أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الأول














المزيد.....


المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الأول


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8252 - 2025 / 2 / 13 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نجد اليوم أصواتًا تحاول ادعاء أن جميع السوريين كانوا ضحايا النظام على حد سواء. هذا الادعاء، رغم سطحية ظاهره، ليس سوى محاولة بائسة للتهرب من الحقيقة، إذ يخفي وراءه ممارسات مكشوفة لطمس معاناة الكرد الحقيقية ووضع من كانوا جزءًا من آلة القمع في خانة الضحايا. هؤلاء الذين يدّعون اليوم أنهم تعرضوا للاضطهاد مثل الكرد، هم أنفسهم كانوا، في فترات سابقة، أعمدة للنظام البعثي أو داعمين لسياساته، وشاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في تنفيذ المخططات القمعية التي استهدفت الكرد بشكل خاص. والآن، يحاولون تقديم أنفسهم كشركاء في المظلومية للتغطية على تاريخهم الملوث بالمشاركة في سياسات القمع والاستبداد.

الشعب الكردي في سوريا لم يكن مجرد ضحية للظلم العام الذي عانى منه السوريون، بل كان مستهدفًا بسياسات ممنهجة تهدف إلى القضاء على هويته الثقافية، وطمس لغته، ومحو وجوده القومي من الذاكرة الجغرافية والتاريخية. مشاريع مثل “الحزام العربي”، الذي شكل كارثة ديموغرافية واجتماعية على الكرد، لم تكن مجرد خطوة عشوائية أو قرار عابر، بل خطة محكمة ومخطط لها بعناية. كان الهدف الأساسي منها هو تهجير الكرد من أراضيهم التاريخية في سوريا، واستبدالهم بسكان جُلبوا من مناطق أخرى، لتغيير التوازن السكاني والقومي في المنطقة، وتفريغها من طابعها الكردي الأصيل. هذه الخطة، التي بدأت في ستينيات القرن الماضي واستمرت لسنوات، لم تكن ممكنة التنفيذ دون دعم وتأييد من كثيرين ممن يدّعون اليوم أنهم ضحايا للنظام نفسه.

هذه السياسات لم تكن مجرد استهداف سكاني بسيط، بل مثّلت استهدافًا مباشرًا لجذور الكرد الثقافية والاجتماعية والسياسية. فمنذ تجريد عشرات الآلاف من الكرد من جنسيتهم في إحصاء عام 1962، إلى عمليات تهجيرهم القسري من أراضيهم تحت ذريعة تنفيذ الحزام العربي، كانت هذه الخطوات تهدف إلى طمس الوجود الكردي بكل أبعاده. أضيف إلى ذلك سياسات التعريب التي شملت تغيير أسماء القرى والمدن الكردية، ومنع استخدام اللغة الكردية، وفرض الثقافة العربية بالقوة، مما جعل الكرد يعانون من قمع مضاعف، يستهدف وجودهم القومي وهويتهم في آنٍ معًا.

لكن المفارقة الكبرى تكمن في ازدواجية من يدّعون اليوم المظلومية، ويزعمون أنهم كانوا مستهدفين مثل الكرد. هؤلاء لم يُجردوا من جنسيتهم كما حدث للكرد، ولم يُحرموا من حق التحدث بلغتهم أو ممارسة ثقافتهم، بل على العكس، كانوا في صفوف النظام، يستفيدون من امتيازاته، ويدعمون سياساته العنصرية التي استهدفت الكرد تحديدًا. كانوا يشغلون المناصب، ويشاركون في تنفيذ سياسات التعريب والتهجير، أو على الأقل، كانوا صامتين ومتواطئين مع النظام حينما كان يمارس أبشع أشكال القمع بحق الشعب الكردي. هذه الحقيقة تجعل من الصعب جدًا تصديق ادعاءاتهم بأنهم كانوا ضحايا مثل الكرد.

كيف يمكن لمن دعم سياسات التعريب أو تغاضى عنها أن يدّعي أنه كان مظلومًا؟ كيف يمكن لمن صمت عن إحراق القرى الكردية وتعريب أسمائها أن يقف اليوم ليضع نفسه في مصاف من سُحقت حقوقهم؟ الحقيقة أن هؤلاء لا يدّعون المظلومية إلا لأن النظام، الذي خدموه لسنوات، لفظهم حينما انتهى دورهم، وأصبحوا مجرد أدوات مهملة بعد أن استُنفدت فائدتهم.

هذه الأصوات التي تعلو اليوم ليست سوى أبواق خاوية تحاول تضخيم مظلوميتها المزعومة لتساوي نفسها بشعب عانى لعقود من سياسات الإقصاء والاضطهاد الممنهج. لكنها في الحقيقة لا تملك أي رصيد أخلاقي أو سياسي يجعلها قادرة على الحديث عن المظلومية، لأن أفعالها الماضية، وتواطؤها مع النظام، وحتى صمتها عن حقوق الكرد اليوم، تفضح نواياها الحقيقية. هؤلاء لم يدافعوا يومًا عن حقوق الشعب الكردي، ولم يعترفوا بخصوصية قضيته العادلة، بل حاولوا باستمرار تشويهها، وادعاء أن الكرد كانوا جزءًا من أزمة أوسع، لتبرير صمتهم وتواطئهم.

المظلومية الحقيقية ليست مجرد شعارات تُرفع لتبرير أخطاء الماضي، بل هي معاناة حقيقية تدعمها وقائع تاريخية وشواهد دامغة. والشعب الكردي، الذي عانى من التجريد من الجنسية، ومنع اللغة، وطمس الهوية، والتهجير القسري، والتعريب المنهجي، لا يمكن مقارنته بأولئك الذين كانوا جزءًا من النظام القمعي أو داعمين له. هؤلاء الذين يدّعون اليوم أنهم يسعون للحرية والديمقراطية، لا يختلفون كثيرًا عن ممارسات النظام الذي يتنصلون منه. إن إنكارهم لخصوصية المظلومية الكردية، ومحاولاتهم لمحو معاناة الكرد، ليست سوى استمرار للعقلية البعثية التي لا تزال تعشش في أذهانهم.

في نهاية المطاف، فإن الشعب الكردي يدرك تمامًا أن هذه الأصوات ليست سوى محاولات يائسة لإعادة إنتاج عقلية القمع والإقصاء في ثوب جديد. هؤلاء الذين يدّعون المظلومية لا يمثلون سوى أنفسهم، ومحاولاتهم لتشويه تاريخ الكرد ومعاناتهم لن تغير من حقيقة أن الكرد هم الضحية الحقيقية لسياسات النظام العنصرية، وأن هؤلاء لم يكونوا سوى أدوات تُستخدم حين الحاجة ثم تُلقى جانبًا. الشعب الكردي، الذي صمد في وجه عقود من القمع والإقصاء، لن يتأثر بهذه المحاولات المكشوفة، وسيظل متمسكًا بحقه في الحرية والكرامة والاعتراف بهويته.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أبواق البعث إلى ورثة خطابه: حينما يصبح التشويه إرثًا مقدس ...
- سوريا الجديدة، بين التعريب والتغيير
- الوطنية على طريقة ديك الحارة
- من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- ميونخ.. إصابة 15 شخصًا بحادث دهس بسيارة
- بالفيديو.. شاهد لحظة انفجار غاز مميت بمركز تجاري بتايوان
- مي كساب بمسلسل -المداح 5- في رمضان وتأجيل -نون النسوة-
- بيدرسون: الانتقال السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لمعالجة ال ...
- القنصل الروسي في إسطنبول: مباحثات بوتين وترامب فرصة لاستئناف ...
- روسيا.. اكتشاف مادة في الطحالب البحرية تحمي خلايا الكبد من ا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك
- الجيش الإسرائيلي: إطلاق النار على فلسطيني عند مدخل قاعدة بال ...
- الرئيس الإيراني: واشنطن تدعم القتل وتتهمنا بالإرهاب
- فرنسا.. إصابة 10 أشخاص بانفجار قنبلة يدوية في حانة (فيديو)


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - المتباكون الزائفون في سوريا، وجوه منافقة. الجزء الأول