أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - ريفيرا الأبد














المزيد.....


ريفيرا الأبد


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 12:34
المحور: الادب والفن
    


‎في كفِّ الأبد، تحت ظلال السرِّ الأزلي، كان النور يخطُّ قصيدته الأخيرة على صفحة الغياب.
‎هناك، عند تخوم الزمن، حيث لا شرقٌ ولا غرب، كان الكون ينحني ليستمع إلى همسات الفكرة الأولى. كانت النجوم تنطق بلغة لم تُفكَّ طلاسمها بعد، والأفق يرسم أنفاسه الأخيرة بلونٍ من حنينٍ لم يولد، وكأن الخلود يحاول أن يلتهم نفسه ليعود طفلًا في حضن العدم.

‎في ذلك الموضع الذي لا تطأه الأقدام، ولا تُسجَّل خطاه في دفاتر التاريخ، كان ظلٌّ بلا اسم يقف عند تخوم الأبدية، ممسكًا بخيطٍ من ضوءٍ ينسج منه معطفًا للريح. كان يحمل في يده مرآةً، لكنها لم تكن تعكس الوجوه، بل تفضح الأرواح المختبئة خلف الأقنعة.

‎اقتربت منه وسألته:
"من تكون؟"
‎فأجابني بصوتٍ يشبه نبوءات الماء:
"أنا صدى الفكرة حين تغتسل بالنور، أنا الهمس الأول للمجرّات قبل أن تبصر، أنا الظلُّ الذي يُولد حين يُفنى النور في ذاته."
‎سألته: "وأين يسكن الحنين؟"
‎ابتسم وكأن المسافات كلها تجمعت في عينيه، ثم قال:
"يسكن بين جناحي طائرٍ يحلّق بين الحلم واليقين، كلما حاول أن يهبط، حملته الرياح إلى سماءٍ لم تُفتح أبوابها بعد."
‎حينها، سمعتُ صوتًا بعيدًا كأنه نشيدٌ سريٌّ لم تُدركه الآذان بعد، وكأنَّ الكون بأسره يعزف لحنًا لا يُسمع إلا بالقلب.

‎أغمضتُ عينيَّ، وفتحتُها لأجد نفسي هناك...
في الموضع الذي لم يكن، حيث كل شيء بدأ، وحيث كل شيء ينتهي ليبدأ من جديد.
وهكذا، بقيتُ هناك... لوحةً لم تكتمل، وحلمًا لم يُكتب، وقصيدةً تُتلى على شرفات الأبد.

‎في تلك اللحظة، شعرتُ أنني أعبر ريفيرا فكرية، سواحلها ليست من ماء، بل من رؤى تتماوج بين الحقيقة والوهم، وتحت سمائها تشرق الأفكار كشموسٍ صغيرة تضيء عتمة الوجود. كنتُ أسير فوق رمالٍ من كلمات لم تُنطق بعد، وأمواج التأمل تغسل قدميّ بنورٍ خفيفٍ يشبه الوحي.
‎هناك، حيث لا قيد ولا نهاية، كنتُ أرى الأفكار تتخذ هيئة الطيور، ترفرف بأجنحةٍ من خيالٍ وتغوص في بحر اللامعلوم، تاركةً وراءها أثرًا يشبه الحبر الذي لم يكتب بعد. على الضفاف، جلستُ أراقب المدى، أدركتُ أن الفكرة، حين تتحرر من سجون العقول، تتحول إلى نهرٍ يجري نحو الأبدية، لا يسقي الأرض، بل يروي ظمأ الأرواح التائقة للخلود.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمرةُ الغياب
- دونالد هتلر أم أدولف ترامب؟
- أبو مازن مثل ترامب… أو أسوأ!
- ترامب والهذيان الإمبراطوري: رئيس بأحلام استعمارية ومزاج عصبي
- ‎في ليلٍ بلا ضفاف
- سفر إلى اللانهائي….
- العلاقة بين دماغ القلب والدماغ المركزي: من القيادة إلى الشرا ...
- مزامير الروح في ليل بهيج
- لا اسم للقصيدة… ولا حدّ للمعنى.. كانّها ثوب من الغموض النقي،
- سيكولوجية العنف والتبرير الجماعي: لماذا يسوغ المجتمع الإسرائ ...
- مشروع -ريفييرا الشرق الأوسط-: الأبعاد الاقتصادية والسياسية خ ...
- رقعة الأسياد والبيادق
- ترامب ونتنياهو وترحيل أهل غزة: سيكولوجية المهزومين والمفلسين
- المقاربة الأمريكية الصهيونية في ظل الهدن الحالية: هل تتجه ال ...
- العابرون إلى السراب
- المواطنة بين التخييل السياسي والواقع الكولونيالي: مقاربة نقد ...
- ليلُ الوجودِ وأقمارُ العدم
- العلا
- رحلة بلا مسافات
- حين يصبح التحرير جريمة!


المزيد.....




- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...
- رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية ...
- حفل توقيع الترجمة العربية لكتاب - سجلات الليدر شيت-
- فنان سعودي شهير يتعرض لظرف صحي طارئ يتسبب بإلغاء التزاماته ا ...
- هذا ما قالته وزيرة الثقافة الفرنسية في ختام زيارتها إلى الصح ...
- زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية إلى الصحراء الغربية: علامَ الغض ...
- قطر تختتم النسخة الأولى من مسابقة -الرقيم- الدولية للخط العر ...
- اليونان تفتتح العام المقبل متحفا للآثار البحرية قرب أثينا
- رشيدة داتي .. وزيرة الثقافة الفرنسية أول مسؤولة تزور الصحراء ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - ريفيرا الأبد