أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - ثقافة التكرار والإجترار














المزيد.....

ثقافة التكرار والإجترار


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن شعر الخليفة الراشدي الثاني، عمر بن الخطاب، بدنو أجله إثر طعنه بيد "أبو لؤلؤة"، اقترح ستة مرشحين لخلافته، سُمُّوا أهل الشورى، كَلَّفهم باختيار أحدهم خليفة بعده. هؤلاء الستة هم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله. استدعى عمر هؤلاء الستة، وقال لهم:"إني نظرت، فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم، وقد قُبض على رسول الله وهو راضٍ عنكم، ثم أضاف اليهم ابنه عبدالله، يحضر مشيرًا، ولا يكون له من الأمر شيء"(الجابري: العقل السياسي العربي، ص144). لاحظ أن عمر قرر النأي بابنه عن وراثته في الخلافة، حيث شدد على أن دوره لا يتعدى استشارته فقط، وهذا يؤكد أن التوريث السياسي ليس من الاسلام بشيء. فقد استنه معاوية بن أبي سفيان، والتقطه الاستبداد العربي هدية من السماء اتخذها شِرعة ومنهاجًا في نقل السلطة السياسية حتى اليوم في القرن الحادي والعشرين.
حَدَّدَ عمر أمدًا زمنيًّا لاختيار أحد أهل الشورى الستة خليفة، بحيث لا يتجاوز اليوم الثالث بعد وفاته. ووضع قواعد صارمة للاختيار، لا يحق لأيٍّ منهم مخالفتها، وهي مدونة في مراجعنا التاريخية لمن يرغب بمطالعتها. كان عمر يدرك عدم وجود نصوص دينية تحدد كيفية اختيار الخليفة، ويستشعر الاختلاف حتى بين أهل الشورى الستة أنفسهم على أرضية قَبَليَّة وعشائرية، ويخشى خطره على الدولة الناشئة، إذا اندلع واستفحل.
تنقل لنا مراجعنا التاريخية روايات عدة بشأن مسلك رئيس مجلس الستة الكبار، عبدالرحمن بن عوف، لاختيار خَلَفَ عمر. تشير مصادر إلى أنه بدأ بنفسه، فتنازل عن حقه في الترشح للخلافة، مقابل توليه اختيار أحدهم خليفة بعد مشورة الناس وأخذ رأيهم، فوافقوا. لكنه لم يلبث أن قدم اقتراحًا آخر، مفاده تنازل ثلاثة لثلاثة. فتنازل الزبير لعلي، وتنازل طلحة لعثمان، وتنازل سعد لعبدالرحمن بن عوف. وبما أن ابن عوف قد تنازل عن حقه في الترشح، فقد انحصر الأمر في علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان.
تذهب روايات إلى أن أعضاء مجلس الستة قد استطلعوا آراء الناس، لكنها تُجمع، أي الروايات، على تَبَيُّنِهم وجود انقسامات خطيرة بين المناصرين لكل من علي وعثمان. حينها، قرر رئيس المجلس عبدالرحمن بن عوف مواجهة كل من عثمان وعلي بشرط أساسي واحد، هو:"العمل بكتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر"، فقبل عثمان من دون تحفظ. أما علي، فقد أبدى تحفظه قائلًا:"اللهم لا، ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي"(العقل السياسي العربي: 147). فبايع ابن عوف عثمان، وتبعه الناس.
لنا أن نلاحظ الأساس المعتمد لاختيار الخليفة، وهو كما ذكرنا "العمل بكتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر". ألزم عثمان نفسه بهذا الشرط بلا تردد، بحرفه وحذافيره. أما علي، فقدم نفسه شخصية تاريخية مفكرة، وصاحب رأي واجتهاد. وتنسجم رؤية علي مع نواميس الحياة وتحولاتها، وبشكل خاص قانونها الرئيس:"التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة". من هنا نفهم الأساس الذي انطلقت منه مقولات علي التاريخية، ومنها:"القرآن لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال...القرآن حمَّال أوجه". والرجال أبناء مراحل، ولكل مرحلة مستجداتها التي تستدعي الاجتهاد والإبداع. لكن علي أُبْعِدَ عن الخلافة، لأن ثقافتنا كانت وما تزال ترفض "الخروج عن النص"، ثقافة تحبذ التكرار والإجترار على الإبداع والإبتكار.
وما تزال العقلية العربية، تحبذ تعيين "اللَّخمَات" والإمَّعات والطراطير في مواقع المسؤولية، وقربَ الحاكم وحوله خاصة، الذين يرددون كالببغاوات ما يُلقى في روعهم، بقدر نفورها من أصحاب الفكر والرأي. ولا تنفك ثقافتنا تلقننا بِثَلب كل من يستخدم عقله، بأنه "يتفلسف كثيرًا" !



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يفرض الحاكم احترامه؟
- ثقافة القطيع
- أميركا تتداعى أم ترامب يلعب بدمه؟!
- بصراحة إلى مؤيدي التهجير منا !
- نكشة مخ (26)
- ملطشة !
- نكشة مخ (25)
- لا خيار سوى الرفض والمقاومة.
- بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي
- قلق مبرر ومخيف!
- من يجرؤ على الهمس في إذن ترامب؟!
- الكيان اللقيط يخسر معركة الصورة
- نكشة مخ (24)
- معايير الإعلام الفاشل الفاقد الرؤية.
- مفاجآت غير سارة للكيان اللقيط
- هل العقلية العربية خرافية؟!
- من الذي فرض وقف إطلاق النار في غزة؟
- الكيان اللقيط لم ينتصر
- سلبطة أميركية
- تلاعب السياسة والمصالح بالدين !


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - ثقافة التكرار والإجترار