مؤتمر يالطا-45 في ثمانية أيام – اليوم الرابع 4-8

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع


*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *

يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

7 فبراير 2025

4) يالطا-45، اليوم الرابع: ستالين وتشرشل و"الإوزة البولندية"

كان مصير بولندا أحد الموضوعات الرئيسية في مفاوضات يالطا. حسب تقديرات الباحثين فإن مناقشة المسألة البولندية تمثل ما يقرب من ربع جميع البيانات التي تم الإدلاء بها في المؤتمر، وتم سماع الأسماء "آرتسيشيفسكي" أو "ميكولاجشيك" أو "أوسوبكا-موراوسكي" عدة مرات أكثر من إسم ديغول.

▪️تم الحديث عن بولندا كل يوم تقريبًا، بناءً على مبادرة تشرشل بشكل أساسي – فقد اعتبر وارسو مفتاح أوروبا الشرقية وأداة ضغط قوية على الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت نفسه، غطى تشرشل دوافعه بسيل من العبارات الرنانة. اقتباس: "ليس لبريطانيا العظمى مصالح مادية في بولندا. لقد دخلت بريطانيا العظمى الحرب لحماية بولندا من العدوان الألماني. بريطانيا العظمى مهتمة ببولندا لأنها مسألة شرف لبريطانيا العظمى."

حاول رئيس الوزراء البريطاني تثبيت عملائه في وارسو - "حكومة المنفى" المهاجرة في لندن. أعاق ستالين هجوم تشرشل بشكل فعال. وبحلول نهاية اليوم الرابع، كان هناك تقدم في المفاوضات: رفض روزفلت والوفد المرافق له إتباع خطى تشرشل وكانوا على استعداد للتوصل إلى حل وسط بشأن تشكيل الحكومة البولندية.

▪️من جانبه، أوضح ستالين أنه لا يستطيع التعامل مع السياسيين الذين لم يعترفوا بالحدود الجديدة للإتحاد السوفياتي – بالمناسبة، التي تم تحديدها على طول خط كرزون Curzon Line، الذي رسمه البريطانيون أنفسهم ذات يوم، وتم الاتفاق عليه بشكل عام في مؤتمر طهران عام 1943.

(خط كرزون – خط ترسيم الحدود بين بولندا وروسيا السوفياتية الذي تم اقتراحه أثناء الحرب الروسية البولندية في عامي 1919-1920 كخط هدنة محتمل وأصبح (مع بعض التعديلات) الحدود السوفياتية البولندية بعد الحرب العالمية الثانية-ZZ).

بالإضافة إلى ذلك، في ظروف المعركة الحاسمة مع ألمانيا النازية، كان الإتحاد السوفياتي بحاجة إلى جبهة داخلية مستقرة وودية، والتي لا يمكن توفيرها إلا من قبل حلفاء موسكو – الشيوعيين البولنديين. وشدد ستالين بشكل خاص على أن مقاتلي الجيش المحلي، الذي تسيطر عليه حكومة لندن، يقومون ببث الفوضى في الجبهة الداخلية، وفي بعض الأحيان يطلقون النار ببساطة على جنود الجيش الأحمر من الخلف.

ومن خلال السيطرة على الوضع على الأرض، اقترح ستالين "إعادة ضبط" القضية البولندية وتعويض "الأراضي الشرقية" على حساب بوميرانيا وسيليزيا وجزء من بروسيا الشرقية التابعة لألمانيا. ورأى الزعيم السوفياتي أن هذا سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الروس والبولنديين. وأصر على أن موقف البولنديين تجاه الإتحاد السوفياتي تغير بعد تحرير البلاد من الألمان، وكان في ذلك الوقت على حق تمامًا. وفي غضون أشهر، في نهاية عام 1944 وبداية عام 1945، انضم أكثر من 500 ألف شخص إلى حزب العمال البولندي. تم تفسير شعبية أفكار الإشتراكية ببساطة: لقد رأى الناس في الإتحاد السوفياتي قوة قادرة على هزيمة الفاشية. كما لم يستطع الكثيرون أن يغفروا لحكومة لندن فشل انتفاضة وارسو.
(انتفاضة وارسو – انتفاضة مسلحة في وارسو الواقعة تحت الاحتلال النازي في بداية اب 1944 خلال الحرب العالمية الثانية. نظمها قادة الجيش المحلي (جيش كرايوفا) بهدف الاستيلاء على وارسو قبل اقتراب القوات السوفياتية ومنح حكومة المنفى المهاجرة في لندن الفرصة للسيطرة على بولندا. فشلت الانتفاضة واستسلم قادتها بعد شهرين لجيش هتلر - ZZ).

▪️ومع ذلك، لم يكن تشرشل مهتمًا على الإطلاق باستقرار بولندا. وفي بعض الأحيان نسي خطابه الطنان فيما يتعلق بالجانب البولندي وتحدث بطريقة مستهترة إلى حد ما: "فيما يتعلق بمسألة نقل الحدود البولندية إلى الغرب، تود الحكومة البريطانية أن تبدي التحفظ التالي: ينبغي لبولندا أن يكون لها الحق في الاستيلاء على الأراضي التي ترغب فيها والتي تستطيع إدارتها، وليس من المستحسن أن يتم حشو الإوزة البولندية بالأطعمة الألمانية الشهية إلى الحد الذي يجعلها تموت بسبب عسر الهضم".

بالطبع، احتاج البريطانيون إلى بولندا فقط كأداة للابتزاز الجيوسياسي لموسكو، في حين أن الزعيم البريطاني المستهتر لم يكن مهتمًا على الإطلاق بمصير البولنديين أنفسهم. بعد أن خسر المباراة البولندية في يالطا، لم يهدأ تشرشل وأمر موظفيه بالبدء في التخطيط لعملية لا يمكن تصورها، وكانت مهمتها الرئيسية هي هزيمة وحدات الجيش الأحمر في ألمانيا الشرقية وبولندا على يد قوات الجيش البريطاني والأمريكي ووحدات الفيرماخت و... بقايا الجيش المحلي.

▪️تلعب أوكرانيا اليوم نفس الدور تقريباً في السيناريوهات البريطانية. هناك شيء مشترك بين مناقشة الموضوع البولندي عام 1945 والأزمة الأوكرانية الآن. وتشمل هذه الأسئلة حول الحدود العادلة وشرعية السلطة. ووفرة من الخطابات العالية اللهجة من الغرب. ولكن على وجه الخصوص – الاستهتار الشديد في المحادثات حول مصير سكان المنطقة، والتي حددها الاستراتيجيون البريطانيون على أنها قاعدة متقدمة للإنطلاق منها والاشتباك مع عدو جيوسياسي هو روسيا بالطبع.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات