أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حماس: «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»















المزيد.....

حماس: «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إنه لمشهدٌ مشجّعٌ وحزينٌ في الوقت نفسه مشهدُ الجماهير الفلسطينية العائدة إلى شمال قطاع غزة سيراً على الأقدام. إنه مشهدٌ مشجّعٌ لأنه تعبيرٌ فذّ عن صمود الشعب الفلسطيني وتشبّثه بأرضه، وقد استوعب درس نكبة 1948، فأبى أن يُهجَّر مرة أخرى، مدركاً أن مصير الهجرة «المؤقتة» الحتمي هو أن تطول وتستحيل نفياً دائماً عن أرض الوطن. وقد انتهز سكان شمال القطاع أول فرصة كي يعودوا إلى المناطق التي جرى تهجيرهم منها بالقوة. وللسبب ذاته، رفض أهل غزة بشدّة دعوات دونالد ترامب وأعوانه الخبيثة إلى ترحيلهم «المؤقت» من القطاع ريثما تجري إزالة الأنقاض فيه (التي سوف تستغرق بين عشر سنين وخمس عشرة سنة، حسب تقديرات الخبراء) ويليها تحويله إلى مضجع سياحي من الطراز الرفيع. ويكفي ما أبداه أقصى اليمين الصهيوني، الذي طالما دعا جهاراً إلى استكمال ترحيل الفلسطينيين عن أرضهم التاريخية، يكفي ما أبداه من حماس شديد في ترحيبه بهذيان الرئيس الأمريكي ليكشف النيّة الحقيقية وراء ادّعائهم جميعاً بأن دافعهم إنما هو الحرص على راحة الفلسطينيين. وقد انتهى الأمر بترامب إلى أن أعلن صراحة أن نيته هي الترحيل الدائم وليس المؤقت، إذ أدرك أن نفاقه لن ينطلي على أهل غزة الصامدين.
وإن مشهدَ الجماهير الفلسطينية العائدة إلى شمال قطاع غزة سيراً على الأقدام لمشهدٌ حزينٌ أيضاً، لأنه تعبيرٌ مأساوي عن الحالة شديدة البؤس التي فرضها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني على شعب فلسطين، لا سيما وأنه كان معلوماً أن معظم العائدين لن يجدوا من مساكنهم سوى الركام والحطام. وقد أصيب قطاع غزة بنكبة تفوق نكبة 1948 بكافة المقاييس، وقُتل ما لا يقلّ عن عِشر سكانه (أي 230 ألف قتيل) بين قتلى مباشَرين وغير مباشَرين، ودُمّرت ثلاثة أرباع مبانيه بحيث بات منظرُه أشبه ما يكون بمنظر مدينتي هيروشيما وناغاساكي بعد إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية لقنبلة ذرّية على كل منهما في عام 1945. هذا وسريعاً ما تبدّدت أحلام الذين راهنوا على ضغط ترامب على إسرائيل لصالح الفلسطينيين، واستفاقوا ليروا الحقيقة التي كانت جليّة منذ البداية، وهي أن ترامب خيرُ حليف لأقصى اليمين الصهيوني وأن «كلّ من يعتقد أن الهدنة الحالية سوف تستحيل وقفاً نهائياً للحرب، مصحوباً بانسحاب كامل للجيش الصهيوني من القطاع، إنما يحلم ويخلط بين رغباته والواقع» (أنظر «أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة» 21/1/2025).
في ضوء هذه الوقائع المفجِعة والمقلِقة، كان لا بدّ لكل من أدركها وشاهد مراسم تسليم «حماس» لثلاثة من المحتجزين الإسرائيليين لديها يوم السبت الماضي، أن يتساءل إذا ما كان شعار «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي» الذي كُتب بلغات ثلاث على اليافطة التي اعتلت المنصّة حيث جرى عرض المحتجزين قبل تسليمهم، إنما أريد منه القدح في «حماس» وإدانتها لتسبّبها بالكارثة الهائلة التي ألمّت بأهل غزة والتي باتت تلمّ تدريجياً بأهل الضفة الغربية. وإلّا فما معنى أن يعتزّ مقاتلو «حماس» بأنهم «الطوفان» بعينه، ذلك الطوفان الذي حذّرنا بعد ثلاثة أيام فقط من حدوثه، أنه «يُخشى بشدّة أن يجرف في نهاية مطافه قطاع غزة بأكمله مثلما جرف الطوفان الطبيعي مدينة درنة الليبية قبل شهر، لكن على نطاق أوسع بكثير» («طوفان الأقصى يُنذر بأن يجرف غزة» 10/10/2023).

وكيف بهم يتباهون بأنهم «اليوم التالي» عندما يكون هذا اليوم التالي كابوساً مقارنةً باليوم السابق، أي بحالة القطاع قبل عملية «طوفان الأقصى»؟ بالطبع، عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استئصال «حماس» كما وعد به نتنياهو، وكان هذا محتوماً، لا سيما أن الحركة بنت شبكة مذهلة من الأنفاق على مرّ السنين، خصّت بها مقاتليها لنأيهم عن الأخطار، تاركة سواد أهل القطاع فوق سطح الأرض يواجهون الجحيم. والحقيقة أن ادّعاء المصادر الصهيونية أن نصف ضحايا الحرب الوحشية التي خاضتها قواتها المسلّحة في القطاع هم من مقاتلي «حماس» إنما هو نفاقٌ صرف يحاول إضفاء شرعية ما على ما هو إبادة جماعية وجريمة عظمى ضد الإنسانية.
والحال أن سبعين في المئة من القتلى في غزة هم من الأطفال والنساء حسب تقرير للأمم المتحدة صدر بعد سنة الحرب الأولى، الأمر الذي يعني أن نسبة المقاتلين بين الثلاثين في المئة المتبقّين نسبة محدودة بالتأكيد، وأن نسبتهم من مجموع القتلى محدودة للغاية. لذلك يبدو تصريح وزير الخارجية الأمريكي السابق بأن «حماس» جنّدت من المقاتلين الجدد ما يعوّض عن خسائرها وكأن غايته التغطية على حقيقة كون الحركة لم تخسر سوى نسبة قليلة من مقاتليها وأن الحرب التي دعمتها الإدارة التي انتمى إليها، والتي بذل هو قصارى جهده لتبريرها، إنما كانت إبادة جماعية للمدنيين بصورة طاغية تماماً.
فرحنا بالطبع لكل إفراج عن فلسطيني أسير لدى الدولة الصهيونية (ولاحظنا كيف عمد معظم الإعلام الغربي إلى التركيز على حالة المحتجزين الإسرائيليين الثلاثة الذين أفرِج عنهم يوم السبت الماضي متجاهلاً العديد من الأسرى الفلسطينيين الذين كانت حالتهم أسوأ، بل حالة بعضهم أسوأ بكثير). بيد أن فرحَنا بغبطة المُفرَج عنهم وبهجة ذويهم يجب ألّا يُنسينا أن عدد الذين اعتقلتهم الدولة الصهيونية منذ عملية «طوفان الأقصى» في غزة والضفة الغربية فاق الثلاثين ألفاً، أبقت منهم في سجونها عدداً يفوق عدد الذين أفرجت عنهم في صفقتي التبادل اللتين جرتا حتى الآن، ناهيك من الذين أعادت اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في الصفقة الأولى. والحال أن 111 من أصل 183 سجيناً فلسطينياً تم الإفراج عنهم يوم السبت الماضي، أي 60 في المئة منهم، كان قد جرى اعتقالهم إثر «طوفان الأقصى».
أفنعجب في ضوء كل ما سبق من أن أحدث استطلاع للرأي في قطاع غزة، أجراه «مركز العالم العربي للبحوث والتنمية» بين السابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي والثاني من ديسمبر/ كانون الأول، بيّن أن 6 في المئة فقط من الذين طالهم الاستطلاع أعربوا عن نيّتهم التصويت لقائمة «حماس» في انتخابات تشريعية قادمة، أي أقلّ من الذين يودّون التصويت لقائمة «المبادرة الوطنية» التي يتزعّمها مصطفى البرغوثي (٪9) وأقل بكثير من الذين ينوون التصويت لقائمة «فتح» (٪43)؟ هذا وحسب الاستطلاع ذاته، فإن ربع سكان الأراضي المحتلة في عام 1967 (٪25 في القطاع و٪24 في الضفة) ينوون مقاطعة هذه الانتخابات لو جرت، الأمر الذي يدلّ على فطنة سياسية وإدراك عميق لحقيقة الأمور لدى قسم كبير من الفلسطينيين.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الفاشية الجديدة وبما يتميّز
- في خطورة مواقف ترامب بشأن غزّة وفلسطين
- أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة
- بعد خمسة أيام غيّرت وجهه… ما مصير لبنان؟
- سلطة رام الله واستكمال الحصار
- طوفان الأقصى والغرب والمحرقة
- خواطر متشائمة على عتبة عام جديد
- كيف يُعاد بناء الدولة السورية؟
- سوريا إلى أين؟
- ماذا يجري في سوريا؟
- وقف النار في لبنان لن يكون «نصراً إلهيّاً»
- «فريق الأحلام» الصهيوني في إدارة الولايات المتحدة
- ترامب والشرق الأوسط: ماذا ينتظرنا؟
- الهجمة الإسرائيلية اللاحقة على إيران
- معضلة «حزب الله»
- مصير المنطقة بين الصهيوني الأمريكي وزميله الإسرائيلي
- لماذا ترفض طهران وقف النار في لبنان؟
- «حزب الله» وخطأ الحساب
- تصعيد التهويل الإسرائيلي في لبنان: تأملات استراتيجية
- لبنان واستراتيجية التهويل الإسرائيلية


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حماس: «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»