مؤتمر يالطا-45 في ثمانية أيام – اليوم الأول 1-8

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 17:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

4 فبراير 2025

*****

ملاحظة من د. زياد الزبيدي

مؤتمر يالطا-45
عقد في منتجع يالطا في شبه جزيرة القرم الروسية 4-11 فبراير 1945 واستمر ثمانية أيام.
تأتي أهمية مؤتمر يالطا ليس فقط لمشاركة قادة الحلفاء – ستالين وروزفلت وتشرتشل – عشية النصر على هتلر وألمانيا النازية وإنما لأنه مهد الطريق للنظام الدولي الجديد ثنائي القطب بزعامة الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد ازاحة الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس عن سدة حكم العالم.
يلينا بانينا، الكاتبة والسياسية المعروفة، نشرت ثمانية مقالات - أي بعدد أيام المؤتمر أضاءت فيها على بعض كواليس المؤتمر واسراره، أنقلها إليكم في ثماني حلقات.
*****
1) يالطا-45، اليوم الأول: الصراع بين الولايات المتحدة وبريطانيا

في اليوم الأول من مؤتمر يالطا، وقبل بدء المفاوضات العامة، قام ستالين بزيارات إلى روزفلت وتشرشل. كانت المقابلة مع تشرشل عبارة عن تبادل بروتوكولي للمجاملات. أما مع روزفلت، فقد كان الحديث أكثر صراحة.

▪️ في نهاية الحديث، أوضح الرئيس الأمريكي أن التحالف الأنغلو-أمريكي ليس متينًا كما يبدو. تطرق الحديث إلى فرنسا، وقال روزفلت: "يريد البريطانيون جعل فرنسا قوة عظمى تمتلك جيشًا قوامه 200 ألف جندي، وهذا الجيش الفرنسي سيكون عليه، في حالة أي عدوان جديد من ألمانيا، تحمل الضربة الأولى والتمسك بمواقعه حتى يتمكن البريطانيون من تشكيل جيشهم الخاص".

ثم أضاف روزفلت: "البريطانيون أناس غريبون، يريدون أكل الكعكة وفي نفس الوقت يريدون أن تبقى الكعكة سليمة في أيديهم". رد ستالين بنفس النبرة: "هذا تعبير موفق".

رغبة البريطانيين في القتال بأيدي الآخرين، والتي ظهرت بوضوح الآن في أوكرانيا، كانت معروفة جيدًا لدى قادة العالم. بالإضافة إلى ذلك، لم يستطع روزفلت أن يسامح لندن على اتفاق "أريتا-كريغي" عام 1939، الذي منح اليابان حرية التصرف في الصين ومنطقة المحيط الهادئ. ونتيجة لذلك، تعرض الأمريكيون لهجوم بيرل هاربر، بينما دفع "الشركاء البريطانيون" ثمن خيانتهم في اليوم التالي عندما تعرضت سنغافورة للهجوم.
(اتفاقية كريغي-أريتا: أثناء القتال في خالخين غول، أبرم السفير البريطاني روبرت كريغي اتفاقية مع وزير الخارجية الياباني هاتشيرو أريتا في يوليو 1939، والتي دعمت بحكم الأمر الواقع الإجراءات اليابانية في الصين القارية. وبموجب هذه الاتفاقية، اعترفت بريطانيا "باليد الحرة" لليابان في الصين، ووعدت اليابان بعدم اتخاذ إجراءات قد تحد من المصالح البريطانية في الصين-ZZ).

▪️ بحلول وقت مؤتمر يالطا، كانت العلاقات بين الأمريكيين والبريطانيين قد أصبحت غريبة إلى حد ما. كان تشرشل يحلم ببناء محور من المحميات الموالية لبريطانيا في أوروبا ما بعد الحرب وإدارة القارة بالاعتماد على فرنسا وبولندا. لم يكن هذا السيناريو مقبولًا لدى الأمريكان: فقد سعوا لتنفيذ نموذج مركزي أمريكي، لكنهم لم يفهموا تمامًا كيف سيعمل.

من ناحية أخرى، كانت هناك داخل الولايات المتحدة نفسها جماعة ضغط قوية تدعم أولوية التوجه شرقا وتأمين التحكم بالأسواق الآسيوية. في هذه الحالة، كان يُفترض أن الأمريكيين ليس لديهم سبب لإنفاق الكثير من الموارد في أوروبا. على أي حال، كان روزفلت مستعدًا لرؤية لندن كشريك صغير في تصميم النظام العالمي لما بعد الحرب. لم يكن هناك أي حديث عن المساواة، ناهيك عن الهيمنة البريطانية.

▪️ في الاتحاد السوفياتي، رأى روزفلت عنصرا يوازن الطموحات البريطانية في أوروبا ويمنع تشكيل تحالف جديد أنغلو-فرنسي. بالإضافة إلى ذلك، كانت واشنطن بحاجة إلى مساعدة موسكو في الحرب ضد اليابان، مدركين أنه حتى مع وجود القنبلة الذرية، سيكون من الصعب إجبار اليابان على الاستسلام بسرعة ودون خسائر فادحة. خوفًا من أن يغير ستالين رأيه، كان روزفلت مستعدًا لتقديم بعض التنازلات في أوروبا.

من جانبه، أدرك ستالين أن الخلافات الأمريكية البريطانية توسع هامش المناورة للاتحاد السوفياتي. في بداية عام 1945، اعتقد المحللون السوفيات أن التنافس الأنغلو-أمريكي سيستمر لفترة طويلة. لم يكن أحد ليتخيل آنذاك أن روزفلت لن يعيش أكثر من شهرين بعد مؤتمر يالطا. بعد ذلك، سيخضع التحالف الأنغلو-ساكسوني لإعادة تشغيل Reset — ليصبح تهديدًا مميتًا للاتحاد السوفياتي.

▪️ كانت الخلافات بين واشنطن ولندن، التي ظهرت بوضوح في يالطا، نتيجة لصراع بين قوتين عالميتين: واحدة تقف وراء روزفلت، والأخرى وراء تشرشل. واليوم نرى نفس الشيء — أمام أعيننا يتجدد الصراع بين مشروعين عولميين. يمثل أحدهما ترامب المثير للإعجاب، الذي دخل البيت الأبيض دون مقاومة للتعامل مع مجموعة من المهام. بينما كان الآخر حتى وقت قريب ممثلًا بمكونات الحزب الديمقراطي الأمريكي، لكنه يمتلك شبكة متشعبة تغطي وول ستريت وسيتي لندن ودافوس وبروكسل وجميع المؤسسات فوق الوطنية التي أعلنت الدوائر الداعمة لترامب "حملة صليبية" ضدها.

ولهذا السبب، لكي نفوز في القرن الحادي والعشرين، من الضروري لبلدنا، كما كان الحال قبل 80 عامًا، أن نتعلم كيفية اللعب على تناقضات هذه "الكرة الأنغلو-ساكسونية" من الثعابين، مما يجعلها تتصارع وتلتهم بعضها البعض. وهذا هو أحد أهم دروس يالطا-45.

*****
يتبع اليوم الثاني غدا

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات