرب من نافذة المحكمة بطريقة سينمائية
- فيديو.. أول ظهور للفنانة المغربية دنيا بطمة بعد السجن
- سجلات الليدرشيت يشعل النقاش حول القيادة
- المخرج السوري هيثم حقي لـ CNN بالعربية: -لا نريد سوى سوريا ا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - في الطريق من كاني ماسي الى بيبو