أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - القومية الإيطالية وتحديات التوحيد: من جوزيبي غاريبالدي إلى فيكتور إيمانويل الثاني














المزيد.....


القومية الإيطالية وتحديات التوحيد: من جوزيبي غاريبالدي إلى فيكتور إيمانويل الثاني


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 12:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود

شكَّل توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر واحدة من أبرز الحركات القومية التي أعادت رسم خارطة أوروبا السياسية، وكان الملك فيكتور إيمانويل الثاني أحد أبرز القادة الذين قادوا هذه المسيرة بحنكة سياسية وعسكرية. ففي ظل التشرذم الذي ساد شبه الجزيرة الإيطالية، وتحت وطأة النفوذ النمساوي والانقسامات الداخلية، ظهرت فكرة القومية الإيطالية كقوة دافعة نحو التوحيد. لعب فيكتور إيمانويل الثاني، إلى جانب شخصيات بارزة مثل كافور وغاريبالدي، دورًا حاسمًا في تحقيق الوحدة، حيث جمع بين الدبلوماسية والقوة العسكرية والاستراتيجيات السياسية المدروسة لتحقيق الهدف المنشود. فما هي العوامل التي ساهمت في نجاح مشروع التوحيد؟ وكيف استطاع فيكتور إيمانويل الثاني التغلب على التحديات الداخلية والخارجية؟ وما هي تداعيات هذا الحدث على مستقبل إيطاليا وأوروبا؟

فيكتور إيمانويل الثاني: القائد بين الإرادة والتحديات

وُلد فيكتور إيمانويل الثاني عام 1820 ليصبح ملك سردينيا-بييمونتي عام 1849 في واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخ إيطاليا. كانت إيطاليا حينها عبارة عن مجموعة من الدويلات المتفرقة، تخضع أجزاء واسعة منها للسيطرة الأجنبية، خاصة النفوذ النمساوي في الشمال. أدرك الملك الشاب أن تحقيق الوحدة لن يكون ممكنًا دون تبني سياسة عملية تجمع بين القوة العسكرية والدبلوماسية الذكية.

منذ توليه العرش، عمل على تحديث الجيش وتعزيز اقتصاد بييمونتي ليصبح قاعدة صلبة للمشروع القومي. كما أيَّد سياسات رئيس وزرائه كافور، الذي برع في توظيف التحالفات الدولية لصالح القضية الإيطالية. ففي حرب القرم (1853-1856)، دعم فيكتور إيمانويل الثاني الحلفاء الغربيين ضد روسيا، مما أكسبه دعم فرنسا بقيادة نابليون الثالث، وهو دعم كان حاسمًا في الصراع مع النمسا لاحقًا.
حرب الاستقلال الثانية والطريق إلى الوحدة

شهدت حرب الاستقلال الإيطالية الثانية (1859) دخول إيطاليا مرحلة حاسمة في مسيرتها نحو الوحدة. بفضل التحالف مع فرنسا، تمكنت قوات بييمونتي من هزيمة النمسا وطردها من لومبارديا، ما فتح الباب أمام سلسلة من الثورات الشعبية التي أدت إلى ضم توسكانا وإميليا ورومانيا إلى بييمونتي. في هذا السياق، لعبت حركة جوزيبي غاريبالدي دورًا بارزًا عندما قاد حملة "القمصان الحُمر" عام 1860، التي نجحت في ضم مملكة الصقليتين إلى المشروع الوحدوي. وعلى الرغم من اختلاف الرؤى بين غاريبالدي والملك، إلا أن الأخير استطاع توظيف الأحداث لصالحه، حيث دخل نابولي منتصرًا عام 1861، ليُعلن نفسه ملكًا على إيطاليا الموحدة في 17 مارس 1861.

الطريق إلى روما وإتمام الوحدة

لم تكتمل الوحدة الإيطالية عند إعلان المملكة عام 1861، حيث بقيت روما تحت سيطرة البابا بدعم من فرنسا، وفينيسيا تحت الحكم النمساوي. لكن فيكتور إيمانويل الثاني واصل جهوده الدبلوماسية والعسكرية، فنجح عام 1866 في استغلال الحرب البروسية-النمساوية لضم فينيسيا إلى المملكة الإيطالية. أما روما، فظلت التحدي الأكبر حتى انسحبت القوات الفرنسية عام 1870 بسبب الحرب الفرنسية-البروسية، مما أتاح للجيش الإيطالي دخولها، لتصبح عاصمة الدولة الجديدة عام 1871، معلنةً اكتمال الوحدة.

جسد فيكتور إيمانويل الثاني شخصية القائد الذي نجح في تحويل الحلم الإيطالي إلى واقع، رغم تعقيدات المشهد السياسي والمقاومة الداخلية والخارجية. لم يكن توحيد إيطاليا مجرد حدث عابر، بل شكَّل نقطة تحول في تاريخ القارة الأوروبية، إذ أسهم في إعادة تشكيل ميزان القوى، وأصبح نموذجًا للحركات القومية الأخرى. ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهت المملكة الإيطالية الوليدة، فإنها أرست الأساس لدولة حديثة سعت إلى تحقيق مكانة بارزة بين الأمم. توفي فيكتور إيمانويل عام 1878، لكنه بقي في الذاكرة كرمز للوحدة الإيطالية، ولقب بـ"أبو الوطن".



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية هابرماس في الاتصال: من فلسفة الوعي إلى العقلانية التوا ...
- رؤية مستقبلية: كيف يمكن تحقيق مشروع عربي نهضوي متكامل؟
- الرأسمالية والأخلاق: هل يمكن تحقيق توازن بين الربح والقيم ال ...
- الإسلام وأزمة القيم في العالم المعاصر: رؤية حضارية بديلة
- الوعي والعقل: جدلية الإدراك والوجود في الفكر الفلسفي
- النظرة الاستعلائية في الحضارة الغربية: الجذور التاريخية والت ...
- من التطور إلى التفكيك: كيف تؤثر علمنة الدين على المجتمعات ال ...
- الأخلاق السياسية وحقوق الإنسان في فكر ديتريش بونهوفر
- الفيزياء الحتمية والمعادلة الكبرى هل يستطيع العلم فك شفرة ال ...
- السياسات العامة: رؤية شاملة لإدارة الدولة والمجتمع
- الدولة في الاشتراكية رؤية روزا لوكسمبورغ نحو التحرر والديمقر ...
- الدفاع الفلسفي عن وجود الله: رؤية وليام كريج في مواجهة الإلح ...
- إسرائيل كأداة للهيمنة الأمريكية: قراءة في الأدوار والوظائف ا ...
- الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل ...
- الأمن القومي العربي بين الواقعية السياسية والتحديات غير التق ...
- حق العودة الفلسطيني: جوهر القضية أم عقبة أمام التسويات السيا ...
- الوجود الإسلامي في أوربا: بين العزلة والاندماج
- الموت في الفكر الفلسفي: بين الوجود والعدم
- الدارك ويب: الوجه المظلم للإنترنت بين الحرية والجريمة
- الولايات المتحدة والسياسة الخارجية: من الهيمنة إلى التراجع؟ ...


المزيد.....




- مصر تُعلن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة في الأقصر ...
- ترامب يزعم كذبًا أن أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.. شاهد ما ق ...
- الاتحاد الأوروبي يقرّ حزمة العقوبات الـ16ضد روسيا
- هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟
- حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من الع ...
- البرازيل: الرئيس السابق بولسونارو متهم بمحاولة اغتيال لولا و ...
- ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب ويشكك في شرعية رئيسها ...
- السعودية كعبة السياسة: انتظار مرتقب للقمة الأمريكية الروسية ...
- -حماس- تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين غد ...
- مسؤول أوروبي: أوروبا عاجزة عسكريا بمعزل عن الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - القومية الإيطالية وتحديات التوحيد: من جوزيبي غاريبالدي إلى فيكتور إيمانويل الثاني