أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الدالاتي - سوريا تحت الوصاية... الى متى















المزيد.....


سوريا تحت الوصاية... الى متى


سعد الدالاتي

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما شكلت سوريا ساحة لصراعات النفوذ والتدخلات الخارجية، فمنذ سقوط الدولة العثمانية، مرت البلاد بمراحل متعددة من السيطرة الأجنبية، بدءًا من الانتداب الفرنسي، ثم التبعية للاتحاد السوفيتي وروسيا، وصولًا إلى النفوذ الإيراني، وأخيرًا تركيا التي لعبت دورًا حاسمًا في المشهد السوري منذ اندلاع الثورة. واليوم، مع انهيار النظام الحاكم وتبدد سلطته، تطرح التساؤلات حول مستقبل البلاد: هل يمكن لسوريا أن تتحرر من هذه الوصاية؟ أم أننا أمام حقبة جديدة من النفوذ الأجنبي، هذه المرة بغطاء تركي

الانتداب الفرنسي.. استقلال منقوص

بعد الحرب العالمية الأولى، خضعت سوريا للانتداب الفرنسي عام 1920 بموجب اتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت المنطقة بين القوى الاستعمارية. فرضت فرنسا سيطرتها المطلقة على البلاد، واستغلت ثرواتها، وأعادت هيكلة الجيش والإدارة بما يخدم مصالحها.

ورغم الاستقلال عام 1946، إلا أن الوصاية لم تنتهِ، بل تغيرت أشكالها. إذ سرعان ما أصبحت سوريا ساحة لصراعات الحرب الباردة، وتحولت إلى دولة تدور في فلك الاتحاد السوفيتي، وهو ما مهد لاحقًا للهيمنة الروسية

التبعية لروسيا وإيران.. "تحالف الاستغلال "

مع وصول حزب البعث إلى السلطة، دخلت سوريا تحت النفوذ السوفيتي، حيث حصلت على الدعم العسكري والسياسي في مواجهة إسرائيل. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ورثت روسيا هذا النفوذ، لكن بشكل أكثر استغلالًا.

الدور الروسي

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، دعمت موسكو النظام سياسيًا، ثم تدخلت عسكريًا عام 2015 لإنقاذه من السقوط، مقابل منحها امتيازات استراتيجية طويلة الأمد، شملت:
• وجودًا عسكريًا دائمًا: عبر إنشاء قواعد في طرطوس وحميميم، مما جعل سوريا خاضعة للقرار الروسي في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية.
• سيطرة اقتصادية: من خلال عقود استثمار طويلة الأمد في النفط والغاز والفوسفات، مما جعل الاقتصاد السوري مرتهنًا للكرملين.

النفوذ الإيراني

أما إيران، فقد استغلت الفوضى في سوريا لتعزيز نفوذها الإقليمي، حيث تدخلت عبر ميليشياتها، وأحكمت قبضتها على عدة قطاعات، أبرزها:
• النفوذ العسكري: عبر دعم ميليشيات كالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، مما حول سوريا إلى نقطة ارتكاز للمشروع الإيراني في المنطقة.
• التغلغل الاقتصادي: حيث حصلت طهران على امتيازات في مجالات الطاقة والاتصالات والموانئ، كما سعت إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في بعض المناطق عبر مشاريع التشيّع والتوطين
تركيا.. من دعم الثورة إلى البحث عن نفوذ استراتيجي

في بداية الثورة، كانت تركيا الملاذ الأول للسوريين، حيث استقبلت أكثر من 3.5 مليون لاجئ، واحتضنت القوى المعارضة، وقدمت دعمًا سياسيًا وعسكريًا للفصائل المسلحة لمواجهة النظام.

فضل تركيا على الثورة السورية
• الدعم العسكري والسياسي: منذ عام 2011، قدمت أنقرة دعمًا مباشرًا للمعارضة السورية، حيث وفرت غطاءً سياسيًا ودعمًا لوجستيًا للفصائل الثورية.
• احتضان اللاجئين: في حين أغلقت معظم الدول أبوابها أمام السوريين، فتحت تركيا حدودها، واستقبلت الملايين، وقدمت لهم خدمات تعليمية وصحية وفرص عمل.
• حماية مناطق الشمال: من خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، تمكنت تركيا من تأمين مناطق في الشمال السوري، ومنعت وقوع مجازر كان يمكن أن ترتكبها قوات النظام أو الميليشيات الإيرانية.

لكن.. ماذا بعد سقوط النظام؟

مع تراجع نفوذ النظام السوري، وتفكك مؤسساته، بدأت أنقرة في اتخاذ خطوات توسعية داخل سوريا، ليس فقط لحماية مصالحها الأمنية، ولكن أيضًا لتعزيز نفوذها الاقتصادي والإداري، حيث بدأت تعمل على:
1. دمج الاقتصاد الشمالي بالاقتصاد التركي: عبر إلغاء الجمارك، وفرض التعامل بالليرة التركية بدلًا من السورية، مما جعل هذه المناطق تعتمد بشكل كامل على أنقرة.
2. السيطرة على البنية التحتية: حيث أصبحت شركات الاتصالات التركية المزود الرئيسي للإنترنت والاتصالات، كما تم ربط الكهرباء والمياه بتركيا.
3. التفكير في إنشاء قواعد عسكرية: رغم عدم وجود قواعد تركية دائمة حتى الآن، إلا أن أنقرة تدرس خيار إقامة قواعد عسكرية في الشمال السوري، في حال استمر الفراغ الأمني بعد سقوط النظام، لضمان نفوذها المستقبلي في المنطقة.
4. تدريب الجيش السوري الجديد: تركيا تسعى إلى لعب دور رئيسي في تشكيل وبناء القوة العسكرية السورية المستقبلية، بحيث تكون قادرة على حماية الأمن والاستقرار في المناطق الشمالية، بما يضمن استمرار النفوذ التركي

هل هذا هو الوقت المناسب لمنح تركيا امتيازات جديدة؟

رغم أن الدور التركي كان أساسيًا في حماية ملايين السوريين، إلا أن السؤال المطروح اليوم: هل يجب منح تركيا امتيازات اقتصادية وعسكرية جديدة في سوريا؟ وهل يمكن اعتبار هذه الشراكة حماية أم وصاية جديدة؟
• المؤيدون يرون أن تركيا هي الحليف الوحيد الذي دعم الثورة السورية عمليًا، واستقبلت اللاجئين، وحمت الشمال من المجازر، وبالتالي فهي الأجدر بالمشاركة في إعادة بناء سوريا.
• المعارضون يحذرون من أن منح تركيا امتيازات جديدة، مثل إنشاء قواعد عسكرية أو السيطرة على قطاعات اقتصادية، قد يخلق تبعية طويلة الأمد، مما يؤخر استقلال القرار السوري لعقود قادمة.
منذ الانتداب الفرنسي، إلى النفوذ الروسي والإيراني، والآن التدخل التركي، لم تعرف سوريا استقلالًا حقيقيًا. واليوم، تقف البلاد أمام مفترق طرق: إما إعادة بناء دولة مستقلة ذات سيادة، أو الدخول في مرحلة جديدة من التبعية.

المطلوب ليس رفض التعاون مع الدول الداعمة للثورة، بل وضع أسس واضحة تضمن استقلال القرار السوري، بحيث لا يتحول الدعم إلى وصاية جديدة، تعيد إنتاج الاحتلال بصيغ مختلفة.

منذ الانتداب الفرنسي، إلى النفوذ الروسي والإيراني، والآن التدخل التركي، لم تعرف سوريا استقلالًا حقيقيًا. واليوم، تقف البلاد أمام مفترق طرق: إما إعادة بناء دولة مستقلة ذات سيادة، أو الدخول في مرحلة جديدة من التبعية.

المطلوب ليس رفض التعاون مع الدول الداعمة للثورة، بل وضع أسس واضحة تضمن استقلال القرار السوري، بحيث لا يتحول الدعم إلى وصاية جديدة، تعيد إنتاج الاحتلال بصيغ مختلفة



#سعد_الدالاتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة اعمار سورية بين الفرص والتحديات


المزيد.....




- مصر تُعلن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة في الأقصر ...
- ترامب يزعم كذبًا أن أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.. شاهد ما ق ...
- الاتحاد الأوروبي يقرّ حزمة العقوبات الـ16ضد روسيا
- هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟
- حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من الع ...
- البرازيل: الرئيس السابق بولسونارو متهم بمحاولة اغتيال لولا و ...
- ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب ويشكك في شرعية رئيسها ...
- السعودية كعبة السياسة: انتظار مرتقب للقمة الأمريكية الروسية ...
- -حماس- تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين غد ...
- مسؤول أوروبي: أوروبا عاجزة عسكريا بمعزل عن الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الدالاتي - سوريا تحت الوصاية... الى متى