أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية














المزيد.....

الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 07:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حين تمكن الفيلسوف الألماني (كارل ماركس) من إعادة موضعة المنهج (الجدلي) المؤمثل ، وذلك بجعله يقف على قدمية بعد أن كان قائما"على رأسه . كان قد حقق نقله ثورية في عالم الفكر وقوانين المنطق ، ليس لأنه (فضّل) الواقع على الفكرة على عكس ما كان ينظّر له أستاذه ومثاله (هيجل) في طروحاته ، التي مضمونها أن الفكرة هي التي تقود الوقع وهي التي تتحكم بسيروراته وتحدد مساراته فحسب . وإنما أعاد صياغة العلاقة القائمة ما بين الأول والثانية بصورة جذرية ، بحيث أنها لا تقوم على أساس (الأسبقية) في الوجود و(أفضلية) التأثير في الوعي ، والتي كان من شأنها الإفضاء الى الفصل التعسفي بين كلا المعطيين الجدليين ، بقدر ما تتمأسس على نمط من البنى (التركيبية - التفاعلية) التي من خصائصها استدعاء عناصر كل من الواقع والفكرة معا"، في حال تحديد طبيعة ظاهرة من الظواهر أو تعيين واقعة من الوقائع ، ومن ثم بيان السيرورات التي ستتفاعل وستتمفصل في أتونها خلال ديناميات التطور .
وفي إطار البحوث والدراسات التي تهتم بهذا الشأن من المواضيع السوسيولوجية ، فقد ذهبت آراء الكتاب والباحثين مذاهب شتى بخصوص تحديد العامل / العنصر المسؤول عن صيرورة أو تشكيل ظاهرة من الظواهر الاجتماعية والإنسانية ، لاسيما على صعيد الأولوية أو الأفضلية التي يتمتع بها هذا العامل أو ذاك مقارنة ببقية العوامل الأخرى . والحال ، انه قلما أصاب هؤلاء وأولئك في تشخيص العامل / العنصر الذي هو بمثابة المحور الذي ترتكز عليه الظاهرة والمعنية وتدور في فلكه ، ذلك لأنه – ببساطة - لا وجود لمثل هكذا عامل يستطيع - لوحده - تفعيل ديناميات الظاهرة المقصودة أو توجيه مسارها . وإنما يتوجب على كل باحث مراعاة حقيقة سوسيولوجية غاية في الأهمية مفادها ؛ ان أية ظاهرة اجتماعية / إنسانية هي حصيلة تضافر عوامل عديدة ومتنوعة ، سمتها الأساسية التفاعل البنيوي والتخادم الوظيفي . قد نلاحظ - في إطار السيرورة الإجمالية - أن هذا العامل / العنصر يتقدم على نظرائه في سياق تاريخي معين ، إلاّ انه في سياق آخر يتخلى عن مركزه المتصدر لعامل / عنصر ثان كان يشغل مراتب ثانوية في تلك السيرورة ، وهكذا دواليك . ولكن في المحصلة النهائية تبقى الظاهرة الاجتماعية / الإنسانية مدينة بصيرورتها لجميع العوامل ، حتى ولو كان دورها ثانوي وإسهامها نسبي .
وفي خضم هذه التباينات في الرؤى والتصورات التي يبدو أنها لم ولن تحسم ، طالما كان الهاجس (الإيديولوجي) هو من يقود مواقف الكتاب والباحثين مثلما يؤطر توجهاتهم ويحدد خياراتهم ، فقد تم تجاهل حقيقة سوسيولوجية أخرى تتعلق بالكيفية التي تتفاعل بموجبها عناصر الظاهرة الاجتماعية / الإنسانية ، ومن ثم تتشكل ملامحها وتتبلور طبيعتها . فعلى خلفية سيادة الإيديولوجيات الليبرالية والراديكالية والطوباوية ، تناسى القوم ان طبيعة وحراك الواقع الاجتماعي يختلفان جذريا"عن ماهية وتطور النماذج الفكرية التي يحملها هذا الكاتب / الباحث أو ذاك ، الأمر الذي يتطلب تجريد الظاهرة المراد دراستها من كل ما ينسب إليها من تصورات ومسبقات لا تمت إليها بصلة ، أو تفسير دورها ووظيفتها بما لا يتناسب وطبيعة الخلفيات والمرجعيات التي استوجبت حضورها في الوعي ووجودها في الواقع .
ولعل من أهم الأمور التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار حين نعتزم دراسة الظاهرة دراسة علمية وموضوعية ، هي البدء بحقيقة أن الجدليات السوسيولوجية التي تتفاعل مكوناتها على أرض الواقع ، لا تجري وفقا"لمخطط جرى إعداده مسبقا"، أو بناء على تسلسل تم ترتيبه من قبل ، بحيث لن يكون هناك ما يحرجنا عندما نلجأ (للمفاضلة) بين هذا المكون أو ذاك ، هذا العامل أو ذاك . كأن نفترض ان العامل (السياسي) هو ما يحدد طبيعة الظاهرة المعنية ويسبغ عليها قيمه ، أو أن نرشح العامل (الاقتصادي) كفاعل أساسي في كينونة تلك الظاهرة وما يتمخض عنها من معطيات ، أو أن نختار العامل (الديني) كمؤشر لمعرفة خصائصها النوعية وأنماط تداعياتها الاجتماعية والثقافية ، الخ .
وبضوء ما كشفت عنه البراديغماتيات والمنهجيات المعاصرة ، بصدد تكوين الظواهر الاجتماعية والإنسانية وبيان ديناميات اشتغالها وأنماط تفاعلها وسياقات تمفصلها ، فقد تبين أن القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها تلك الظواهر ، والتي يجب مراعاتها دائما"مع كل خطوة نخطوها في مسار البحث أو الدراسة ؛ وهي أنها تقوم على مبدأ (التركيب) التفاعلي ليس فقط بين (العوامل) المسؤولة عن صيرورة ظاهرة من الظواهر فحسب ، بل وكذلك بين (الظواهر) ذاتها من حيث موقعها في البنية الاجتماعية ، ووظيفتها في النسق الثقافي ، ودورها في السياق التاريخي ، وتأثيرها في المهاد السيكولوجي . وإذا ما أخذنا كل هذه الأمور بنظر الاعتبار ، واحتكمنا إليها في استخلاص الاستنتاجات ، سنجد انه لم تعد أمامنا مغاليق سوسيولوجية يصعب فتحها ، أو عوائق فكرية يتعذر تخطيها .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل
- أخلاق الثقافة وثقافة الأخلاق
- الخطاب الثقافي والأجيال البينية : قراءة في اجتهادات أستاذ ال ...
- حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية
- مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية