أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة صرعى زياد .















المزيد.....


مقامة صرعى زياد .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


مقامة صرعى زياد :

ما هو معنى كلمة صرعى؟ صَرْعَى , صَرِيعَاتٌ , سَقَطَ صَرِيعاً يَتَخَبَّطُ فِي دِمَائِهِ: سَقَطَ مَصْروعاً مَطْروحاً على الأَرْضِ , وفي سورة الحاقة : (( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية )) , وهنا صرعى , جمع صريع : المطروح على الأرض , وموضوعنا اليوم هو قول زياد بن ابيه في خطبته لأهل البصرة (( وأيم الله ان لي فيكم لصرعى كثيرة , فليحذر كل امريء منكم ان يكون من صرعاي )) .

تولى زياد ولاية فارس وكرمان في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب , فلما تنازل الحسن لمعاوية عن الخلافة بعث معاوية يطالبه بالمال , فكتب إليه :(( صرفت بعضه في وجه , واستودعت بعضه للحاجة إليه , وحملت مافضل علي أمير المؤمنين رحمه الله)) , فكتب إليه معاوية بالقدوم إليه لينظر في ذلك فامتنع زياد , فلما ولى معاوية بسر بن أبي أرطأة على البصرة أمره باستقدام زياد , فجمع بسر أولاد زياد في البصرة وحبسهم وهم عبد الرحمن وعبد الله وعباد وكتب إلى زياد قائلا : (( لتقدمن أو لأقتلن بنيك )) , فامتنع زياد واعتزم بسر على قتلهم , فسار أبوبكرة (وهو أخو زياد لأمه) إلى معاوية , فلما قدم عليه قال : (( إن الناس لم يبايعوك على قتل الأطفال وإن بسرا يريد قتل بني زياد )) , فأمر معاوية بسر ا بالإفراج عنهم , فأطلق سراحهم , وخاف معاوية منه فلجأ إلى الحيلة وذكر ما كان من أمر أبيه يومًا , ومقالته في زياد , فأرسل إليه أنه سيقر بنسبه إلى أبيه , ويصبح اسمه زياد بن أبي سفيان , فوافق زياد , فصالحه واستقدمه إلى الشام واستلحقه بنسب أبيه أبو سفيان وكان ذلك سنة 44 هـ , ولم يعجب هذا العمل السياسي خصوم معاوية , فتمسكوا بتسمية زياد بن أبيه وهاجموا معاوية بالشعر, ومن أشهر ما هوجم به مقالة يزيد بن المفرغ الحميري :
(( ألا أبلغ معاوية بن حرب مغلغلة عن الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عف وترضى أن يقال أبوك زاني؟
فاشهد أن رحمك من زياد كرحم الفيل من ولد الأتانِ )) .

في السنة 45 هـ ولاه معاوية البصرة وخراسان وسجستان, فقدم البصرة آخر شهر ربيع الأول (سنة 45 والفسق ظاهر فاش فيها , فخطبهم خطبته الشهيرة بالبتراء , وإنها سميت بتراء لأنه لم يحمد الله فيها , وهي : ((أما بعد: فإن الجهالة الجهلاء , والضلالة العـمياء , والغي الموفي بأهله على النار , ما فيه سفهاؤكم , ويشتمل عليه حلماؤكم , من الأمور التي يشب فيها الصغير, ولا يتحاشى عنها الكبير, كأنكم لم تقرؤوا كتاب الله ولم تسمعوا ما أعد من الثواب الكريم لأهل طاعته , والعذاب الأليم لأهل معصيته , قربتم القرابة وبعدتم الدين , كل امريء منكم يذب عن سفيهه صنع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادًا , ما أنتم بالحلماء , وقد اتبعتم السفهاء ,حرام علي الطعام والشراب , حتى أُسويها بالأرض هدمًا وإحراقًا , إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله , لين في غير ضعف , وشدة في غير عنف , وإني أقسم بالله لآخذن الولي بالمولى , والمقيم بالظاعن , والمقبل بالمدبر, والمطيع بالعاصي , والصحيح بالسقيم , حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول : ( أنج سعد , فقد هلك سعيد ) , أو تستقيم قناتكم , وإياي ودلج الليل , فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه , وإياي ودعوى الجاهلية فإني لا أجد داعيًا بها إلا قطعت لسانه , ولقد أحدثتم أحداثًا لم تكن , ولقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة , فمن غرَّق قومًا غرّقناه , ومن أحرق قومًا أحرقناه , ومن نقب بيتًا نقبنا عن قلبه , ومن نبش قبرًا دفناه فيه حيًا , وأيم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة , فليحذر كل منكم أن يكون من صرعاي )) .

و كان أول أمير يسير بالحرس حوله وبلغوا خمسمائة لا يفارقونه , وهو أول وال حكم البصرة و الكوفة معا , ومن طريف ما حدث أنه لما جاءه الأمر من معاوية بولايتها وكانت فى حالة التمرد المعهود , فلما وصل الكوفة , خطبهم , فحصبوه وهو على المنبرأى رموه بالحصى والطوب , فجلس حتى أمسكوا , ثم دعا قومًا من خاصته , فأمرهم فأخذوا أبواب المسجد , ثم قال ‏:‏ ليأخذ كل رجل منكم جليسه , ولا يقولن لا أدري من جليسي , ثم أمر بكرسي فوضع له على باب المسجد , فدعاهم أربعةً أربعةً يحلفون ‏:‏ ما منا من حصبك , فمن حلف خلاه ومن لم يحلف حبسه حتى صار إلى ثلاثين وقيل ‏:‏ إلى ثمانين , فقطع أيديهم على المكان‏ , وبعدها اتخذ زياد المقصورة فى المسجد حتى لا يحصبوه .

قيل فى سيرة زياد : (وكان زياد أول من شدد أمر السلطان , وأكد الملك لمعاوية , وجرد سيفه , وأخذ بالظنة وعاقب على الشبهة ) , أى كان يقتل الناس بمجرد الشبهة ومجرد الاتهام دون دليل ودون أخذ بعذر للمتهم , وقد أخذت الشرطة ذات ليلة أعرابيًا جاء للبصرة غريبا فأتي به زيادًا فقال‏ له :‏ هل سمعت النداء ؟ فقال‏:‏ لا والله‏ , قدمت بحلوبة لي (أى ناقة ليبيع حليبها ) وغشيني الليل فاضطررتها إلى موضع وأقمت لأصبح , ولا علم لي بما كان من الأمير ‏,‏ فقال‏:‏ أظنك والله صادقًا ولكن في قتلك صلاح الأمة‏ ,‏ ثم أمر به فضربت عنقه , أى لم يدع حجة أو عذرا لأحد حتى يطبق حظر التجول بكل دقة.
بدأ زياد ولايته واعظا , ذئبا يعظ الخراف , ويخفى تحت ثياب الوعظ أنيابه وأظافره , وتحت رداء الوعظ الخلقى ارتكب هو أفظع الجرائم خدمة لمعاوية , ولما قدم الكوفة قال‏:‏ أي أهل البلد أعبد قالوا ‏:‏ ابو المغيرة الحميري فأرسل إليه فأتاه , فإذا له سمت ونجو , فقال زياد‏:‏ لو مال هذا مال أهل الكوفة معه , فقال له‏:‏ إني بعثت إليك لأمولك وأعطيك على أن تلزم بيتك فلا تخرج قال ‏:‏ سبحان الله والله لصلاة واحدة في جماعة أحب إلي من الدنيا كلها , ولزيارة أخ في اله , وعيادة مريض أحب إلي من الدنيا كلها , وليس إلى ذلك سبيل‏ , ‏قال‏:‏ فاخرج فصل في جماعة وزر إخوانك وعد المريض والزم لسانك , قال‏:‏ سبحان الله أرى معروفًا لا أقول فيه أرى منكرًا لا أنهى عنه , فوالله لمقام من ذلك واحد أحب إلي من الدنيا كلها‏ , فقال ‏:‏ السيف فأمر به فضربت عنقه , فقيل لزياد‏:‏ أبشر قال ‏:‏ ( كيف وأبو المغيرة في الطريق ؟ أى إن زيادا قتل أحد العابدين ظلما وعدوانا , وقد ذكر ان زيادا قال لبنيه لما احتضر‏:‏ (( ليت أباكم كان راعياً في أدناها وأقصاها ولم يقع بالذي وقع به )) ‏.

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الجَلْجَلة .
- مقامة قلب الطين .
- مقامة سالمة ياسلامة .
- مقامة السقوط .
- مقامة الصورة الجانبية .
- مقامة الظلمة .
- مقامة الأدمان .
- مقامة الطمأنينة .
- مقامة الثمل .
- مقامة الحريق .
- مقامة الحزن .
- مقامة العذل .
- مقامة التدفق .
- مقامة التستخج .
- مقامة حق الكسل ( الأوبلوموفية ) .
- مقامة اللي مضيع وطن .
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .


المزيد.....




- أول مزاد عالمي في السعودية يشهد تحقيق أرقام قياسية لفنانين ع ...
- أقلام أفريقيا.. حين يعيد الأدب تشكيل صورة القارة في عالم متغ ...
- دبلوماسي مصري كبير يعتذر عن خطأ -كارثي- في ترجمة جملة في الم ...
- صالون الفنان( مصطفى فضل الأدبى والفنى والثقافى)يناقش ديوان(ن ...
- هدم وإزالة آخر قلعة سينمائية في ذاكرة الناصرية وهيئة الآثار ...
- آثار ذي قار تقاضي مالك -سينما الأندلس- في الناصرية بعد هدمها ...
- بالدموع.. الفنانة شهد سلمان تعلق على قرار سحب جنسيتها الكويت ...
- الفنان المغربي نصر مكري: الفن رسالة أمل ومحبة بين الشعوب
- لماذا أخفى بيكاسو هذه المرأة؟ سر فني يعود للضوء!
- ديفيد لينش سيد الغموض وأيقونة السينما السريالية


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة صرعى زياد .