الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يُتوقّع – من خلال تعيينات دونالد ترامب ( وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، فضلا عن سُفراء أمريكا في الكيان الصهيوني والأمم المتحدة وغيرهم) أن تُحاول الإمبريالية الأمريكية فَرْضَ أجندات ومصالح الكيان الصّهيوني – ولو بالقُوّة المُسلّحة، فضلا عن التهديدات والإبتزاز - على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، بما فيها شعوب إيران وتركيا (عضو حلف شمال الأطلسي)، استكمالا لما بدأته الإدارة الأولى لدونالد ترامب وللدّعم الكبير الذي قدّمته إدارة جوزيف بايدن، وأظْهَرت القرارات الأولى للإدارة الجديدة (دونالد ترامب) مدى العجرفة الأمريكية ومدى تَبَنِّيها الأهداف الصّهيونية مثل تهجير الفلسطينيين من غزة والضّفّة العربية وتوطينهم في البلدان العربية، ومن بينها أول الدّول المُطبّعة مثل مصر والأردن، استكمالا لنكبة 1948، وتمويل عُملاء الإمبريالية في الخليج إعادة إعمار غزة بعد التّهجير القَسْرِي للفلسطينيين منها ومن الضّفّة الغربية...
يُتَوقّع كذلك، من خلال تصريحات دونالد ترامب والمُقرّبين منه، أن تُركّز السياسة الأمريكية في المشرق العربي وإيران على بعض الأولويات، منها: زيادة إنتاج النفط والغاز الأمريكِيّيْن لإغراق السّوق وإجبار الدول المُصَدِّرة للنفط ( أوبك وروسيا) على خفض الأسعار، خدمة للشركات الأمريكية وللمُستهلك الأمريكي وللضّغط على الإقتصاد الإيراني والرُّوسي، كما أمَرَ دونالد ترامب العُملاء السعوديين والإماراتيين وعرب أمريكا أن يستثمروا مبالغ كبيرة ( تريليون دولارا من السعودية ) في الاقتصاد الأمريكي الذي قد يُصبح بعد بضعة سنوات ثاني اقتصاد بعد الصّين، واستجاب ولي العهد والحاكم الفِعْلِي للسعودية حين وَعَدَ باستثمارات بقيمة ستّمائة مليار دولار في غضون أربع سنوات، ووَعَدَت الإمارات باستثمارات أخرى يحتاجها الإقتصاد الأمريكي في قطاعات ومجالات التكنولوجيا و"الذّكاء الإصطناعي" وغيرها من المجالات التي تمكّنت الصين من تطويرها رغم الحصار والحَظْر، كما تحاول الولايات المتحدة تقويض جُهُود الصين في التّقريب بين السعودية وإيران، وتهدف الصّين توفير الظّروف الملائمة لإنجاز مبادرة الحزام والطّريق، لكن تغيرت المُعطيات بعد انهيار النّظام السُّوري واستيلاء المليشيات الإرهابية على السّلطة بدعم من تركيا والكيان الصهيوني الذي استغل الفرصة لاحتلال أجزاء كبيرة من سوريا وبدعم الولايات المتحدة التي تخلّصت من النظام السوري – الذي لم يُوقّع اتفاقيات مع الكيان الصهيوني – مع الإبقاء على قواعدها العسكرية في سوريا، وتخلّصت من التواجد الرّوسي والإيراني في سوريا، كما تمكّنت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من قطع الطريق بين سوريا ولبنان لإيصال الأسلحة الإيرانية إلى حزب اللّه...
محاولات تصفية القضية الفلسطينية
تشْمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجموعة من المسيحيين الصهاينة والمؤيدين للعدو بشكل مُطْلَق وبدون شُرُوط، ويمكن ذكْرُ أسماء بعض "الإنجيليين الصّهاينة" الذين عيّنهم دونالد ترامب "لإدارة مِلَفّ الشرق الأوسط" ومن بينهم السفير الأميركي لدى الكيان الصهيوني مايك هاكابي وهو قِس إنجيلي سابق، وحاكم ولاية أركنساس سابقًا، واشتهر بإنكار وجود شعب فلسطيني، أو حتى أشخاص فلسطينيين، واقترح تهجير الفلسطينيين إلى البلدان العربية مثل مصر والسعودية، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيث الذين شارك في العدوان على العراق وأفغانستان وخلال عمله كمقدّم برامج على قناة " فوكس نيوز، قاد حملة للتنديد ب"المعلومات الكاذبة التي تهدف تشويه إسرائيل من خلال المُبالغة في الحديث عن الضحايا الفلسطينيين في غزة"، و مايكل والتز، وزير الأمن القومي الذي يدعو إلى تدمير غزة وأهلها بالكامل، ويدعو إلى قصف مواقع وموانئ تصدير النّفط الإيراني، وستيفن ميلر، نائب رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض الذي يدعم طرد المهاجرين من الولايات المتحدة وحظر دخول المسلمين إلى ويدعم المنظمة الصهيونية الأمريكية (ZOA) التي تدعو إلى "طرد جميع الفلسطينيين المتواجدين بين البحر الأبيض المتوسّط ونهر الأرْدُنّ"، وممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إيليز ستيفانيك التي اشتهرت بإطلاق وقيادة الحملة ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين ( أنروا) في إطار دعمها المُطلق للكيان الصهيوني، ووزيرة الأمن الدّاخلي كريستي نويم، التي اشتهرت بإلصاق تهمة مُعاداة السّامية بأي شخص ينتقد أي جانب من السياسات الصهيونية، واشتهرت، لما كانت حاكمة لولاياة داكوتا الجنوبية، بملاحقة واضطهاد أي ناقد للكيان الصهيوني، كما يضم فريق دونالد ترامب شخصيات أخرى داعمة بشكل مُطلق للكيان الصهيوني، مثل مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، وهو صديق شخصي لجاريد كوشنر، زوج ابنة الرئيس دونالد ترامب، وأحد المُشرفين على إعداد "اتفاقيات أبراهام". أما سِباسْتيان غوريكا، نائب مُستشار الرئيس فله ارتباطات قوية بأحزاب ومنظمات اليمين الأوروبي المتطرف ومن الدّاعمين للكيان الصهيوني بدون قَيْد أو شَرْط، وعَيّن دونالد ترامب ستيفن ويتكوف مبعوثًا خاصّا للشرق ال,سط وهو شريك ترامب في لعبة الغولف ( لعبة أثرى الأثرياء) وزميل مهنة ( فهو مُطَوّر عقاري) وأحد كبار المتبرعين لحملته الإنتخابية وداعم كبير (ماليا وسياسا) للكيان الصهيوني، كما نائبته "مورغان أورتاغوس" التي كانت إنجيلية مسيحية متطرفة (مثل أفراد أُسْرتها) قبل اعتناق اليهودية اعتقادًا منها إن الصهيوني الحقيقي يجب أن يُصبح يهوديّا...
يريد دونالد ترامب – والمسؤولون والمُساعدون الذين عَيّنهم - فَرْضَ "السّلام الأمريكي" الذي يتضمّن إخلاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ( سواء احتُلّت سنة 1948 أو 1967) بالقُوّة وحدها لإغلاق مِلَفّ القضية الفلسطينية، وهو الإستنتاج المنطقي للتعيينات التي أعلنها دونالد ترامب للفريق الذي يدير السياسة الأميركية في الوطن العربي، في وزارة الخارجية وسفارة أمريكا والمُستشارين والمبعوثين الخاصين الخ.
خاتمة
كان دونالد ترامب أشدّ وضُوحًا من قادة الكيان الصهيوني، وأطْلَقَ التهديد والوعيد بالجحيم وبالتهجير القَسْرِي للفلسطينيين وحَظْر عودتهم إلى وطنهم، وتُشِير هذه التهديدات إلى الإندماج بين الإمبريالية – التي تقود العالم الرأسمالي – والصّهيونية التي تُمثل دَوْر الوكيل أو المتعاقد من الباطن الذي له كذلك مشاريعه الخاصّة، كما تُشير الوقائع إن الكيان الصهيوني غير قادر على البقاء لولا الدّعم الإمبريالي غير المحدود، وهما ينتميان إلى نفس المُعَسْكَر، فالولايات المتحدة – سواء بقيادة جوزيف بايدن أو دونالد ترامب - ليست متواطئة في الاستعمار الاستيطاني والإبادة الجماعية فحسب، بل هي طرف فيها.
بعد تطبيق مخطّط تفتيت أهم البلدان العربية ( العراق وليبيا وسوريا والسّودان...) وتهميش دَوْر مصر وتهديد الجزائر وتطبيع العديد من الأنظمة العربية علاقاتها، مجانًا ودون مُقابل، مع الكيان الصّهيوني، تُظْهِرُ بَعْض عَيِّنات المشاريع الأمريكية/الصّهيونية الحالية وُضُوحَ مُخططات الأعداء وتواطُؤَ الحكام العرب ويكمن الخَلَل في الصّف المُقابل ( صفّنا) حيث ينقصُنا وُضُوح الرُّؤْيا وضُعْف أو حتى انعدام البديل، وظَهَر هذا الخَلَل عندما انتفضت جماهير العرب ( في تونس ومصر) حيث لم تتحول الإنتفاضات التّلْقائية إلى ثورة تُزيح الطّبقة أو الإئتلاف الطّبقي الحاكم ليَحُلّ مَحلَّهُ نظام ثوري يستجيب لمطالب المُنْتَفِضِين، كما أُهْمِلَتْ مسألة الهيمنة الإمبريالية، حيث لم يتم الرّبط بين وضع الحُرّيّات الفردية والجَمْعِية من جهة والإمبريالية التي تدعم هذه الأنظمة طيلة عُقُود، وأظْهر العُدْوان الصهيوني الأخير ومجازر الإبادة في غزة والضّفة الغربية ولبنان أهمِّيّة الدّعم الإمبريالي – العسكري والسياسي والإعلامي والإيديولوجي - للكيان الصّهيوني، لذا يتطلّب إسْقاط المشاريع الصهيونية والأمريكية وعْيًا بترابط ثالوث الأعداء ( الإمبريالية والصّهيونية والأنظمة العربية ) وتحشيدًا واسعا ومُقاومة شعبية تستخدم كافة الأشكال المُتاحة والتي يمكن ابتكارها، فالخطر داهم ويستهدف وُجُودَنا على أوطاننا وأرض أجدادنا كما يستهدف ثرواتنا وموقعنا كملتقى طُرُق وممرات تجارية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟