عبد النور إدريس
كاتب
(Abdennour Driss)
الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 07:07
المحور:
الادب والفن
ملخص
قصيدة غروب عشق للشاعر المغربي إدريس عبد النور هي رحلة شعورية مكثفة بين نار القرب ولهيب الفراق، حيث تتجسد ثنائية الحب والغياب في نغمات موسيقية تمتزج مع الإيقاع الداخلي للنص. يعتمد الشاعر على تكرار الأصوات والنداءات الحزينة مثل "أوف... يابا..." لإضفاء طابع وجداني مشحون، وكأن القصيدة تنبض بالألم والحنين مع كل مقطع.
تعتمد البنية الشعرية على التدرج العاطفي، حيث يبدأ النص بإيقاع هادئ يتصاعد تدريجياً مع تنامي التوتر الداخلي للمتحدث، لينفجر في نغمات الشوق واللوعة. توظيف الصور الحسية، مثل "لو أغمضت زرقة البحر عينيها... لكتبتك غيمًا يتوضأ بنبضي", يمنح القصيدة بعدًا بصريًا وسماعيًا يوحي بتلاشي العشق في الأفق مثل الغروب ذاته.
هذا النص هو احتفاء بالألم الجمالي، حيث يتلاعب الشاعر بالإيقاع والموسيقى الداخلية ليجعل القارئ يستشعر نغمات الحب وهو يحترق رويدًا رويدًا حتى الغياب.
Summary
The poem Sunset of Love by Moroccan poet driss Abdennour is an intense emotional journey oscillating between the fire of closeness and the burning pain of separation. The poet employs repetition, with sorrowful exclamations like "Oooof... Ya Ba...", creating a deeply evocative rhythm that immerses the reader in a symphony of longing and heartbreak.
The structure of the poem follows a gradual emotional escalation, starting with a calm tone that intensifies as the internal turmoil grows, culminating in passionate cries of yearning. Vivid imagery, such as "If the blue sea closed its eyes... I would write you as a cloud abluting in my pulse", evokes a sense of fading love, dissolving like the setting sun.
This poem is an ode to the beauty of pain, masterfully intertwining rhythm and internal music to make the reader feel the love burning away into the abyss of absence.
تحليل قصيدة "غروب عشق"
للناقد الادبي
مقدمة
تمثل هذه القصيدة نموذجًا للغنائية الحديثة التي تمزج بين الإيقاع الموسيقي والتعبير العاطفي العميق، حيث يوظف الشاعر إدريس عبد النور البنية الصوتية والإيقاعية بشكل متقن لتعزيز التوتر الدرامي في النص. تتجلى في القصيدة ثنائية القرب والبعد كفكرة محورية، مما يعكس تأرجح الذات بين اللذة والمعاناة في تجربة الحب. من خلال استخدام التكرار، التقطيع الموسيقي، والصور الشعرية المكثفة، يسعى الشاعر إلى تجسيد الانفعالات الحسية والنفسية، مما يجعل القصيدة قابلة للتلحين والغناء بأسلوب درامي مميز.
فقصيدة "غروب عشق" تجمع بين الشوق، والوجد، والتعبير عن الألم العميق الناتج عن الفراق، مع استخدام رموز ثقافية ولوحات شعرية مكثفة. تبرز في القصيدة ثنائية القرب والبعد، النار التي ترمز للعشق والاحتراق، والمرأة كملهمة ومركز للوجود العاطفي.
العرض
1. البنية الإيقاعية والموسيقية
يُلاحظ أن الشاعر يستند إلى التكرار والتوقفات الموسيقية لتوليد تأثير درامي في النص. تتجلى هذه التقنية من خلال استخدام مفردة "أُووووف" التي تتكرر في عدة مواضع، محدثةً إيقاعًا صوتيًا يعكس الآهات الإنسانية المرتبطة بالألم والشوق. كما أن إدراج نداء "يا با..." يعزز الطابع الحواري والانفعالي للنص، ما يجعله أكثر انخراطًا في الأداء الغنائي.
تُظهر هذه العناصر توافقًا مع مفهوم "الإيقاع العاطفي" كما حدده بول فاليري، حيث لا يكون الإيقاع مجرد شكل صوتي، بل هو ترجمة مباشرة للحالة الوجدانية للنص.
2. ثنائية القرب والبعد
تعتمد القصيدة على بناء جدلي بين حالتي "القرب" و"البعد"، حيث تتحول كل منهما إلى مصدر للعذاب. يظهر ذلك بوضوح في:
"قُرْبَكْ نَارْ" مقابل "بُعْدَكْ نَارْ"
"صَعْبٌ عَلَيَّ أَنْ تَرْحَلِي مِنِّي" مقابل "وَسَهْلٌ عَلَيْكِ أَنْ تَرْحَلِي عَنِّي"
هذا التناقض يخلق توازناً درامياً يعكس الحيرة والتمزق النفسي الذي يعيشه المتكلم الشعري. فمن الناحية السيميائية، تتحول "النار" هنا إلى رمز مزدوج يعبر عن الاحتراق الداخلي الناجم عن القرب والبعد على حد سواء، مما يرسّخ فكرة الحب بوصفه تجربة وجودية معذِّبة لا يمكن الفكاك منها.
3. البنية الصورية والتعبيرية
تتميز القصيدة بغناها بالصور الحسية والمجازية التي تعزز البعد العاطفي والموسيقي للنص. ومن أبرزها:
"كَيْفَ كُنْتِ لِي... نُوطَةً شَارِدَة...": يوظف الشاعر هنا صورة "النوتة الشاردة" للتعبير عن اضطراب العلاقة العاطفية، حيث تُصوَّر الحبيبة كعنصر موسيقي منفلت، مما يعكس انعدام الانسجام بين الحبيبين.
"لَوْ أَغْمَضَتْ زُرْقَةُ البَحْرِِ عَيْنَيْهَا...": هذه الصورة التشخيصية تُضفي طابعًا سحريًا على النص، حيث يتحول البحر إلى كائن حي قادر على الإغماض، مما يضفي إحساسًا بالحركة والانسيابية في المشهد العاطفي.
"لَكَتَبْتُكِ غَيْمًا يَتَوَضَّأُ بِنَبْضِي": هنا تتجلى البعد الصوفي في الخطاب الشعري، حيث تتحول الحبيبة إلى "غيم"، في إشارة إلى صفائها الروحي، بينما يصبح الشاعر نفسه المصدر الذي يمنحها الحياة.
4. الأثر العاطفي والموسيقي
تساعد التوقفات الموسيقية التي أشار إليها الشاعر في إرشاد الملحن إلى نقاط الذروة والانحدار في الأداء الصوتي، مما يحقق تأثيرًا دراميًا مكثفًا. فالتكرار المستمر لمفردات مثل "آه" و"أوف" لا يخدم فقط البعد الإيقاعي، بل يعمل أيضًا على نقل الإحساس بالأنين والانفعال المتزايد، وهو أسلوب شبيه بما نجده في الطرب العربي الأصيل، حيث يكون الصوت وسيلة للتعبير عن الشعور بقدر ما هو أداة فنية بحد ذاته.
5- القصيدة والمنهج
• التحليل السيميائي:
تعتمد القصيدة على رموز بصرية وسمعية مثل "قربك نار، بعدك نار"، وكلمات مثل "الشعر الحقيقي، النجمة الشاردة، مرايا حائرة"، ما يضفي عمقًا على المعاني1.
تكرار كلمة "أوف" يعبر عن تنهدات وأنين يكثف من الإحساس بالمعاناة والوجد1.
• التحليل التفكيكي:
تظهر التفكيكية في القصيدة من خلال التناقضات الظاهرية، مثل "قربك نار، بعدك نار"، ما يعكس صراعًا داخليًا وتشتتًا عاطفيًا4.
بنية القصيدة نفسها تتسم بعدم الاستقرار، حيث تتناوب المقاطع الغنائية مع الوقفات الموسيقية، مما يكسر التوقع ويجعل المعنى مفتوحًا على تأويلات متعددة4.
• التحليل الثقافي:
تحيل القصيدة إلى مرجعيات ثقافية مثل "سلسلة الضوء والقمر"، ما يربط القصيدة بتراث ثقافي أوسع.
القصيدة تصور الحب كقوة جارفة تتجاوز الفرد، وتعكس تأثير التراث الثقافي في تشكيل المشاعر والتعبير عنها2.
• التحليل الجندري:
المرأة في القصيدة تظهر ككائن ملهم ومحرك للمشاعر، ولكنها في الوقت نفسه موضوع للوجد والمعاناة، ما يعكس صورة معقدة للمرأة في الشعر1.
القصيدة قد تعكس ديناميكيات قوة جندرية، حيث الشاعر يعبر عن تبعيته العاطفية للمرأة، مما يطرح تساؤلات حول الأدوار الجندرية التقليدية2.
الخاتمة
تكشف هذه القصيدة عن قدرة الشاعر إدريس عبد النور على استثمار الموسيقى الشعرية والصور الرمزية لخلق تجربة وجدانية غنية. فالنص يتجاوز كونه مجرد تعبير عن تجربة حب شخصية ليصبح تأملًا فلسفيًا في معنى القرب والبعد، وما يترتب عليهما من ألم وسعادة في آن واحد. من خلال بنائه الإيقاعي، وحواره الداخلي، وتوظيفه الرموز العاطفية، يُظهر الشاعر وعيًا عميقًا بكيفية التفاعل بين الموسيقى والكلمة، مما يجعل هذه القصيدة نموذجًا ناجحًا للشعر القابل للأداء الغنائي.
ولهذا فقصيدة "غروب عشق" تجمع بين جماليات اللغة وعمق التجربة الإنسانية، وتعكس قدرة الشاعر على استخدام الرموز الثقافية والتلاعب بالثنائيات لخلق نص شعري مؤثر. القصيدة تثير تساؤلات حول الحب، الفقد، الهوية، ودور المرأة في الشعر، وتقدم رؤية معقدة للعلاقات الإنسانية.
قصيدة عشق الغروب
للشاعر ادريس عبد النور
أُوف... أُوف
يا بَا...
أُوف
قُرْبَكْ نَارْ...
يا أَنْتِ...
يا شِعْرِيَ الحَقِيقِي..
لَكِ وَحْدَكِ...
حُرُوفِي وَاشْتِيَاقِي...
كَيْفَ كُنْتِ لِي...
نُوطَةً شَارِدَة...
كَيْفَ لِي...
أَنْ أَصِفَ عِشْقِي...
أُوف... أُوف
يابَا...
أُوف
بُعْدَكْ نَارْ...
يا مَرَايَايَ الحَائِرَةَ...
يَا وَجْهي بَيْنَ ظِلِّكِ المُتَشَظِّي...
لَوْأَغْمَضَتْ زُرْقَةُ البَحْرِِ عَيْنَيْهَا...
لَكَتَبْتُكِ غَيْمًا يَتَوَضَّأُ بِنَبْضِي
أُوف...آه...
لَوْ دُمُوعُ العَيْنِ هَائِجَة...
يا سِلْسلَةَ الضَّوْءِ وَالقَمَر
أَنِيرِي قَلْبِي شَجَنًا...
وَاشْعِلِي العُمُرْ...
أُوف... أُوف
يابَا...
أُوف
قُرْبَكْ نَارْ
وَسَهْلٌ عَلَيْكِ أَنْ تَرْحَلِي عَنِّي...
آه...
بُعْدَكْ نَارْ...
وَ القَلْبُ يَذُوبُ شَوْقًا...
وَقَدْ رَحَلْتُ مِنِّي
فَقَطْ لِأَجْلِكِ...
آه...يابا
صَعْبٌ عَلَيَّ أَنْ تَرْحَلِي مِنِّي...
آه...يا جُنُونِي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولمزيد من الاطلاع على القصيدة وهي تتجلى على مستوى الشعر الرقمي، المرجو الدخول الى هذا الرابط.
https://vm.tiktok.com/ZMktBpcvS/
#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)
Abdennour_Driss#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟