|
هل يبحث النظام الانسحاب من الصحراء ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 13:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ونعيد السؤال . هل يبحث النظام عن سبب يسمح له بالانسحاب من الصحراء ؟ . ما دامت قضية الصحراء تهدد بإسقاطه . ان جميع المؤشرات تفيد بان سياسة النظام منذ العشرية الأولى من الالفية الثالثة ، قد افلست في تحقيق الوعود التي تم تسويقها للرعايا ، مقابل الاحتفاظ بأكذوبة " السلم الاجتماعي " الذي لم يكن في الحقيقة سلما اجتماعيا ، بل كان هجوما منظما أصاب القوت اليومي للرعايا بفعل الارتفاع الصارخ للأسعار ، وفي الهجوم على المجال الحقوقي بمضاعفة قبضة السلطة البوليسية ، سواء بمضايقة نشطاء حقوقيين ، او بالتراجع عن المكتسبات التي تحققت بفضل نضال القوى التي كانت تقدمية ولم تعد كذلك عندما جرها القصر لتصبح تتحرك بأوامره . ان النظام المدرك باستفحال الوضع ، وبالفشل الذي أصاب كل المنظومات والقيم التي روج لها ، لجأ الى سياسة الهروب الى الامام كالنعامة التي تخفي راسها في الرمل . فلخلط الأوراق وارباك العامة والخاصة ، لا يتردد في خلق اوراش ثانوية للإلهاء حتى يستمر في سياسته الاستبدادية ، وبسط قبضته السلطوية . ان الازمة الخطيرة القائمة اليوم بالمغرب ليست بالجديدة ، بل جذورها تعود الى بداية سبعينات القرن الماضي ، حين حول نزاع الصحراء الغربية الى قضية ( اجماع ) حول شرعية تعرضت عدة مرات لهزات كادت ان تسقطه . ان تسلط اقلية من فلول الاقطاع والرأسماليين السماسرة على الحكم غداة ابرام اتفاق Aix – les Bains الذي رهن المغرب بيد الخونة وفلول الاستعمار الجديد ، وكورثة له ووكلاء عنه ، اجهض المسيرة النضالية للجماهير الشعبية ضد الكلونيال المباشر ، لفرض اختياراتها وطموحا المشروع في العيش في الدولة الديمقراطية . وفي هذا الخضم تندرج قضية الصحراء الغربية التي استعملها النظام لانقاد عرشه من السقوط ، ولم يستعملها كتاريخ وجغرافية وجماهير شعبية . وهو الذي اصبح واعيا بالمصير الذي ينتظره عند استقلال الصحراء ، لم يترك طريقا ولا وسيلة الا وسلكه للحفاظ على عرشه من السقوط .. فهل النظام المزاجي التائه ، حقا يفكر في اقتسام الصحراء الغربية مع جبهة البوليساريو ، لان اذا التقسيم ان حصل سيمكن النظام من جهة من انقاد العرش من السقوط ، ومن الاحتفاظ بجزء من الصحراء ، وفي الاستمرار في نهب جزء من ثروات الصحراء ، دون اكتراث بالجماهير الصحراوية التي اعترف بها النظام ، واعترف بالجيش التحرير الصحراوي ، عندما اعترف بالجمهورية العربية الصحراوية ، واعترف بجزائرية الصحراء الشرقية في يناير 2017 ، واصدر ظهيرا يؤكد فيه هذا الاعتراف الذي نشره في الجريدة الرسمية لدولته عدد 6539 / يناير 2017 . وهنا هل ستقبل جبهة البوليساريو وراعيها النظام الجزائري بالتقسيم الذي يفكر فيه النظام المزاجي التائه بالتقسيم المقترح من قبل النظام المزاجي التائه ، لوضع حد لحرب دامت ستة عشر سنة كانت وبالاً على النظام ، واستمرت في نسختها الثانية منذ 13 نونبر 2020 .. الحديث عن التقسيم هو حديث ذو شجون ، ومن غير المستبعد ان يقبل به النظام المزاجي التائه ، لكن هل ستقبل به جبهة البوليساريو ، وهي التي حققت انتصارا قانونيا امميا ، حيث ان مجلس الامن ولا الجمعية العامة للأمم الممتحدة يعترفون بمغربية الصحراء . بل سنجد ان الاتحاد الأوربي الذي كان يتخذ مواقف غير محرجة للنظام المغربي ، بسبب الحرب البارة ، سينجح في تغيير مواقفه ، خاصة فرنسا من نواع الصحراء ، عندما أحال الموقف من نزاع الصحراء بالقرارات التي خرجت بها محكمة العدل الاوربية ، بعد مرورها بجميع مراحل التقاضي ، وانتهاءً بحيازة الحكم على قوة الشيء المقضي به . وبما ان قرارات المحكمة ابطلت الاتفاقيات المبرمة بين النظام المزاجي التائه بخصوص ثروات الأراضي المتنازع عليها ، تكون الطريق قد تعبدت للاتحاد الأوربي في الالتزام بما قضت به محكمته . أي ان الاتحاد الأوربي مع المشروعية الدولية التي تنص فقط على الاستفتاء وتقرير المصير . اذن . هل يبحث النظام المزاجي التائه عن ذريعة وسبب حتى يقتسم تراب الصحراء ، التي تعود من حيث الاختصاص الى الأمم المتحدة ؟ هناك عدة استشهاديات تؤكد على رغبة النظام المزاجي التائه في تقسيم الصحراء مع جبهة البوليساريو ، ومن بينها : 1 ) الكل يتذكر خطاب الملك محمد السادس عند افتتاحه الدورة التشريعية لبرلمان الملك في سنة 2013 عندما قال بان قضية الصحراء ، أضحت مقبلة على جميع الحلول وبما فيها الاستقلال ، بدعوى ان الأمم المتحدة تريد ذلك . فما معنى قول الملك لا شيء تحقق – يمكن انتظار أي شيء ؟ . فهل نجح خطاب الملك في اقناع المغربة بحتمية الانسحاب من الصحراء ، لأنها من اختصاص الأمم المتحدة ؟ . وكيف نربط خطاب محمد السادس ، بما قاله الحسن الثاني عندما قال " ملكنا الصحراء ولم نملك قلوب الصحراويين " وهو اعتراف من الحسن الثاني ، بعدم مغربية الصحراء . لانه هنا هل يقبل العقل بوجود الصحراء من دون وجود الصحراويين ووجود جيش التحرير الشعبي الصحراوي .. فهل كان الحسن الثني مقتنع بالانسحاب من الصحراء ؟ وهي نفس الفكرة جاءت في خطاب محمد السادس عندما قال ، ان قضية الصحراء أضحت مقبلة على جميع الحلول وبما فيها طبعا استقلال الصحراء .. 2 ) ان يتم الترويج لاقتسام الصحراء مع جبهة البوليساريو لا يثير ادنى شك ، سيما وان النظام المزاجي التائه سبق وان قسم الصحراء قسمة لصوص الصحراء " غنيمة " مع موريتانية التي استولت على وادي الذهب ، مقابل استيلاء انظام على الساقية الحمراء .. فما الفرق بين تقسيم الصحراء كغنيمة مع موريتانية ، وتقسيمها مجددا مع جبهة البوليساريو ؟ وهنا كيف للنظام المزاجي التائه ان يعتبر وادي الذهب موريتانيا ، وسكانه موريتانيين ، وبعد سنة 1979 اصبح وادي الذهب مغربيا ، واصبح سكانه مغاربة ولم يظلوا موريتانيين .. بل وحين أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الشهير 34/37 الذي يعترف بجبهة البوليساريو ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الصحراوي ، وهو اعتراف كان كجواب على دخول جيش النظام بالقوة الى تراب وادي الذهب .. لقد فشل النظام المزاجي التائه من وضع الأمم المتحدة امام الامر الواقع ، وأصبحت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي هم من وضعوا النظام المزاجي امام الامر الواقع .. بل كيف نفسر قبول النظام المزاجي بالوضع الراهن للصحراء ، حيث ثلث الأراضي تسمى بالأراضي العازلة تمرح فيها جبهة البوليساريو كيف شاءت وارادت ، مع العلم انها أراضي تخضع للأمم المتحدة ؟ وهل الگويرة مغربية ام موريتانية ام انها تعود لجبهة البوليساريو ؟ . فإذا كانت الگويرة مغربية ، فماذا ينتظر النظام من ارجاعها وهي تحت السيادة الموريتانية منذ سنة 1975 والى الآن .. ثم كيف لموريتانية ان تخرج من وادي الذهب ، وتظل تحتل الگويرة ، هي التي اعتبرت تواجد أي جيش من غير جيش الأمم المتحدة بالاستعمار وبالاحتلال المرفوض من قبل القانون الدولي .. ان النظام المزاجي التائه الذي تورط في مستنقع الصحراء بسبب الارتجال وكثرة المواقف ، والهروب الى الامام ، يعرف مسبقا ، انه اذا ما تم تنظيم الاستفتاء الذي تشير اليه قرارات مجلس الامن ولو بالخجل ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، فان 99 في المائة من الصحراويين ستصوت لصالح استقلال الصحراء .. ان الشهور القادمة ستكون حبلى بالمفاجئات التي ستربك النظام الذي اصبح راسه كما راس النظام الجزائري ، متجاوزا . ان تغيير شكل القرار المقبل لمجلس الامن ، او حتى بعد اربع سنوات ، باعتماد المادة السابعة من الميثاق ، سيكون انتصارا لجبهة البوليساريو ولحلفائها وعلى رأسهم الجزائر .. و الاشغال منصبة اليوم لصب الزيت على النار .. فتدخل مجلس الامن باستعمال المادة السابعة ، لا يكفيه فقط تنصيص قراراته المنسوخة .. لكن تدخل مجلس الامن باستعمال المادة السابعة يلزمه حصول شيء يربك الساحة الصحراوية . ان هذا الشيء هو من جهة انتظار الحالة الصحية للملك محمد السادس ، لانه عند حصول الفراغ في الدولة ، خاصة اذا لم يتم حسم ولاية العهد بالسرعة القصوى ، يجب انتظار نزول الصحراويين في كل مدن الجنوب محط النزاع ، في مسيرات يومية واعتصامات بالشوارع يومية كذلك ، وترديد شعارات الاستفتاء وتقرير المصير كما تنص على ذلك قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة التي تعالج المسألة الصحراوية ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار .. كل الاشغال تسير الى ما بعد محمد السادس ، والتلكؤ في تعيين الملك الجديد ، وحصول الفراغ ، لان الطبيعة لا تقبل الفراغ ، ودعوة الصحراويين للنزول الى الشارع . انه مخطط تشتغل عليه بوليساريو الداخل ، من خلال بوليساريو الخارج .. وهو مخطط ستحبذه الدول الكبرى بمجلس الامن ، وسيحبذه الاتحاد الأوربي ، في تنزيل المادة السابعة ، لان هناك شعب يدعو الى الاستقلال والى الحرية .. ويصبح استقلال الصحراء بالأمر الواقعي ، لان جنسية الصحراء ستحدده نتيجة الاستفتاء الذي سيجري تحت اشراف الأمم المتحدة ، ويكون المخطط الاستراتيجي الأمريكي الصهيوني ، قد فعل فعلته بشمال افريقيا .. ان وحدة المغرب ووحدة الشعب معرض لخطر التقسيم .. وهو نفسه الخطر يهدد الجزائر اليوم . فعلى الشعب المغربي : 1 ) الخروج في صف واحد وكرجل واحد للدفاع عن وحدة المغرب ، ووحدة شعب المغرب التي فشل في تجزئتها الظهير ( البربري ) الفرنسي . 2 ) وبالموازاة مع هذا الحدث الخطير الذي يتربص الشر بالمغرب وبالشعب ، على الشعب ان ينجز مسلسل الديمقراطية بالخروج كرجل واحد ، مع تنظيم إضرابات واعتصامات شعبية بكل المدن والمداشر والقرى للدفاع عن وحدة الدولة ووحدة الشعب ، والرفع بصوت واحد الدولة الديمقراطية ، التي وحدها ستفشل جميع المؤامرات التي تحاك ضد المغرب وضد شعب المغرب . فمن دون الدولة الديمقراطية ، فالمغرب ينتظره نصيبه من مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا .. انه في استمرار الدولة البوليسية بممارساتها الفاشية ، سيجد المغرب نفسه اليوم بين خيارين احلاهما مر ، وكلاهما يهددان وجوده ويضعان حدا لنهايته . --- التنازل عن الصحراء وليس اقتسامها لان البوليساريو ترفض التقسيم على غرار التقسيم مع موريتانية .. والكلفة والتكلفة ستكون باهظة .. --- او التعنت وقبول خيار الحرب للهروب الى الامام ، مع ما سيترتب عن ذلك من دخول الجيش حلبة الصراع السياسي .. التي تقود الى الفاشية والظلامية . ---
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغزو الروسي لأكرانيا عرى عن حقيقة الجيش الروسي ، وعن حقيقة
...
-
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
ظاهرة عبدالاله عيسو
-
هل هو السكوت الذي يسبق العاصفة ، ام ان قدر المغرب هذا النظام
...
-
سكرتارية مجلس الاتحاد الأوربي
-
من واجب موريتانية التزام الحياد في معالجة نزاع الصحراء الغرب
...
-
نهاية شيء عُرف سابقا بالقضية الفلسطينية -- نهاية شيء عُرف سا
...
-
يتحدثون عن حرب بين اسبانية وبين النظام البوليسي المغربي .
-
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية /الجمهورية الصحراوية
...
-
هل هناك فعلا مشروع حضاري عربي إسلامي .؟
-
فرنسا مهد المدنية والديمقراطية وحقوق الانسان
-
ارض الميعاد اليهودية من الفرات الى النيل
-
موقف المملكة الاسبانية من نزاع الصحراء الغربية
-
السلفية الجهادية تعلن استعدادها لنقل الحرب الى الداخل الجزائ
...
-
أي نظام للحكم نريد ؟
-
هل حقا ان النظام المخزني المزاجي العلوي يهدد اسبانية بالحرب
...
-
انتصار الحضارة اليهودية المسيحية
-
عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان
-
محور المقاومة . العقل العربي الغبي
-
حزب الله (اللبناني) الإيراني
المزيد.....
-
السعودية.. فيديو 4 فتيات في مشاجرة جماعية يشعل تفاعلا والداخ
...
-
-يديعوت أحرونوت-: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يعمل بجد على المر
...
-
مقتل شخصين بعد اصطدام طائرتين خفيفتين في أريزونا الأمريكية (
...
-
ترامب حول الاقتراح المصري بشأن غزة: لم أره
-
تحليل لـCNN: روسيا الرابح الوحيد من هجوم ترامب على زيلينسكي
...
-
دراسة تكشف أثر الماء والقهوة والشاي على صحة القلب
-
أنشطة يومية بسيطة تعزز نمو طفلك وتطور مهاراته
-
ظاهرة لن تتكرر قبل 2040.. محاذاة نادرة لسبعة كواكب!
-
هل تحدد الجينات متوسط العمر؟
-
موسكو رفعت سوية التواصل مع دمشق
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|