أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - رفيق الحريري ومشهد 2025















المزيد.....


رفيق الحريري ومشهد 2025


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشهد 2025

مشهد 2025 مليئ بالمفاجآت والمفارقات. صمد الشعب الفلسطيني في غزة المدمرة، قرى في جنوب لبنان صارت ركاماً، فر بشار الأسد وخُتم بالشمع الأحمر على باب الاستبداد البعثي، خاتمة محزنة لحكاية الأنظمة التقدمية والجمهوريات الوراثية، التحرر الوطني صفحة طويت في المشرق العربي، فُتح الباب لخروج الإسلام من بطن السياسة، نسخة جديدة من النهضة والحداثة بدأت في الخليج مع الأمير محمد بن سلمان، مرحلة جديدة في لبنان بدأت بتسليم مفاتيح القصر الجمهوري للرئيس جوزف عون وتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام ليعهد إليهما إنقاذ لبنان من قاع جحيم رماه فيه ثلاثي العهد البائد.
عالم عربي ينطبق عليه قول المتنبي، وكان به مثل الجنون كأنما ومن جثث القتلى عليه تمائم
من أول الطوفان قلنا لشعب فلسطين، كلنا كنا وكلنا سنبقى مع القضية، ونكون مع حماس أيضاً إن هي أعلنت نفسها "كاميكاز" الثورة، وإن هي أهدت بطولات ثوارها للشعب، وتخلت عن السلطة في غزة من أجل الدولة في فلسطين، ولم تفعل.
من أول الإسناد قلنا لحزب الله، أياً تكن نتائج المعركة، سنحتفل معك بالانتصار ولو على الأنقاض وبقايا الجثث، لنا عليك فقط أن تهدي الانتصار للشعب والسلاح للدولة. ولم يفعل. كان عليه أن يقبل باحتمال المساكنة بين المقاومة ومشروع الحريري لإعادة الإعمار، أو بين الثورة والتطور، لكنه لم يقبل، لا هو ولا النظام السوري، ولكل منهما أسباب وتبريرات مضمرة لكنها لا تخفى على أحد.

كل من على الكرة الأرضية ابتهج يوم التحرير باستثناء إسرائيل والنظام السوري. هي لأنها خرجت مدحورة مهزومة، أما هو فلأن المقاومة في حساباته هي للتفاوض لا للتحرير، ولأنه كان يريد منها أن تكون كمنظمة الصاعقة وأخواتها، تشاغب من لبنان وفي لبنان، وتُمنع من حمل السلاح في الجولان. وهل لسائل أن يسأل لماذا توجهت أصابع الاتهام السياسي باغتيال رفيق الحريري إلى النظام السوري؟
أما حزب الله فقد كان صادقاً في مقاومته وبذل من أجل القضية أغلى ما عنده، آخرهم أمينه العام، لكن القضية عنده ليست فلسطين بل التعاون مع النظام السوري على تدمير الدولة في لبنان وتعزيز النفوذ الإيراني والانخراط في مشروع ولاية الفقيه. لذلك انعكس التحرير عليه إرباكاً و راح ينظّم اشتباكاً مع الدولة حول مستقبل سلاح المقاومة، يشبه الاشتباك الذي حصل غداة اتفاق القاهرة واستمر حتى البارحة عند تسلّم الجيش اللبناني المواقع والأنفاق في قوسايا وفي الناعمة، بين المنظمات الفلسطينية والميليشيات اللبنانية الداعمة لها وبين السلطة اللبنانية وأجهزتها الأمنية. لذلك لاقى اقتراح دخول الجيش إلى الجنوب بعد التحرير معارضة شديدة من النظام السوري ومن حزب الله على حد سواء.
مشروع رفيق الحريري فضح الممانعة وأنظمتها وأحزابها التي رأت تعارضاً بين مقاومة الاستعمار الصهيوني في فلسطين وبين الدخول في رحاب الحضارة الحديثة، الحضارة الرأسمالية، وفضح إمعانها في الاستبداد وعداءها للديمقراطية. باغتياله اغتالوا الجمهورية الثانية. لكن، ها هي الأنظمة تسقط والأحزاب تنهار. بعد أن عوقب القتلة بالموت أو بالهرب أو بالتخفي، آن للبنانيين أن يستلهموا من عظمة سيرته مشروعاً لبناء الجمهورية الثالثة، واحتفالاً بالاستقلال الخامس والنهائي، 1920عن السلطنة، 1943عن فرنسا، 2000عن إسرائيل، 2005 عن سوريا، 2025 عن إيران. وما من قوة أو جهة أو طائفة لبنانية بعد قادرة على تنظيم حرب أهلية.

علامة فارقة
رفيق الحريري علامة فارقة في عمر الجمهورية اللبنانية. لم يكن رئيس حكومة عادياً. كان حكومة بحالها. يتابع أدق التفاصيل في وزاراته كلها. يحفظ الأرقام والأسماء والأشخاص كأنه خزان إلكتروني للمعلومات، وكأن المواطنين عائلته الكبرى. صاحب رؤيا وبعد نظر وصاحب خطة للاستثمار في العلم لبناء مستقبل زاهر للوطن. الحجر الأساس لكل نهضة، بنية تحتية وشبكة مواصلات وشبكة اتصالات ومطار وتعليم وصحة وكهرباء، ألخ. قدم نسخة مطورة من مشروع كميل شمعون التنموي.
العلامة الفارقة الثانية بل الأولى كانت التجربة الشهابية. غير أن التجارب الثلاث رسبت في امتحان الدولة. الشهابية أسقطتها المارونية السياسية واعتداء المكتب الثاني على الديمقراطية، كميل شمعون أنزل الدولة من موقعها الحيادي كحكم بين المختلفين وزجها في الانقسامات وافتتح استدراج الخارج منتهكاً السيادة بالإنزال الأميركي على ساحل الأوزاعي.
أما رفيق الحريري فقد جمع في حكوماته أهم الكفاءات اللبنانية في العالم، لكن مشروعه لإعادة بناء الدولة اصطدم بوجود الميليشيات معه على طاولة مجلس الوزراء، كما أنه أدار أمور الدولة بآليات إدارة الأعمال الخاصة. كتبت عن أزمة الديمقراطية في مشروع الحريري وفي مشروع الحزب الشيوعي، أن الدولة لا تبنى بوجود أدوات ميليشيوية في داخلها، فجافتني كل أحزاب السلطة والمعارضة.
الوحيد دولة الرئيس رفيق الحريري استقبل ملاحظاتي بصدر رحب واكتفى بقوله لي، ما تطالبني بفعله على صعيد بناء الدولة ممنوع علينا فعله. فهل لسائل أن يسأل في التسعينات عمن يكون المانع؟ الممانعة وأدواتها هي التي منعت الكهرباء وخربت كل مسعى لإعادة البناء ودمرت كل أسس الديمقراطية بتعطيلها المؤسسات وانتهاكها الدستور.
اليوم بعد أن استلم الرئيس جوزف عون مفاتيح القصر الجمهوري والقاضي نواف سلام مفاتيح السرايا صار ممكناً الانطلاق من حيث انتهى مشروع رفيق الحريري وإنقاذ لبنان من قاع جحيم رماه فيه ثلاثي العهد البائد

إرث وميراث

جمهور 14 آذار الحارس الأمين على إرث رفيق الحريري السياسي ملأ الساحات عام 2005. لكن قياداته حولت الحشود من ثورة على النظام الميليشيوي إلى انتفاضة ضد "الاحتلال" وأنكرت مسؤوليتها عن استدراج الخارج. كانت الأولوية عندها للسلطة لا للدولة. كنت أرفق مشاركتي في مناسباتها السنوية، التي لم أتخلف عن أي منها، بمقالة أنتقد فيها هوسهم السلطوي واستخدامهم لغة ومصطلحات من قاموس الحرب الأهلية، كالقول بفسطاطين وحضارتين ولغتين، لكنهم كانوا يصمون آذانهم عن أي نقد، إلى أن استسلموا وسلموا أمرهم لقبطان الجحيم.
جمهور 14 آذار أعاد الاعتبار للثورة في 17 تشرين وفرض على قياداته الانسحاب من السلطة ليبقي المتهمين بالفساد ومنتهكي الدستور المسؤولين عن تدمير الوطن والدولة عراة أمام الشعب اللبناني وأمام دول العالم وحيدين معلقين في الهواء كمشنوق الشاعر محمد الماغوط، أو كمرمى من غير حارس، قائمتاه من الثنائي الشيعي وعارضته التيار الوطني الحر.
سعد الحريري كان الأكثر جرأة في التعبير عن مسؤوليته كواحد من قيادات 14 آذار. فعل ذلك حين استقال من رئاسة الحكومة استجابة لنداء الثورة، وحين عاد البارحة من اعتكافه وكرر اعترافه الصريح بحصته من المسؤولية من على ضريح الشهيد رفيق الحريري.
موقف قيادات 14 آذار لم يكن يشبه موقف جمهورها. هنا تضامن وطني بلا حدود وهناك نزاعات ومنافسات ومناكفات فرطت عقد الانتفاضة وقلصت فرص النجاح أمام استكمال مشروع رفيق الحريري في غيابه، وكادت تنعدم تلك الفرص أمام الوريث السياسي مع تخل عربي وحصار عائلي ، إذ كان ينبغي أن يحظى بدعم عربي إضافي وأن ترصد له حصة إضافية من الميراث العائلي ليتمكن من متابعة مسيرة الشهيد.

يسار جديد

دخل رفيق الحريري عالم السياسة كرئيس للحكومة فخوراً بنسبه القومي العربي وبانتمائه إلى قضايا الأمة وفي القلب منها قضية فلسطين، في وقت كانت الأحزب تشق الطريق نحو أزماتها المستعصية. كيف يفسر إذن صعود شخص إلى السلطة متحدر من حركة القوميين العرب في ذروة التصدعات الحزبية الكبرى في العالم وفي المنطقة؟ ويلح السؤال بعد أن توالى على رئاسة الحكومة اثنان من الأرومة السياسية ذاتها، فؤاد السنيورة ونواف سلام.
لقد جاؤوا بعد نقد للتجربة بهدوء ومن غير ضجيج ومن غير تنكر للأصول. هذا هو السبيل إلى خروج الحزبي من الجمود العقائدي، بحيث لا يعود الصراع في العالم بين ملائكة وشياطين، ويصبح التخلف هو العدو، ويصير الاعتدال لا التطرف هو الطريق إلى السلام الداخلي بين الانسان ونفسه وإلى السلام بين المواطنين.
تزامن دخول رفيق الحريري إلى عالم السياسة كرئيس للحكومة مع ظهور العولمة كظاهرة شكلت خطراً على مفهوم الدولة، بسبب ميلها إلى تسليمها الاقتصاد مقاليد الأمور. كما تزامن مع جنوح مصطلحات الثورة واليمين واليسار نحو دلالات التطرف والفوضى لتكون الدولة أيضاً هي الضحية.
أعلن رفيق الحريري انحيازه الواضح للدولة في مواجهة منتهكي سيادتها من الميليشيات والقوى الخارجية، متخلياً عن موقعه الطبقي، كأحد أكبر مالكي الثروة، لينخرط في "كتلة تاريخية"، بحسب تعبير غرامشي، عابرة للطبقات والطوائف والمناطق، تؤجل كل مشاريعها ما دون الوطنية وما فوق الوطنية إلى ما بعد قيام الدولة، دولة القانون والمؤسسات والكفاءة وتكافؤ الفرص، دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
مثل هذه الدولة لا يبنيها يسار أو يمين تقليدي بل المتحدرون من يسار علماني ويمين متنور، الحريصون على بناء وطن حر مستقل وعلى دولة سيدة.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو بناء دولة القانون والمؤسسات
- الكورد، مشكلة أم قضية
- الهزيمة ليست عيباً العيب ألا نتعلم من الهزيمة
- رئيسان من نتاج الثورة
- الاستقلال الخامس والنهائي للبنان
- الممانعة والمحور
- لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ماهية الدولة
- سقوط الطغيان والتحرر الوطني
- المتضررون من النصر
- نعم انتصرنا
- هل يكتب التاريخ الحديث بمصطلحات طائفية؟
- جامعة الأمة العربية ومحكمة العدل الشعبية
- نقول لحزب الله ما اعتدنا على قوله
- الإذعان بعد فوات الأوان
- اليسار والإسلاميون
- برّي: فرصة واشنطن الأخيرة
- الصهيونية وتحولاتها
- صناع الحروب يخطئون وقرّاؤها أيضاً
- طوفان عيوب في حرب الإسناد
- حزب الله كمقاومة وحزب الله كحركة تحرر وطني


المزيد.....




- -أراد حث الدول على خطة بديلة-.. ويتكوف: هذه دوافع ترامب في ط ...
- قلق أوروبي من المحادثات الأمريكية-الروسية في الرياض.. ما أسب ...
- ساحل العاج تستعيد السيطرة على آخر القواعد الفرنسية في البلاد ...
- إلغاء مؤتمر صحفي مع كيلوج - نقطة اللاعودة بين ترامب وزيلينسك ...
- إسقاط 28 مسيرة أوكرانية في عدة مناطق روسية
- سوريا.. مقتل 8 مدنيين في انفجار ذخائر من مخلفات الحرب في بلد ...
- وجبة إفطار مثالية لعقل الشباب!
- نائب الرئيس الأمريكي: الهجرة غير الشرعية تهدد أوروبا ويجب وق ...
- دعوة إسرائيلية لاستئجار أراض مصرية لتنفيذ مخطط التهجير.. وخب ...
- ما سر -الثقب الأسود- في المحيط الهادئ؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - رفيق الحريري ومشهد 2025