حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 8252 - 2025 / 2 / 13 - 01:31
المحور:
الادب والفن
في خضمّ النبضات المتلاطمة، يقف الشاعر وحيدًا على شفير القمر، يبوح بأسرار أوجاعه الدامية. عيناه غارقتان في ظلام الليل، ونظراته تنساب بنعومة الحرير، تُضفي على آلامه ظلال العابرين الذين تاهوا في غياهب الأساطير، يبحثون عبثًا عن أبطالهم، أمام دهشة الظباء التي تتأمل قاتليها في لحظة سحر.
ينفخ الشاعر في موقد العدم، فيخرج الجني من رماد الأحلام، وتهبّ عليه ريح الزمن اللطيفة، تُراقص ألوان جسده، بينما هو مستمر في رحلته في سراب البلور. الكهوف تضجّ بوقع خطوات عمياء لدببة تشق طريقها بعناد وإصرار.
سماء الشاعر الممزقة، تلاشت فيها ألوان الجهات، وغيومها متجعدة في قبضة الريح، وجبالها تمشط حزنًا عتيقًا، ورجال يقودون دوابًا قصّت الظلال عرفها، يهبطون إلى السهول الفسيحة برؤوس ضخمة وعيون متحجرة كقشرة الجوز. في تلك الأجواء، ناي مطروح في غدير جرحت حنجرته آهات الفضة وانحناءات الفضاء.
يرفعون هياكلهم لتمسّ أعقاب الإيمان، والسماء حائرة من هذا التوق لأوثان العفة والرونق وسط الظلام. يتلاعبون بصمت الصخور، ويغوصون في بحر الذهول، وزوارقهم المثقلة بالجراح تبلل أقدامًا حافية ومرهقة لنساء ينتظرن قدوم أزهار الشقائق في أمسيات حزينة.
في مروج الجبال الليلية، شفاه الشتاء المتشققة تأوي إلى دفء نعاس الأعشاب، وحناجر الينابيع مذبوحة بالخرسانة والعطش، تُعيد لغة الطير إلى الرمال. دموع الانتظار الجافة على وجوه البلوط تحولت إلى لآلئ ترنو إليها الأبصار.
أنفاس الندى في رؤى الشاعر، تمسح الصدأ عن صدى العلّيق البري. الحاصد لا يكترث لما يترك من حزم خلفه، لكن هناك من يلتقطها ووجوههم ممتزجة بالتراب.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟