أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ستار بزيني - العقلیة الشوفینية في العراق و انکاار حق الشعب الکوردي.














المزيد.....

العقلیة الشوفینية في العراق و انکاار حق الشعب الکوردي.


ستار بزيني

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 20:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يشهد العراق منذ تأسيسه كدولة حديثة نموذجاً صارخاً للشوفينية العربية التي تتجلى في إنكار حقوق الشعب الكوردي وحقه المشروع في تقرير مصيره. فمنذ مائة عام والأنظمة المتعاقبة على حكم العراق، رغم اختلاف توجهاتها السياسية وأيديولوجياتها، تتفق جميعها على نهج واحد: هو إنكار الهوية الكوردية وطمس معالمها.
وتكشف الممارسات المستمرة حتى يومنا هذا عن عمق الأزمة في العقلية السياسية العراقية. فبعد سقوط نظام البعث الدكتاتوري، الذي مارس أبشع أنواع القمع والتهجير ضد الكورد، كان من المتوقع أن تشهد البلاد تحولاً جذرياً في التعامل مع القضية الكوردية. لكن ما حدث كان مجرد تغيير في الوجوه مع استمرار ذات النهج الشوفيني.
وتتجلى مفارقة صارخة في موقف المكون الشيعي الذي تصدر المشهد السياسي بعد 2003. فبينما سارع إلى اجتثاث البعث وإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة، تجاهل عن عمد معالجة آثار سياسات التعريب في المناطق الكوردية. وكأن العدالة الانتقالية في العراق الجديد انتقائية، تطبق حيث تخدم مصالح المكون المهيمن وتتجاهل حيث تتعارض مع توجهاته الشوفينية.
ولعل ما يجري اليوم في ناحية سەرگەڕان يمثل نموذجاً صارخاً لهذه السياسة المزدوجة. فبعد شهر واحد فقط من قرار المجلس الوطني العراقي باسترجاع بعض الأراضي لأصحابها الكورد، نشهد عودة للممارسات القمعية القديمة. فها هي القوات المسلحة تمنع الفلاحين الكورد من حرث أراضيهم، في تحدٍ سافر للقرارات الرسمية وانتهاك صريح لحقوق المواطنة.
إن هذا النمط من السلوك السياسي يكشف عن أزمة عميقة في بنية الدولة العراقية. فالخطاب الرسمي عن الديمقراطية والفيدرالية يتناقض بشكل صارخ مع الممارسات على أرض الواقع. وهنا يبرز السؤال الملح: كيف يمكن لدولة تدعي الديمقراطية أن تستمر في سياسات التمييز العنصري ضد مكون أساسي من مكوناتها؟
إن المفارقة الأكثر إيلاماً تكمن في تناقض هذه الممارسات مع الشعارات التي يرفعها المكون العربي المهيمن. فكيف يمكن التوفيق بين ادعاء حمل رسالة العدل والإحسان وبين ممارسات اغتصاب الأرض وطمس الهوية؟ وهل يستقيم الحديث عن "خير أمة أخرجت للناس" مع سياسات التهجير والإقصاء؟
إن استمرار هذا النهج الشوفيني يهدد ليس فقط حقوق الشعب الكوردي، بل يقوض أسس الدولة العراقية ذاتها. فلا يمكن بناء دولة ديمقراطية حقيقية على أنقاض حقوق شعب يشكل جزءاً أصيلاً من نسيجها الاجتماعي والثقافي. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: إلى متى سيستمر هذا النهج من الإنكار والتجاهل؟ وهل آن الأوان لمراجعة جذرية للسياسات العنصرية التي تنتهجها السلطات العراقية تجاه الشعب الكوردي؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد مستقبل العراق كدولة، وستكشف عن مدى جدية النخب السياسية في بناء دولة المواطنة والعدالة. فإما أن يكون هناك اعتراف حقيقي بحقوق الشعب الكوردي وحقه في تقرير مصيره، وإما أن يستمر مسلسل الظلم والإنكار، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على مستقبل العراق ككل.
وفي خضم هذا الواقع المرير، لا يمكن تجاهل المسؤولية التي تقع على عاتق الحكومة الكوردية نفسها. فتقاعسها عن نصرة الفلاحين الكورد في استرجاع حقوقهم المشروعة يثير تساؤلات جدية حول دورها ومسؤولياتها تجاه شعبها. فكيف يمكن تفسير هذا الصمت المريب تجاه انتهاك حقوق مواطنيها؟



#ستار_بزيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظریة السجان و السجین
- نظرية والسجان والسجين
- الصراع بين التوراة والقرآن و موقفهما من الامم
- العجم في ميزان الشوفينية


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ستار بزيني - العقلیة الشوفینية في العراق و انکاار حق الشعب الکوردي.