فراولين 1986(مايكل هاينكه):ميلودراما ألمانية

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 22:49
المحور: الادب والفن
    

إن قلنا في المقدمة أن هذا الفيلم أعتبر كإجابة عن فيلم (راينر فاينر فاسبندر) زواج ماريا براون،فهذا بحد ذاته بحاجة إلى وقفة قد تكون مطولة...
ذات مرة،اعتبرنا أن زواج ماريا براون هو أحد أفضل أفلام راينر فاينر فاسبندر،واعتبرناه حينها ميلودراما خالصة لاتخلو من شذرات الميلودراما وسقطاتها المألوفة،وعلى الرغم من ذلك كان زواج ماريا براون أحد الأفلام التي اعتبرت أحد أفضل أفلام راينر فاينر فاسبندر على الرغم من سوداويته الشديدة.
أن يقدم فاسبندر فيلما سوداويا فهذا ليس غريبا على مخرج ربما مات منتحرا...
ماريا براون في فيلم فاسبندر-التي اعتبرناها في محور نقدنا في ذلك الوقت ألمانيا نفسها-التي يبدا الفيلم مع زواجها من المجند (هيرمن براون)على أنقاض الحرب حيث يستمر زواجها لمدة نصف يوم وليلة كاملة،وبعد ذلك كانت تبحث عن زوجها بين المفقودين في زمن الحرمان وندرة الطعام والرجال،بينما من الممكن أن يدفع عقب سيجارة يرميه أحد جنود الحلفاء عشرة أو أكثر من الألمان للتهافت عليه.
تنحدر ماريا براون وتصبح بائعة بيرة في حانة تخص الحلفاء فقط،ومن ثم تقع في غرام مجند أمريكي أسود تقتله عندما يعتدي على زوجها ويسجن زوجها في روسيا متحملا وزر هذه الجريمة،وتصعد ماريا براون صعودا إقتصاديا سريعا معتمدة على طرق ملتوية ببيع نفسها.
هذا ملخص لفيلم (زواج ماريا براون)،ومع تحقيق فيلم فراولين لمايكل هاينكه فأننا أمام خيارات كثيرة للنظر إلى هذا الفيلم.
أولا:فراولين هي لفظ خاص باللغة الألمانية يعني إمرأة غير متزوجة وهو الذي يقابل في لغات أخرى لفظ Miss،أي آنسة.
ومن ثم، إما ان هاينكه الذي نعت فيلمه هذا ب:ميلودراما ألمانية
كعنوان فرعي للفيلم يحاول ان يستكمل مسار ماريا براون من لحظة اختفاء زوجها-مع تغيير شامل في التفاصيل-أو يحاول إعادة سرد الحكاية بنبرته هو وطريقته الذكية،أو ان القصة برمتها هي مجرد تهكم واضح على رؤية راينر فاينر فاسبندر،لأن الفيلم أولا وأخيرا ميلودرامي متوسط من حيث المستوى ،وهذا في أفضل حالاته،ولايمكن ان يقارن بفيلم (زواج ماريا براون) من حيث المستوى.
كما ان هذا الفيلم-وهذا شيء نراهن عليه-بعيد عن روح مايكل هاينكه كثيرا ولكن إلى درجة أقل نوعا ما من فيلمه السابق من هو أدجار ألن يو...؟1
الفيلم فيه شيء من الجو العائلي،فجوانا بانتظار زوجها الأسير في روسيا منذ عشر سنوات،والفيلم من حيث الحقبة،هو في الخمسينات أي نفس حقبة وزمن ماريا براون.
جوانا تمتلك دار للسينما،وتمتلك أيضا عشيقا فرنسيا يدعى أندريه،وفجأة يعود زوجها (كارل) معتلا نفسيا وجسديا،ومن الخوض مطولا في الوضع العائلي حيث تمتلك جوانا ولد وبنت في عمر الشباب،وهي ايضا متصابية ويعرف أولادها ذلك.
يكثف الأب المحطم موضوع العشيق الفرنسي ويبدي الامتعاض الواضح من هذه العلاقة..
تكتشف جوانا أن أندريه متزوج وله عائلة،وسرعان ما تعترف له بأنها قتلت زوجها من أجل استعادته...
لنلاحظ أن القصة غير مبنية على الاستفادة من المعجزة الاقتصادية،فالفيلم لايتحدث أبدا عن أي سقوط مادي للعائلة،وكان هاينكه يقول ان المجتمع ليس فقيرا،كما ان هاينكه يقول ان جوانا قتلت زوجها من أجل حياتها الخاصة...من أجل عشيقها التي قتلته ماريا براون أصلا.
هاينكه ينظر إلى الدوافع الانسانية الانانية،قصة جوانا أكبر من قصة ماريا براون التي صعدت بسبب الجنس،فالعنصر الداخلي الفاعل أكبر عند جوانا.
بالنسبة لهذه المراجعة،ولهذه الرؤية لهذا الفيلم الغامض المغمور،الذي بالكاد تجد له نقدا على الانترنت،فمن الممكن ان يعتقد القارئ أنه تصحيح لحبكة أصلية لم يكن هاينكه راضي عنها بالأساس...لم يكن مقتنعا
لكننا نعتقد ان هاينكه يتهكم على عمل فاسبندر برمته...على زواج ماريا براون تحديدا وعلى الطريقة الميلودرامية برمتها.
عند نهاية الفيلم الذي هو بالأبيض والأسود،يتحول الفيلم إلى الأوان...يحضر العشيق الفرنسي في مؤشر واضح على النهاية السعيدة،ويقول لها:
لقد عملت نسخا منك...
هذه النسخة المكررة،هي النسخ الميلودرامية لكل فيلم سيء يبالغ في الكذب وغير قادر على تحقيق ابتسامة من دون افتعال....
انه منطاد طائر يحلق على الكذب وعلى ذوق الجمهور الرديء...
بالتأكيد هذه النهايات،وهذه الحبكات غير مقبولة عند هاينكه تماما،من دون أن نضعه في مواجهة مع مخرج لا أحد يستطيع الانكار بأنه مخرج كبير بالرغم من كل شيء.
في اقتباس وحيد وجدناه على صفحات الانترنت لهاينكه عن الفيلم،يقول:
لإنتاج فيلم عن التاريخ الألماني لا يغرق في الشفقة على الذات،على عكس الميلودراما التي كتبها فاسبندر وسيداته القديسات المنمقات:ليلي مارلين ولولا وماريا براون...
الفيلم متوسط المستوى الفني في افضل حالاته وبه تنتهي حقبة مايكل هاينكه التلفزيونية...سيطلق بعد ثلاث سنوات قنبلة القارة السابعة.
20/09/2024

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات