أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - دور الخوف في تخلّف الشعوب














المزيد.....


دور الخوف في تخلّف الشعوب


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 12:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخوف، هذا الشعور العميق الذي صاحبَ الإنسان منذ بدء الخليقة، وكان وسيلة لبقائه، وتحذّره من المخاطر المحدقة به، سواء كانت وحوشاً مفترسة، أو كوارث طبيعية، أو أمراضاً غامضة، أو حتى شبح الموت المجهول، لم يتلاشَ مع مرور الزمن وتطور المجتمعات، بل أخذ أشكالاً جديدة أكثر تعقيداً وتأثيراً، مثل الخوف من الفقر، والبطالة، والقمع السياسي، والظلم الاجتماعي، والسلطة المستبدة.

في العصور البدائية، كان الخوف مرتبطاً بالبقاء البيولوجي، حيث كان الإنسان يخشى الطبيعة بكل جبروتها، ومع نشوء الحضارات، بدأت القوى الحاكمة تستغل هذا الشعور للتحكم في الشعوب، فظهر الخوف من السلطان، ومن العقاب، ومن الفضيحة والنبذ الاجتماعي، وحتى من التفكير الحر.
لقد كان الخوف دائماً أداة فعالة في يد الطغاة لإخضاع الشعوب، فتأخرت النهضة، وتعثّر التقدم، وغُيّبت الأصوات المطالبة بالتغيير.

إن الشعوب التي تعيش في حالة خوف دائمة، تصبح غير قادرة على الابتكار، وتفتقد روح المغامرة، وتتجنب مواجهة الاستبداد. وعندما يترسّخ الخوف في النفوس، يتحوّل إلى قيدٍ يعيق الأفراد عن اتخاذ المواقف الجريئة، فيستسلمون للواقع، ويكتفون بالصمت الذي لا يزيد المستبدين إلا قوة وجبروتاً، وهكذا، يصبح الخوف عاملاً رئيساً في تكريس التخلف والجمود.

قد يتساءل البعض: إذا كان الخوف غريزة طبيعية، فكيف يمكن تقليصه أو التغلب عليه والتحوّل إلى نقيضه؟
يكمن الجواب في الوعي والإدراك؛ فحين يدرك الأفراد أن خوفهم ليس إلا سلاحاً بيد المستبدين، ويكتشفون أن التواطؤ مع الخوف هو ما يطيل أمد الظلم، يصبح بإمكانهم مواجهته.
وعندها يتلاشى الخوف ليحلّ محله الإصرار على التغيير، وبتكاتف الأفراد على رفض الظلم وتعزز الوعي الجماعي، يفقد الخوف سطوته، وتنبثق الشجاعة في التعبير عن الآراء والدفاع عن الحقوق، تجسيداً لمبدأ: «الاتحاد قوة، والتفرقة ضعف».

إن أولى خطوات التحرر من الخوف تكون في فضح ممارسات القمع، وعدم التردد في مساءلة السلطة، أياً كانت طبيعتها: سياسية، أو دينية، أو عسكرية، أو اقتصادية. فالسكوت عن الظلم هو ما يمنح الظالمين فرصة الاستمرار، وما يُغرق المجتمعات في دوامة الفساد والاستبداد.
يجب أن ندرك أن التغيير لا يحدث بالصمت، بل بالقول، والكتابة، والاحتجاج، وبكل وسيلة تعبير متاحة. إن رفع الصوت عالياً في وجه الظالم ليس تهوراً، بل ضرورة لبناء مستقبل أكثر عدالة وحرية.

واليوم، وبعد مرور أكثر من شهرين على استلام هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق، أغرقت خلالها المشهد بخطابات مطمئنة، بينما مارست أفعالاً مخزية تتناقض معها، فوجد الشعب نفسه غارقاً بين الذهول والترقب، ويتساءل بِحِيرة: هل هذا ما كنا ننتظره؟ كنا بحاجة إلى تغيير نظام، لا مجرد استبدال سلطة بأخرى!

كلنا ندرك أن الفصائل العسكرية المتحالفة مع هيئة تحرير الشام، والتي تُعدّ بالعشرات، ليست كتلة واحدة متجانسة، بل تتفاوت بين التشدد والتطرف من جهة، والاعتدال النسبي من جهة أخرى، ما يجعل التوفيق بينها أقرب إلى المستحيل، وليس أدلّ على ذلك من كثرة القرارات التي اتخذتها الهيئة ثم تراجعت عنها.
الجميع يعي أن هذه المرحلة المفصلية في تاريخ سوريا مفتوحة على جميع الاحتمالات؛ فقد نجد أنفسنا أمام سيناريو تقسيم البلاد واندلاع حرب أهلية مدمرة، لا تُبقي ولا تذر، أو قد نسير في اتجاه نهوض الدولة من تحت الرماد، كطائر الفينيق، لتستعيد عافيتها خلال سنوات قليلة.

من هنا، ينبغي للنضال ألّا يتوقف عند مرحلة معينة؛ فكما واجه الشعب حقبة (الأسدين)، عليه أن يتحلّى بالجسارة في فضح ممارسات هيئة تحرير الشام ووضع حدٍّ لها، تمهيداً لاستبدالها بسلطة تحقق تطلعاته في الحرية والعدالة.
وإن تلكأت السلطة التالية، وجب فضحها أيضاً، لا بد أن نعتاد على مواجهة الظلم والفساد دون خوف، عبر نضال سلمي.. سلمي.. سلمي واعٍ؛ بالكلمة الحرة والموقف الثابت، وكشف الأخطاء دون تهاون. فلا نهوض لشعب مكبلٍ بالخوف، ولا نهضة لأمة ترتجف أمام الظلم.
آن الأوان لكسر قيود الخوف، والمطالبة بالحقوق، ورفض القهر، والإيمان بأن صوتنا هو السلاح الأقوى، فقد أثبت التاريخ أن الشعوب التي تصرّ على نضالها السلمي تنال حريتها في النهاية.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغطرسة لا تُهزم إلا بمثلها
- الساحل السوري بعد فرار الأسد.. فرح عابر وتحديات مستمرة
- خطة ترامب لتهجير غزة: بين المخطط الأمريكي وإرادة الشعوب
- هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟
- مذاهب مختلفة وقلوب واحدة
- العلمانية في سوريا.. خيار الخلاص من الطائفية
- إسقاط سلطة أم إسقاط نهج؟
- ترامب وفلسطين.. صراع مفتوح وأمل لا يموت
- دعوة للعيش المشترك واحترام التعدد الديني والطائفي
- لماذا لم يلقِ قائد إدارة هيئة تحرير الشام خطاباً حتى الآن؟
- التضامن الأممي.. سلاحنا ضد الظلم والتعتيم الإعلامي
- مستقبل غامض لملايين السوريين تحت حكم هيئة تحرير الشام
- وحدة القوى الكردية في سوريا.. مفتاح لضمان حقوق مستدامة
- دعوة لبناء الدولة المدنية والعيش المشترك
- مستقبل الأحزاب الموالية بعد سقوط البعث.. هل يغفر الشعب السور ...
- هيئة تحرير الشام.. مساعي الهيمنة في خضم الفصائل السورية المت ...
- عودة اللاجئين السوريين أم هجرة المقيمين إلى الخارج؟
- ثورة بلا عدالة اقتصادية.. كسرابٍ في صحراء
- أكثرية.. أقلية.. مكونات.. نسف لمفهوم المواطنة أم توصيف طبيعي ...
- حوار وطني أم استعراض رقمي؟ أسئلة حول مستقبل سوريا


المزيد.....




- مصر تُعلن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة في الأقصر ...
- ترامب يزعم كذبًا أن أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.. شاهد ما ق ...
- الاتحاد الأوروبي يقرّ حزمة العقوبات الـ16ضد روسيا
- هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟
- حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من الع ...
- البرازيل: الرئيس السابق بولسونارو متهم بمحاولة اغتيال لولا و ...
- ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب ويشكك في شرعية رئيسها ...
- السعودية كعبة السياسة: انتظار مرتقب للقمة الأمريكية الروسية ...
- -حماس- تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين غد ...
- مسؤول أوروبي: أوروبا عاجزة عسكريا بمعزل عن الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - دور الخوف في تخلّف الشعوب