أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة حب في جزر البهاما- - للأديب فراس الوائلي















المزيد.....


قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة حب في جزر البهاما- - للأديب فراس الوائلي


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


قراءة نقدية
تفكيك الزمن والهوية في السرد التعبيري
قراءة نقدية لنص "قصة حب في جزر البهاما" للأديب فراس الوائلي.
يقول رولان بارت في لذة النص (1973):
"النص ليس سجين المعنى الواحد، بل هو فضاء متعدد التأويلات، حيث لا يمكن للقارئ أن يظل متلقياً سلبياً، بل يصبح مشاركاً في إنتاج المعنى وإعادة خلقه مع كل قراءة."
يظهر نص "قصة حب في جزر البهاما" انزياحاً واضحاً عن البناء السردي التقليدي حيث يدمج بين التجربة الحسية واللغوية في إطار يتحدى الزمن والخطية السردية. من خلال تفكيك الدلالات التقليدية وإعادة تشكيل الزمن والهوية والمكان يصبح النص أقرب إلى قصيدة نثرية مغلفة بالسرد مما يجعله نموذجاً للحداثة الأدبية.

تفكيك البنية السردية ،هيمنة الشعرية على الزمن الخطي
يتحرر النص من التسلسل الزمني التقليدي حيث يتراجع الزمن إلى دور المراقب بينما تتحول اللحظة إلى "أبدية سردية" تتجاوز البداية والنهاية. هذه التقنية تتماشى مع الرؤية ما بعد الحداثية التي تلغي التسلسل الزمني لصالح التجربة الوجودية والعاطفية.
على سبيل المثال، يقول الأديب:
"لم يكن اللقاء لقاءً، بل انحرافاً في مسار الزمن، تصحيحاً لخطأ ارتكبته لحظةٌ مجهولة حين بعثرت أرواحنا في اتجاهين متعاكسين."
هنا لا يُقدم اللقاء كحدث زمني بل كتصحيح لمسار وجودي مما يعكس تفكيك العلاقة التقليدية بين الزمن والحدث. النص لا يروي اللقاء بترتيب زمني تقليدي، بل يحوله إلى لحظة كونية تعيد ترتيب المصائر وهو ما يتقاطع مع مفاهيم التفكيك حيث تُعاد صياغة الدلالات المألوفة لإنتاج معانٕ جديدة تتجاوز القوالب السردية التقليدية.

إعادة تشكيل الوجود عبر اللغة ، الزمن والمكان ككيانات متحولة
في هذا النص، لا يُقدم البحر أو الصوت أو اللمس كعناصر مادية مستقرة بل تتحول إلى كيانات مجازية تتجاوز دلالاتها الواقعية. وفقاً لرؤية رولان بارت حول "النص اللانهائي"، تتعدد القراءات حسب تجربة القارئ.
يتجلى ذلك في المقطع التالي:
"لم يكن لصوتها صوتٌ، بل كان ارتعاشة المدّ حين يعترف للشاطئ أنه ظلّ يبحث عنه قروناً دون أن يصل."
هنا، يتحول الصوت إلى تموجات البحر، مما يعكس امتزاج العاطفة بالطبيعة. يتفكك الصوت ككيان مستقل ليصبح تجربة حسية لا يمكن اختزالها في معناها الحرفي مما يعزز من البعد الشعري للنص حيث يتم إنتاج الدلالة عبر التشابك الحسي بدلاً من الوصف المباشر مما يجعل القارئ شريكاً في إعادة بناء التجربة عبر تأويله الخاص.

تشظي الذات ،الحب كإعادة تركيب للكينونة
يفكك النص مفهوم الهوية الفردية حيث تتحول الذات الساردة من كيان مستقل إلى وجود يتشكل عبر التجربة العاطفية متماهية مع مفاهيم ما بعد البنيوية حول تفكيك الهوية وإعادة تشكيلها من خلال التجربة الحسية والوجدانية.
نلاحظ ذلك في المقطع التالي:
"حين تلامست يدانا، لم يكن اللمس لمساً، بل احتراقٌ كونيّ، انفجارُ ضوءٍ يتشظّى داخل مجرّات غير مرئية."
هذه الصورة لا تقدم مجرد لمسة بين شخصين، بل تحول اللحظة إلى ظاهرة كونية حيث يصبح الحب قوة قادرة على إعادة تشكيل الوجود ذاته. هذا يتقاطع مع فلسفة التماهي بين الذات والآخر حيث يفقد الفرد حدوده التقليدية ليصبح جزءًا من تجربة كونية تتجاوز الإدراك المعتاد.

التناص والبعد الأسطوري ،استعادة ثيمات البعث والتكوين
ترى جوليا كريستيفا في مفهوم التناص أن:
"أي نص هو امتصاص وتحويل لنصوص أخرى."
في هذا النص لا تُقدم عناصر مثل البحر و الزمن والحب بمعانيها التقليدية، بل تعاد صياغتها ضمن ثيمات تتقاطع مع أساطير الخلق والانبعاث. الحب هنا ليس مجرد تجربة شخصية بل هو قوة كونية تتجاوز الزمن والمكان مما يجعله حالة وجودية تتماهى مع السرديات الأسطورية.
كما يرد في النص:
"لم يعد البحر بحراً، بل كتابٌ أزرقٌ مفتوحٌ على آخر صفحة لم تُكتب بعد."
هذه الصورة تعكس مفهوم "النص المفتوح" لدى أمبرتو إيكو حيث لا يُقدم البحر كعنصر جغرافي بل كنص بحد ذاته. بذلك تتحول التجربة العاطفية إلى عملية مستمرة من إعادة الكتابة والتأويل متحررة من الزمن والمكان الثابتين.

لغة النص ،تقويض الواقع وبناء صورة حسية جديدة
يعتمد النص على انزياحات دلالية وتشبيهات مركبة مما يجعله أقرب إلى قصيدة نثرية حيث تتحول الكلمات إلى صور حسية متعددة المعاني. يتم تقويض الواقع عبر تفكيك العلاقة بين الكلمات ومعانيها التقليدية، كما في:
"الورود لم تكن زهوراً، بل تعاويذٌ محفورة في الهواء، تهتزّ حين نمرّ، تتلاشى وتُعاد ولادتها كلما تنفّس العشق."
هنا تتحول الزهور من كيان مادي إلى رموز سحرية مما يعزز الطابع التجريبي للغة في النص. هذا يعكس توجهاً حداثياً في الكتابة حيث لا يستخدم المجاز كوسيلة تجميلية بل كأداة لإنتاج واقع بديل يعيد تشكيل إدراك القارئ للعالم.

بين السرد والشعر: إشكالية التصنيف الأدبي
هل نحن أمام نص سردي أم شعري؟
يمزج النص بين السرد والشعر بطريقة تجعل تصنيفه إشكالياً وفق المعايير الأدبية التقليدية. فهو يعتمد على تقنيات السرد في بنيته لكنه يدمج الإيقاع، الصورة والانزياح اللغوي مما يعكس خصائص الشعر.
تحليل هذا التداخل يتطلب الإجابة عن الأسئلة التالية:
هل يعتمد النص على حبكة فعلية تحكم تسلسل الأحداث؟
هل يقدم الزمن كشخصية أم كحالة شعورية؟
كيف تتوزع الوظائف السردية مقارنة بالسمات الشعرية مثل المجاز والانزياح؟
هذه الأسئلة تظل مفتوحة، مما يجعل تصنيف النص بين السردي والشعري غامضاً.

الأدب الحداثي وكسر التصنيفات
يكسر هذا النص الحدود التقليدية بين الأجناس الأدبية حيث تصنع اللغة الشكل الفني بدلاً من اتباع القوالب الأدبية الجاهزة. بالتالي، لا يروي النص قصة حب فقط بل يعيد خلق الحب نفسه كحالة لغوية وشعورية تتجاوز الزمن والمكان.
بهذا يتحول النص إلى نموذج للأدب الحداثي الذي يحطم التصنيفات الثابتة ويفتح المجال لتأويلات لا نهائية.

إنجاز فاطمة عبدالله
....................................
النص :
"قصة حب في جزر البهاما"
لم تكن الجزيرة جزيرة، بل ذاكرة تتنفس، تُعيد تكوين نفسها كلما فتح البحر عينيه على الأفق. كنتُ هناك قبل أن أكون، قبل أن يولد الرمل، قبل أن يفهم الضوء كيف يرسم ملامحه فوق الموج. رأيتها، ولم يكن اللقاءُ لقاءً، بل انحرافًا في مسار الزمن، تصحيحًا لخطأ ارتكبته لحظةٌ مجهولة حين بعثرت أرواحنا في اتجاهين متعاكسين. لم يكن لصوتها صوتٌ، بل كان ارتعاشة المدّ حين يعترف للشاطئ أنه ظلّ يبحث عنه قرونًا دون أن يصل. لم تقترب، لم أقترب، بل اختصر الكون المسافة، تراجع الزمن، سمح للحظة بأن تنحني كي تتشكل من جديد. حين تلامست يدانا، لم يكن اللمس لمسًا، بل احتراقٌ كونيّ، انفجارُ ضوءٍ يتشظّى داخل مجرّات غير مرئية، كأنّ الموج نفسه لم يعد يعرف كيف يعود إلى البحر بعد أن غمرته النار. الورود لم تكن زهورًا، بل تعاويذٌ محفورة في الهواء، تهتزّ حين نمرّ، تتلاشى وتُعاد ولادتها كلما تنفّس العشق. الزمن لم يكن يتحرك، بل كان يراقب، يخشى أن يتدخل، يتراجع خطوةً إلى الخلف كي يمنحنا الأبدية التي لا تكفي. وحين رحلنا، لم نرحل، بل صرنا جزءًا من المكان، صار صوتها في نسمات المساء، وصارت خطواتي ظلًا لا يفارق الرمال. لم يعد البحر بحرًا، بل كتابٌ أزرقٌ مفتوحٌ على آخر صفحة لم تُكتب بعد، حيث تُعاد قصتنا مع كل موجة، وتولدُ من جديد كلما حلم البحر.
فراس الوائلي.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدائق الغيوب
- المدار المحرم
- إنكي
- احتراقٌ لا يُرى
- الغراب
- قصة حب في جزر البهاما
- تصوف
- صفراء هي الشمس، خضراء عند المغيب تكون
- المطر
- دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي
- نداء النار
- ليليث
- صقيع الأبدية
- النهر
- دراسة نقدية حول نص “حديثٌ بيني وبيني” للشاعرة سكينة الرفوع/ ...
- دراسة نقدية / حول نص “سرير السراب”
- أنا لست شاعرا


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - قراءة نقدية/ بقلم الناقدة القديرة فاطمة عبدالله/ لنص - قصة حب في جزر البهاما- - للأديب فراس الوائلي