أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - السياب في لندن














المزيد.....


السياب في لندن


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 22:47
المحور: الادب والفن
    


في ثلاثينية رحيل الشاعر بدر شاكر السياب كنت أبحث آنذاك عن المشروع النهضوي الذي مثله السياب بينما لم يجد فيه النقد غير مشروع اقترن بالحداثة الشعرية، فطرقت الباب الذي لم يُقترب منه عادة في استطلاع مطول شاركت فيه نخبة من باحثين ومؤرخين لم يكن بينهم أي شاعر، استذكر لي حينها الدكتور كاظم هاشم نعمة أستاذ السياسة الدولية، السياب وهو يدخل إلى الصف الدراسي في إعدادية الأعظمية، كان المدرس بجسده النحيل الغاطس في بدلته يوحي بغير ما يتوقعه التلاميذ من أستاذ اللغة الإنجليزية، هكذا بقيت صورة السياب مكتفية بذاكرة سيرته الموجعة وآلام المرض والنحول، وقرأَ النقد نصه كإنجاز شعري مجرد من المشروع النهضوي الذي مثله!
وفي ستينية رحيله حضر السياب إلى لندن هذا الأسبوع للمرة الثانية بهيئة نجله غيلان في احتفاء تشكيلي وأدبي أقامته قاعة “فناء أرت”، فكان علينا أن نستعيد الحضور الأول له إلى هذه المدينة عام 1962 للعلاج من الداء.
كانت لوحات الدكتور علاء بشير وفيصل لعيبي ومزاحم الناصري وسالم مذكور وعائشة السليطي وزيد الفكيكي وعلاء جمعة، تستعيد قدر السياب الذي بقي موجعا في مناداة العراق، فيما فضّل نجله غيلان ألا يجيب عن السؤال المغيب في العراق اليوم ورفض التعليق على سؤالي بشأن مصير أرشيف أبيه، حيث كانت “العرب” أول من نشر قبل سنوات تهديده بتسليم مخطوطات والده إلى مكتبة الكونغرس الأميركي للحفاظ عليها بعدما رأى إهمال الجهات الحكومية في الحفاظ على الإرث الذي ظلت تذروه رياح الإهمال.
قيمة استعادة السياب في لندن وليست في البصرة أو بغداد، تكمن في مشاركة الشاعر أدونيس وهو يتخيل بالاستعارة والاستعادة السياب بيننا في أمسية ممطرة وباردة، هكذا ألقى علينا أدونيس مرثية قاسية لواقعنا العربي على لسان السياب عندما وجد تعريف الأصمعي أفضل من يليق بالشعر اليوم ممثلا بالسياب! “الشعر نكد بابه الشر فإذا دخل في باب الخير ضعف!”
كرر أدونيس كعادته محنة الحداثة العربية، متخيلا وجود السياب ومستعيدا أيام حضوره إلى بيروت في مجلة شعر وكيف اقترح أدونيس تسمية “أنشودة المطر” عنوانا لمجموعته الخالدة التي طبعت آنذاك.
قرأ أدونيس علينا قصيدة كصوت تذروه الرياح الباردة، وكأنه يبقي ذاكرة تلك الأيام البعيدة متوقدة مع السياب القادم إلى بيروت لاستكمال مشروع مجلة شعر في الحداثة العربية.
كان لا بد للصوت العراقي أن يكون حاضرا في هذا الاحتفاء الذي شهده المئات من جمهور الجالية العربية في لندن. فالشاعر عبدالكريم كاصد رسم صورة السياب في مدينته البصرة، وكيف التقاه مارا بجسده الناحل قريبا من مكتبة فيصل بوصفها معلما حيا على ذاكرة المدينة القديمة وبقيت هكذا إلى سنوات قريبة، التقى كاصد السياب في بداية ستينيات القرن الماضي على بعد خطوات من مهجع “مومسه العمياء” بشارع بشار بن برد!
واعتبر كاصد ما أسماها “المصالحات” التي جلبت الخراب للشاعر أكثر من “العداءات” التي حفلت بها سيرته الأدبية.
احتفاء لندن بالسياب في ذكرى رحيله الستين، مثير للخيبة أكثر من الأمل، فطالما قال غيلان إن أباه “ظلم حيّا وميّتا” فبينما تتولى مؤسسة إدارة إرث الشاعر التشيلي بابلو نيرودا تأمين صيانة ثلاثة منازل كان يملكها الراحل وحوّلت إلى متاحف، علينا أن نسأل ماذا حل بمنزل “الأقنان” في أبوالخصيب؟ وكيف تحول السياب في “عراق مزيف” يريد قسر الذاكرة الثقافية على تدمير نفسها، إلى مجرد ذكرى يُراد لها أن تكون بعيدة أكثر من التاريخ نفسه؟ بيد أن مبادرة قاعة “فناء أرت” في لندن تستحق أن تُرفع لها القبعة الإنجليزية عندما أعادت الشاعر إلى مدينة صنعت شيئا من ذائقته الشعرية.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوبريت حمائم الإطار التنسيقي
- بشارة الخوري بمقام عراقي
- عندما كانت الرسائل شفاعة وجد
- سقوط صحافيين كبار!
- بيت العجائب
- صبا وحجاز عراقي
- البيت الشيعي اختراع مزيف
- نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية


المزيد.....




- كلاكيت: الفيلم الكوميدي الذي نسعى إليه
- حفل في اتحاد الأدباء وحديث للكتاب عن قصصهم
- مهرجان العراق السينمائي الدولي لأفلام الشباب يعلن عن قائمة ...
- موريتانيا: انطلاق الدورة العاشرة لمهرجان الشعر العربي بنواكش ...
- ترجمة تصريحات ملك الأردن في لقائه مع ترامب تثير الجدل
- ”صديقي بسام مثل مسرحية بأنه يشيع ابنته بعد قتلها في مدرسة بس ...
- لعشاق السينما.. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025 على جميع ...
- فيلم -وحشتيني- لتامر روجلي: رحلة من سويسرا إلى الإسكندرية بح ...
- احتجاجات فلسطينية ضد ممثلة إسرائيلية في فيلم كابتن أمريكا تث ...
- الرئيس الإيطالي وملكة النرويج يفتتحان معرضا في روما لأعمال ا ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - السياب في لندن