|
سوريا: أصلُ التَّسميةِ، مِن أين؟
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 20:11
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
فِهرسُ البَحثِ 1. مُقدِّمةُ البَحثِ 2. تعريفُ المُشكلةِ البَحثيَّةِ 3. أهميَّةُ البَحثِ وأهدافُهُ 4. مَنهجيَّةُ البَحثِ وأدواتُ الدِّراسةِ 5. الإطارُ النَّظريُّ والمفاهيميُّ الفصلُ الأوَّلُ: الخَلفيَّةُ التَّاريخيَّةُ والجُغرافيَّةُ المَوقعُ الجُغرافيُّ لسوريا لَمحَةٌ تاريخيَّةٌ عنِ الحَضاراتِ الَّتي سَكَنَتِ المِنطَقةَ الفصلُ الثاني: أُصولُ التَّسميةِ في المَصادِرِ التَّاريخيَّةِ أقدَمُ الإشاراتِ إلى اسمِ "سوريا" المَصادِرُ اللُّغويَّةُ والتَّاريخيَّةُ لتَسميةِ "سوريا" الفصلُ الثَّالثُ: النَّظريَّاتُ المُختلِفَةُ حَولَ أصلِ التَّسميةِ النَّظريَّةُ الآشُوريَّةُ (نِسبةً إلى آشُور) النَّظريَّةُ اليُونانيَّةُ والرُّومانيَّةُ ("سِيريا" وارتِباطُها بالإغريقِ) النَّظريَّةُ الفِينيقيَّةُ والكَنعانيَّةُ الآراءُ الحَديثةُ حَولَ أصلِ التَّسميةِ الفصلُ الرَّابعُ: سوريا في النُّصوصِ القَديمَةِ النُّقوشُ والكِتاباتُ القَديمَةُ الَّتي ذَكَرَت سوريا استخدامُ المُصطلَحِ في العُصورِ المُختَلِفَةِ الفصلُ الخامسُ: التَّدقيقُ اللُّغويُّ والتَّاريخيُّ لمُشكلةِ التَّسميةِ نَقدُ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ وتحليلُها المُقارَنةُ بينَ التَّفسيراتِ المُختلِفَةِ بناءً على الأدلَّةِ الخاتِمَةُ مُلَخَّصٌ لأهمِّ النَّتائجِ رأيُ الباحِثِ وتَوصياتٌ للمَزيدِ مِنَ الدِّراساتِ المَراجِعُ والمَصادِرُ الكُتُبُ والمَقالاتُ العِلميَّةُ المَصادِرُ الأثريَّةُ والتَّاريخيَّةُ آراءُ المُؤرِّخينَ واللُّغويِّينَ
بحث
سوريا: أصلُ التَّسميةِ، مِن أين؟
إعدادُ: إِسْحق قَومي شُباطُ ٢٠٢٥م
مُقَدِّمَة تَعُدُّ دِرَاسَةُ أَصْلِ الأَسْمَاءِ الجُغْرَافِيَّةِ مِنَ المَوَاضِيعِ الَّتِي تَحْظَى بِاهْتِمَامٍ وَاسِعٍ لَدَى البَاحِثِينَ فِي مَجَالَاتِ التَّارِيخِ، وَاللُّغَوِيَّاتِ، وَالجُغْرَافْيَا، حَيْثُ تَعْكِسُ هَذِهِ الأَسْمَاءُ الهُوِيَّةَ الثَّقَافِيَّةَ وَالحَضَارِيَّةَ لِلشُّعُوبِ الَّتِي اسْتَوْطَنَتْ تِلْكَ المَنَاطِقَ عَبْرَ العُصُورِ. وَمِنْ بَيْنِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ الَّتِي شَغَلَتِ اهْتِمَامَ البَاحِثِينَ وَالمُؤَرِّخِينَ اسْمُ "سُورْيَا"، الَّذِي يُثِيرُ الكَثِيرَ مِنَ التَّسَاؤُلَاتِ حَوْلَ أَصْلِهِ وَمَعْنَاهُ، فَضْلًا عَنْ مَدَى ارْتِبَاطِهِ بِالحَضَارَاتِ القَدِيمَةِ الَّتِي نَشَأَتْ فِي المِنْطَقَةِ. لَقَدْ تَعَدَّدَتِ النَّظَرِيَّاتُ الَّتِي حَاوَلَتْ تَفْسِيرَ أَصْلِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ، حَيْثُ أَرْجَعَ بَعْضُ البَاحِثِينَ الاسْمَ إِلَى جُذُورٍ آشُورِيَّةٍ، فِيمَا رَبَطَهُ آخَرُونَ بِالإِغْرِيقِ وَالرُّومَانِ، بَيْنَمَا ذَهَبَ فَرِيقٌ ثَالِثٌ إِلَى اعْتِبَارِهِ مُشْتَقًّا مِنْ أَسْمَاءِ الشُّعُوبِ السَّامِيَّةِ الَّتِي سَكَنَتْ بِلَادَ الشَّامِ مُنْذُ الأَلْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ قَبْلَ المِيلَادِ. وَمِنْ هُنَا، تَكْمُنُ أَهَمِّيَّةُ هَذَا البَحْثِ فِي اسْتِعْرَاضِ وَتَحْلِيلِ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ، وَمُنَاقَشَةِ مَدَى صِحَّتِهَا بِالِاسْتِنَادِ إِلَى الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ المُتَاحَةِ. لهذا يَهْدِفُ هَذَا البَحْثُ إِلَى تَسْلِيطِ الضَّوْءِ عَلَى الجُذُورِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ لِكَلِمَةِ "سُورْيَا"، مَعَ اسْتِعْرَاضِ أَقْدَمِ المَصَادِرِ الَّتِي ذَكَرَتْهَا، وَتَحْلِيلِ الآرَاءِ المُتَبَايِنَةِ حَوْلَ أَصْلِهَا، مَعَ الأَخْذِ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ السِّيَاقِ الحَضَارِيِّ وَالجُغْرَافِيِّ الَّذِي نَشَأَتْ فِيهِ التَّسْمِيَةُ. كَمَا سَيَتِمُّ التَّطَرُّقُ إِلَى مَدَى ارْتِبَاطِ هَذَا الاسْمِ بِالمَمَالِكِ القَدِيمَةِ، مِثْلَ الآشُورِيَّةِ وَالفِينِيقِيَّةِ، وَمَدَى تَأَثُّرِهِ بِاللُّغَاتِ المُخْتَلِفَةِ الَّتِي سَادَتْ فِي المِنْطَقَةِ عَبْرَ العُصُورِ، بَدْءًا مِنَ اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ القَدِيمَةِ وَحَتَّى اللُّغَاتِ الأُورُوبِّيَّةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ فِي فَتَرَاتٍ لَاحِقَةٍ. وَمِمَّا دَفَعَنِي لِكِتَابَةِ مِثْلِ هَذَا البَحْثِ هُوَ الشَّغَفُ بِاسْتِكْشَافِ أُصُولِ التَّسْمِيَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ، وَالبَحْثُ فِي تَطَوُّرِهَا التَّارِيخِيِّ وَاللُّغَوِيِّ، وَمَدَى تَأَثُّرِهَا بِالثَّقَافَاتِ المُخْتَلِفَةِ. كَمَا أَنَّ التَّنَاقُضَ فِي الآرَاءِ وَالتَّفْسِيرَاتِ المُتَعَلِّقَةِ بِأَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا" دَفَعَنِي إِلَى تَعْمِيقِ البَحْثِ وَدِرَاسَةِ المُعْطَيَاتِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ لِفَهْمِ أَصْلِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ بُعْدٍ حَضَارِيٍّ وَهُوِيَّةٍ ثَقَافِيَّةٍ. والسبب الرئيس فمُنْذُ زَمَنٍ يَتَجَاوَزُ ثَلَاثَةَ عُقُودٍ، ظَهَرَتْ عَلَى مَسَاحَةِ الْفِكْرِ السِّيَاسِيِّ وَالْمُنْتَدَيَاتِ وَالْمَوَاقِعِ، وَعَبْرَ أَدَبِيَّاتِ أَحْزَابٍ لِجَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ في سوريا، ما لبث أنْ تَصَاعَدَتْ وَتِيرَةُ الطَّرْحِ الْمَمْزُوجِ بِعصبية قومية عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَحَتَّى وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمَشْرِقِيِّ. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، بَرَزَتْ عِدَّةُ آرَاءٍ سِيَاسِيَّةٍ ذَاتُ طَابِعٍ أَيْدِيُولُوجِيٍّ، تَنْتَهِي إِلَى أَنَّ سُورِيَا لَيْسَتْ آَرَامِيَّةً، وَلَيْسَتْ عَرَبِيَّةً، بَلْ هِيَ كُرْدِيَّةٌ أَيْضًا. مَعَ تَأْكِيدِنَا وَتَفَهُّمِنَا لِمَوْضُوعِ الْفُسَيْفِسَاءِ السُّورِيَّةِ، الْمُكَوَّنَةِ مِنَ الْآرَامِيِّينَ (السُّرْيَانِ) وَالْآشُورِيِّينَ وَالْكِلْدَانِ وَالْعَرَبِ، وَهُمْ الْغَالِبِيَّةُ الْعُظْمَى، وَمِنْ قَوْمِيَّاتٍ قَدِيمَةٍ كَالْكُرْدِيَّةِ وَالْأَرْمَنِيَّةِ وَالتُّرْكُمَانِيَّةِ، والشِّيشان والشَّرْكَس والأَرْناؤوط (الأَلْبَان)فَإِنَّ سُورِيَا، الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ تَحْتِ عَبَاءَةِ السُّلْطَنَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بَعْدَ ثَوْرَةِ الْحُسَيْنِ الْكُبْرَى عَامَ 1916م، وَدُخُولِهَا الْفَتْرَةَ الْمَلَكِيَّةَ، ثُمَّ الِاحْتِلَالِ الْفَرَنْسِيِّ، وَعَهْدِ الِاسْتِقْلَالِ وَمَا تَلَاهُ حَتَّى ثَوْرَةِ حِزْبِ الْبَعْثِ الْعَرَبِيِّ الِاشْتِرَاكِيِّ فِي الثَّامِنِ مِنْ آذَارَ عَامَ 1963م، إِلَى اسْتِيلَاءِ حَافِظِ الْأَسَدِ عَلَى حُكْمِ سُورِيَا عَامَ 1970م، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْبَلَ الْعَرَبُ، وَهُمْ الْأَكْثَرِيَّةُ فِي سُورِيَا، إِلَّا بِأَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ. وَبَعْضُهُمْ يَحْلُو لَهُ تَسْمِيَتُهَا "عَرَبِيَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ"، وَيُؤَكِّدُونَ عَلَى أَنَّهَا أَرْضُ الْأَجْدَادِ العرب حَتَّى قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَيُقَدِّمُونَ أَدِلَّةً عَلَى وُجُودِ الْقَبَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ، حَتَّى الْمَسِيحِيَّةِ مِنْهَا، قَدْ تَوَاجَدَتْ عَلَى أَرْضِ سُورِيَا قَبْلَ مَجِيءِ جُيُوشِ الْفَتْحِ الْإِسْلَامِيِّ الْعَرَبِيِّ، وَبَعْدَهُ غَدَتْ سُورِيَا وَقْفًا إِسْلَامِيًّا، وَاللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ لُغَةُ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ. وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ، فِي أَحْلَكِ الظُّرُوفِ الَّتِي قَاسَى فِيهَا أَهْلُ الْبِلَادِ الْأَصْلِيُّونَ مِنَ الْآرَامِيِّينَ (السُّرْيَانِ) وَالْآشُورِيِّينَ، الَّذِينَ يَعْتَنِقُونَ الْمَسِيحِيَّةَ عَبْرَ طَوَائِفَ وَمَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ، يُقِرُّ الْمُثَقَّفُونَ الْعَرَبُ السّوريون بِأَنَّ الْأَرْضَ السُّورِيَّةَ أَرْضٌ آرَامِيَّةٌ وَسُرْيَانِيَّةٌ وَآشُورِيَّةٌ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى تَنَوُّعِ الْمُكَوِّنَاتِ الْعِرْقِيَّةِ فِيهَا. وَلَكِنَّنَا نَرَى الْإِخْوَةَ الْكْرد، وَبَعْدَ عَامِ 1991م، حَيْثُ الْتَحَالُفُ الدُّوَلِيُّ يُقَسِّمُ الْعِرَاقَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فِي الشِّمَالِ لِلْأَكْرَادِ، وَفِي الْوَسَطِ لِلسُّنَّةِ، وَفِي الْجَنُوبِ لِلشِّيعَةِ، ظَهَرَتْ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ تَيَّارَاتٌ وَأَحْزَابٌ كُرْدِيَّةٌ، وَبَعْضٌ مِنَ الْمُثَقَّفِينَ الْكْرد، بَدَأُوا يُظْهِرُونَ أَنَّ هُنَاكَ حَقَائِقَ تَمَّ تَغْيِيبُهَا وَقَمْعُهَا بِسَبَبِ سَطْوَةِ الْحُكُومَاتِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَعْتَرِفَ الْجَمِيعُ بِهَا. وَيُقَدِّمُونَ أَدِلَّةً مُتَنَوِّعَةً، تُفِيدُ بِأَنَّ الْأَرْضَ السُّورِيَّةَ الْعَرَبِيَّةَ هِيَ أَرْضٌ كُرْدِيَّةٌ، بِالِاعْتِمَادِ عَلَى أَسْلَافِهِمْ مِنَ الشَّعْبِ الْخُورِيِّ أَوِ الْحُورِيِّ، الَّذِي وَجَدَ فِي شِمَالِ وَغَرْبِ سُورِيَا، وَامْتَدَّ تَأْثِيرُهُ السِّيَاسِيُّ وَالْعَسْكَرِيُّ وَالثَّقَافِيُّ حَتَّى بِلَادِ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَابَ ضِمْنَ الشَّعْبِ الْأَرْمَنِيِّ (الْأُورَارْتِيِّ)، وَضِمْنَ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الْآشُورِيَّةِ، الَّتِي ضَمَّتْ فِي كَنَفِهَا شُعُوبًا وَأُمَمًا مُخْتَلِفَةً، حَيْثُ كَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِنِظَامِ حُكْمٍ مركزي ولكن في بعض الولايات كان الحكم أَشبه بلَا مَرْكَزِيٍّ. وَبعد هذا لِكَيْ أُؤَسِّسَ لِبَحْثٍ عِلْمِيٍّ وَمَوْضُوعِيٍّ وَأَكَادِيمِيٍّ حَوْلَ مَا جَاءَ فِيمَا يَدَّعِيهِ الكرد، سَوَاءٌ مِثْقَفُوهُمْ أَوْ أَدَبِيَّاتُ أَحْزَابِهِمْ أَوْ بَاحِثُوهُمْ، بِأَنَّ سُورِيَا أَرْضٌ كُرْدِيَّةٌ، كَانَ لَابُدَّ مِنْ أَنْ أَنْطَلِقَ بِقَنَاعَةِ الْبَاحِثِ الَّذِي يَرَى بِأَنَّ التَّارِيخَ السُّورِيَّ تَارِيخٌ تَنَوَّعَتْ مَصَادِرُهُ وَأَقْوَامُهُ وَشُعُوبُهُ وَلُغَاتُهُ وَحضاراته، وَعَلَيْنَا أَلَّا نَتَّخِذَ مَوْقِفًا مُتَشَنِّجًا مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ يُبْدِي وَجْهَةَ نَظَرِهِ خَاصةً العلمية ِ منها ، مُؤَكِّدًا إِيَّاهَا مِنْ خِلَالِ بُحُوثٍ أَرْكِيُولُوجِيَّةٍ وَعِلْمِيَّةٍ، وَيُثْبِتُ بِأَنَّ أَجْدَادَهُ كَانُوا مَوْجُودِينَ عَلَى التُّرَابِ السُّورِيِّ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ. لِهَذَا، رَأَيْنَا أَنْ نَنْتَهِيَ إِلَى بَحْثٍ عِلْمِيٍّ وَمَوْضُوعِيٍّ، يَضَعُ النِّقَاطَ عَلَى الْحُرُوفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَانَ لَابُدَّ لَنَا مِنَ الْعَوْدَةِ إِلَى الْمَصَادِرِ وَالْمَرَاجِعِ، نَجْمَعُ مِنْهَا مَادَّةَ بَحْثِنَا، وَاسْتَخْلَصْنَا نَتِيجَةً مُفَادُهَا يَقُومُ عَلَى التَّسْمِيَةِ الَّتِي تُفْضِي لَنَا إِلَى قِرَاءَةٍ تَارِيخِيَّةٍ وَعِلْمِيَّةٍ وَمَوْضُوعِيَّةٍ، مِنْ خِلَالِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الْآشُورِيَّةِ وَالْحَضَارَةِ الْخُورِيَّةِ أَوِ الْحُورِيَّةِ. لِهَذَا، تَجِدُنَا نُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّ سُورِيَا تُعَدُّ مِنْ أَقْدَمِ الْمَنَاطِقِ الَّتِي شَهِدَتْ نُشُوءَ الْحَضَارَاتِ الْكُبْرَى فِي الشَّرْقِ الْأَدْنَى الْقَدِيمِ، حَيْثُ كَانَتْ مَرْكَزًا لِلتَّفَاعُلِ السِّيَاسِيِّ وَالثَّقَافِيِّ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الشُّعُوبِ الَّتِي تَنَافَسَتْ لِلسَّيْطَرَةِ عَلَيْهَا. الْمَوْقِعُ الْجُغْرَافِيُّ وَالتَّحَوُّلَاتُ السِّيَاسِيَّةُ: وَأَمَّا مَوْقِعُ سُورِيَا الْجُغْرَافِيُّ، فَإِنَّهَا تَقَعُ إِلَى الشَّرْقِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ، الَّذِي نُسَمِّيهِ الْيَوْمَ بِالْبَحْرِ الْأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّطِ، وَقَدْ تَعَرَّضَتْ عَبْرَ التَّارِيخِ لِتَحَوُّلَاتٍ جُغْرَافِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ. فَفِي عَامِ 1000 ق.م، كَانَتِ الْمَمَالِكُ الْآرَامِيَّةُ فِي سُورِيَا تَتَوَسَّعُ، خَاصَّةً بَعْدَ اِنْهِيارِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّاتِ الْقَدِيمَةِ، مِثْلَ الْمِيتَانِيَّةِ وَالْحِثِّيَّةِ. وَفِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ، بَدَأَتِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةُ الْآشُورِيَّةُ الْحَدِيثَةُ، بِقِيَادَةِ مُلُوكٍ مِثْلَ آشُور نَاصِرْبَال الثَّانِي، بِالتَّوَسُّعِ نَحْوَ سُورِيَا، مِمَّا أَدَّى إِلَى اِنْدِمَاجِ أَجْزَاءٍ كَبِيرَةٍ مِنْهَا تَحْتَ الْحُكْمِ الْآشُورِيِّ، بِحُلُولِ الْقَرْنِ التَّاسِعِ قَبْلَ الْمِيلَادِ. وَإِذَا مَا أَوْجَزْنَا هَذِهِ الْفِكْرَةَ، فَإِنَّنَا نَقُولُ: كَانَتْ سُورِيَا قَبْلَ 3000 عَامٍ مَنْطِقَةً حَضَارِيَّةً مُعَقَّدَةً، تَتَكَوَّنُ مِنْ مَمَالِكٍ وَمُدُنٍ-دُوَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ، تَمْتَدُّ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّطِ إِلَى وِدْيَانِ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ حُدُودٌ ثَابِتَةٌ. ويُمْكِنُ تَقْدِيرُ مِسَاحَةِ سُورِيَا الْقَدِيمَةِ، بِنَاءً عَلَى الْمَمَالِكِ الَّتِي كَانَتْ قَائِمَةً آنَذَاكَ، وَالَّتِي تَعُودُ إِلَى 3000 عَامٍ قَبْلَ الْمِيلَادِ، بِحَوَالِي 200,000 إِلَى 250,000 كِم². هَذِهِ الْمِسَاحَةُ تَشْمَلُ أَجْزَاءً مِنْ سُورِيَا الْحَالِيَّةِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنَاطِقَ مِنْ لُبْنَانَ، وَشِمَالِ الْعِرَاقِ، وَجَنُوبِ شَرْقِيِّ تُرْكِيَا، وَالْأُرْدُنِّ، حَيْثُ كَانَتْ الْمَمَالِكُ السُّورِيَّةُ الْقَدِيمَةُ تَمْتَدُّ عَبْرَ هَذِهِ الْمَنَاطِقِ. أَمَّا الشُّعُوبُ الْأُولَى الَّتِي سَكَنَتْ سُورِيَا وَبِلَادَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، فَقَدْ كَانَتْ مُتَنَوِّعَةً وَمُتَعَدِّدَةً عَبْرَ آلَافِ السِّنِينَ. نُورِدُ هُنَا قَائِمَةً بِأَهَمِّ الشُّعُوبِ الَّتِي اسْتَوْطَنَتْ هَذِهِ الْمَنَاطِقَ، مَعَ الْفَتَرَاتِ الزَّمَنِيَّةِ الَّتِي عَاشَتْ فِيهَا:النِّيَانْدِرْتَالُ وَالْإِنْسَانُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ (قَبْلَ التَّارِيخِ): عَاشَ النِّيَانْدِرْتَالُ فِي مَنَاطِقَ مِثْلَ كَهْفِ الدِّيدَرِيَّةِ فِي شِمَالِ سُورِيَا، حَوَالَيْ 100,000 – 40,000 ق.م. الْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ وَالنَّتُوفِيُّونَ: أَوَّلَى الْمُجْتَمَعَاتِ الزِّرَاعِيَّةِ، عَاشَتْ فِي سُورِيَا وَبِلَادِ الشَّامِ بِشَكْلٍ عَامٍّ. السُّومَرِيُّونَ: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ السُّومَرِيِّينَ كَانُوا يُرَكِّزُونَ فِي جَنُوبِ بِلَادِ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، لَكِنَّهُمْ كَانُوا يُؤَثِّرُونَ عَلَى سُورِيَا.الْأَكَادِيُّونَ: حَيْثُ أَسَّسَ سَرْجُونُ الْأَكَادِيُّ أَوَّلَ إِمْبِرَاطُورِيَّةٍ كُبْرَى، اِمْتَدَّتْ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى سُورِيَا. الْأَمُورِيُّونَ: هَاجَرُوا مِنْ بَادِيَةِ الشَّامِ إِلَى سُورِيَا وَالْعِرَاقِ، وَكَانُوا مِنْ أَسْلَافِ الْبَابِلِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ. الْكَنْعَانِيُّونَ: اِسْتَوْطَنُوا السَّاحِلَ السُّورِيَّ وَالْفِلَسْطِينِيَّ. الْآرَامِيُّونَ: أَسَّسُوا مَمَالِكًا تَتَجَاوَزُ الـ 28 مَمْلَكَةً، أَهَمُّهَا فِي سُورِيَا مِثْلَ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ وَشِمْأَلَ. الْحِثِّيُّونَ: حَكَمُوا شِمَالَ سُورِيَا، وَبَعْدَ سُقُوطِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الْحِيثِيَّةِ، جَاءَ الْفِينِيقِيُّونَ. الْآشُورِيُّونَ: سَيْطَرُوا عَلَى مَنَاطِقَ فِي شِمَالِ شَرْقِ سُورِيَا.الْفُرْسُ الْأَخْمِينِيُّونَ: اِحْتَلُّوا سُورِيَا بَعْدَ سُقُوطِ بَابِلَ. وأما التَّحَوُّلَاتُ السِّيَاسِيَّةُ فِي سُورِيَا. فقد جَاءَ الْفُرْسُ الْأَخْمِينِيُّونَ وَاحْتَلُّوا سُورِيَا بَعْدَ سُقُوطِ بَابِلَ. وَبَعْدَهُمْ، جَاءَ الْيُونَانِيُّونَ بَعْدَ غَزْوِ الْإِسْكَنْدَرِ الْأَكْبَرِ، وَحَكَمَتْ سُورِيَا الْأُسْرَةُ السَّلُوقِيَّةُ. وَخَلَفَهُمْ الرُّومَانُ وَالْبِيزَنْطِيُّونَ، وَبِهَذَا أَصْبَحَتْ سُورِيَا جُزْءًا مِنَ الْإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، ثُمَّ الْبِيزَنْطِيَّةِ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، يَأْتِي إِلَى سُورِيَا الْعَرَبُ الْمُسْلِمُونَ (636م وَمَا بَعْدَهُ)، حَيْثُ دَخَلَ الْعَرَبُ الْمُسْلِمُونَ سُورِيَا فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُهُمْ حَتَّى الْيَوْمِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ سَيْطَرَةِ الْعُثْمَانِيِّينَ. وَلِكَيْ نُقَدِّمَ دِرَاسَةً عِلْمِيَّةً وَمَوْضُوعِيَّةً تُعَالِجُ هَذِهِ الْإِشْكَالِيَّةَ التَّارِيخِيَّةَ، اعْتَمَدْنَا فِي بَحْثِنَا عَلَى عِدَّةِ مَنَاهِجَ بَحْثِيَّةٍ دَقِيقَةٍ، تَتَنَاسَبُ مَعَ طَبِيعَةِ الْمَوْضُوعِ وَمُقَارَبَاتِهِ الْعِلْمِيَّةِ. كالْمَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ التَّارِيخِيُّ والْمَنْهَجُ الْمُقَارِنُ والمنهج اللغوي والْمَنْهَجُ الْأَثَرِيُّ (الِاسْتِكْشَافِيُّ والْأَنْثُرُوبُولُوجِيُّ الثَّقَافِيُّ.والْمَنْهَجُ الْجِيُوسِيَاسِيُّ والِاسْتِقْرَائِيُّ أما قَضِيَّةُ تَسْمِيَةِ سُورِيَا:فتبْقَى أَهَمُّ نُقْطَةٍ مَرْكَزِيَّةٍ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ وهذا البحث، وهنا نلتفت للتَّسْمِيَة فمِنْ خِلَالِ قِرَاءَتِنَا لِلتَّسْمِيَةِ، لَا نَتَّخِذُ مَوَاقِفَ عَاطِفِيَّةً، وَلَا نَنْحَازُ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي تُرَجِّحُ التَّسْمِيَةَ الْقَادِمَةَ مِنْ "أَسُور" أَوْ "أَشُور"، بَلْ هِيَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي نَجِدُهَا تَنْسَجِمُ مَعَ كَلِمَةِ "سُورِيَا" أَكْثَرَ مِنْ "أَهُورْيَا" أَوْ "هُورْيَا". فَـالْهَاءُ تُخَالِفُ السِّينَ فِي "سُورِيَا" وَ"أَسُور"، وَلِهَذَا نُؤَكِّدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَأيَنا، وَنَسْتَبْعِدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ جَاءَتْ مِنَ "الْهُورِيِّينَ"، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ وُجُودَهُمْ عَلَى أَرْضِ سُورِيَا كَانَ أَقْدَمَ مِنَ الْآشُورِيِّينَ. وَعَلَى مَا يَبْدُو، فَإِنَّ الْيُونَانِيِّينَ، عِنْدَمَا أَطْلَقُوا عَلَى هَذَا الْمَكَانِ "سُورِيَا"، نَسَبُوا الِاسْمَ إِلَى السُّلْطَةِ الْحَاكِمَةِ، وَمِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ مِنَ الْآشُورِيِّينَ وَالْآرَامِيِّينَ (السُّرْيَانِ) على تلك الأرض مَا يُثْبِتُ قَنَاعَتَهُمْ بِتَسْمِيَتِهَا "بسُورِيَا". وَهُنَاكَ نُقْطَةٌ جَوْهَرِيَّةٌ أُخْرَى، تَقُومُ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الشُّعُوبِ، لِتَثْبِيتِ حَقِّهَا فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَعِيشُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ، تُنْسِبُ نَفْسَهَا إِلَى "الشَّعْبِ الْحُورِيِّ".وَنَحْنُ لَسْنَا ضِدَّ هَذَا، إِذَا أَثْبَتَتِ الدِّرَاسَاتُ وَنَتَائِجُ الْحَمْضِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الكرد الْحَالِيِّينَ هُمْ أَحْفَادُ الْحُورِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّنِي عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ الْكرد الْيَوْمَ لَيْسُوا بِحَاجَةٍ إِلَى قُوَّةِ التَّارِيخِ، بِقَدْرِ مَا هُمْ يَتَمَتَّعُونَ بِقُوَّةِ الْوَاقِعِ.فَهُمْ قُوَّةٌ بَشَرِيَّةٌ وَاقْتِصَادِيَّةٌ وَعَسْكَرِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ، لَيْسُوا بِحَاجَةٍ لِأَنْ يَدَّعُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُسْرَةِ لِيُثْبِتُوا حَقَّهُمْ. أما بشأن المصادر المعتمدة في هذا البحث. فهناك كتب عديدة ومصادر أثَرِيَّةُ وَتَّارِيخِيَّةُ ومنها نُقُوشُ سَرْجُونَ الثَّانِي، والمُتْحَفُ البِرِيطَانِيُّ في لَنْدُنْ.والنُّصُوصُ الآرَامِيَّةُ المُحْفُوظَةُ فِي مَكْتَبَةِ أُوغَارِيتَ، رَأْسُ شَمْرَا، سُورْيَا.والنُّقُوشُ البَابِلِيَّةُ المُكْتَشَفَةُ فِي مَدِينَةِ مَارِي، شَرْقُ سُورْيَا. والكِتَابَاتُ الرُّومَانِيَّةُ فِي مُقَاطَعَةِ سُورْيَا الرُّومَانِيَّةِ، ومُتْحَفُ اللُّوفْرِ، بَارِيسْ .وهناكَ مراجع عدة اثبتناها في نهاية البحثِ. ونعود لمَسْأَلَةُ أَصْلِ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" مَوْضُوعًا جَدَلِيًّا بَيْنَ البَاحِثِينَ وَالمُؤَرِّخِينَ، مَعَ وُجُودِ عِدَّةِ نَظَرِيَّاتٍ تُفَسِّرُ هَذَا الأَصْلَ. إِحْدَى هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" مُشْتَقٌّ مِنْ "آشُورَ" أَوْ "أَسُورَ"، نِسْبَةً إِلَى الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ. يُعْزَى هَذَا الرَّأْيُ إِلَى المُؤَرِّخِ اليُونَانِيِّ هِيرُودُوت، الَّذِي اسْتَخْدَمَ مُصْطَلَحَ "سُورْيَا" لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ غَرْبَ نَهْرِ الفُرَاتِ، وَالَّتِي كَانَتْ تَحْتَ سَيْطَرَةِ الآشُورِيِّينَ. يَدْعَمُ هَذَا الطَّرْحَ بَعْضُ البَاحِثِينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّ الإِغْرِيقَ، لِعَدَمِ وُجُودِ حَرْفِ الشِّينِ فِي لُغَتِهِمْ، اسْتَبْدَلُوهُ بِالسِّينِ، مِمَّا جَعَلَ "آشُورَ" تُنْطَقُ "أَسُورَ" أَوْ "سُورْ". مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، هُنَاكَ نَظَرِيَّاتٌ بَدِيلَةٌ تَقْتَرِحُ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ مَدِينَةِ "صُورِ" الفِينِيقِيَّةِ، أَوْ مِنْ كَلِمَةٍ سَنْسْكْرِيتِيَّةٍ تَعْنِي "الشَّمْسَ". بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، يَعْتَقِدُ بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تَكُونُ مُرْتَبِطَةً بِمِنْطَقَةِ شَمَالِ الفُرَاتِ الَّتِي كَانَتْ تُعْرَفُ بِاسْمِ "سُورِي" فِي المَصَادِرِ البَابِلِيَّةِ. حَتَّى الآْنَ، لَا تُوجَدُ أَدِلَّةٌ أَثَرِيَّةٌ أَوْ نَتَائِجُ حَفْرِيَّاتٍ قَاطِعَةٌ فِي موضوع سُورْيَا تُؤَكِّدُ تلك الأدلة بِشَكْلٍ نِهَائِيٍّ أَيًّا مِنْ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ. لِذَلِكَ، يَبْقَى أَصْلُ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" مَوْضُوعًا مَفْتُوحًا لِلنِّقَاشِ وَالبَحْثِ الأَكَادِيمِيِّ. أَما الرَّأْيُ التَّحْلِيلِيُّ الأخيرْ لي فأقول: بَعْدَ هَذَا الذي جئنا عليه ، فَإِنَّنِي أَرَى وَأُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّ مَوْضُوعَ التَّسْمِيَةِ لِسُورِيَا وَنِسْبَةَ ذَلِكَ لِلْآشُورِيِّينَ أَوِ الْحُورِيِّينَ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذَاتُ أَبْعَادٍ تَارِيخِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ ، إِلَّا أَنَّنِي أَقِفُ عَلَى عَلاقَةِ الْحُرُوفِ وَتَتَابُعِهَا وَالْقِيمَةِ الْعَدَدِيَّةِ لِكُلِّ حَرْفٍ، وَأَسْتَبْعِدُ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ "حُورِيَا" أَوْ "هُورِيَا" أَوْ "سُوبَارُ" أَصْلَ التَّسْمِيَةِ لِسُورِيَا. وَإِنْ كُنْتُ لَا أُغْلِقُ الْبَابَ تَمَامًا، إِلَّا أَنَّهُ مَنْطِقِيًّا وَمِنْ خِلَالِ دِرَاسَةِ الْأَحْرُفِ وَالصوتية يَتَبَيَّنُ أَنَّ اِسْمَ "سُورِيَا جَاءَتْ مِنْ كَلِمَةِ "آشُورَ" أَوْ "أَسُورَ". كما نذكر هنا بأن سوريا كانت تُسمى بآرام. وَخَاصَّةً أَنَّ شِمَالَ سُورِيَا كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ "فِدَّانُ آرَامَ"، وَقَدْ ذَكَرَتْهُ التَّوْرَاةُ مُنْذُ زَمَنٍ قَدِيمٍ، مِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ سُورِيَا آرامية، آشورية في تسميتها ومعَ هذا لابد من أن ننتهي إلى سؤال نقول فيه:هَلْ كَلِمَةُ "سُورِيَا" تَنْتَمِي إِلَى لُغَةٍ سَامِيَّةٍ أَمْ غَيْرِ سَامِيَّةٍ؟ يُعْتَقَدُ أَنَّ كَلِمَةَ "سُورِيَا" لَا تَنْتَمِي إِلَى أَصْلٍ سَامِيٍّ بَحْتٍ، بَلْ هِيَ نِتَاجُ تَطَوُّرٍ لُغَوِيٍّ تَأَثَّرَ بِعِدَّةِ لُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا السَّامِيَّةُ وَالْهِنْدُو-أُورُوبِيَّةُ.ويَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ "سُورِيَا" مُشْتَقَّةٌ مِنْ اِسْمِ "آشُورَ"، وَهُوَ اِسْمُ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، وَهَذَا يَجْعَلُهَا ذَاتَ أَصْلٍ سَامِيٍّ، لِأَنَّ الآشُورِيَّةَ تَنْتَمِي إِلَى الفَرْعِ الشَّرْقِيِّ مِنْ اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ.فِي المُقَابِلِ، يَعْتَقِدُ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ أَنَّ تَسْمِيَةَ "سُورِيَا" تَأَثَّرَتْ بِاللُّغَةِ الإِغْرِيقِيَّةِ، حَيْثُ أَطْلَقَ الإِغْرِيقُ اِسْمَ "سِيرِيَا" (Syria) عَلَى المِنْطَقَةِ، وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى تَأْثِيرٍ غَيْرِ سَامِيٍّ فِي تَطَوُّرِ الاِسْمِ. كَمَا أَنَّ بَعْضَ الدِّرَاسَاتِ تُرَجِّحُ اِرْتِبَاطَ الاِسْمِ بِالحُورِيِّينَ، الَّذِينَ لُغَتُهُمْ لَا تَنْتَمِي إِلَى العَائِلَةِ السَّامِيَّةِ، بَلْ إِلَى مَجْمُوعَةٍ لُغَوِيَّةٍ غَيْرِ مَعْرُوفَةِ الأَصْلِ بِشَكْلٍ دَقِيقٍ. الخُلاصَةُ: اِسْمُ "سُورِيَا" لَهُ أُصُولٌ مُعَقَّدَةٌ وَمُتَعَدِّدَةٌ، مِمَّا يَجْعَلُهُ نِتَاجَ تَقَاطُعِ لُغَاتٍ سَامِيَّةٍ (مِثْلَ الآشُورِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ) مَعَ لُغَاتٍ غَيْرِ سَامِيَّةٍ (مِثْلَ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالحُورِيَّةِ). لِذَلِكَ، لَا يُمْكِنُ الجَزْمُ بِأَنَّهُ اِسْمٌ سَامِيٌّ خَالِصٌ، وَلَكِنَّهُ تَأَثَّرَ بِاللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ فِي تَكْوِينِهِ وَتَطَوُّرِهِ. وأعتقد أنّ الدِّرَاسَات الرَّصِينَة والعلمية وَحْدَهَا هي الَّتِي تُنْهِي الْجَدَلَ الْقَائِمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ تِلْكَ. إِسْحَق قومِي 5/2/2025م
تَعريفُ المُشكلةِ البَحثيَّةِ تُعَدُّ تَسميةُ الدُّوَلِ والمَناطِقِ الجُغرافيَّةِ مِنَ المَواضيعِ الَّتي تَحمِلُ في طيَّاتِها أبعادًا تاريخيَّةً، وثقافيَّةً، ولُغويَّةً عَميقَةً، إذ تَعكِسُ هذهِ الأسماءُ هُويَّةَ الشُّعوبِ الَّتي سَكَنَتها، وتَأثَّرَتْ بالتَّحوُّلاتِ الحَضاريَّةِ والسِّياسيَّةِ على مَرِّ العُصورِ. ومِن بَينِ هذهِ الأسماءِ الَّتي أثارَت جَدلًا واسِعًا بَينَ الباحِثينَ والمُؤرِّخينَ اسمُ "سوريا"، حيثُ تَعَدَّدَت الآراءُ حَولَ أَصلِهِ، ومَعنَاهُ، والجُذورِ اللُّغويَّةِ الَّتي انبَثَقَ مِنها، مِمَّا أدَّى إلى وُجودِ خِلافاتٍ بَينَ المَدارِسِ التَّاريخيَّةِ واللُّغويَّةِ المُختَلِفَةِ. تَمحوَرَتِ المُشكِلةُ البَحثيَّةُ حَولَ السُّؤالِ الأساسيِّ: ما الأصلُ اللُّغويُّ والتَّاريخيُّ لاسمِ "سوريا"، وما مَدى صِحَّةِ النَّظريَّاتِ الَّتي تَربِطُهُ بالحَضاراتِ القَديمَةِ في المِنطَقَةِ؟ وقد أدَّى هذا التَّساؤلُ إلى ضَرورَةِ استِقصاءِ مَجموعَةٍ مِنَ المَصادِرِ التَّاريخيَّةِ، والنُّقوشِ القَديمَةِ، والتَّحليلِ اللُّغويِّ، لمَعرِفَةِ مَدى الارتِباطِ بَينَ اسمِ "سوريا" والحَضاراتِ الَّتي عاشَت في بِلادِ الشَّامِ، مِثلَ الآشُوريَّةِ، الفِينيقيَّةِ، والكَنعانيَّةِ، فَضلًا عن دِراسَةِ تَأثيرِ الحَضاراتِ الإغريقيَّةِ والرُّومانيَّةِ في انتِشارِ هذا الاسمِ واعتمادِهِ في المُدَوَّناتِ التَّاريخيَّةِ المُختَلِفَةِ. كما أنَّ الغُموضَ الَّذي يُحيطُ بهذهِ التَّسميةِ، والاختِلافاتِ بَينَ الباحِثينَ في تَفسيرِها، يَدفعُ إلى ضَرورَةِ إجراءِ بَحثٍ مُوسَّعٍ يَستَعرِضُ جَميعَ الفَرضيَّاتِ المَطروحَةِ، ويُخضِعُها للتَّحليلِ والنَّقدِ، بهَدَفِ التَّوصُّلِ إلى فَهمٍ دَقيقٍ ومُبنيٍّ على الأدلَّةِ العِلميَّةِ حَولَ أصلِ هذهِ التَّسميةِ، ودَلالاتِها الحَضاريَّةِ والتَّاريخيَّةِ.
أهميَّةُ البَحثِ وأهدافُهُ يَكتَسِبُ هذا البَحثُ أهمِّيَّةً خاصَّةً نَظرًا لِدَورِهِ في تَسليطِ الضَّوءِ على أصلِ تَسميةِ "سوريا"، وهي دَولةٌ ذاتُ تَاريخٍ مُوغِلٍ في القِدَمِ، عاشَت على أرضِها حَضاراتٌ مُتعدِّدَةٌ تَرَكَت بَصَماتِها في مُختَلِفِ الجَوانِبِ الثَّقافيَّةِ، والسِّياسيَّةِ، واللُّغويَّةِ. إنَّ استِكشافَ الجُذورِ اللُّغويَّةِ والتَّاريخيَّةِ لهذهِ التَّسميةِ لا يُسهِمُ فَقط في فَهمِ نَشأتِها، بَل يُساعِدُ أيضًا في التَّعرُّفِ على السِّياقاتِ الحَضاريَّةِ الَّتي أثَّرَت في استِخدامِها وانتِشارِها عَبرَ العُصورِ. ومِن أبرَزِ أسبَابِ أهمِّيَّةِ البَحثِ ما يَلي: تَوضيحُ الأُصولِ اللُّغويَّةِ للتَّسميةِ: حيثُ يُلقِي البَحثُ الضَّوءَ على الجُذورِ الاشتِقاقيَّةِ المُحتَمَلةِ لاسمِ "سوريا"، مِن خِلالِ دِراسَةِ المَعاجِمِ اللُّغويَّةِ والنُّصوصِ القَديمَةِ. تَحليلُ الفَرضيَّاتِ التَّاريخيَّةِ: عَبرَ استِعراضِ النَّظريَّاتِ الَّتي تُفسِّرُ أصلَ التَّسميةِ، مِثلَ ارتِباطِها بالحَضاراتِ الآشُوريَّةِ، الفِينيقيَّةِ، واليُونانيَّةِ، ومُقارَنتِها بالأدلَّةِ الأثَريَّةِ المُتاحَةِ. تَقييمُ مَدى دِقَّةِ التَّفسيراتِ المُختَلِفَةِ: إذ يَتِمُّ التَّحقُّقُ مِن صِحَّةِ الادِّعاءاتِ التَّاريخيَّةِ مِن خِلالِ المُقارَنَةِ بَينَ المَصادِرِ القَديمَةِ، والنُّقوشِ الأثَريَّةِ، والكِتاباتِ اليُونانيَّةِ والرُّومانيَّةِ الَّتي ذَكَرت اسمَ "سوريا". الإسهامُ في الدِّراساتِ الجُغرافيَّةِ والتَّاريخيَّةِ: حيثُ يُساعِدُ هذا البَحثُ في إغناءِ الدِّراساتِ المُهتَمَّةِ بالهُوِيَّاتِ الجُغرافيَّةِ والمُصطَلَحاتِ الَّتي رافَقَت التَّطوُّراتِ التَّاريخيَّةِ في المِنطَقَةِ. تَصحيحُ المَعلوماتِ المَغلوطَةِ: إذ تَنتَشِرُ العَديدُ مِنَ الفَرضيَّاتِ المُتبايِنَةِ، وبَعضُها لا يَستَنِدُ إلى أُسُسٍ عِلميَّةٍ، لِذا يَسعَى البَحثُ إلى تَقديمِ قِراءَةٍ دَقيقَةٍ ومُبنيَّةٍ على أدِلَّةٍ مُوثوقَةٍ حَولَ هذا المَوضوعِ. أما عنِ الأهدافِ الَّتي يَسعَى البَحثُ إلى تَحقيقِها، فَتَتمَثَّلُ في الآتي: استِعراضُ أقدَمِ الإشاراتِ إلى اسمِ "سوريا" في النُّصوصِ التَّاريخيَّةِ واللُّغويَّةِ. تَحليلُ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ حَولَ أصلِ التَّسميةِ، ومُناقَشَةُ صِحَّتِها مِن مَنظورٍ عِلميٍّ وتَاريخيٍّ. تَسليطُ الضَّوءِ على العَلاقَةِ بَينَ اسمِ "سوريا" والحَضاراتِ القَديمَةِ الَّتي نَشَأَت في المِنطَقَةِ. تَقديمُ رُؤيَةٍ أكاديميَّةٍ دَقيقَةٍ تَستَنِدُ إلى المَصادِرِ التَّاريخيَّةِ واللُّغويَّةِ المُوثوقَةِ حَولَ أصلِ التَّسميةِ.
مَنهَجيَّةُ البَحثِ وأَدواتُ الدِّراسَةِ يَعتمِدُ هذا البَحثُ على المَنهَجِ التَّحليليِّ والتَّاريخيِّ لدِراسَةِ أُصولِ التَّسميةِ، وذلكَ مِن خِلالِ مُراجَعَةِ المَصادِرِ التَّاريخيَّةِ القَديمَةِ، والوَثائِقِ الأثَريَّةِ، والكِتاباتِ الَّتي وَرَدَ فيها ذِكرُ "سوريا" عَبرَ العُصورِ المُختَلِفَةِ. كما يُستَخدَمُ المَنهَجُ المُقارِنُ، الَّذي يُتيحُ المُقارَنَةَ بَينَ الفَرضيَّاتِ المُختَلِفَةِ حَولَ أصلِ التَّسميةِ، وتَحليلَ مَدى صِحَّتِها وَفقًا للأدلَّةِ المُتاحَةِ. أهمِّيَّةُ استخدامِ المَناهِجِ البَحثيَّةِ في دِراسَةِ أصلِ اسمِ "سوريا" يُعَدُّ البَحثُ في أصلِ التَّسميةِ مِنَ المَوضوعاتِ الَّتي تَحتاجُ إلى مَنهَجيَّةٍ مُتَعدِّدَةِ التَّخصُّصاتِ، تَجمَعُ بَينَ التَّاريخِ، واللُّغويَّاتِ، والتَّحليلِ النَّقديِّ للنُّصوصِ. ولِتَحقيقِ نَتائِجَ عِلميَّةٍ دَقيقَةٍ، تَمَّ تَطبيقُ عِدَّةِ مَناهِجَ بَحثيَّةٍ في هذا البَحثِ، حيثُ ساهمَ كُلُّ مَنهَجٍ في إثراءِ الدِّراسَةِ مِن زاوِيَةٍ مُختَلِفَةٍ. المَنهَجُ التَّاريخيُّ: وَضعُ التَّسميةِ في سِياقِها الزَّمنيِّ يُساعِدُنا المَنهَجُ التَّاريخيُّ في تَتبُّعِ أُولى الإشاراتِ إلى اسمِ "سوريا" في النُّقوشِ الأثَريَّةِ والمَصادِرِ القَديمَةِ، مِمَّا يُوضِحُ كَيفَ وَمَتى بَدَأَ استِخدامُ الاسمِ. كما يُمكِّنُنا مِن تَحليلِ السِّياقاتِ السِّياسيَّةِ والثَّقافيَّةِ الَّتي أدَّت إلى انتِشارِ التَّسميةِ، سَواءٌ في العَصرِ الآشُوريِّ أو الإغريقيِّ أو الرُّومانيِّ. أبرَزُ الفَوائِدِ الَّتي يُقدِّمُها المَنهَجُ التَّاريخيُّ: تَتبُّعُ ظُهورِ الاسمِ في الوَثائِقِ والنُّصوصِ القَديمَةِ. دِراسَةُ كَيفيَّةِ استِخدامِ الاسمِ في الإمبراطُوريَّاتِ القَديمَةِ. فَهمُ التَّأثيراتِ السِّياسيَّةِ على انتِشارِ المُصطَلَحِ. المَنهَجُ اللُّغويُّ: تَحليلُ أصلِ المُصطَلَحِ وتَطوُّرِ مَعناهُ يُساعِدُنا المَنهَجُ اللُّغويُّ في تَحليلِ الجُذورِ اللُّغويَّةِ واشتِقاقاتِ اسمِ "سوريا"، ومَعرِفَةِ ما إذا كانَ مُرتَبِطًا بِمُصطَلَحاتٍ ساميَّةٍ قَديمَةٍ مِثلَ "آشور"، أو أنَّهُ تَطوَّرَ مِنَ الاستِخدامِ الإغريقيِّ للمُصطَلَحِ. كما يُمكِنُنا مِن دِراسَةِ التَّحوُّلاتِ الصَّوتيَّةِ والاشتِقاقاتِ اللُّغويَّةِ الَّتي طَرَأَت على المُصطَلَحِ عَبرَ العُصورِ. أبرَزُ الفَوائِدِ الَّتي يُقدِّمُها المَنهَجُ اللُّغويُّ: دِراسَةُ أُصولِ الكَلِمَةِ في اللُّغاتِ السَّاميَّةِ والإغريقيَّةِ. تَحليلُ الفَوارِقِ الصَّوتيَّةِ بَينَ "آشور" و "Συρία" و "Syria". فَهمُ كَيفيَّةِ تَغيُّرِ نُطقِ الكَلِمَةِ عَبرَ التَّاريخِ وتَكيُّفِها مَعَ اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ. المَنهَجُ التَّحليليُّ: تَفكيكُ الأدلَّةِ ورَبطُها بالوَقائِعِ التَّاريخيَّةِ يُتيحُ لنا المَنهَجُ التَّحليليُّ تَحليلَ المَصادِرِ المُختَلِفَةِ بِشَكلٍ نَقديٍّ، والبَحثَ في مَدى صِحَّةِ الفَرضيَّاتِ التَّاريخيَّةِ واللُّغويَّةِ المَطروحَةِ. كما يُساعِدُ في استِخلاصِ العَلاقاتِ بَينَ اللُّغاتِ والأحداثِ التَّاريخيَّةِ، مِمَّا يُؤدِّي إلى رُؤيَةٍ شامِلَةٍ لِتَطوُّرِ التَّسميةِ. أبرَزُ الفَوائِدِ الَّتي يُقدِّمُها المَنهَجُ التَّحليليُّ: تَحليلُ النُّقوشِ والكِتاباتِ القَديمَةِ المُتَعلِّقَةِ بالاسمِ. فَهمُ العَلاقَةِ بَينَ الأحداثِ السِّياسيَّةِ وتَطوُّرِ التَّسميةِ. تَفكيكُ الأدلَّةِ المُتاحَةِ لإثباتِ أو نَفي الفَرضيَّاتِ المُختَلِفَةِ. المَنهَجُ المُقارِنُ: مُقارَنَةُ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ حَولَ أصلِ التَّسميةِ يُمكِّنُنا المَنهَجُ المُقارِنُ مِن مُقارَنَةِ النَّظريَّاتِ المُتَبايِنَةِ الَّتي تُحاوِلُ تَفسيرَ أصلِ اسمِ "سوريا"، وتَقييمِ مَدى دِقَّتِها وَفقًا للأدلَّةِ المُتاحَةِ. كما يُساعِدُنا على تَحديدِ أيِّ النَّظريَّاتِ أَكثَرُ اتِّساقًا مَعَ الحَقائِقِ التَّاريخيَّةِ، وأيُّها يَفتَقِرُ إلى أدِلَّةٍ قَويَّةٍ. أبرَزُ الفَوائِدِ الَّتي يُقدِّمُها المَنهَجُ المُقارِنُ: مُقارَنَةُ النَّظريَّةِ الآشُوريَّةِ، والإغريقيَّةِ، والفِينيقيَّةِ، والآراميَّةِ. تَحليلُ مَدى مَنطِقيَّةِ كُلِّ نَظريَّةٍ بِنَاءً على النُّقوشِ والوَثائِقِ القَديمَةِ. تَقييمُ مَدى قَبولِ كُلِّ نَظريَّةٍ في الأَبحاثِ الحَديثَةِ.
والْمَنْهَجُ الْأَثَرِيُّ (الِاسْتِكْشَافِيُّ): يَعْتَمِدُ عَلَى دِرَاسَةِ الْمَوَاقِعِ الْأَثَرِيَّةِ وَالنُّقُوشِ الْمَسْمَارِيَّةِ الَّتِي تُثْبِتُ وُجُودَ الْحُورِيِّينَ وَالْآشُورِيِّينَ فِي سُورِيَا. والْمَنْهَجُ الْأَنْثُرُوبُولُوجِيُّ الثَّقَافِيُّ: يُرَكِّزُ عَلَى تَأْثِيرِ الثَّقَافَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَشَكُّلِ الْهُوِيَّةِ السُّورِيَّةِ، وَكَيْفَ انْدَمَجَتِ الْعَوَامِلُ اللُّغَوِيَّةُ وَالثَّقَافِيَّةُ فِي بِنَاءِ هَذِهِ الْهُوِيَّةِ. والْمَنْهَجُ الْجِيُوسِيَاسِيُّ: يُحَلِّلُ الْعَوَامِلَ السِّيَاسِيَّةَ وَالْجُغْرَافِيَّةَ فِي تَأْثِيرِ الْإِمْبِرَاطُورِيَّاتِ الْقَدِيمَةِ فِي تَشْكِيلِ الْحُدُودِ السِّيَاسِيَّةِ لِسُورِيَا. الْمَنْهَجُ الِاسْتِقْرَائِيُّ: يَعْتَمِدُ عَلَى جَمْعِ الْأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَالْأَثَرِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ وَتَحْلِيلِهَا لِوَضْعِ نَتَائِجَ مَبْنِيَّةٍ عَلَى مَفَاهِيمَ وَقَوَاعِدَ عِلْمِيَّةٍ. الخاتِمَةُ: ماذا قدَّم لنا استخدامُ هذهِ المَناهِجِ؟ جَعَلَ استخدامُ هذهِ المَناهِجِ البَحثيَّةِ في دِراسَةِ أصلِ اسمِ "سوريا" البَحثَ أكثرَ تَكامُلًا وموضوعيَّةً، حيثُ ساعَدَ في:الاستِنادِ إلى أدِلَّةٍ تاريخيَّةٍ مُوثوقَةٍ بدلًا مِنَ التَّخمِينِ، مِمَّا أدَّى إلى بِنَاءِ تَفسيرٍ عِلميٍّ قائِمٍ على النُّصوصِ الأثَريَّةِ والمَخطوطاتِ القَديمَةِ، بِدَلًا مِن الاعتمادِ على افتراضاتٍ غَيرِ مُدعَّمَةٍ بالأدلَّةِ. دِراسَةِ أصلِ المُصطَلَحِ مِن جَميعِ الزَّوايا: التَّاريخيَّةِ، اللُّغويَّةِ، والسِّياسيَّةِ، مِمَّا أتاحَ تَحليلَ تَطوُّرِ التَّسميةِ في مُختَلِفِ العُصورِ، وتأثيرَ العَوامِلِ الثَّقافيَّةِ والسِّياسيَّةِ على انتِشارِها. إجراءِ مُقارَنَةٍ عِلميَّةٍ بَينَ الفَرضيَّاتِ بدلًا مِن تَبَنِّي تَفسيرٍ واحِدٍ دونَ مُراجَعَةِ الأدلَّةِ الأُخرى، وهوَ ما سَمَحَ بِتَقييمِ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ بشكلٍ نَقديٍّ، ومَعرِفَةِ أيِّها أَكثَرُ تَرجِيحًا بِنَاءً على الأدلَّةِ المُتاحَةِ. الوُصولِ إلى استِنتاجٍ عِلميٍّ مُدعَّمٍ بالأدلَّةِ بدلًا مِنَ الاكتِفاءِ بفَرضيَّاتٍ غَيرِ مُوثَّقَةٍ، حيثُ تَمَّ تَحليلُ المَعلوماتِ بِنَاءً على النُّقوشِ القَديمَةِ والكِتاباتِ التَّاريخيَّةِ وتَطوُّراتِ المُصطَلَحِ في اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ. إضافَةً إلى ذلك، ساهَمَ استخدامُ المَناهِجِ البَحثيَّةِ في: تَحديدِ أوجُهِ التَّشابُه والاختِلافِ بينَ النَّظريَّاتِ المُتَنافِسَةِ، مِمَّا مَكَّنَ مِن فَهمِ العَلاقَةِ بَينَ اسمِ "سوريا" والمُصطَلَحاتِ الجُغرافيَّةِ الَّتي سَبَقَت استِخدامَهُ. تَحليلِ كَيفيَّةِ انتِقالِ المُصطَلَحِ بَينَ الحَضاراتِ المُختَلِفَةِ، مِنَ السُّومَريِّينَ والآشُوريِّينَ إلى الإغريقِ والرُّومانِ، وُصولًا إلى استِخدامِهِ في العُصورِ الإسلاميَّةِ والحَديثَةِ. تَوضيحِ دَورِ التَّغيُّراتِ اللُّغويَّةِ والسِّياسيَّةِ في تَثبيتِ التَّسميةِ، حيثُ أظهَرَت الدِّراسَةُ كَيفَ تَحَوَّلَ اسمُ "سوريا" مِن مُصطَلَحٍ مَحدودٍ إلى اسمٍ مُعتَمَدٍ على مُستَوًى إداريٍّ وجُغرافيٍّ. تَقديمِ تَفسيرٍ شامِلٍ يَجمَعُ بَينَ الدَّلائِلِ الأثَريَّةِ واللُّغويَّةِ والتَّاريخيَّةِ، مِمَّا جَعَلَ البَحثَ أَكثَرَ دِقَّةً ومَوثوقيَّةً في تَحديدِ أصلِ التَّسميةِ وتَطوُّرِها عَبرَ الزَّمَنِ. بِناءً على ذلكَ، فإنَّ الاعتمادَ على مَناهِجَ بَحثيَّةٍ مُتَعدِّدَةٍ أسهَمَ في تَقديمِ تَحليلٍ أَكثَرَ دِقَّةً وشُمُولًا، وجَعَلَ البَحثَ أَكثَرَ موضوعيَّةً وتَكامُلًا، حيثُ لَم يَقتَصِرْ على وِجهَةِ نَظَرٍ واحِدَةٍ، بَل سَعى إلى دِراسَةِ كافَّةِ الفَرضيَّاتِ ومُقارَنَتِها للوُصولِ إلى استِنتاجٍ عِلميٍّ واضِحٍ. أبرَزُ المَناهِجِ البَحثيَّةِ الَّتي اعتَمَدتُها في هذا البَحثِ المَنهَجُ التَّاريخيُّ: دِراسَةُ الوَثائِقِ والنُّصوصِ القَديمَةِ يَتمَثَّلُ في دِراسَةِ الوَثائِقِ والنُّصوصِ القَديمَةِ الَّتي تَناوَلَت اسمَ "سوريا"، وتَحليلِ السِّياقاتِ التَّاريخيَّةِ الَّتي ظَهَرَ فيها. أهمِّيَّةُ استخدامِ المَنهَجِ التَّاريخيِّ في بَحثِنا في هذا البَحثِ، الَّذي يَتَناوَلُ أصلَ تَسمِيَةِ "سوريا"، يُعتَبَرُ المَنهَجُ التَّاريخيُّ ضَرُورِيًّا لِفَهمِ كَيفيَّةِ نُشُوءِ هذا الاسمِ وتَطوُّرِهِ عَبرَ العُصورِ، ومَعرِفَةِ السِّياقاتِ الَّتي تَمَّ فيهَا استِخدامُهُ لأَوَّلِ مَرَّةٍ. أينَ سَنَستَخدِمُ المَنهَجَ التَّاريخيَّ في البَحثِ؟ دِراسَةُ أقدَمِ الإشاراتِ إلى اسمِ "سوريا" في الوَثائِقِ التَّاريخيَّةِ. يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّاريخيُّ عِندَ البَحثِ في النُّصوصِ القَديمَةِ الَّتي وَرَدَ فيها ذِكرُ اسمِ "سوريا"، سَواءٌ في النُّقوشِ الأثَريَّةِ، أو الكِتاباتِ الإغريقيَّةِ والرُّومانيَّةِ، أو الوَثائِقِ الدِّينيَّةِ، أو المَخطوطاتِ الَّتي تَعودُ إلى العُصورِ الإسلاميَّةِ والحَديثَةِ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ:تَحليلُ نُقوشِ سَرجُونَ الثَّاني (722-705 ق.م) الَّتي تُشيرُ إلى سَيطَرَةِ الإمبراطُوريَّةِ الآشُوريَّةِ على مُدُنٍ في بِلادِ الشَّامِ. مُراجَعَةُ كِتاباتِ المُؤَرِّخِ هيرودوت (القرنُ الخامِسُ قَبلَ الميلادِ)، الَّذي استَخدَمَ اسمَ "Συρία" (Syria) لأَوَّلِ مَرَّةٍ للإشارَةِ إلى المِنطَقَةِ. تَحليلُ وَثائِقِ الإمبراطُوريَّةِ الرُّومانيَّةِ الَّتي أشارَت إلى مُقاطَعَةِ "Provincia Syria"، وكَيفَ تَمَّ تَثبيتُ الاسمِ في الجُغرافيَا السِّياسيَّةِ للمِنطَقَةِ. تَحليلُ السِّياقاتِ التَّاريخيَّةِ الَّتي ظَهَرَ فيها اسمُ "سوريا" يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّاريخيُّ لِتَحليلِ تَطوُّرِ استِخدامِ اسمِ "سوريا" في العُصورِ المُختَلِفَةِ، ورَبطِهِ بالأحداثِ السِّياسيَّةِ والحَضاريَّةِ الَّتي مَرَّت بِها المِنطَقَةُ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ:كَيفَ تَحَوَّلَ المُصطَلَحُ مِن إشارَتِهِ إلى مَناطِقَ مُحدَّدَةٍ في العُصورِ الآشُوريَّةِ إلى كِيانٍ جُغرافيٍّ أوسَعَ في العُصورِ الإغريقيَّةِ والرُّومانيَّةِ. دِراسَةُ الانتِقالِ مِن تَسمِيَةِ "بِلادِ الشَّامِ" إلى "سوريا" في الوَثائِقِ العُثمانيَّةِ والانتِدابِ الفَرنسيِّ. تَتَبُّعُ تَطوُّرِ المُصطَلَحِ في المَصادِرِ الإسلاميَّةِ يُظهِرُ تَتَبُّعُ المَصادِرِ الإسلاميَّةِ أنَّهُ كانَ يُطلَقُ على المِنطَقَةِ اسمُ "الشَّامِ" بدلًا مِن "سوريا"، واستَمَرَّ هذا الاستِخدامُ حتَّى القَرنِ التَّاسِعَ عَشَرَ. لَم يَكُن اسمُ "سوريا" مُتداوَلًا في الكِتاباتِ العربيَّةِ القَديمَةِ، بل كانَ يُشارُ إلى الإقليمِ بِمُسمَّياتٍ أُخرى، مثلَ "بلادِ الشَّامِ"، الَّذي كانَ يُغطِّي المِنطَقَةَ الجُغرافيَّةَ المُمتَدَّةَ مِن فِلسطينَ إلى الحِجازِ والعِراقِ. المُقارَنَةُ بَينَ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ حَولَ أصلِ التَّسمِيَةِ يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّاريخيُّ لِمُقارَنَةِ النَّظريَّاتِ المُختَلِفَةِ الَّتي تُفسِّرُ أصلَ اسمِ "سوريا"، وتَحليلِ مَدى دِقَّتِها بِنَاءً على الوَثائِقِ والنُّقوشِ المُتاحَةِ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ:مُقارَنَةُ النَّظريَّةِ الآشُوريَّةِ والنَّظريَّةِ الإغريقيَّةِ مِن خِلالِ تَحليلِ الوَثائِقِ الَّتي وَرَدَ فيها اسمُ "آشور" و "Συρία"، لِتَحديدِ أَيِّهِما أَقدَمُ وأَكثَرُ دِقَّةً. دِراسَةُ تأثيرِ الفِينيقيِّينَ والكَنعانيِّينَ على التَّسمِيَةِ، عَبرَ مُراجَعَةِ النُّقوشِ الفِينيقيَّةِ والتَّحَقُّقِ مِمَّا إذا كانَت هُناكَ إشاراتٌ إلى اسمٍ مُشابِهٍ لِـ "سوريا". تَحليلُ الوَثائِقِ العُثمانيَّةِ والفَرنسيَّةِ لِمَعرِفَةِ كَيفَ استُخدِمَ اسمُ "سوريا" في العُصورِ الحَديثَةِ، وكَيفَ تَحَوَّلَ إلى الاسمِ الرَّسميِّ لِلدَّولةِ الحَديثَةِ. دِراسَةُ التَّغيُّراتِ اللُّغويَّةِ والتَّاريخيَّةِ الَّتي طَرَأَت على الاسمِ عَبرَ العُصورِ يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّاريخيُّ لِتَحليلِ كَيفيَّةِ تَغَيُّرِ التَّسمِيَةِ عَبرَ العُصورِ، وتأثيرِ اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ عَلَيها. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ: دِراسَةُ كَيفَ تَمَّ تَحوِيرُ اسمِ "آشور" إلى "Συρία" في الكِتاباتِ الإغريقيَّةِ، ثُمَّ إلى "سوريا" في العُصورِ الحَديثَةِ. تَحليلُ تأثيرِ اللُّغَةِ الآراميَّةِ واللُّغَةِ الإغريقيَّةِ في نَشرِ المُصطَلَحِ. مُراجَعَةُ المَخطوطاتِ المَسيحيَّةِ والإسلاميَّةِ المُبَكِّرَةِ لِمَعرِفَةِ كَيفَ تَمَّ استِخدامُ الاسمِ في العُصورِ الوُسطى. الخاتِمَةُ يُعَدُّ المَنهَجُ التَّاريخيُّ أَساسًا لِفَهمِ تَطوُّرِ اسمِ "سوريا"، حيثُ يُتيحُ لنا تَتَبُّعَ أَوَّلِ ظُهورٍ لِلاسمِ في الوَثائِقِ المَكتوبَةِ، وتَحليلَ كَيفيَّةِ تَغَيُّرِ استِخدامِهِ عَبرَ العُصورِ المُختَلِفَةِ. ومِن خِلالِ تَطبيقِ هذا المَنهَجِ، يُمكِنُنا تَقديمُ تَحليلٍ عِلميٍّ دَقيقٍ يُوضِحُ كَيفَ انتَقَلَ الاسمُ مِن مُصطَلَحٍ قَديمٍ في النُّقوشِ الآشُوريَّةِ أو الإغريقيَّةِ إلى اسمٍ مُعتَمَدٍ في الأَدَبِيَّاتِ التَّاريخيَّةِ والجُغرافيَّةِ حتَّى العَصرِ الحَديثِ. المَنهَجُ اللُّغويُّ: تَحليلُ الجُذورِ اللُّغويَّةِ والاشتِقاقاتِ المُحتَمَلةِ لاسمِ "سوريا" أهمِّيَّةُ استخدامِ المَنهَجِ اللُّغويِّ في بَحثِنا يُستَخدَمُ المَنهَجُ اللُّغويُّ في هذا البَحثِ لِفَحصِ أصلِ اسمِ "سوريا"، ومَعرِفَةِ إذا كانَ مُشتَقًّا مِن مُصطَلَحاتٍ ساميَّةٍ مِثلَ "آشور"، أو أنَّهُ مُصطَلَحٌ إغريقيٌّ تَمَّ تَعمِيمُهُ خِلالَ العُصورِ الهَلنِستِيَّةِ. كما يُساعِدُنا في فَهمِ التَّحوُّلاتِ الصَّوتيَّةِ والاشتِقاقاتِ الَّتي رُبَّما أثَّرَت في استِخدامِ المُصطَلَحِ عَبرَ التَّاريخِ. أينَ سَنَستَخدِمُ المَنهَجَ اللُّغويَّ في البَحثِ؟ تَحليلُ الجُذورِ اللُّغويَّةِ لاسمِ "سوريا" في اللُّغاتِ القَديمَةِ يُستَخدَمُ المَنهَجُ اللُّغويُّ لِتَحديدِ ما إذا كانَ اسمُ "سوريا" يَعودُ إلى جَذرٍ لُغَوِيٍّ ساميٍّ قَديمٍ، أَم أنَّهُ اسمٌ أُدخِلَ لاحِقًا عَبرَ التَّأثيراتِ اليُونانيَّةِ والرُّومانيَّةِ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ: في اللُّغَةِ الأَكّادِيَّةِ: دِراسَةُ ما إذا كانَت هُناكَ عَلاقَةٌ بَينَ اسمِ "آشور" (Aššur) واسمِ "سوريا"، خاصَّةً أنَّ الأَكّادِيَّةَ كانَتِ اللُّغَةَ الرَّسمِيَّةَ في بِلادِ الرَّافِدَينِ، وانتَشَرَت في مَناطِقَ واسِعَةٍ تَشمَلُ بِلادَ الشَّامِ. في اللُّغَةِ الآرامِيَّةِ: تَحليلُ المُصطَلَحاتِ الَّتي استَخدَمَها الآرامِيُّونَ للإشارَةِ إلى المِنطَقَةِ، مِثلَ "آرام" أو "بَيتِ نَهرَينَ"، وهل هُناكَ أيُّ اشتِقاقٍ قَريبٍ مِن اسمِ "سوريا". في اللُّغَةِ الإغريقيَّةِ: دِراسَةُ كَيفيَّةِ استِخدامِ الإغريقِ لِمُصطَلَحِ "Συρία" (Syria)، وما إذا كانَ هذا الاسمُ يَعودُ إلى أصلٍ ساميٍّ أو أنَّهُ اسمٌ مُستَحدَثٌ في العَصرِ الهَلنِستِيِّ. دِراسَةُ التَّحوُّلاتِ الصَّوتيَّةِ الَّتي أَثَّرَت على الاسمِ عَبرَ اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ يُستَخدَمُ المَنهَجُ اللُّغويُّ لِتَحليلِ كَيفيَّةِ تَحَوُّلِ النُّطقِ والكِتابَةِ مِنَ اللُّغاتِ السَّاميَّةِ إلى اللُّغاتِ الهِندُوأُورُوبِّيَّةِ، وكَيفَ أَثَّرَ ذلِكَ على تَسمِيَةِ "سوريا". مقارنةُ اسمِ "سوريا" بِمُصطَلَحاتٍ جُغرافيَّةٍ أُخرى قَريبَةٍ يُستَخدَمُ المَنهَجُ اللُّغَويُّ لِمُقارَنَةِ اسمِ "سوريا" مَعَ أسماءِ مَناطِقَ أُخرى قد تَكونُ مُشتَقَّةً مِن نَفسِ الجَذرِ اللُّغَويِّ، أو تَرتَبِطُ بِهَا مِن حَيثُ الأُصُولُ الثَّقافيَّةُ والتَّاريخيَّةُ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ: مُقارَنَةُ اسمِ "سوريا" باسمِ "آرام"، ومَعرِفَةُ ما إذا كانَت هُناكَ صِلَةٌ بَينَهُما، خُصُوصًا أنَّ الآراميِّينَ كانوا مِن الشُّعُوبِ السَّاميَّةِ الَّتي سَكَنَت بِلادَ الشَّامِ. تَحليلُ العَلاقَةِ بَينَ "سوريا" و "فِينيقيا"، وهل كانَت هُناكَ أيُّ تَأثيراتٍ لُغَوِيَّةٍ مُشتَرَكَةٍ بَينَ الإغريقِ والفِينيقيِّينَ. البَحثُ في كَيفيَّةِ استِخدامِ الرُّومانِ لِلمُصطَلَحِ، وهل كانَ هُناكَ أيُّ تَحريفٍ لُغَوِيٍّ عِندَ انتِقالِ المُصطَلَحِ مِن الإغريقيَّةِ إلى اللَّاتينيَّةِ. تَحليلُ النُّصوصِ القَديمَةِ الَّتي وَرَدَ فيها اسمُ "سوريا" مِن مَنظُورٍ لُغَوِيٍّ يُستَخدَمُ المَنهَجُ اللُّغَويُّ لِدِراسَةِ كَيفَ وَرَدَ اسمُ "سوريا" في النُّصوصِ المَكتُوبَةِ، وتَحليلِ ما إذا كانَ قد تَمَّ استِخدامُهُ بِنَفسِ الشَّكلِ في اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ أَم أنَّهُ كانَ عُرضَةً لِلتَّحرِيفِ والتَّطوُّرِ. أمثِلَةٌ تَطبيقيَّةٌ:دِراسَةُ المَخطُوطاتِ الَّتي تَحتَوِي على اسمِ "Συρία" (Syria) في الكِتاباتِ الإغريقيَّةِ، مِثلَ كِتاباتِ هيرودوت. تَحليلُ كَيفَ تَمَّ تَرجَمَةُ اسمِ "سوريا" في النُّصُوصِ الدِّينيَّةِ، مِثلَ التَّرجَمَةِ السَّبعينيَّةِ للتَّوراةِ، وهل تَمَّ استِخدامُهُ كَمُرادِفٍ لِـ "آرام" أَم كَمُصطَلَحٍ مُنفَصِلٍ. مُراجَعَةُ كَيفَ ظَهَرَ المُصطَلَحُ في المَصادِرِ الإسلاميَّةِ المُبَكِّرَةِ، وما إذا كانَ قد خَضَعَ لأيِّ تَغييراتٍ لُغَوِيَّةٍ بَعدَ الفَتحِ الإسلاميِّ. المَنهَجُ اللُّغَويُّ في دِراسَةِ أصلِ تَسمِيَةِ "سوريا" يُعَدُّ المَنهَجُ اللُّغَويُّ مِن أَهَمِّ الأَدَوَاتِ الَّتي يَعتَمِدُ عَلَيها الباحِثُونَ في تَحليلِ أصلِ الأسماءِ الجُغرافيَّةِ، حيثُ يَتِمُّ دِراسَةُ اشتِقاقِ الكَلِماتِ، تَطوُّرِها عَبرَ الزَّمَنِ، وانتِقالِها بَينَ اللُّغاتِ المُختَلِفَةِ. وفيما يَخُصُّ اسمَ "سوريا"، هُناكَ عِدَّةُ نَظريَّاتٍ لُغَوِيَّةٍ تُحاوِلُ تَفسيرَ نَشأتِهِ، اعتِمادًا على مَصادِرَ لُغَوِيَّةٍ قَديمَةٍ وسِياقاتٍ تَاريخيَّةٍ. النَّظريَّةُ الآشُوريَّةُ (الاشتِقاقُ مِن "آشور") الأصلُ الأَكّادِيُّ-الآشُورِيُّ تَعتَمِدُ هذهِ النَّظريَّةُ على الفَرضيَّةِ القائِلَةِ بِأَنَّ اسمَ "سوريا" مُشتَقٌّ مِن "آشور" (Aššur)، وهي تَسمِيَةٌ تَعودُ إلى المَملَكَةِ الآشُوريَّةِ الَّتي سَيطَرَت على مَناطِقَ واسِعَةٍ في شَمالِ بِلادِ الرَّافِدَينِ وسوريا الحَالِيَةِ خِلالَ الأَلفيَّةِ الأُولى قَبلَ المِيلادِ. في اللُّغاتِ الأَكّادِيَّةِ والآشُورِيَّةِ، يُشِيرُ اسمُ "آشور" إلى كُلٍّ مِنَ الإلٰهِ آشُور (الإلٰهُ الحامِي لِلمَملَكَةِ) وأيضًا إلى الدَّولَةِ نَفسِها. خِلالَ العُصُورِ اللَّاحِقَةِ، استَخدَمَ الإغريقُ مُصطَلَحَ "Assyria" لِلإشارَةِ إلى كُلِّ المِنطَقَةِ الَّتي كانَت تَحتَ سَيطَرَةِ الآشُوريِّينَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إلى "Syria" مَعَ الزَّمَنِ. بَعضُ اللُّغَوِيِّينَ، مِثلَ إدوارد ماير، يُؤَكِّدُونَ أنَّ الإغريقَ هُم مَنِ اختَصَرُوا التَّسمِيَةَ مِن "Assyria" إلى "Syria"، خُصُوصًا بَعدَ سُقُوطِ الإمبراطُوريَّةِ الآشُوريَّةِ، حيثُ أَصبَحَ المُصطَلَحُ يُشِيرُ إلى مَنطَقَةٍ أَوسَعَ تَضُمُّ الهِلالَ الخَصِيبَ الغَربِيَّ. النَّظريَّةُ السُّريانِيَّةُ - الآرامِيَّةُ (الاشتِقاقُ مِن "السُّريان") الأصلُ السَّامِيُّ-الآرامِيُّ .بَعضُ اللُّغَوِيِّينَ يَربِطُونَ الاسمَ بِـ "السُّريان" (Syriacs)، وهُم مِنَ الشُّعُوبِ السَّامِيَّةِ الَّتي عاشَت في بِلادِ الشَّامِ خِلالَ العُصُورِ القَديمَةِ. في اللُّغَةِ الآرامِيَّةِ، كانَ مُصطَلَحُ ܣܘܪܝܐ (Sūrīyā) يُستَخدَمُ لِلإشارَةِ إلى المِنطَقَةِ الَّتي كانَت مَأهُولَةً بِالسُّريانِ النَّاطِقِينَ بِاللُّغَةِ الآرامِيَّةِ. هذا يَعني أنَّ التَّسمِيَةَ رُبَّما نَشَأَت داخِلِيًّا في المِنطَقَةِ، ولَيسَ كَمُصطَلَحٍ مُستَورَدٍ مِن الإغريقِ، كَما يَعتَقِدُ بَعضُ المُؤَرِّخِينَ. النَّظريَّةُ الهَلنِستيَّةُ (الأصلُ اليُونانِيُّ).في العُصُورِ الكِلاسِيكِيَّةِ، أَطلَقَ الإغريقُ اسمَ "Συρία" (Syria) على الأَقالِيمِ المُمتَدَّةِ بَينَ الفُراتِ والـ بَحرِ الأَبيَضِ المُتَوَسِّطِ. بَعضُ الباحِثِينَ يَرَونَ أنَّ الاسمَ اليُونانِيَّ "Syria" لَم يَكُن مُجرَّدَ تَحرِيفٍ لِـ "آشور"، بَل كانَ لَهُ دَلالَةٌ مُستَقِلَّةٌ مُتَأَثِّرَةٌ بِالحَضَارَةِ الفِينيقيَّةِ، وخُصُوصًا مَدِينَةُ "صُور" (Tyre) في لُبنانَ. العَلاقَةُ بَينَ "سُورْيَا" وَ "صُور": التَّشَابُهُ الصَّوتِيُّ وَالتَّأثِيرُ الفِينِيقِيُّ يَرَى بَعضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنَّ هُناكَ تَشَابُهًا صَوتِيًّا بَينَ "سُورْيَا" وَ "صُور" (Tyre)، وَهِيَ المَدِينَةُ الفِينِيقِيَّةُ الشَّهِيرَةُ الَّتِي كَانَت مَركَزًا تِجَارِيًّا مُهِمًّا فِي البَحرِ المُتَوَسِّطِ. وَيُعتَقَدُ أَنَّ هَذَا التَّشَابُهَ قَدْ يُشِيرُ إِلَى ارْتِبَاطِ التَّسمِيَةِ بِالفِينِيقِيِّينَ، الَّذِينَ كَانُوا نَشِطِينَ تِجَارِيًّا فِي المِنطَقَةِ، وَنَشَرُوا العَدِيدَ مِنَ المُصطَلَحَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ عَبرَ شَبَكَاتِهِمُ التِّجَارِيَّةِ. النَّظَرِيَّةُ الجُغْرَافِيَّةُ – الدِّلَالِيَّةُ: الاشْتِقَاقُ مِنَ الجَذْرِ السَّامِيِّ "سُور" بَعضُ الفَرَضِيَّاتِ اللُّغَوِيَّةِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ اسمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الجَذْرِ السَّامِيِّ "سُور"، الَّذِي يَعْنِي "التَّحصِين" أَو "الجِدَار"، فِي إِشَارَةٍ إِلَى المُدُنِ المُحَصَّنَةِ فِي المِنطَقَةِ. أَمثِلَةٌ لُغَوِيَّةٌ عَلَى هَذَا الجَذْرِ: فِي اللُّغَةِ الأَكَادِيَّةِ، كَانَ هُنَاكَ استِخْدَامٌ لِكَلِمَةِ "sûru" بِمَعنَى السُّورِ أَوِ الحِصْنِ، وَهُوَ مَا قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالتَّسْمِيَةِ الجُغْرَافِيَّةِ لِسُورْيَا، خَاصَّةً مَعَ وُجُودِ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ المُحَصَّنَةِ فِي المِنطَقَةِ، مِثلَ أُوغَارِيت وَ إِبْلَا. النَّظَرِيَّةُ الفَارِسِيَّةُ – الأَخْمِينِيَّةُ: التَّأثِيرُ الفَارِسِيُّ فِي التَّسْمِيَةِ خِلَالَ الحُقبَةِ الفَارِسِيَّةِ (الإِمبَرَاطُورِيَّةِ الأَخْمِينِيَّةِ 550-330 ق.م.)، كَانَت مَنطِقَةُ سُورْيَا جُزْءًا مِنْ مُقَاطَعَةِ "أَثُورَا" (Athura)، وَهِيَ تَسْمِيَةٌ استَخدَمَهَا الفُرْسُ لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنطِقَةِ الآشُورِيَّةِ السَّابِقَةِ. آلِيَّةُ انتِقَالِ الاسمِ:يَرَى بَعضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا الاسمَ مِنَ الفُرْسِ، الَّذِينَ بِدَورِهِمْ وَرِثُوهُ عَنِ الآشُورِيِّينَ. هَذَا يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تَكُونُ قَدْ مَرَّت عَبرَ سِلسِلَةٍ مِنَ التَّحَوُّلَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، حَيثُ تَمَّ نَقلُهَا مِنَ الأَكَادِيَّةِ إِلَى الفَارِسِيَّةِ، ثُمَّ إِلَى الإِغْرِيقِيَّةِ، وَأَخِيرًا إِلَى اللُّغَاتِ الأُورُوبِّيَّةِ الحَدِيثَةِ. التَّحْلِيلُ المُقَارِنُ بَينَ اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ تُسَاعِدُ دِرَاسَةٌ مُقَارِنَةٌ بَينَ اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ فِي كَشفِ مَدَى تَأثُّرِ اسمِ "سُورْيَا" بِالمُؤَثِّرَاتِ الهَلْنِسْتِيَّةِ وَالفَارِسِيَّةِ عَلَى مَرِّ العُصُورِ. أَمثِلَةٌ لُغَوِيَّةٌ:اللُّغَاتُ السَّامِيَّةُ القَدِيمَةُ، مِثلُ الآرَامِيَّةِ وَالعِبرِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ، تَشتَرِكُ فِي أَنظِمَةٍ اشتِقَاقِيَّةٍ تَجعَلُ البَحثَ عَن جُذُورِ كَلِمَةِ "سُورْيَا" فِي هَذَا السِّيَاقِ مُمكِنًا. فِي اللُّغَةِ السُّرْيَانِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ، تَمَّت كِتَابَةُ الاسمِ كَـ "ܣܘܪܝܐ" (Sūrīyā). فِي اللَّاتِينِيَّةِ، تَمَّ استِخدَامُ "Syria" كَمَا هِيَ، وَمِنهَا انتَقَلَتِ التَّسْمِيَةُ إِلَى اللُّغَاتِ الأُورُوبِّيَّةِ الحَدِيثَةِ. التَّغْيِيرَاتُ الصَّوتِيَّةُ بَينَ "آشُور" وَ"سُورْيَا" يُمكِنُ تَفسِيرُهَا مِن خِلَالِ قَوَانِينِ التَّحَوُّلَاتِ الصَّوتِيَّةِ فِي اللُّغَاتِ القَدِيمَةِ. الخِلاَصَةُ: النَّظَرِيَّاتُ الأَكثَرُ قَبولًا لُغَوِيًّا حَولَ أَصلِ اسمِ "سُورْيَا" لَا يُوجَدُ إِجمَاعٌ نِهَائِيٌّ حَولَ أَصلِ اسمِ "سُورْيَا"، وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّظَرِيَّاتِ قَبُولًا لُغَوِيًّا هِيَ: اشْتِقَاقُ الاسمِ مِنْ "آشُور" (Aššur) وَتَحْرِيفُهُ عَبرَ الزَّمَنِ. ارْتِبَاطُ الاسمِ بِالسُّرْيَانِ وَالآرَامِيِّينَ، حَيثُ استُخدِمَ الاسمُ فِي اللُّغَةِ السُّرْيَانِيَّةِ. تَأثِيرُ الهَلْنِسْتِيِّينَ وَالإِغْرِيقِ الَّذِينَ نَشَرُوا التَّسْمِيَةَ فِي العَالَمِ القَدِيمِ. احتِمَالِيَّةُ اشْتِقَاقِ الاسمِ مِنَ الجَذْرِ السَّامِيِّ "سُور" الَّذِي يَعْنِي الحِصنَ أَو الجِدَارَ. المَنهَجُ اللُّغَوِيُّ فِي دِرَاسَةِ أَصلِ تَسمِيَةِ "سُورْيَا" يَعتَمِدُ المَنهَجُ اللُّغَوِيُّ عَلَى مُقَارَنَةِ جُذُورِ الكَلِمَاتِ عَبرَ اللُّغَاتِ المُختَلِفَةِ، وَتَحليلِ سِيَاقَاتِهَا التَّارِيخِيَّةِ، وَدِرَاسَةِ كَيْفِيَّةِ انتِقالِهَا بَينَ الشُّعُوبِ، وَهُوَ مَا يَجعَلُ البَحثَ فِي أَصلِ التَّسمِيَةِ مُعَقَّدًا، لَكِنَّهُ غَنِيٌّ بِالدَّلَالَاتِ الحَضَارِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ.
أَهمِّيَّةُ المَنهَجِ اللُّغَوِيِّ فِي البَحثِ يُسَاعِدُ المَنهَجُ اللُّغَوِيُّ فِي فَهمِ كَيفَ نَشَأَ اسمُ "سُورْيَا" مِنَ النَّاحِيَةِ الاشتِقَاقِيَّةِ وَالصَّوتِيَّةِ، وَمَا إِذَا كَانَ يَعُودُ إِلَى جُذُورٍ سَامِيَّةٍ قَدِيمَةٍ أَم أَنَّهُ مُصطَلَحٌ نَشَأَ بِفِعلِ التَّأثِيرَاتِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ. وَمِن خِلَالِ تَحليلِ الجُذُورِ اللُّغَوِيَّةِ، وَالتَّحَوُّلَاتِ الصَّوتِيَّةِ، وَمُقَارَنَةِ المُصطَلَحِ مَعَ التَّسْمِيَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ الأُخرَى، يُمكِنُنَا تَقديمُ رُؤيَةٍ أَكثَرَ دِقَّةً وَوُضُوحًا حَولَ كَيفِيَّةِ ظُهُورِ هَذَا الاسمِ وَاستِمرَارِهِ فِي الاِستِخدَامِ حَتَّى العَصرِ الحَدِيثِ. المَنهَجُ التَّحلِيلِيُّ: تَحلِيلُ المَعلُومَاتِ وَرَبطُهَا بِالوَقَائِعِ التَّارِيخِيَّةِ أَهمِّيَّةُ استِخدَامِ المَنهَجِ التَّحلِيلِيِّ فِي البَحثِ يُمكِنُنَا مِن خِلَالِ المَنهَجِ التَّحلِيلِيِّ جَمعُ المَعلُومَاتِ المُتَوَافِرَةِ حَولَ أَصلِ التَّسمِيَةِ مِن مَصَادِرَ مُتَعَدِّدَةٍ، مِثلَ: 1_النُّقُوشِ الأَثَرِيَّةِ.2_الكِتَابَاتِ القَدِيمَةِ.3_المَخطُوطَاتِ التَّارِيخِيَّةِ.4_النَّظَرِيَّاتِ اللُّغَوِيَّةِ. ثُمَّ تَحلِيلُهَا بِشَكلٍ نَقدِيٍّ وَرَبطُهَا بِالسِّيَاقَاتِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي نَشَأَت فِيهَا. يُسَاعِدُ هَذَا فِي تَفسِيرِ التَّبَايُنَاتِ بَينَ النَّظَرِيَّاتِ المُختَلِفَةِ وَتَقديمِ فَهمٍ مُتَكَامِلٍ لِأَصلِ اسمِ "سُورْيَا". أَينَ سَنَستَخدِمُ المَنهَجَ التَّحلِيلِيَّ فِي البَحثِ؟ تَحلِيلُ المَعلُومَاتِ الوَارِدَةِ فِي المَصَادِرِ التَّارِيخِيَّةِ المُختَلِفَةِ يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّحلِيلِيُّ لِمُقَارَنَةِ المَعلُومَاتِ المُتَوَافِرَةِ حَولَ اسمِ "سُورْيَا" فِي المَصَادِرِ القَدِيمَةِ، وَتَحلِيلِ مَدَى تَوَافُقِهَا أَوِ اختِلَافِهَا. أَمثِلَةٌ تَطبِيقِيَّةٌ:تَحلِيلُ كَيفِيَّةِ وُرُودِ اسمِ "سُورْيَا" فِي النُّقُوشِ الآشُورِيَّةِ، وَهَل كَانَ بِالفِعلِ مُرتَبِطًا بِمُصطَلَحِ "آشُور" أَم أَنَّهُ تَطَوَّرَ لَاحِقًا؟ مُقَارَنَةُ استِخدَامِ المُصطَلَحِ فِي الكِتَابَاتِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ، مِثلَ كِتَابَاتِ هِيرُودُوت وَبِلِينِي الأَكبَرِ، وَتَحلِيلُ كَيفَ أَثَّرَ النُّفُوذُ الإِغْرِيقِيُّ عَلَى انتِشَارِ الاسمِ. تَحلِيلُ المَصَادِرِ الإِسلَامِيَّةِ وَالعُثمَانِيَّةِ لِمَعرِفَةِ كَيفَ تَحَوَّلَ الاسمُ مِن "بِلادِ الشَّامِ" إِلَى "سُورْيَا"، وَهَل كَانَ ذَلِكَ نَتِيجَةَ تَأثِيرٍ أُورُوبِّيٍّ أَم تَطَوُّرٍ مَحلِّيٍّ طَبِيعِيٍّ؟ تَحلِيلُ مَدَى دِقَّةِ النَّظَرِيَّاتِ المُختَلِفَةِ حَولَ أَصلِ اسمِ "سُورْيَا" يُستَخدَمُ المَنهَجُ التَّحلِيلِيُّ لِتَقييمِ مَدَى قُوَّةِ أَو ضَعفِ كُلِّ نَظَرِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ المُتَاحَةِ، وَإِجرَاءِ مُقَارَنَةٍ نَقدِيَّةٍ بَينَهَا لِلوُصُولِ إِلَى الاستِنتَاجِ الأَكثَرِ دِقَّةً. أَمثِلَةٌ تَطبِيقِيَّةٌ: تَحلِيلُ النَّظَرِيَّةِ الآشُورِيَّةِ: هَل هُنَاكَ أَدِلَّةٌ لُغَوِيَّةٌ وَتَارِيخِيَّةٌ كَافِيَةٌ تُثبِتُ أَنَّ اسمَ "سُورْيَا" مُشتَقٌّ مِن "آشُور"، أَم أَنَّ هَذَا مُجرَّدُ افْتِرَاضٍ مَبْنِيٍّ عَلَى تَشَابُهٍ صَوتِيٍّ؟ تَحلِيلُ النَّظَرِيَّةِ الإِغْرِيقِيَّةِ: هَل كَانَ الإِغْرِيقُ هُم أَوَّلَ مَنِ استَخدَمَ مُصطَلَحَ "Συρία"، أَم أَنَّهُم أَخَذُوهُ مِن مَصدَرٍ أَقدَمَ؟ تَحلِيلُ النَّظَرِيَّةِ الفِينيقِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ: هَل هُنَاكَ أَيُّ أَدِلَّةٍ أَثَرِيَّةٍ أَو لُغَوِيَّةٍ تَدعَمُ فِكرَةَ أَنَّ اسمَ "سُورْيَا" مُشتَقٌّ مِن جُذُورٍ فِينيقِيَّةٍ أَو آرَامِيَّةٍ؟ رَبْطُ الأَدِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ بِالأَحْدَاثِ التَّارِيخِيَّةِ يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ لِفَحْصِ العَلَاقَةِ بَيْنَ التَّطَوُّرَاتِ اللُّغَوِيَّةِ وَالأَحْدَاثِ التَّارِيخِيَّةِ، مِثْلَ الحَمَلَاتِ العَسْكَرِيَّةِ، وَالغَزْوِ، وَالتِّجَارَةِ، وَمَدَى تَأثِيرِهَا عَلَى انْتِشَارِ المُصْطَلَحِ. أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: هَلْ لَعِبَتِ الحَمَلَاتُ الآشُورِيَّةُ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ دَوْرًا فِي تَسْمِيَةِ المِنْطَقَةِ، أَمْ أَنَّ الاسْمَ لَمْ يَظْهَرْ إِلَّا بَعْدَ التَّأثِيرِ الإِغْرِيقِيِّ؟ كَيْفَ أَثَّرَ التَّوَاصُلُ التِّجَارِيُّ وَالثَّقَافِيُّ بَيْنَ الفِينيقِيِّينَ وَالإِغْرِيقِ عَلَى انْتِشَارِ الاسْمِ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الاسْمُ فِينِيقِيًّا وَتَبَنَّتْهُ اللُّغَةُ الإِغْرِيقِيَّةُ؟ كَيْفَ سَاهَمَ التَّقْسِيمُ الإِدَارِيُّ الرُّومَانِيُّ فِي تَرْسِيخِ اسْمِ "سُورْيَا"، وَهَلْ كَانَ الاسْمُ مُسْتَخْدَمًا مَحَلِّيًّا قَبْلَ ذَلِكَ؟ تَحْلِيلُ تَطَوُّرِ الاسْمِ عَبْرَ العُصُورِ المُخْتَلِفَةِ يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ لِدِرَاسَةِ كَيْفَ تَغَيَّرَ اسْتِخْدَامُ اسْمِ "سُورْيَا" عَبْرَ العُصُورِ المُخْتَلِفَةِ، وَمَا العَوَامِلُ الَّتِي أَثَّرَتْ فِي تَطَوُّرِهِ. أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: فِي العَصْرِ الآشُورِيِّ، لَمْ يَكُنِ اسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا، بَلْ كَانَ المُصْطَلَحُ الأَقْرَبُ هُوَ "آشُور". فِي العَصْرِ الإِغْرِيقِيِّ، بَدَأَ يَظْهَرُ اسْمُ "Συρία" (Syria)، لَكِنْ هَلْ كَانَ الإِغْرِيقُ هُم أَوَّلَ مَنِ اسْتَخْدَمَهُ، أَمْ أَنَّهُمْ تَبَنَّوْهُ مِنْ حَضَارَةٍ أُخْرَى؟ فِي العَصْرِ الرُّومَانِيِّ، أَصْبَحَ اسْمُ "سُورْيَا" رَسْمِيًّا ضِمْنَ التَّقْسِيمَاتِ الإِدَارِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، مِمَّا أَدَّى إِلَى اسْتِمْرَارِهِ حَتَّى العُصُورِ الحَدِيثَةِ. فِي العَصْرِ الإِسْلَامِيِّ، كَانَ يُطْلَقُ عَلَى المِنْطَقَةِ اسْمُ "بِلَادِ الشَّامِ"، وَلَمْ يَكُنِ اسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ حَتَّى العَصْرِ العُثمَانِيِّ وَالانْتِدَابِ الفَرَنْسِيِّ. تَحْلِيلُ التَّأثِيرَاتِ الثَّقَافِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ عَلَى انْتِشَارِ اسْمِ "سُورْيَا" يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ لِدِرَاسَةِ كَيْفَ أَثَّرَتِ السِّيَاسَةُ وَالثَّقَافَةُ عَلَى تَبَنِّي هَذَا الاسْمِ فِي مُخْتَلَفِ العُصُورِ. أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: كَيْفَ أَثَّرَ النُّفُوذُ الإِغْرِيقِيُّ فِي فَرْضِ اسْمِ "سُورْيَا" عَلَى المِنْطَقَةِ بَعْدَ غَزْوِ الإِسْكَنْدَرِ المَقْدُونِيِّ؟ كَيْفَ أَدَّى التَّقْسِيمُ الإِدَارِيُّ الرُّومَانِيُّ إِلَى اسْتِخْدَامِ اسْمِ "Provincia Syria" لِيَشْمَلَ مَنَاطِقَ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ بِهَذَا الاسْمِ سَابِقًا؟ كَيْفَ سَاهَمَ الانْتِدَابُ الفَرَنْسِيُّ فِي إِحْيَاءِ اسْمِ "سُورْيَا" فِي العَصْرِ الحَدِيثِ، وَجَعْلِهِ الاسْمَ الرَّسْمِيَّ لِلدَّوْلَةِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهَا؟ الخَاتِمَةُ يُعَدُّ المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ أَدَاةً مُهِمَّةً فِي هَذَا البَحْثِ؛ لأَنَّهُ يَسْمَحُ لَنَا بِتَحْلِيلِ المَعْلُومَاتِ الوَارِدَةِ فِي المَصَادِرِ المُخْتَلِفَةِ بِشَكْلٍ نَقْدِيٍّ، وَرَبْطِهَا بِالسِّيَاقَاتِ التَّارِيخِيَّةِ لِلوُصُولِ إِلَى اسْتِنْتَاجَاتٍ دَقِيقَةٍ حَوْلَ أَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا". وَمِنْ خِلَالِ مُقَارَنَةِ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ، وَتَحْلِيلِ التَّغْيِيرَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، وَرَبْطِهَا بِالأَحْدَاثِ التَّارِيخِيَّةِ، يُمْكِنُنَا تَقدِيمُ تَفْسِيرٍ عِلْمِيٍّ مُتَكَامِلٍ يُوَضِّحُ كَيْفَ نَشَأَ هَذَا الاسْمُ، وَكَيْفَ اسْتَمَرَّ فِي الاِسْتِخْدَامِ حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا. المَنْهَجُ المُقَارِنُ: مُقَارَنَةُ النَّظَرِيَّاتِ المُتَبَايِنَةِ حَوْلَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، وَتَقْيِيمُ مَدَى دِقَّتِهَا وَفْقًا لِلأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ المُتَاحَةِ المَنْهَجُ المُقَارِنُ فِي دِرَاسَةِ أَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا" تَعْرِيفُ المَنْهَجِ المُقَارِنِ فِي البَحْثِ العِلْمِيِّ يُعَدُّ المَنْهَجُ المُقَارِنُ أَدَاةً تَحْلِيلِيَّةً تَهْدِفُ إِلَى مُقَارَنَةِ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ الَّتِي تُفَسِّرُ ظَاهِرَةً مُعَيَّنَةً، وَذَلِكَ بِغَرَضِ تَقْيِيمِ مَدَى دِقَّتِهَا مِنْ خِلَالِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ المُتَاحَةِ. فِي إِطَارِ البَحْثِ حَوْلَ أَصْلِ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا"، يُسَاعِدُ المَنْهَجُ المُقَارِنُ فِي دِرَاسَةِ الفَرَضِيَّاتِ المُتَعَدِّدَةِ الَّتِي طَرَحَتْهَا المَدَارِسُ التَّارِيخِيَّةُ وَاللُّغَوِيَّةُ المُخْتَلِفَةُ، وَتَحْدِيدِ أَيٍّ مِنْهَا أَكْثَرُ اتِّسَاقًا مَعَ الأَدِلَّةِ العِلْمِيَّةِ. أَهَمِّيَّةُ اسْتِخْدَامِ المَنْهَجِ المُقَارِنِ فِي بَحْثِنَا يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ المُقَارِنُ فِي هَذَا البَحْثِ مِنْ أَجْلِ: تَحْلِيلِ الفُرُوقَاتِ وَالتَّشَابُهَاتِ بَيْنَ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ حَوْلَ أَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا". تَقْيِيمِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ الَّتِي تَسْتَنِدُ إِلَيْهَا كُلُّ نَظَرِيَّةٍ. الوُصُولِ إِلَى اسْتِنْتَاجَاتٍ دَقِيقَةٍ بِشَأْنِ التَّسْمِيَةِ، بِناءً عَلَى مَدَى قُوَّةِ الأَدِلَّةِ وَصِحَّتِهَا. أَيْنَ سَنَسْتَخْدِمُ المَنْهَجَ المُقَارِنَ فِي البَحْثِ؟ مُقَارَنَةُ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ حَوْلَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ المُقَارِنُ لِتَحْدِيدِ أَوْجُهِ التَّشَابُهَ وَالاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّظَرِيَّاتِ المَطْرُوحَةِ، وَدِرَاسَةِ مَدَى مَنْطِقِيَّةِ كُلٍّ مِنْهَا. أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: مُقَارَنَةُ النَّظَرِيَّةِ الآشُورِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ الإِغْرِيقِيَّةِ: تَدَّعِي النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" مُشْتَقٌّ مِنْ "آشُور" (Aššur)، حَيْثُ قَامَ الإِغْرِيقُ بِتَحْرِيفِ الاسْمِ. فِي المُقَابِلِ، تَرَى النَّظَرِيَّةُ الإِغْرِيقِيَّةُ أَنَّ الاسْمَ ظَهَرَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ فِي الكِتَابَاتِ اليُونَانِيَّةِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ "Συρία" (Syria) دُونَ عَلاقَةٍ مُبَاشِرَةٍ بِـ "آشُور". المُقَارَنَةُ: أَيُّهُمَا أَقْدَمُ؟ وَأَيُّ الأَدِلَّةِ أَكْثَرُ وُضُوحًا فِي النُّصُوصِ القَدِيمَةِ؟ مُقَارَنَةُ النَّظَرِيَّةِ الفِينِيقِيَّةِ وَالكَنْعَانِيَّةِ بِالنَّظَرِيَّةِ الآرَامِيَّةِ: يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الاسْمَ قَدْ يَكُونُ ذَا جُذُورٍ فِينِيقِيَّةٍ أَو كَنْعَانِيَّةٍ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى المُصْطَلَحَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ القَدِيمَةِ فِي المِنْطَقَةِ. فِي حِينِ تَفْتَرِضُ النَّظَرِيَّةُ الآرَامِيَّةُ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" رُبَّمَا تَطَوَّرَ مِنْ "آرَام"، حَيْثُ كَانَتِ اللُّغَةُ الآرَامِيَّةُ شَائِعَةً فِي بِلَادِ الشَّامِ لِعِدَّةِ قُرُونٍ. المُقَارَنَةُ: هَلْ تُوجَدُ نُقُوشٌ أَو أَدِلَّةٌ لُغَوِيَّةٌ تَدْعَمُ إِحْدَى الفَرَضِيَّاتِ أَكْثَرَ مِنَ الأُخْرَى؟ تَحْلِيلُ مَدَى دِقَّةِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ لِكُلِّ نَظَرِيَّةٍ يُسْتَخْدَمُ المَنْهَجُ المُقَارِنُ لِمُقَارَنَةِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ المُتَوَافِرَةِ لِكُلِّ فَرَضِيَّةٍ، وَتَحْدِيدِ أَيُّهَا أَقْرَبُ إِلَى الحَقِيقَةِ العِلْمِيَّةِ. أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: النُّقُوشُ الأَثَرِيَّةُ: فِي النَّظَرِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، لَا تُوجَدُ نُصُوصٌ آشُورِيَّةٌ تُشِيرُ إِلَى "سُورْيَا" كَمِنْطَقَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ آشُور. فِي النَّظَرِيَّةِ الإِغْرِيقِيَّةِ، وَرَدَ اسْمُ "Συρία" (Syria) فِي كِتَابَاتِ هِيرُودُوت لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، مِمَّا يَجْعَلُهُ أَقْدَمَ مَصْدَرٍ مُوَثَّقٍ لِهَذَا الاسْمِ. المُقَارَنَةُ: أَيُّهُمَا دَلِيلٌ أَكْثَرُ قُوَّةً؟ اسْتِخْدَامُ الإِغْرِيقِ لِلِاسْمِ، أَمِ الرَّبْطُ غَيْرُ المُبَاشِرِ بَيْنَ آشُور وَسُورْيَا؟ المَصَادِرُ الإِسْلَامِيَّةُ وَالحَدِيثَةُ فِي دِرَاسَةِ أَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا" فِي العُصُورِ الإِسْلَامِيَّةِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اِسْتِخْدَامٌ وَاسِعٌ لِمُصْطَلَحِ "سُورْيَا" فِي العُصُورِ الإِسْلَامِيَّةِ، بَلْ كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِاسْمِ "بِلَادِ الشَّامِ"، وَالَّذِي يُشِيرُ إِلَى الإِقْلِيمِ الجُغْرَافِيِّ الَّذِي يَضُمُّ سُورْيَا، وَلبْنَان، وَفِلَسْطِين، وَالأُرْدُنّ. فِي العَصْرِ العُثْمَانِيِّ: لَمْ يَكُنِ اسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا رَسْمِيًّا فِي التَّنْظِيمَاتِ الإِدَارِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ، وَبَلَغَ الإِقْلِيمُ فِي العُثْمَانِيَّةِ "وِلَايَةَ دِمَشْقَ" وولاية حَلَبَ". لَكِنَّ الاسْمَ بَدَأَ يَظْهَرُ مَعَ الاِسْتِعْمَارِ الأُورُوبِّيِّ وَالاِنْتِدَابِ الفَرَنْسِيِّ، وَخُصُوصًا بَعْدَ سُقُوطِ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ. المُقَارَنَةُ هَلْ كَانَ اِسْتِخْدَامُ اسْمِ "سُورْيَا" فِي العَصْرِ الحَدِيثِ اِمْتِدَادًا تَارِيخِيًّا طَبِيعِيًّا، أَمْ أَنَّهُ اُسْتُحْدِثَ لَاحِقًا لِأَغْرَاضٍ سِيَاسِيَّةٍ؟ يُمْكِنُ القَوْلُ إِنَّ الاِسْتِخْدَامَ الرَّسْمِيَّ لِاسْمِ "سُورْيَا" هُوَ نِتَاجٌ لِتَطَوُّرَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ حَدِيثَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَدَاوَلًا فِي المَصَادِرِ الإِسْلَامِيَّةِ أَوِ العُثْمَانِيَّةِ بِصُورَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. ظُهُورُهُ كَاسْمٍ دَوْلِيٍّ حَدَثَ خِلالَ القَرْنِ العِشْرِينَ، فِي ظِلِّ الاِنْتِدَابِ الفَرَنْسِيِّ وَالحَرَكَةِ القَوْمِيَّةِ العَرَبِيَّةِ. مُقَارَنَةُ التَّفْسِيرَاتِ اللُّغَوِيَّةِ لِلنَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ تَحْلِيلُ الاِشْتِقَاقِ اللُّغَوِيِّ أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ:هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ "Συρία" (Syria) هُوَ تَحْرِيفٌ لِـ"آشُور"؟ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ اِقْتَبَسُوا التَّسْمِيَةَ مِن "آشُور"، وَحَرَّفُوهَا إِلَى "Συρία" (Syria). لَكِنَّ النُّقُوشَ الآشُورِيَّةَ لَمْ تَذْكُرْ "سُورْيَا" كَتَسْمِيَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، مِمَّا يَضْعُفُ مِصْدَاقِيَّةَ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ. هَلْ يُوجَدُ فِي اللُّغَةِ الأَكَادِيَّةِ أَوِ الآرَامِيَّةِ مُصْطَلَحٌ قَرِيبٌ مِن "سُورْيَا"؟ فِي اللُّغَةِ الآرَامِيَّةِ، الكَلِمَةُ الأَقْرَبُ هِيَ ܣܘܪܝܐ (Sūrīyā)، وَهِيَ تَسْمِيَةٌ كَانَت تُطْلَقُ عَلَى السُّرْيَانِ أَكْثَرَ مِنْ كَوْنِهَا مُصْطَلَحًا جُغْرَافِيًّا. كَيْفَ أَثَّرَ اِسْتِخْدَامُ الإِغْرِيقِ وَالرُّومَانِ لِلِاسْمِ عَلَى اِسْتِمْرَارِهِ حَتَّى اليَوْمِ؟ مَعَ التَّوَسُّعِ الرُّومَانِيِّ، تَحَوَّلَ "Συρία" إِلَى "Provincia Syria"، وَظَلَّ الاِسْمُ مُتَدَاوَلًا فِي الكِتَابَاتِ الغَرْبِيَّةِ حَتَّى العُصُورِ الحَدِيثَةِ.
دِرَاسَةُ التَّحَوُّلَاتِ الصَّوْتِيَّةِ أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ: كَيْفَ تَطَوَّرَ النُّطْقُ مِنْ "Aššur" إِلَى "Syria"؟ فِي اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ، تُوجَدُ تَحَوُّلَاتٌ فُونِيتِيَّةٌ، حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ تَتَغَيَّرَ "آشُور" إِلَى "سُورْيَا" بِفِعْلِ الاِنْتِقَالِ اللُّغَوِيِّ. هَلْ تُوجَدُ أَمْثِلَةٌ مُشَابِهَةٌ لِتَحْرِيفِ أَسْمَاءٍ جُغْرَافِيَّةٍ فِي لُغَاتٍ أُخْرَى؟ نَعَمْ، مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ تَحْوِيرُ اِسْمِ "مِصْر" (Egypt) مِن "Aigyptos" فِي اليُونَانِيَّةِ إِلَى "Egypt" فِي الإِنْجِلِيزِيَّةِ. مُقَارَنَةُ مَدَى قُبُولِ النَّظَرِيَّاتِ فِي الأَوْسَاطِ الأَكَادِيمِيَّةِ أمثلةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ:البَاحِثُونَ الَّذِينَ يُدَعِّمُونَ النَّظَرِيَّةَ الآشُورِيَّةَ: عُلَمَاءُ الآشُورِيَّاتِ مِثْل جُون بُوتِيرُو يَرَوْنَ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" هُوَ تَحْرِيفٌ لِـ "آشُور". البَاحِثُونَ الَّذِينَ يُدَعِّمُونَ النَّظَرِيَّةَ الإِغْرِيقِيَّةَ:عُلَمَاءُ التَّارِيخِ اليُونَانِيِّ مِثْل بِيتِر غْرِين يَرَوْنَ أَنَّ المُصْطَلَحَ يُونَانِيٌّ بَحْتٌ وَلَيْسَ لَهُ عَلاقَةٌ بِـ "آشُور". المُقَارَنَةُ: أَيُّ النَّظَرِيَّاتِ الأَكْثَرُ انْتِشَارًا فِي الأَبْحَاثِ الحَدِيثَةِ، وَلِمَاذَا؟ تَبْقَى النَّظَرِيَّةُ الإِغْرِيقِيَّةُ هِيَ الأَكْثَرَ قُبُولًا، لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إِلَى أَقْدَمِ مَصَادِرَ مُوَثَّقَةٍ. البَاحِثُونَ الَّذِينَ يُدَعِّمُونَ النَّظَرِيَّةَ الآرَامِيَّةَ أَوِ الفِينِيقِيَّةَ رُؤيَةُ البَاحِثِينَ فِي اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ فِي اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ مَصْدَرٍ مَحَلِّيٍّ أَقْدَمَ، رُبَّمَا يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِـ الآرَامِيِّينَ أَوِ الفِينِيقِيِّينَ، لَكِنَّ الأَدِلَّةَ التَّارِيخِيَّةَ وَاللُّغَوِيَّةَ الدَّاعِمَةَ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ ضَعِيفَةٌ. يُشِيرُ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ إِلَى أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ قَدِيمًا، لَكِنَّ النُّقُوشَ الفِينِيقِيَّةَ وَالآرَامِيَّةَ المُتَوَافِرَةَ لَا تُقَدِّمُ دَلِيلًا قَوِيًّا عَلَى نُشُوئِهِ مِنْ جُذُورٍ فِينِيقِيَّةٍ أَو آرَامِيَّةٍ مُبَاشِرَةٍ. المُقَارَنَةُ: أَيُّ النَّظَرِيَّاتِ الأَكْثَرُ انْتِشَارًا فِي الأَبْحَاثِ الحَدِيثَةِ، وَلِمَاذَا؟ النَّظَرِيَّةُ الإِغْرِيقِيَّةُ هِيَ الأَكْثَرُ قُبُولًا، لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إِلَى مَصَادِرَ تَارِيخِيَّةٍ وَكِتَابِيَّةٍ مُوَثَّقَةٍ، مِثْلَ كِتَابَاتِ هِيرُودُوت. النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ لَهَا بَعْضُ القُبُولِ، لَكِنَّ عَدَمَ وُجُودِ مَرَاجِعَ آشُورِيَّةٍ مُبَاشِرَةٍ تَذْكُرُ اسْمَ "سُورْيَا" يُضْعِفُهَا. النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالآرَامِيَّةُ أَقَلُّ قُبُولًا، لِأَنَّ النُّقُوشَ الأَثَرِيَّةَ وَالأَدِلَّةَ اللُّغَوِيَّةَ لَا تُؤَكِّدُ وُجُودَ تَسْمِيَةٍ قَدِيمَةٍ مُطَابِقَةٍ لِـ"سُورْيَا" فِي الفِينِيقِيَّةِ أَوِ الآرَامِيَّةِ. الخَاتِمَةُ أَهَمِّيَّةُ المَنْهَجِ المُقَارِنِ فِي البَحْثِ يُعَدُّ المَنْهَجُ المُقَارِنُ أَدَاةً حَيَوِيَّةً فِي هَذَا البَحْثِ؛ لأَنَّهُ يُتِيحُ لَنَا مُقَارَنَةَ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ بِشَكْلٍ عِلْمِيٍّ وَنَقْدِيٍّ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَحْلِيلِ الأَدِلَّةِ المُتَاحَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَوِيَّةً أَو تَارِيخِيَّةً أَو أَثَرِيَّةً. وَمِنْ خِلَالِ مُقَارَنَةِ الفَرَضِيَّاتِ، وَتَقْيِيمِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ، وَمُرَاجَعَةِ مَدَى قَبُولِهَا أَكَادِيمِيًّا، يُمْكِنُنَا تَقْدِيمُ تَفْسِيرٍ أَكْثَرَ دِقَّةً لِأَصْلِ اسْمِ "سُورْيَا"، وَتَحْدِيدُ أَيِّ النَّظَرِيَّاتِ أَقْرَبُ إِلَى الحَقِيقَةِ بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ المُتَوَافِرَةِ. أَدَوَاتُ الدِّرَاسَةِ المُسْتَخْدَمَةِ المَصَادِرُ التَّارِيخِيَّةُ القَدِيمَةُ: مِثْلَ النُّقُوشِ الأَثَرِيَّةِ، وَالمَخْطُوطَاتِ الَّتِي ذَكَرَتِ اسْمَ "سُورْيَا" عَبْرَ العُصُورِ. الكُتُبُ وَالمَرَاجِعُ اللُّغَوِيَّةُ: الَّتِي تُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى أُصُولِ المُفْرَدَاتِ وَالاِشْتِقَاقَاتِ اللُّغَوِيَّةِ فِي اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ وَاليُونَانِيَّةِ. الدِّرَاسَاتُ الأَكَادِيمِيَّةُ الحَدِيثَةُ: الَّتِي تَنَاوَلَتْ مَوْضُوعَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ مِنْ وَجْهَاتِ نَظَرٍ مُخْتَلِفَةٍ. المُقَارَنَةُ بَيْنَ النُّصُوصِ التَّارِيخِيَّةِ: عَبْرَ دِرَاسَةِ اِسْتِخْدَامِ المُصْطَلَحِ فِي العُصُورِ المُخْتَلِفَةِ، وَتَحْلِيلِ دَلَالَاتِهِ ضِمْنَ سِيَاقِهِ التَّارِيخِيِّ وَالجُغْرَافِيِّ. الإِطَارُ النَّظَرِيُّ وَالمَفَاهِيمِيُّ مَفْهُومُ التَّسْمِيَةِ الجُغْرَافِيَّةِ تُشِيرُ التَّسْمِيَةُ الجُغْرَافِيَّةُ إِلَى الاسْمِ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، وَيَعْكِسُ هُوِيَّتَهُ الثَّقَافِيَّةَ وَالتَّارِيخِيَّةَ، وَهُوَ مَا يَنْطَبِقُ عَلَى اسْمِ "سُورْيَا"، الَّذِي اِرْتَبَطَ عَبْرَ التَّارِيخِ بِمَنَاطِقِ بِلَادِ الشَّامِ. نَظَرِيَّاتُ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ تُرْبِطُ اسْمَ "سُورْيَا" بِكَلِمَةِ "آشُور"، وَهِيَ مَمْلَكَةٌ قَامَتْ فِي شِمَالِ بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. كما يَعْتَقِدُ بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا اسْمَ "سُورْيَا" كَتَحْرِيفٍ لِاسْمِ "آشُور". النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" مُشْتَقٌّ مِنْ الكَلِمَةِ اليُونَانِيَّةِ "Συρία" (Syria)، الَّتِي اِسْتَخْدَمَهَا المُؤَرِّخُونَ الإِغْرِيقُ لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ. النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ :تَرَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تَعُودُ إِلَى جُذُورٍ سَامِيَّةٍ، وَرُبَّمَا تَكُونُ ذَاتَ عَلاقَةٍ بِالشُّعُوبِ الَّتِي سَكَنَتِ المِنْطَقَةَ فِي العُصُورِ القَدِيمَةِ المُصْطَلَحَاتُ الأَسَاسِيَّةُ فِي البَحْثِ بِلَادُ الشَّامِ التَّعْرِيفُ: مُصْطَلَحٌ جُغْرَافِيٌّ كَانَ يُطْلَقُ عَلَى المِنْطَقَةِ الَّتِي تَشْمَلُ سُورْيَا، وَلبْنَان، وَفِلَسْطِين، وَالأُرْدُنّ. الأَهَمِّيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ: كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِهَذَا الاسْمِ فِي العُصُورِ الإِسْلَامِيَّةِ وَالعُثْمَانِيَّةِ، وَكَانَ لَهَا دَوْرٌ مِحْوَرِيٌّ فِي التَّجَارَةِ وَالحَضَارَةِ العَرَبِيَّةِ. العَلاقَةُ بِالبَحْثِ: يُسَاعِدُ فِي فَهْمِ لِمَاذَا لَمْ يَكُنِ اسْمُ "سُورْيَا" مُتَدَاوَلًا عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ حَتَّى العَصْرِ الحَدِيثِ. الآرَامِيُّونَ التَّعْرِيفُ: إِحْدَى الشُّعُوبِ السَّامِيَّةِ الَّتِي اسْتَوْطَنَتِ سُورْيَا فِي العُصُورِ القَدِيمَةِ، وَكَانَ لَهَا تَأثِيرٌ كَبِيرٌ فِي تَارِيخِ المِنْطَقَةِ. الأَهَمِّيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ: تَكَلَّمَ الآرَامِيُّونَ اللُّغَةَ الآرَامِيَّةَ، وَالَّتِي كَانَتْ لُغَةً رَسْمِيَّةً فِي الإِمْبَرَاطُورِيَّاتِ القَدِيمَةِ. تُوجَدُ فَرْضِيَّةٌ تَفْتَرِضُ أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ كَلِمَةٍ آرَامِيَّةٍ، لَكِنَّ الأَدِلَّةَ المُتَوَافِرَةَ ضَعِيفَةٌ. العَلاقَةُ بِالبَحْثِ: يُمْكِنُ لِدِرَاسَةِ تَأثِيرِ الآرَامِيِّينَ فِي المِنْطَقَةِ أَنْ تُسَاعِدَ فِي تَفْسِيرِ مَا إِذَا كَانَ اسْمُ "سُورْيَا" نَاتِجًا عَنْ اِشْتِقَاقٍ لُغَوِيٍّ مَحَلِّيٍّ. الإِغْرِيقُ وَالرُّومَانُ التَّعْرِيفُ: الإِغْرِيقُ: حَضَارَةٌ نَشَأَتْ فِي البَحرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ وَكَانَ لَهَا تَأثِيرٌ كَبِيرٌ فِي المِنْطَقَةِ. الرُّومَانُ: إِمْبَرَاطُورِيَّةٌ كُبْرَى اِمْتَدَّتْ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ، وَثَبَّتَتْ اِسْمَ "سُورْيَا" كَمُصْطَلَحٍ إِدَارِيٍّ. الأَهَمِّيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ: كَانَ الإِغْرِيقُ أَوَّلَ مَنْ اسْتَخْدَمَ اسْمَ "Συρία" (Syria) فِي نُصُوصِهِم التَّارِيخِيَّةِ. فِي العَصْرِ الرُّومَانِيِّ، أَصْبَحَ اسْمُ "Provincia Syria" مُتَدَاوَلًا فِي التَّنْظِيمَ الإِدَارِيِّ. العَلاقَةُ بِالبَحْثِ: يُشِيرُ إِلَى أَنَّ اسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ نَاتِجًا عَنْ تَأثِيرِ الإِغْرِيقِ وَالرُّومَانِ أَكْثَرَ مِنْ كَوْنِهِ مُصْطَلَحًا لُغَوِيًّا مَحَلِّيًّا. أَهْدَافُ الإِطَارِ النَّظَرِيِّ يَهْدِفُ هَذَا الإِطَارُ النَّظَرِيُّ إِلَى وَضْعِ أُسُسٍ تَحْلِيلِيَّةٍ وَاضِحَةٍ تُسَاعِدُ فِي فَهْمِ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، وَمَدَى اِرْتِبَاطِهَا بِالحَضَارَاتِ المُخْتَلِفَةِ الَّتِي تَعَاقَبَتْ عَلَى المِنْطَقَةِ، مِمَّا يُسْهِمُ فِي تَقْدِيمِ تَفْسِيرٍ عِلْمِيٍّ دَقِيقٍ لِهَذِهِ المَسْأَلَةِ. نَظَرِيَّاتُ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ المُفْتَرَضُ: يَرْبِطُ بَعْضُ البَاحِثِينَ اسْمَ "سُورْيَا" بِكَلِمَةِ "آشُور"، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا اسْمَ "Συρία" كَتَحْرِيفٍ لِـ"آشُور". المُشْكِلَةُ: لَمْ تُشِرِ النُّقُوشُ الآشُورِيَّةُ بِوُضُوحٍ إِلَى اسْمِ "سُورْيَا" كَمِنْطَقَةٍ مُنْفَصِلَةٍ. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ المُفْتَرَضُ: يُرْجِعُ بَعْضُ البَاحِثِينَ اسْمَ "سُورْيَا" إِلَى الكَلِمَةِ اليُونَانِيَّةِ "Συρία" (Syria)، وَيَرَوْنَ أَنَّ الإِغْرِيقَ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ سَمَّوْا المِنْطَقَةَ بِهَذَا الاسْمِ. الأَدِلَّةُ: وُجِدَ اسْمُ "Συρία" فِي كِتَابَاتِ هِيرُودُوت فِي القَرْنِ الخَامِسِ قَبْلَ المِيلَادِ. النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ المُفْتَرَضُ: تُرَجِّحُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَهَا جُذُورٌ فِينِيقِيَّةٌ أَو كَنْعَانِيَّةٌ. المُشْكِلَةُ: لَمْ تُوجَدْ أَدِلَّةٌ أَثَرِيَّةٌ قَوِيَّةٌ تُثْبِتُ اسْتِخْدَامَ اسْمِ "سُورْيَا" فِي النُّقُوشِ الفِينِيقِيَّةِ. التَّلْخِيصُ يُسْهِمُ هَذَا الإِطَارُ النَّظَرِيُّ فِي:تَحْلِيلِ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ وَمَدَى عَلاقَتِهَا بِالحَضَارَاتِ السَّامِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ. تَوْضِيحِ مَدَى قُوَّةِ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ وَالأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ الدَّاعِمَةِ لِكُلٍّ مِنْهَا. تَقْدِيمِ رُؤْيَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَاضِحَةٍ حَوْلَ نُشُوءِ وَتَطَوُّرِ اسْمِ "سُورْيَا".
الفَصْلُ الأَوَّلُ: الخَلْفِيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ وَالجُغْرَافِيَّةُ يُعَدُّ المَوْقِعُ الجُغْرَافِيُّ لِأَيِّ دَوْلَةٍ مِنَ العَوَامِلِ الأَسَاسِيَّةِ الَّتِي تُسْهِمُ فِي تَشْكِيلِ تَارِيخِهَا، وَتَحْدِيدِ مَلَامِحِ تَطَوُّرِهَا الحَضَارِيِّ وَالثَّقَافِيِّ. وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ، فَإِنَّ سُورْيَا، الَّتِي تُعْرَفُ بِمَوْقِعِهَا الِاسْتِرَاتِيجِيِّ الهَامِّ، كَانَتْ عَبْرَ العُصُورِ مَرْكَزًا لِحَضَارَاتٍ عَظِيمَةٍ، تَرَكَتْ بَصَمَاتِهَا فِي شَتَّى المَجَالَاتِ، بَدْءًا مِنْ الكِتَابَةِ وَالتِّجَارَةِ، وَصُولًا إِلَى الفُنُونِ وَالهَنْدَسَةِ المِعْمَارِيَّةِ. يُنَاقِشُ هَذَا الفَصْلُ الخَلْفِيَّةَ الجُغْرَافِيَّةَ لِسُورْيَا، إِضَافَةً إِلَى لَمْحَةٍ تَارِيخِيَّةٍ عَنْ الحَضَارَاتِ الَّتِي سَكَنَتِ المِنْطَقَةَ عَبْرَ التَّارِيخِ. المَوْقِعُ الجُغْرَافِيُّ لِسُورْيَا تَحْدِيدُ المَوْقِعِ وَالمِسَاحَةِ تَقَعُ سُورْيَا فِي قَلْبِ مِنْطَقَةِ الشَّرْقِ الأَوْسَطِ، حَيْثُ تَشْغَلُ مَوْقِعًا جُغْرَافِيًّا مُتَمَيِّزًا عِنْدَ مُلْتَقَى القَارَّاتِ الثَّلَاثِ: آسْيَا، وَأُورُوبَّا، وَأَفْرِيقْيَا. الحُدُودُ الجُغْرَافِيَّةُ:مِنَ الشَّمَالِ: تُرْكِيَا.مِنَ الشَّرْقِ: العِرَاقُ.مِنَ الجَنُوبِ: الأُرْدُنُّ. مِنَ الغَرْبِ: لُبْنَانُ وَفِلَسْطِينُ المُحْتَلَّةُ وَالبَحْرُ الأَبْيَضُ المُتَوَسِّطُ. المِسَاحَةُ:تَبْلُغُ مِسَاحَةُ سُورْيَا حَوَالَي 185,180 كِيلُومِتْرًا مُرَبَّعًا، مِمَّا يَجْعَلُهَا مِنْ الدُّوَلِ ذَاتِ الاِمْتِدَادِ الجُغْرَافِيِّ الوَاسِعِ فِي المِنْطَقَةِ. أَهَمِّيَّةُ المَوْقِعِ الجُغْرَافِيِّ : يَتَمَيَّزُ مَوْقِعُ سُورْيَا بِعِدَّةِ مُزَايَا جُغْرَافِيَّةٍ جَعَلَتْهَا مَرْكَزًا اِسْتِرَاتِيجِيًّا هَامًّا عَبْرَ العُصُورِ: التَّحَكُّمُ فِي طُرُقِ التِّجَارَةِ :لَعِبَتْ سُورْيَا دَوْرًا رَئِيسِيًّا فِي التِّجَارَةِ العَالَمِيَّةِ القَدِيمَةِ، حَيْثُ كَانَتْ طُرُقُ القَوَافِلِ التِّجَارِيَّةِ تَمُرُّ عَبْرَهَا، مِثْلَ:طَرِيقِ الحَرِيرِ: الَّذِي رَبَطَ بَيْنَ الشَّرْقِ الأَقْصَى وَأُورُوبَّا. الطَّرِيقِ البَحْرِيِّ: الَّذِي يَرْبِطُ بَيْنَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ وَالخَلِيجِ العَرَبِيِّ. التَّنَوُّعُ الجُغْرَافِيُّ وَالمُنَاخِيُّ :تَتَمَتَّعُ سُورْيَا بِتَنَوُّعٍ طَبِيعِيٍّ وَاضِحٍ، حَيْثُ تَشْمَلُ: السُّهُولَ الخَصْبَةَ: مِثْلَ سَهْلِ الغَابِ وَسَهْلِ حُورَانَ. الجِبَالَ: مِثْلَ جِبَالِ القَلَمُونِ وَاللَّاذِقِيَّةِ. الصَّحَارَى: مِثْلَ بَادِيَةِ الشَّامِ. المُنَاخُ:مُنَاخٌ مُتَوَسِّطِيٌّ مُعْتَدِلٌ عَلَى السَّاحِلِ.مُنَاخٌ صَحْرَاوِيٌّ فِي المَنَاطِقِ الدَّاخِلِيَّةِ. الاِرْتِبَاطُ بِالمِيَاهِ وَالأَنْهَارِ تَقَعُ فِي سُورْيَا عِدَّةُ أَنْهَارٍ رَئِيسِيَّةٍ، مِنْ أَبْرَزِهَا:نَهْرُ الفُرَاتِ: يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ مَصَادِرِ المِيَاهِ فِي البِلَادِ. ونَهْرُ العَاصِي: يَمُرُّ بِمُحَافَظَاتِ حَمَاةَ وَإِدْلِبَ وَاللَّاذِقِيَّةِ.ونَهْرُ بَرْدَى: يُغَذِّي العَاصِمَةَ دِمَشْقَ. التَّأثِيرُ الجُغْرَافِيُّ عَلَى التَّطَوُّرِ الحَضَارِيِّ سَاهَمَ مَوْقِعُ سُورْيَا الجُغْرَافِيُّ فِي جَعْلِهَا نُقْطَةَ جَذْبٍ لِلْحَضَارَاتِ القَدِيمَةِ. قُرْبُهَا مِنَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ سَاعَدَ عَلَى تَسْهِيلِ التَّبَادُلِ الثَّقَافِيِّ وَالاِقْتِصَادِيِّ مَعَ الدُّوَلِ المُجَاوِرَةِ، مِثْلَ اليُونَانِ، وَرُومَا، وَمِصْرَ، وَبِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. لَمْحَةٌ تَارِيخِيَّةٌ عَنْ الحَضَارَاتِ الَّتِي سَكَنَتِ المِنْطَقَةَ سُورْيَا هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ أَقْدَمِ المَنَاطِقِ المَعْمُورَةِ فِي العَالَمِ، وَقَدْ شَهِدَتْ نُشُوءَ وَازْدِهَارَ العَدِيدِ مِنَ الحَضَارَاتِ. 1. الحَضَارَةُ السُّومَرِيَّةُ وَالأَكَادِيَّةُ (3000 – 2000 ق.م). 2. الحَضَارَةُ الآشُورِيَّةُ وَالبَابِلِيَّةُ (2000 – 1200 ق.م). 3. الحَضَارَةُ الكَنْعَانِيَّةُ وَالفِينِيقِيَّةُ (1500 – 500 ق.م). 4. الحَضَارَةُ الآرَامِيَّةُ (1200 – 500 ق.م). د. الحَضَارَةُ الآرَامِيَّةُ (1200 – 500 ق.م) شَكَّلَتِ الحَضَارَةُ الآرَامِيَّةُ إِحْدَى أَهَمِّ الحَضَارَاتِ الَّتِي قَامَتْ فِي سُورْيَا، وَكَانَ لَهَا تَأثِيرٌ كَبِيرٌ فِي تَشْكِيلِ الهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ لِلْمِنْطَقَةِ. اللُّغَةُ الآرَامِيَّةُ: كَانَتِ اللُّغَةُ السَّائِدَةَ فِي المِنْطَقَةِ لِعِدَّةِ قُرُونٍ، وَأَصْبَحَتِ اللُّغَةُ المُعْتَرَفُ بِهَا فِي المُعَامَلَاتِ الرَّسْمِيَّةِ وَالتِّجَارِيَّةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ وَبِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. المَمَالِكُ الآرَامِيَّةُ: مَمْلَكَةُ دِمَشْقَ: وَاحِدَةٌ مِنْ أَقْوَى المَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ، وَكَانَ لَهَا دَوْرٌ مُهِمٌّ فِي مُوَاجَهَةِ الاِمْبِرَاطُورِيَّاتِ الآشُورِيَّةِ وَالبَابِلِيَّةِ. مَمْلَكَةُ حَمَاةَ: اِشْتُهِرَتْ بِالتِّجَارَةِ وَالتَّحَالُفَاتِ السِّيَاسِيَّةِ مَعَ المُدُنِ المُجَاوِرَةِ. التَّأثِيرُ الثَّقَافِيُّ:اِسْتَخْدَمَتِ الآرَامِيَّةُ كَأُسْلُوبِ كِتَابَةٍ وَتَوَاصُلٍ فِي المِنْطَقَةِ، وَأَثَّرَتْ فِي اللُّغَاتِ الأُخْرَى، مِثْلَ العِبْرِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ. أَثَّرَ الآرَامِيُّونَ فِي العِمَارَةِ وَالفُنُونِ وَالأَعْمَالِ التِّجَارِيَّةِ فِي المِنْطَقَةِ. سُورْيَا فِي العُصُورِ الكْلاَسِيكِيَّةِ أ. الحُكْمُ الفَارِسِيُّ وَاليُونَانِيُّ (500 – 100 ق.م) مَعَ سُقُوطِ المَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ، أَصْبَحَتْ سُورْيَا جُزْءًا مِنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الفَارِسِيَّةِ الأَخْمِينِيَّةِ. الإِدَارَةُ الفَارِسِيَّةُ:قَسَّمَ الفُرْسُ سُورْيَا إِلَى وِلاَيَاتٍ تُسَمَّى "سَاتْرَابِيَاتٍ"، وَوُضِعَ عَلَيْهَا حُكَّامٌ مَحَلِّيُّونَ تَحْتَ السِّيَادَةِ الفَارِسِيَّةِ. اِسْتَمَرَّ الحُكْمُ الفَارِسِيُّ حَتَّى جَاءَ الإِسْكَنْدَرُ المَقْدُونِيُّ. ب. الفَتْحُ اليُونَانِيُّ وَالعَصْرُ الهِلِنِسْتِيُّ فِي عَامِ 333 ق.م، غَزَا الإِسْكَنْدَرُ المَقْدُونِيُّ سُورْيَا وَأَدْخَلَهَا فِي نِظَامِ الحُكْمِ الهِلِنِسْتِيِّ. بَعْدَ وَفَاةِ الإِسْكَنْدَرِ، أَصْبَحَتْ سُورْيَا جُزْءًا مِنْ مَمْلَكَةِ السِّلُوقِيِّينَ، الَّذِينَ نَشَرُوا الثَّقَافَةَ اليُونَانِيَّةَ فِي المِنْطَقَةِ. أَسَّسَ السِّلُوقِيُّونَ العَدِيدَ مِنَ المُدُنِ الكْلاَسِيكِيَّةِ فِي سُورْيَا، وَكَانَتْ أَنْطَاكِيَّةُ مِنْ أَهَمِّهَا. الَّتِي أَصْبَحَتْ عَاصِمَتَهُمْ وَمَرْكَزًا حَضَارِيًّا مُهِمًّا ب. سُورْيَا فِي ظِلِّ الحُكْمِ الرُّومَانِيِّ وَالبِيزَنْطِيِّ (100 ق.م – 640 م) أَصْبَحَتْ سُورْيَا جُزْءًا مِنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ فِي عَامِ 64 ق.م، وَظَلَّتْ تَحْتَ حُكْمِ الرُّومَانِ ثُمَّ البِيزَنْطِيِّينَ حَتَّى الفَتْحِ الإِسْلَامِيِّ. الازْدِهَارُ العُمْرَانِيُّ:خِلَالَ هَذِهِ الفَتْرَةِ، ازْدَهَرَتِ العِمَارَةُ فِي سُورْيَا، وَتَمَّ بِنَاءُ العَدِيدِ مِنَ المَعَابِدِ وَالمَسَارِحِ وَالمُدُنِ المُزْدَهِرَةِ، مِثْلَ: بُصْرَى: كَانَتْ مَرْكَزًا إِدَارِيًّا وَعَسْكَرِيًّا مُهِمًّا فِي الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ. تَدْمُرُ: شَهِدَتْ نُهُوضَ مَمْلَكَةِ تَدْمُرَ وَقِيَادَةَ المَلِكَةِ زِنُوبِيَا لِحَرَكَةِ تَمَرُّدٍ ضِدَّ الرُّومَانِ. جَرَش: اِزْدَهَرَتْ كَوَاحِدَةٍ مِنَ المُدُنِ العَشْرِ الرُّومَانِيَّةِ (الديكابوليس) وَكَانَتْ مَرْكَزًا تِجَارِيًّا هَامًّا. سُورْيَا فِي العُصُورِ الإِسْلَامِيَّةِ مَعَ الفَتْحِ الإِسْلَامِيِّ فِي عَامِ 636 م، أَصْبَحَتْ سُورْيَا جُزْءًا مِنَ الخِلَافَةِ الإِسْلَامِيَّةِ. عَاصِمَةُ الأُمَوِيِّينَ:فِي عَامِ 661 م، أَسَّسَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الخِلَافَةَ الأُمَوِيَّةَ، وَجَعَلَ دِمَشْقَ عَاصِمَةً لَهَا. شَهِدَتْ سُورْيَا اِزْدِهَارًا فِي العُلُومِ وَالفُنُونِ وَالمَعَارِفِ وَالإِدَارَةِ، وَكَانَ لَهَا دَوْرٌ رَئِيسِيٌّ فِي نَهْضَةِ الحَضَارَةِ الإِسْلَامِيَّةِ. العُصُورُ التَّالِيَةُ:بَعْدَ سُقُوطِ الأُمَوِيِّينَ، خَضَعَتْ سُورْيَا لِحُكْمِ العَبَّاسِيِّينَ، وَالطُّلُونِيِّينَ، وَالفَاطِمِيِّينَ، وَالأَيُّوبِيِّينَ، وَالمَمَالِيكِ، ثُمَّ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ حَتَّى بَدَايَةِ القَرْنِ العِشْرِينَ. سُورْيَا فِي العَصْرِ الحَدِيثِ بَعْدَ انْهِيَارِ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ بَعْدَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى، أَصْبَحَتْ سُورْيَا تَحْتَ الاِنْتِدَابِ الفَرَنْسِيِّ حَتَّى اِسْتِقْلَالِهَا فِي عَامِ 1946. التَّطَوُّرُ السِّيَاسِيُّ وَالاِجْتِمَاعِيُّ: شَهِدَتْ سُورْيَا تَحَوُّلَاتٍ سِيَاسِيَّةً كُبْرَى، وَحَافَظَتْ عَلَى إِرْثِهَا الحَضَارِيِّ وَالتَّارِيخِيِّ. بَقِيَتْ دِمَشْقُ مَرْكَزًا ثَقَافِيًّا مُهِمًّا فِي العَالَمِ العَرَبِيِّ وَالإِسْلَامِيِّ. الخَاتِمَةُ بَفَضْلِ مَوْقِعِهَا الجُغْرَافِيِّ المُتَمَيِّزِ، كَانَتْ سُورْيَا نُقْطَةَ الْتِقَاءِ لِلْحَضَارَاتِ المُخْتَلِفَةِ، مِمَّا جَعَلَهَا مَسْرَحًا لِلأَحْدَاثِ التَّارِيخِيَّةِ الكُبْرَى وَمَرْكَزًا لِلإِشْعَاعِ الثَّقَافِيِّ فِي المِنْطَقَةِ. مِنْ خِلَالِ تَتَبُّعِ الحَضَارَاتِ الَّتِي قَامَتْ عَلَى أَرْضِهَا، يَتَّضِحُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ تَسْمِيَةٍ جُغْرَافِيَّةٍ، بَلْ كَانَ رَمْزًا لِعُمْقِهَا الحَضَارِيِّ وَالتَّارِيخِيِّ، وَهُوَ مَا يَجْعَلُ البَحْثَ فِي أَصْلِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ مَوْضُوعًا غَنِيًّا يَسْتَحِقُّ الدِّرَاسَةَ وَالتَّحْلِيلَ العَمِيقَ.
الفَصْلُ الثَّانِي: أُصُولُ التَّسْمِيَةِ فِي المَصَادِرِ التَّارِيخِيَّةِ يُعَدُّ البَحْثُ فِي أُصُولِ التَّسْمِيَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ مِنَ المَوْضُوعَاتِ المُهِمَّةِ الَّتِي تُتِيحُ لَنَا فَهْمَ السِّيَاقَاتِ التَّارِيخِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى نُشُوءِ الأَسْمَاءِ وَتَطَوُّرِهَا عَبْرَ الزَّمَنِ. بِالنِّسْبَةِ لِاِسْمِ "سُورْيَا"، فَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي العَدِيدِ مِنَ المَصَادِرِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ اِسْمًا مُسْتَحْدَثًا، بَلْ هُوَ مُصْطَلَحٌ قَدِيمٌ لَهُ جُذُورٌ تَارِيخِيَّةٌ وَحَضَارِيَّةٌ عَمِيقَةٌ. يُنَاقِشُ هَذَا الفَصْلُ أَقْدَمَ الإِشَارَاتِ إِلَى اِسْمِ "سُورْيَا"، مَعَ تَحْلِيلِ المَصَادِرِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ الَّتِي تَنَاوَلَتْ أَصْلَ التَّسْمِيَةِ. أَقْدَمُ الإِشَارَاتِ إِلَى اِسْمِ "سُورْيَا" يَعُودُ اِسْتِخْدَامُ اِسْمِ "سُورْيَا" إِلَى العُصُورِ القَدِيمَةِ، حَيْثُ وَرَدَ فِي الْعَدِيدِ مِنَ النُّقُوشِ وَالكِتَابَاتِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي تَرَكَتْهَا الحَضَارَاتُ الَّتِي تَعَاقَبَتْ عَلَى المِنْطَقَةِ. اِسْتِخْدَامُ الاِسْمِ فِي النُّصُوصِ الأَكَادِيَّةِ وَالآشُورِيَّةِ فِي المَصَادِرِ الأَكَادِيَّةِ، كَانَتْ تُوجَدُ إِشَارَاتٌ إِلَى مَنَاطِقِ الشَّامِ، وَلَكِنْ لَمْ يُوجَدْ تَطَابُقٌ كَامِلٌ لِاِسْمِ "سُورْيَا" فِي النُّقُوشِ الآشُورِيَّةِ. تُوجَدُ فَرَضِيَّةٌ تَرَى أَنَّ "سُورْيَا" مُشْتَقَّةٌ مِنْ "آشُور"، لَكِنْ لَا تُوجَدُ أَدِلَّةٌ حَاسِمَةٌ تُؤَكِّدُ ذَلِكَ. اِسْتِخْدَامُ الاِسْمِ فِي النُّصُوصِ الأَكَادِيَّةِ وَالآشُورِيَّةِ يُعْتَقَدُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" مُرْتَبِطٌ بِالحَضَارَةِ الآشُورِيَّةِ، حَيْثُ يُرَجِّحُ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ هُم مَنْ أَطْلَقُوا هَذَا الاِسْمَ عَلَى المِنْطَقَةِ كَتَحْرِيفٍ لِكَلِمَةِ "آشُور" (Aššur)، الَّتِي كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ فِي شِمَالِ بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. وَرَدَتْ كَلِمَةُ "آشُور" فِي العَدِيدِ مِنَ النُّصُوصِ الأَكَادِيَّةِ وَالآشُورِيَّةِ، وَكَانَتْ تَدُلُّ عَلَى المِنْطَقَةِ المُمتَدَّةِ مِنْ شِمَالِ العِرَاقِ إِلَى شِمَالِ شَرْقِ سُورْيَا الحَالِيَّةِ. اِسْتِخْدَامُ الاِسْمِ فِي المَصَادِرِ اليُونَانِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ يُعْتَبَرُ المُؤَرِّخُ هِيرُودُوت (القَرْنُ الخَامِسُ ق.م) مِنْ أَقْدَمِ المُؤَرِّخِينَ الإِغْرِيقِ الَّذِينَ أَشَارُوا إِلَى اِسْمِ "سُورْيَا"، حَيْثُ ذَكَرَ فِي كِتَابَاتِهِ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا هَذَا الاِسْمَ عَلَى الأَرَاضِي الوَاقِعَةِ إِلَى الشَّرْقِ مِنَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ. اِسْتَخْدَمَ الرُّومَانُ المُصْطَلَحَ نَفْسَهُ لَاحِقًا، وَأَطْلَقُوا عَلَى الإِقْلِيمِ الَّذِي كَانَ يَشْمَلُ بِلَادَ الشَّامِ اِسْمَ "Provincia Syria" أَثْنَاءَ حُكْمِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ. ذِكْرُ الاِسْمِ فِي الكِتَابَاتِ الفِينِيقِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ فِي النُّقُوشِ الفِينِيقِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ، وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى تَسْمِيَةِ "سُورْيَا"، لَكِنْ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ، إِذْ كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِأَسْمَاءِ المُدُنِ وَالدُّوَلِ المُسْتَقِلَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَائِمَةً فِيهَا، مِثْلَ: أُوغَارِيت، جُبَيْل، دِمَشْقَ، تَدْمُرَ بَعْضُ الدِّرَاسَاتِ تُفْتَرِضُ أَنَّ الاِسْمَ كَانَ مُتَدَاوَلًا بَيْنَ الشُّعُوبِ السَّامِيَّةِ، وَلَكِنْ بِصِيَغٍ مُخْتَلِفَةٍ. اِسْتِخْدَامُ الاِسْمِ فِي العَهْدِ القَدِيمِ وَالكُتُبِ الدِّينِيَّةِ وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى اِسْمِ "آرَام" فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ (العَهْدِ القَدِيمِ) لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنَاطِقِ الَّتِي كَانَتْ تُعْرَفُ لَاحِقًا بِسُورْيَا، خَاصَّةً مَدِينَةَ دِمَشْقَ وَمُحِيطِهَا. كَانَتْ كَلِمَةُ "آرَام" تُسْتَخْدَمُ لِلإِشَارَةِ إِلَى المَمْلَكَةِ الآرَامِيَّةِ الَّتِي حَكَمَتْ أَجْزَاءً وَاسِعَةً مِنْ بِلَادِ الشَّامِ. هَذَا يُعَزِّزُ الفَرْضِيَّةَ القَائِلَةَ بِأَنَّ تَسْمِيَةَ "سُورْيَا" قَدْ تَكُونُ تَطَوَّرَتْ مِنْ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ القَدِيمَةِ. المَصَادِرُ اللُّغَوِيَّةُ وَالتَّارِيخِيَّةُ لِتَسْمِيَةِ سُورْيَا تُعَدُّ دِرَاسَةُ الجُذُورِ اللُّغَوِيَّةِ لِتَسْمِيَةِ "سُورْيَا" أَمْرًا ضَرُورِيًّا لِفَهْمِ تَطَوُّرِ الاِسْمِ عَبْرَ الزَّمَنِ. كَثُرَتِ النَّظَرِيَّاتُ حَوْلَ أَصْلِهِ، وَتَمَّ طَرْحُ العَدِيدِ مِنَ الفَرَضِيَّاتِ الَّتِي تَرْبِطُهُ بِحَضَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. الفَرَضِيَّةُ الآشُورِيَّةُ (الاِشْتِقَاقُ مِنْ "آشُور") تُعَدُّ هَذِهِ الفَرَضِيَّةُ مِنْ أَكْثَرِ الفَرَضِيَّاتِ انْتِشَارًا بَيْنَ البَاحِثِينَ. يَرَى بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ هُم مَنْ أَطْلَقُوا اِسْمَ "Συρία" (Syria) عَلَى المِنْطَقَةِ، كَتَحْرِيفٍ لِكَلِمَةِ "آشُور" (Aššur)، وَالَّتِي كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ. يَدْعَمُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةَ اِسْتِخْدَامُ الإِغْرِيقِ كَلِمَةَ "Syroi" لِلإِشَارَةِ إِلَى سُكَّانِ المِنْطَقَةِ. الفَرَضِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ (المُصْطَلَحُ الإِغْرِيقِيُّ "سِيرْيَا") يَعْتَقِدُ بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ كَلِمَةَ "سُورْيَا" جَاءَتْ مِنَ التَّسْمِيَةِ اليُونَانِيَّةِ "Συρία" (Syria)، وَالَّتِي أَطْلَقَهَا الإِغْرِيقُ عَلَى الأَرَاضِي المُمتَدَّةِ شَرْقَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ. تُؤَكِّدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةُ أَنَّ الاِسْمَ لَمْ يَكُنْ مُرْتَبِطًا بِالضَّرُورَةِ بِآشُورَ، بَلْ كَانَ مُصْطَلَحًا يُونَانِيًّا مُسْتَقِلًّا أُطْلِقَ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ بِسَبَبِ التَّأثِيرَاتِ الثَّقَافِيَّةِ وَالتِّجَارِيَّةِ بَيْنَ الإِغْرِيقِ وَشُعُوبِ المِنْطَقَةِ. الفَرَضِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ كَلِمَةٍ فِينِيقِيَّةٍ أَوْ كَنْعَانِيَّةٍ تُشِيرُ إِلَى الأَرْضِ المُرْتَفِعَةِ أَوِ السَّهْلِ السَّاحِلِيِّ الَّذِي سَكَنَهُ الفِينِيقِيُّونَ. كَانَتِ المُدُنُ الفِينِيقِيَّةُ مِثْلَ:أُوغَارِيت وصَيْدَا وجُبَيْل مَرَاكِزَ حَضَارِيَّةً مُهِمَّةً، وَكَانَ لَهَا تَأثِيرٌ وَاسِعٌ فِي التِّجَارَةِ وَالثَّقَافَةِ فِي المِنْطَقَةِ. يُرَجِّحُ بَعْضُ المُؤَرِّخِينَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ نَاتِجًا عَنْ تَأثِيرِ الفِينِيقِيِّينَ فِي تَسْمِيَةِ الأَرَاضِي الَّتِي كَانُوا يُسَيْطِرُونَ عَلَيْهَا، وَخَاصَّةً المَنَاطِقَ السَّاحِلِيَّةَ. الفَرَضِيَّةُ الآرَامِيَّةُ (عِلَاقَةُ الاِسْمِ بِـ "آرَام") كَانَتْ مَمْلَكَةُ "آرَام" مِنْ أَبْرَزِ المَمَالِكِ الَّتِي قَامَتْ فِي سُورْيَا خِلَالَ الأَلْفِيَّةِ الأُولَى قَبْلَ المِيلَادِ، حَيْثُ كَانَتْ دِمَشْقُ عَاصِمَةً وَاحِدَةً مِنْ أَقْوَى المَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ. يَعْتَقِدُ بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تَكُونُ تَطَوَّرَتْ مِنْ اِسْمِ "آرَام" لِيُصْبِحَ لَاحِقًا "سُورْيَا"، وَخَاصَّةً أَنَّ اللُّغَةَ الآرَامِيَّةَ كَانَتِ اللُّغَةَ السَّائِدَةَ فِي بِلَادِ الشَّامِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ مَحَلَّهَا اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ بَعْدَ الفَتْحِ الإِسْلَامِيِّ. المَصَادِرُ التَّارِيخِيَّةُ الإِسْلَامِيَّةُ فِي المَصَادِرِ التَّارِيخِيَّةِ العَرَبِيَّةِ وَالإِسْلَامِيَّةِ، لَمْ يَكُنْ اِسْمُ "سُورْيَا" شَائِعًا فِي البِدَايَةِ، حَيْثُ كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِاِسْمِ "بِلَادِ الشَّامِ". لَكِنْ مَعَ دُخُولِ المُصْطَلَحَاتِ الغَرْبِيَّةِ إِلَى العَالَمِ العَرَبِيِّ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ، بَدَأَ اِسْتِخْدَامُ اِسْمِ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ مُتَزَايِدٍ لِيُشِيرَ إِلَى الدَّوْلَةِ الحَالِيَّةِ، وَخُصُوصًا بَعْدَ تَقْسِيمِ بِلَادِ الشَّامِ فِي أَعْقَابِ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى. الخَاتِمَةُ تُظْهِرُ دِرَاسَةُ أُصُولِ اِسْمِ "سُورْيَا" أَنَّهُ مُصْطَلَحٌ قَدِيمٌ جِدًّا، وَرَدَ فِي العَدِيدِ مِنَ المَصَادِرِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ الَّتِي تَعُودُ إِلَى حَضَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَرَغْمَ تَعَدُّدِ النَّظَرِيَّاتِ حَوْلَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، فَإِنَّ الفَرَضِيَّةَ الأَكْثَرَ قَبُولًا بَيْنَ المُؤَرِّخِينَ هِيَ اِرْتِبَاطُ الاِسْمِ بِالحَضَارَةِ الآشُورِيَّةِ، حَيْثُ يُعْتَقَدُ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا اِسْمَ "سِيرْيَا" عَلَى المِنْطَقَةِ كَتَحْرِيفٍ لِكَلِمَةِ "آشُور". مَعَ ذَلِكَ، لَا يَزَالُ هُنَاكَ جَدَلٌ حَوْلَ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ، حَيْثُ تُشِيرُ بَعْضُ الأَدِلَّةِ إِلَى أَنَّ الاِسْمَ قَدْ يَكُونُ لَهُ جُذُورٌ يُونَانِيَّةٌ، أَوْ حَتَّى كَنْعَانِيَّةٌ أَوْ آرَامِيَّةٌ. إِنَّ تَتَبُّعَ تَطَوُّرِ هَذَا الاِسْمِ عَبْرَ العُصُورِ لَا يُسَلِّطُ الضَّوْءَ فَقَطْ عَلَى تَارِيخِ التَّسْمِيَةِ، بَلْ يَكْشِفُ أَيْضًا عَنْ مَدَى التَّأثِيرِ المُتَبَادَلِ بَيْنَ الحَضَارَاتِ المُخْتَلِفَةِ الَّتِي مَرَّتْ عَلَى سُورْيَا، مِمَّا يَجْعَلُهَا وَاحِدَةً مِنْ أَغْنَى المَنَاطِقِ مِنْ حَيْثُ الإِرْثُ الثَّقَافِيُّ وَالتَّارِيخِيُّ. أَقْدَمُ الإِشَارَاتِ إِلَى اِسْمِ "سُورْيَا" فِي النُّصُوصِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ يُعَدُّ البَحْثُ فِي أُصُولِ اِسْمِ "سُورْيَا" أَمْرًا مُعَقَّدًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الحَضَارَاتِ الَّتِي تَعَاقَبَتْ عَلَى هَذِهِ المِنْطَقَةِ وَتَأثِيرَاتِهَا عَلَى التَّسْمِيَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أُولَى الإِشَارَاتِ إِلَى هَذَا الاِسْمِ فِي نُصُوصٍ تَارِيخِيَّةٍ وَلُغَوِيَّةٍ قَدِيمَةٍ، بَعْضُهَا اِرْتَبَطَ بِالإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، وَبَعْضُهَا الآخَرُ ظَهَرَ فِي الكِتَابَاتِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ، مِمَّا يَعْكِسُ تَدَاخُلًا حَضَارِيًّا سَاهَمَ فِي تَشْكِيلِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ. الإِشَارَاتُ الآشُورِيَّةُ وَالبَابِلِيَّةُ لِاِسْمِ "سُورْيَا" تُشِيرُ بَعْضُ الدِّرَاسَاتِ إِلَى أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِـ "آشُور" (Aššur)، وَهُوَ الاِسْمُ الَّذِي كَانَ يُطْلَقُ عَلَى الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ. ظَهَرَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى اِسْمِ "آشُور" فِي العَدِيدِ مِنَ النُّقُوشِ المَلَكِيَّةِ الآشُورِيَّةِ وَالبَابِلِيَّةِ، وَالَّتِي وَثَّقَتْ تَوَسُّعَ هَذِهِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ وَنُفُوذَهَا عَلَى مَنَاطِقَ وَاسِعَةٍ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى الإِشَارَاتِ الآشُورِيَّةِ وَالبَابِلِيَّةِ: نُقُوشُ تِغْلَاتْ بِلَاصَرَ الأَوَّلِ (1115-1077 ق.م):وَرَدَ ذِكْرُ الحَمَلَاتِ العَسْكَرِيَّةِ الَّتِي شَنَّهَا عَلَى المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ غَرْبَ الفُرَاتِ، وَالَّتِي تَشْمَلُ أَجْزَاءً مِنْ سُورْيَا الحَالِيَّةِ. كِتَابَاتُ سَرْجُونَ الثَّانِي (722-705 ق.م):أَشَارَ المَلِكُ الآشُورِيُّ إِلَى المَنَاطِقِ الَّتِي أَخْضَعَهَا، وَمِنْهَا مُدُنُ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ وَأَجْزَاءٌ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بَدَايَةً لِاسْتِخْدَامِ الاِسْمِ مِنْ قِبَلِ الشُّعُوبِ المُجَاوِرَةِ. النُّصُوصُ البَابِلِيَّةُ:وَرَدَ اِسْمُ "أَمُورُو" (Amurru) فِي النُّقُوشِ الأَكَادِيَّةِ لِلإِشَارَةِ إِلَى سُكَّانِ الغَرْبِ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا المُصْطَلَحُ قَدْ سَاهَمَ فِي تَطَوُّرِ اِسْمِ "سُورْيَا". نَقْدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ:عَلَى الرَّغْمِ مِنْ هَذِهِ الإِشَارَاتِ، فَإِنَّ النُّصُوصَ الآشُورِيَّةَ لَمْ تَذْكُرْ صَرَاحَةً اِسْمَ "سُورْيَا"، بَلِ اسْتَخْدَمَتْ مُصْطَلَحَ "آشُور"، وَالَّذِي كَانَ يُشِيرُ فِي الغَالِبِ إِلَى المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ شِمَالَ العِرَاقِ الحَالِيِّ، مِمَّا يَجْعَلُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ تَمَامًا. الإِشَارَاتُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ كَانَتِ المُدُنُ الفِينِيقِيَّةُ مِثْلَ:جُبَيْل وصُور وأُوغَارِيت مِنْ أَهَمِّ المَرَاكِزِ التِّجَارِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ، وَتَرَكَ الفِينِيقِيُّونَ نُقُوشًا كَثِيرَةً تُوَثِّقُ أَنْشِطَتَهُمْ. أَمْثِلَةٌ عَلَى النُّقُوشِ الفِينِيقِيَّةِ وَالكَنْعَانِيَّةِ: نُقُوشُ أُوغَارِيت (القَرْنُ الرَّابِعُ عَشَرَ قَبْلَ المِيلَادِ):وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى المَمَالِكِ المُجَاوِرَةِ، وَلَكِنْ دُونَ ذِكْرِ اِسْمِ "سُورْيَا". الكِتَابَاتُ الكَنْعَانِيَّةُ:اِسْتُخْدِمَتْ مُصْطَلَحَاتٌ مِثْلَ "آرَام" لِلإِشَارَةِ إِلَى بَعْضِ المَنَاطِقِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَلَكِنْ لَيْسَ بِشَكْلٍ يُعَادِلُ اِسْتِخْدَامَ "سُورْيَا" اليَوْمَ. نَقْدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ:يُفْتَرَضُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الجِذْرِ الفِينِيقِيِّ "صُر" (Sor)، وَالَّذِي يُشِيرُ إِلَى السَّاحِلِ الفِينِيقِيِّ، وَلَكِنَّهُ لَا يُفَسِّرُ اِسْتِخْدَامَ الاِسْمِ لِلإِشَارَةِ إِلَى كُلِّ بِلَادِ الشَّامِ. لَمْ يُعْثَرْ عَلَى أَيِّ نَقْشٍ فِينِيقِيٍّ أَوْ كَنْعَانِيٍّ يَذْكُرُ اِسْمَ "سُورْيَا"، مِمَّا يَجْعَلُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةَ ضَعِيفَةً بِالمُقَارَنَةِ مَعَ التَّفْسِيرَاتِ الأُخْرَى. الإِشَارَاتُ فِي النُّصُوصِ المِصْرِيَّةِ القَدِيمَةِ فِي خِلَالِ فَتْرَةِ المَمْلَكَةِ المِصْرِيَّةِ الحَدِيثَةِ، كَانَتْ بِلَادُ الشَّامِ جُزْءًا مِنَ النُّفُوذِ المِصْرِيِّ، وَقَدْ وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ شِمَالَ فِلَسْطِين فِي النُّقُوشِ الفِرْعَوْنِيَّةِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى الإِشَارَاتِ المِصْرِيَّةِ:فِي عَهْدِ الفِرْعُونِ تَحْتَمُسَ الثَّالِثِ (1479-1425 ق.م): اِسْتَخْدَمَ المِصْرِيُّونَ مُصْطَلَحَ "رِتِنُو" (Retenu) لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ الوَاقِعَةِ شِمَالَ كَنْعَانَ، وَالَّتِي تَشْمَلُ أَجْزَاءً مِنْ سُورْيَا وَلُبْنَانَ الحَالِيَّةِ. نَقْدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ:لَمْ يَكُنْ لِلْمِصْرِيِّينَ مُصْطَلَحٌ يُعَادِلُ اِسْمَ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ وَاضِحٍ، بَلِ اسْتَخْدَمُوا تَسْمِيَاتٍ مُخْتَلِفَةً لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ. الإِشَارَاتُ فِي النُّصُوصِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ يُعْتَقَدُ أَنَّ أَقْدَمَ اِسْتِخْدَامٍ مُبَاشِرٍ لِاِسْمِ "سُورْيَا" جَاءَ فِي النُّصُوصِ الإِغْرِيقِيَّةِ خِلَالَ القَرْنِ الخَامِسِ قَبْلَ المِيلَادِ، وَذَلِكَ مَعَ ازْدِيَادِ النُّفُوذِ اليُونَانِيِّ فِي المِنْطَقَةِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى الإِشَارَاتِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ: هِيرُودُوتُ (484-425 ق.م):يُعْتَبَرُ مِنْ أَوَائِلِ المُؤَرِّخِينَ الَّذِينَ اِسْتَخْدَمُوا مُصْطَلَحَ "Συρία" (Syria) لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ الوَاقِعَةِ شَرْقَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ. الفَتْرَةُ الهِلِنِسْتِيَّةُ (بَعْدَ الإِسْكَنْدَرِ المَقْدُونِيِّ):أَصْبَحَ اِسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا لِلإِشَارَةِ إِلَى مُقَاطَعَةِ "سِيرْيَا" الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ حُكْمِ السِّلُوقِيِّينَ. العَصْرُ الرُّومَانِيُّ:أَصْبَحَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ رَسْمِيًّا بِـ "Provincia Syria" فِي ظِلِّ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، وَهَذَا الاِسْتِخْدَامُ أَدَّى إِلَى تَرْسِيخِ الاِسْمِ فِي الوَثَائِقِ الرَّسْمِيَّةِ. نَقْدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ:عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الإِغْرِيقَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ اِسْتَخْدَمَ اِسْمَ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ مُوَثَّقٍ، فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا أَخَذُوهُ مِنْ مَصْدَرٍ أَقْدَمَ، سَوَاءٌ كَانَ آشُورِيًّا أَوْ سَامِيًّا. لَمْ يَكُنِ الاِسْمُ مُتَدَاوَلًا بِشَكْلٍ وَاسِعٍ قَبْلَ العَصْرِ الإِغْرِيقِيِّ، مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحْدَثًا أَوْ مُعَمَّمًا مِنْ قِبَلِ الإِغْرِيقِ.
الإِشَارَاتُ فِي النُّصُوصِ الدِّينِيَّةِ (الكِتَابُ المُقَدَّسُ وَالتَّوْرَاةُ) تَظْهَرُ بَعْضُ الإِشَارَاتِ غَيْرُ المُبَاشِرَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ، وَلَكِنْ غَالِبًا تَحْتَ اِسْمِ "آرَام" وَلَيْسَ "سُورْيَا". أَمْثِلَةٌ عَلَى الإِشَارَاتِ الدِّينِيَّةِ: فِي العَهْدِ القَدِيمِ:تَمَّ ذِكْرُ مَمَالِكِ "آرَام دِمَشْق" وَ"آرَام صُوبَا"، وَاللَّتَيْنِ كَانَتَا جُزْءًا مِنْ بِلَادِ الشَّامِ، وَلَكِنْ دُونَ اِسْتِخْدَامِ اِسْمِ "سُورْيَا". فِي نُسَخِ التَّرْجَمَةِ السَّبْعِينِيَّةِ لِلتَّوْرَاةِ:فِي بَعْضِ النُّصُوصِ اليُونَانِيَّةِ المُتَأَخِّرَةِ، تَمَّ اِسْتِبْدَالُ اِسْمِ "آرَام" بِـ "سُورْيَا"، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّغْيِيرَاتِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي طَرَأَتْ عَلَى التَّسْمِيَةِ بِمُرُورِ الزَّمَنِ. الخَاتِمَةُ يُظْهِرُ تَحْلِيلُ الإِشَارَاتِ التَّارِيخِيَّةِ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ تَكَوَّنَ بِفِعْلِ تَدَاخُلٍ حَضَارِيٍّ طَوِيلِ الأَمَدِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَخْدَمًا بِشَكْلٍ مُسْتَقِلٍّ قَبْلَ العَصْرِ الإِغْرِيقِيِّ. وَرَغْمَ أَنَّ الإِغْرِيقَ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَطْلَقَ الاِسْمَ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ، إِلَّا أَنَّ الاِسْمَ رُبَّمَا كَانَ قَدْ تَطَوَّرَ مِنْ مُصْطَلَحَاتٍ أَقْدَمَ، مِثْلَ "آشُور" أَوْ "آرَام" أَوْ مُصْطَلَحٍ فِينِيقِيٍّ أَوْ كَنْعَانِيٍّ. كَذَلِكَ، فَإِنَّ التَّحْلِيلَ اللُّغَوِيَّ يُؤَكِّدُ أَنَّ الاِسْمَ قَدْ تَعَرَّضَ لِتَحْوِيرَاتٍ فِي المَعَانِي وَالنُّطْقِ عَبْرَ العُصُورِ. تَدُلُّ كُلُّ هَذِهِ الإِشَارَاتِ عَلَى أَنَّ سُورْيَا كَانَتْ نُقْطَةَ تَقَاطُعٍ لِلثَّقَافَاتِ وَالإِمْبِرَاطُورِيَّاتِ، مِمَّا أَدَّى إِلَى تَشَكُّلِ تَسْمِيَتِهَا وَتَطَوُّرِهَا فِي ظِلِّ التَّغَيُّرَاتِ التَّارِيخِيَّةِ. التَّرْجَمَةُ السَّبْعِينِيَّةُ لِلتَّوْرَاةِ وَتَطَوُّرُ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" فِي التَّرْجَمَةِ السَّبْعِينِيَّةِ لِلتَّوْرَاةِ (الَّتِي أَعَدَّهَا اليَهُودُ فِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِاللُّغَةِ اليُونَانِيَّةِ)، تَمَّتْ تَرْجَمَةُ "آرَام" إِلَى "سِيرْيَا"، مِمَّا يَعْكِسُ تَأثِيرَ الاِسْتِخْدَامِ الإِغْرِيقِيِّ فِي نَشْرِ المُصْطَلَحِ. نَقْدُ هَذِهِ الفِكْرَةِ:فِي النُّصُوصِ العِبْرِيَّةِ القَدِيمَةِ، لَمْ يَرِدْ اِسْمُ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ مُسْتَقِلٍّ، بَلْ كَانَ يُسْتَخْدَمُ مُصْطَلَحُ "آرَام" لِلإِشَارَةِ إِلَى مَنَاطِقَ فِي بِلَادِ الشَّامِ. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ ظُهُورَ اِسْمِ "سُورْيَا" فِي التَّرْجَمَةِ السَّبْعِينِيَّةِ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ مُصْطَلَحٌ يُونَانِيٌّ أَكْثَرُ مِنْ كَوْنِهِ اِسْمًا مَحَلِيًّا. وعِنْدَ تَحْلِيلِ أَقْدَمِ الإِشَارَاتِ إِلَى اِسْمِ "سُورْيَا"، يَتَّضِحُ أَنَّ المُصْطَلَحَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَخْدَمًا عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ قَبْلَ العَصْرِ الهِلِنِسْتِيِّ، وَأَنَّ الإِغْرِيقَ هُمْ مَنْ عَمَّمُوا الاِسْمَ لِيَشْمَلَ كَامِلَ المِنْطَقَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ بَعْضَ الأَدِلَّةِ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الاِسْمَ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، حَيْثُ أَنَّ الإِغْرِيقَ رُبَّمَا أَخَذُوهُ مِنْ كَلِمَةِ "آشُور" وَحَوَّلُوهَا إِلَى "Συρία" (Syria). أَهَمُّ النِّقَاطِ المُسْتَخْلَصَةِ:لَمْ يَتِمَّ العُثُورُ عَلَى ذِكْرٍ مُبَاشِرٍ لِاِسْمِ "سُورْيَا" فِي النُّقُوشِ الآشُورِيَّةِ أَوْ الفِينِيقِيَّةِ، لَكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِكَلِمَةِ "آشُور". أَقْدَمُ اِسْتِخْدَامٍ مُوَثَّقٍ لِلاِسْمِ جَاءَ فِي كِتَابَاتِ هِيرُودُوت فِي القَرْنِ الخَامِسِ قَبْلَ المِيلَادِ. خِلَالَ العَصْرِ الرُّومَانِيِّ، أَصْبَحَ اِسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا رَسْمِيًّا، وَهَذَا أَدَّى إِلَى تَرْسِيخِهِ فِي الوَثَائِقِ الجُغْرَافِيَّةِ لاحِقًا. فِي النُّصُوصِ الدِّينِيَّةِ، لَمْ يَرِدِ الاِسْمُ بِشَكْلٍ صَرِيحٍ إِلَّا بَعْدَ التَّرْجَمَةِ السَّبْعِينِيَّةِ لِلتَّوْرَاةِ. الاِسْتِنْتَاجُ النِّهَائِيُّ:بِناءً عَلَى هَذِهِ الأَدِلَّةِ، يُمْكِنُ القَوْلُ إِنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" رُبَّمَا يَكُونُ نِتَاجَ تَفَاعُلٍ بَيْنَ التَّأثِيرَاتِ الآشُورِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ، حَيْثُ سَاهَمَ الإِغْرِيقُ فِي تَعْمِيمِ المُصْطَلَحِ لِيُصْبِحَ هُوَ الاِسْمَ المُتَعَارَفَ عَلَيْهِ لِلْمِنْطَقَةِ.
الفصل الثالث: النَّظَرِيَّاتُ المُخْتَلِفَةُ حَوْلَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ تَعَدَّدَتِ النَّظَرِيَّاتُ الَّتِي حَاوَلَتْ تَفْسِيرَ أَصْلِ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" عَبْرَ التَّارِيخِ، حَيْثُ قَدَّمَ المُؤَرِّخُونَ وَعُلَمَاءُ اللُّغَاتِ العَدِيدَ مِنَ الفَرَضِيَّاتِ المُسْتَنِدَةِ إِلَى الأَدِلَّةِ الأَثَرِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ وَالنُّقُوشِ التَّارِيخِيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، لَمْ يَتِمَّ التَّوَصُّلُ إِلَى إِجْمَاعٍ نِهَائِيٍّ حَوْلَ الأَصْلِ الدَّقِيقِ لِهَذَا الاِسْمِ، مِمَّا جَعَلَ البَحْثَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ مَوْضُوعًا مَفْتُوحًا لِلنِّقَاشِ العِلْمِيِّ. يَسْتَعْرِضُ هَذَا الفَصْلُ أَرْبَعَ نَظَرِيَّاتٍ رَئِيسِيَّةٍ حَوْلَ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ، وَهِيَ: النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ: الَّتِي تَرْبِطُ الاِسْمَ بِمَمْلَكَةِ آشُورَ. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ وَالرُّومَانِيَّةُ: الَّتِي تَرْبِطُهُ بِالمُصْطَلَحِ الإِغْرِيقِيِّ "سِيرْيَا". النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ: الَّتِي تُشِيرُ إِلَى أُصُولٍ سَامِيَّةٍ مَحَلِّيَّةٍ. الآرَاءُ الحَدِيثَةُ: الَّتِي تُقَدِّمُ مُقَارَبَاتٍ جَدِيدَةً تَجْمَعُ بَيْنَ التَّفْسِيرَاتِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ. النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ (نِسْبَةً إِلَى آشُورَ) أَصْلُ النَّظَرِيَّةِ تُعَدُّ النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ مِنْ أَكْثَرِ النَّظَرِيَّاتِ انْتِشَارًا بَيْنَ البَاحِثِينَ، حَيْثُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ "سُورْيَا" مُشْتَقَّةٌ مِنْ اِسْمِ "آشُور" (Aššur)، وَهُوَ اِسْمُ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، الَّتِي حَكَمَتْ مَنَاطِقَ وَاسِعَةً مِنْ بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ وَامْتَدَّتْ إِلَى أَجْزَاءٍ مِنْ سُورْيَا خِلَالَ الأَلْفِيَّةِ الأُولَى قَبْلَ المِيلَادِ. الأَدِلَّةُ الدَّاعِمَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ وَرَدَ اِسْمُ "آشُور" فِي العَدِيدِ مِنَ النُّقُوشِ المَلَكِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، مِثْلَ: نُقُوشِ تِغْلَاتْ بِلَاصَرَ الأَوَّلِ وَالَّتِي تُوَثِّقُ الحَمَلَاتِ العَسْكَرِيَّةِ فِي المِنْطَقَةِ. كِتَابَاتِ سَرْجُونَ الثَّانِي الَّتِي تُشِيرُ إِلَى سَيْطَرَةِ الآشُورِيِّينَ عَلَى مَنَاطِقَ فِي بِلَادِ الشَّامِ. أَطْلَقَ الإِغْرِيقُ عَلَى المَنَاطِقِ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ الحُكْمِ الآشُورِيِّ اِسْمَ "سِيرْيَا"، وَالَّذِي قَدْ يَكُونُ تَحْرِيفًا لِلاِسْمِ الأَصْلِيِّ "آشُور". أَظْهَرَتْ بَعْضُ الاِكْتِشَافَاتِ الأَثَرِيَّةِ أَنَّ الآشُورِيِّينَ اِسْتَخْدَمُوا مُصْطَلَحَ "آشُورِيَا" لِلإِشَارَةِ إِلَى الأَرَاضِي الخَاضِعَةِ لِحُكْمِهِمْ، مِمَّا يَدْعَمُ فِكْرَةَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا المُصْطَلَحَ وَقَامُوا بِتَحْوِيرِهِ إِلَى "سِيرْيَا"، ثُمَّ أَصْبَحَ "سُورْيَا". الاِنْتِقَادَاتُ المُوَجَّهَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" يَشْمَلُ مَنَاطِقَ أَوْسَعَ بِكَثِيرٍ مِنَ النُّفُوذِ الآشُورِيِّ، مِمَّا يَجْعَلُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ غَيْرَ كَافِيَةٍ لِتَفْسِيرِ أَصْلِ التَّسْمِيَةِ. لَمْ يُثْبِتْ وُجُودُ اِسْتِخْدَامٍ مُبَاشِرٍ لِاِسْمِ "سُورْيَا" فِي النُّصُوصِ الآشُورِيَّةِ، بَلْ ظَهَرَ فَقَطْ فِي المَصَادِرِ الإِغْرِيقِيَّةِ. هُنَاكَ دَلَائِلُ عَلَى أَنَّ السُّكَّانَ المَحَلِّيِّينَ لَمْ يَسْتَخْدِمُوا اِسْمَ "آشُور" لِلإِشَارَةِ إِلَى كَامِلِ بِلَادِ الشَّامِ، مِمَّا يُضْعِفُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ وَالرُّومَانِيَّةُ (سِيرْيَا وَارْتِبَاطُهَا بِالإِغْرِيقِ) أَصْلُ النَّظَرِيَّةِ تَرَى النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ وَالرُّومَانِيَّةُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" يَعُودُ إِلَى المُصْطَلَحِ الإِغْرِيقِيِّ "Συρία" (Syria)، وَالَّذِي اِسْتَخْدَمَهُ الإِغْرِيقُ مُنْذُ القَرْنِ الخَامِسِ قَبْلَ المِيلَادِ لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ شَرْقَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ. الأَدِلَّةُ الدَّاعِمَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ ذَكَرَ هِيرُودُوتُ (484-425 ق.م) اِسْمَ "سِيرْيَا" فِي كِتَابَاتِهِ لِوَصْفِ المَنَاطِقِ الوَاقِعَةِ بَيْنَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ وَبِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. أَطْلَقَ الإِغْرِيقُ مُصْطَلَحَ "Syroi" عَلَى الشُّعُوبِ الَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُ بِلَادَ الشَّامِ، مِمَّا يَعْكِسُ الأَصْلَ الإِغْرِيقِيَّ لِلمُصْطَلَحِ. خِلَالَ الفَتْرَةِ الرُّومَانِيَّةِ، أَصْبَحَ إِقْلِيمُ "Provincia Syria" جُزْءًا مِنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، وَمِمَّا سَاهَمَ فِي انْتِشَارِ التَّسْمِيَةِ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ. الاِنْتِقَادَاتُ المُوَجَّهَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ لَمْ يَخْتَرِعُوا الاِسْمَ، بَلْ قَامُوا بِتَبَنِّيهِ مِنْ مَصْدَرٍ أَقْدَمَ، رُبَّمَا كَانَ آشُورِيًّا أَوْ سَامِيًّا. لَمْ يَكُنِ اِسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا بِشَكْلٍ رَسْمِيٍّ فِي الشَّرْقِ قَبْلَ التَّأثِيرِ اليُونَانِيِّ، مِمَّا يُثِيرُ الشُّكُوكَ حَوْلَ كَوْنِهِ تَسْمِيَةً إِغْرِيقِيَّةً خَالِصَةً. المُصْطَلَحُ قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ أَسْمَاءٍ أَقْدَمَ، مِثْلَ "آشُور" أَوْ "آرَام"، مِمَّا يَجْعَلُ النَّظَرِيَّةَ الإِغْرِيقِيَّةَ غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ. النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ أَصْلُ النَّظَرِيَّةِ تَرَى النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ وَالكَنْعَانِيَّةُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ ذَا جُذُورٍ مَحَلِّيَّةٍ سَامِيَّةٍ، حَيْثُ كَانَ الفِينِيقِيُّونَ وَالكَنْعَانِيُّونَ مِنْ أَوَائِلِ الشُّعُوبِ الَّتِي سَكَنَتِ المِنْطَقَةَ، وَكَانَ لَهُمْ تَأثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى المُصْطَلَحَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ المُسْتَخْدَمَةِ فِي بِلَادِ الشَّامِ. الأَدِلَّةُ الدَّاعِمَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ اِزْدَهَرَتْ مُدُنٌ فِينِيقِيَّةٌ مِثْلَ "جُبَيْل"، "أَرْوَاد"، وَ"صَيْدَا" فِي المِنْطَقَةِ، وَكَانَتْ ذَاتَ تَأثِيرٍ ثَقَافِيٍّ كَبِيرٍ، مِمَّا قَدْ يَعْنِي أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا اِسْمَ "سِيرْيَا" مِنَ الفِينِيقِيِّينَ. بَعْضُ البَاحِثِينَ يُشِيرُونَ إِلَى أَنَّ الاِسْمَ قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ جِذْرٍ سَامِيٍّ مُرْتَبِطٍ بِالكَلِمَةِ الفِينِيقِيَّةِ "صُر" (Sor)، وَالَّتِي تَعْنِي "الصَّخْرَةَ"، وَالَّتِي قَدْ تُشِيرُ إِلَى السَّاحِلِ الفِينِيقِيِّ. اِسْتِخْدَامُ اللُّغَاتِ السَّامِيَّةِ القَدِيمَةِ، مِثْلَ الكَنْعَانِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ، فِي المِنْطَقَةِ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ يُعَزِّزُ الفِكْرَةَ القَائِلَةَ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تَطَوَّرَتْ مَحَلِّيًّا قَبْلَ أَنْ تَتَبَنَّاهَا الثَّقَافَاتُ الأُخْرَى. الاِنْتِقَادَاتُ المُوَجَّهَةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ لَمْ يَرِدْ اِسْمُ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ وَاضِحٍ فِي النُّصُوصِ الفِينِيقِيَّةِ أَوِ الكَنْعَانِيَّةِ، مِمَّا يَجْعَلُ مِنَ الصَّعْبِ تَأْكِيدُ هَذِهِ الفَرَضِيَّةِ. المُصْطَلَحُ كَانَ مُسْتَخْدَمًا عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ فِي العُصُورِ الهِلِنِسْتِيَّةِ، مِمَّا يُشِيرُ إِلَى تَأثِيرٍ إِغْرِيقِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ كَوْنِهِ فِينِيقِيًّا. لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ مُبَاشِرٌ عَلَى أَنَّ الفِينِيقِيِّينَ اِسْتَخْدَمُوا هَذَا الاِسْمَ لِلإِشَارَةِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ أَوْ إِلَى أَرَاضِيهِمْ. الآراءُ الحديثةُ حولَ أصلِ التسميةِ أصلُ النظريةِ تسعى الآراءُ الحديثةُ إلى تقديمِ تفسيرٍ أكثرَ تكاملًا ودقةً لأصلِ اسمِ "سوريا"، معتمدةً على دراساتٍ لغويةٍ حديثةٍ، وتحليلِ النقوشِ الأثريةِ، ومقارنةِ المصادرِ التاريخيةِ المختلفةِ. عوضًا عن الاعتمادِ على تفسيرٍ واحدٍ، فإنَّ هذهِ النظرياتِ الحديثةَ تجمعُ بينَ التأثيراتِ الآشوريةِ، والإغريقيةِ، والفينيقيةِ، والآراميةِ لفهمِ كيفيةِ تطوّرِ الاسمِ. الأدلةُ الداعمةُ لهذهِ النظريةِ التحليلُ اللغويُّ التاريخيُّ:يرى بعضُ الباحثينَ أنَّ اسمَ "سوريا" قد يكونُ مزيجًا من عدةِ مصادرَ قديمةٍ، حيثُ تأثرَ الاسمُ بمراحلِ التطورِ اللغويِّ في المنطقةِ، بدءًا من الآشوريةِ والبابليةِ، مرورًا بـ الفينيقيةِ والآراميةِ، وانتهاءً بـ الإغريقيةِ والرومانيةِ. العلاقةُ بينَ "آشور" و"سيريا": رغمَ أنَّ الآشوريينَ لم يستخدموا اسمَ "سوريا"، إلا أنَّ بعضَ الباحثينَ يعتقدونَ أنَّ الإغريقَ استعاروا المصطلحَ "Assyria" (آشور) وأعادوا تشكيلهُ ليصبحَ "Συρία" (Syria). هذا التحويرُ قد يكونُ نتيجةً لتأثيرِ النطقِ الإغريقيِّ على الأسماءِ الساميةِ.
دراساتٌ مقارنةٌ بينَ اللغاتِ الساميةِ والهندوأوروبيةِ: تشيرُ بعضُ الأبحاثِ إلى أنَّ التحولاتِ الصوتيةَ في اللغاتِ القديمةِ قد لعبتْ دورًا في نشوءِ مصطلحِ "سوريا" كما نعرفهُ اليومَ. النصوصُ الإسلاميةُ والمصادرُ العثمانيةُ: لم يكنْ اسمُ "سوريا" مستخدمًا في المصادرِ الإسلاميةِ المبكرةِ، حيثُ كانَ يُطلقُ على المنطقةِ اسمُ "بلادِ الشامِ". ظهرَ اسمُ "سوريا" في العهدِ العثمانيِّ، لكنهُ لم يصبحْ المسمى الرسميَّ للمنطقةِ إلا خلالَ فترةِ الانتدابِ الفرنسيِّ بعدَ الحربِ العالميةِ الأولى. الانتقاداتُ الموجهةُ لهذهِ النظريةِ عدمُ وجودِ دليلٍ قاطعٍ: على الرغمِ من أنَّ هذهِ المقاربةَ تبدو منطقيةً أكثرَ من النظرياتِ الفرديةِ، إلا أنَّها لا تقدمُ دليلًا قاطعًا يثبتُ أنَّ اسمَ "سوريا" مرَّ بجميعِ هذهِ المراحلِ. إمكانيةُ كونِ الاسمِ مستحدثًا في العصرِ الهلنستيِّ:هناكَ احتمالٌ بأنَّ الإغريقَ أعطوا المنطقةَ اسمًا جديدًا، وليسَ مجردَ تحويرٍ لاسمٍ سابقٍ، مما يجعلُ هذهِ النظريةَ بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الأدلةِ الحاسمةِ. الآراءُ الحديثةُ حولَ أصلِ التسميةِ تطورُ النظرياتِ الحديثةِ معَ تطورِ البحثِ اللغويِّ والتاريخيِّ، ظهرتْ نظرياتٌ حديثةٌ تحاولُ الجمعَ بينَ الفرضياتِ السابقةِ للوصولِ إلى تفسيرٍ أكثرَ شموليةً لأصلِ اسمِ "سوريا". الفرضياتُ الحديثةُ تطورُ التسميةِ تدريجيًا:يرى بعضُ الباحثينَ أنَّ التسميةَ تطورتْ تدريجيًا من المصطلحِ الآشوريِّ "آشور" إلى المصطلحِ الإغريقيِّ "Συρία" (Syria)، ثم أصبحتْ "سوريا" في العصورِ اللاحقةِ. تأثيرُ الثقافاتِ المختلفةِ:هناكَ آراءٌ تشيرُ إلى أنَّ التسميةَ قد تكونُ خليطًا منَ التأثيراتِ الآشوريةِ، واليونانيةِ، والفينيقيةِ، حيثُ انتقلتْ بينَ الثقافاتِ المختلفةِ حتى أصبحتِ الاسمَ الرسميَّ للمنطقةِ. التقسيماتُ الاستعماريةُ:يعتقدُ بعضُ المؤرخينَ أنَّ استخدامَ اسمِ "سوريا" في العصرِ الحديثِ جاءَ نتيجةَ التقسيماتِ الاستعماريةِ في القرنِ العشرينِ، حيثُ تمَّ اعتمادُ الاسمِ ليشيرَ إلى الدولةِ الحديثةِ. تقييمُ النظرياتِ الحديثةِ قوةُ النظريةِ الآشوريةِ:تعدُّ النظريةُ الآشوريةُ من أقوى الفرضياتِ، لكنَّ تأثيرَ الإغريقِ في تبنِّي الاسمِ ونشرِهِ لا يمكنُ إنكارُهُ. إمكانيةُ الأصلِ الفينيقيِّ أو الكنعانيِّ:هناكَ احتماليةٌ أن يكونَ الاسمُ فينيقيًا أو كنعانيًا في الأصلِ، لكنهُ لم يكنْ شائعًا حتى العصرِ الهلنستيِّ. التطورُ التدريجيُّ:منَ المرجحِ أنَّ الاسمَ قد مرَّ بمراحلِ متعددةٍ منَ التحويرِ والتكيفِ، مما يعكسُ تعاقبَ الحضاراتِ المختلفةِ على المنطقةِ. الخاتمةُ يظهرُ منْ خلالِ تحليلِ النظرياتِ المختلفةِ أنَّ اسمَ "سوريا" لهُ جذورٌ تاريخيةٌ معقدةٌ، حيثُ لم ينشأْ من مصدرٍ واحدٍ، بل مرَّ بتحولاتٍ لغويةٍ وثقافيةٍ متعددةٍ. وبينما تظلُّ النظريةُ الآشوريةُ الأكثرَ شيوعًا، فإنَّ الأدلةَ تشيرُ إلى أنَّ الإغريقَ كانَ لهمْ دورٌ رئيسيٌّ في نشرِ التسميةِ، وربما كانَ هناكَ تأثيرٌ فينيقيٌّ أو كنعانيٌّ سابقٌ. لذا، فإنَّ البحثَ في هذا الموضوعِ لا يزالُ مستمرًا، وقدْ تكشفُ الدراساتُ المستقبليةُ أدلةً جديدةً تُلقي مزيدًا منَ الضوءِ على هذهِ المسألةِ.
الفصلُ الرابعُ: سوريا في النصوصِ القديمةِ يُعدُّ البحثُ في النصوصِ القديمةِ أحدَ أهمِّ الأدلةِ التي تساعدُ في فهمِ تطورِ أسماءِ المناطقِ الجغرافيةِ عبرَ الزمنِ. ومن خلالِ دراسةِ النقوشِ الأثريةِ، والمخطوطاتِ التاريخيةِ، والكتاباتِ التي وردَ فيها ذكرُ "سوريا"، يمكنُ تتبُّعُ جذورِ الاسمِ وتفسيرُ السياقاتِ التي ظهرَ فيها. في هذا الفصلِ، سيتمُّ استعراضُ أقدمِ النقوشِ والكتاباتِ التي أشارتْ إلى "سوريا"، بالإضافةِ إلى كيفيةِ استخدامِ المصطلحِ في العصورِ المختلفةِ. النقوشُ والكتاباتُ القديمةُ التي ذكرتْ "سوريا" منذُ العصورِ القديمةِ، كانتِ المنطقةُ التي تعرفُ اليومَ باسمِ "سوريا" مسرحًا لعدةِ حضاراتٍ، تركتْ وراءها العديدَ منَ النقوشِ والكتاباتِ التي وثَّقتْ أسماءَ الأماكنِ، والمدنِ، والملوكِ الذينَ حكموا هذهِ الأراضيِ. وعلى الرغمِ منَ عدمِ وجودِ ذكرٍ صريحٍ لاسمِ "سوريا" في النقوشِ قبلَ العصرِ الهلنستيِّ، إلا أنَّ هناكَ إشاراتٍ إلى أسماءٍ قريبةٍ منَ التسميةِ الحاليةِ. النقوشُ الآشوريةُ والبابليةُ في النقوشِ الآشوريةِ والبابليةِ التي تعودُ إلى الألفيةِ الأولى قبلَ الميلادِ، لمْ يكنْ هناكَ ذكرٌ مباشرٌ لاسمِ "سوريا"، ولكنْ تمتِ الإشارةُ إلى المنطقةِ باسمِ "آشور"، وهوَ ما يدعمُ النظريةَ الآشوريةَ التي تقولُ إنَّ اسمَ سوريا مُشتقٌّ منَ اسمِ الإمبراطوريةِ الآشوريةِ. ومنْ أبرزِ هذهِ النقوشِ:نقوشُ تغلاتْ بلاصرَ الأولِ (1115-1077 ق.م)، التي ذكرتْ حملاتهِ العسكريةَ في المنطقةِ التي تُعرفُ اليومَ بسوريا. نقوشُ سرجونَ الثاني (722-705 ق.م)، التي تحدثتْ عنْ السيطرةِ الآشوريةِ على مدنٍ في بلادِ الشامِ مثلَ دمشقَ وحماةَ. النصوصُ البابليةُ التي أشارتْ إلى المنطقةِ باسمِ "أمورو"، وهوَ مصطلحٌ كانَ يُستخدمُ للإشارةِ إلى أراضي الغربِ. النقوشُ الفينيقيةُ والكنعانيةُ :تمَّ العثورُ على نقوشٍ فينيقيةٍ وكنعانيةٍ في أوغاريتَ، وجبيلَ، وصيدا، لكنْ هذهِ النقوشِ لمْ تستخدمْ اسمَ "سوريا"، بلْ ركزتْ على أسماءِ المدنِ والممالكِ المستقلةِ. ومعَ ذلكَ، فإنَّ بعضَ المصطلحاتِ مثلَ "أمورو" و"آرام" قد تكونُ لعبتْ دورًا في تطورِ التسميةِ لاحقًا. النُّقُوشُ المِصْرِيَّةُ القَدِيمَةُ :في النُّصُوصِ المِصْرِيَّةِ القَدِيمَةِ، الَّتِي تَعُودُ إِلَى عَصْرِ الفِرْعَوْنِ تَحُتْمُسَ الثَّالِثِ (1479-1425 ق.م)، تَمَّ ذِكْرُ المِنْطَقَةِ بِاسْمِ "رِتْنُو" (Retenu) أَوْ "دِجِيهِي" (Djahy)، وَهِيَ مُصْطَلَحَاتٌ كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى أَرَاضِي بِلَادِ الشَّامِ عُمُومًا، وَلَكِنَّهَا لَا تَتَطَابَقُ مَعَ اِسْمِ "سُورْيَا" الحَالِيِّ. مَعَ وُصُولِ الإِغْرِيقِ وَالرُّومَانِ، بَدَأَ يَظْهَرُ اِسْمُ "سِيرْيَا" (Συρία) بِشَكْلٍ وَاضِحٍ فِي النُّصُوصِ المَكْتُوبَةِ. هِيرُودُوتُ (484-425 ق.م) كَانَ مِنْ أَوَائِلِ المُؤَرِّخِينَ الَّذِينَ اِسْتَخْدَمُوا اِسْمَ "Συρία" لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ. فِي النُّصُوصِ الرُّومَانِيَّةِ، اُسْتُخْدِمَ اِسْمُ "Provincia Syria" عِنْدَمَا أَصْبَحَتِ المِنْطَقَةُ جُزْءًا مِنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ عَامَ 64 ق.م. اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي العُصُورِ المُخْتَلِفَةِ اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي العُصُورِ القَدِيمَةِ :يُظْهِرُ تَتَبُّعُ اِسْتِخْدَامِ مُصْطَلَحِ "سُورْيَا" فِي العُصُورِ المُخْتَلِفَةِ كَيْفَ تَطَوَّرَتِ التَّسْمِيَةُ مَعَ تَعَاقُبِ الحَضَارَاتِ، وَكَيْفَ تَغَيَّرَتْ دَلَالَاتُهَا عَبْرَ الزَّمَنِ. فِي العُصُورِ الآشُورِيَّةِ:لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اِسْتِخْدَامٌ وَاضِحٌ لِاِسْمِ "سُورْيَا"، بَلْ كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِاسْمِ "آشُور" أَوْ "أَمُورُو". فِي العَصْرِ الفِينِيقِيِّ:لَمْ يَتِمَّ اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ، بَلْ كَانَتْ كُلُّ مَدِينَةٍ تُعْرَفُ بِاسْمِهَا المُسْتَقِلِّ، مِثْلَ جُبَيْلَ، صَيْدَا، وَأُوغَارِيتَ. فِي العَصْرِ الإِغْرِيقِيِّ:بَدَأَ اِسْمُ "Συρία" يَظْهَرُ كَمُرَادِفٍ لِبِلَادِ الشَّامِ، وَقَدِ اِسْتَخْدَمَهُ المُؤَرِّخُونَ الإِغْرِيقُ لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ المُتَمَدِّدَةِ بَيْنَ البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ وَبِلَادِ الرَّافِدَيْنِ. فِي العَصْرِ الرُّومَانِيِّ:أَصْبَحَ اِسْمُ "سُورْيَا" مُصْطَلَحًا رَسْمِيًّا ضِمْنَ التَّقْسِيمَاتِ الإِدَارِيَّةِ لِلإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، حَيْثُ كَانَتْ مُقَاطَعَةُ "Provincia Syria" تَضُمُّ جُزْءًا كَبِيرًا مِنْ بِلَادِ الشَّامِ الحَالِيَّةِ. اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي العُصُورِ الإِسْلَامِيَّةِ :خِلَالَ الفَتْحِ الإِسْلَامِيِّ فِي القَرْنِ السَّابِعِ المِيلَادِيِّ، لَمْ يَكُنِ اِسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا، بَلْ كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِاسْمِ "بِلَادِ الشَّامِ"، وَهُوَ المُصْطَلَحُ الَّذِي اِسْتَمَرَّ اِسْتِخْدَامُهُ لِعِدَّةِ قُرُونٍ. وَرَدَتْ تَسْمِيَةُ "سُورْيَا" بِشَكْلٍ نَادِرٍ فِي المُدَوَّنَاتِ التَّارِيخِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ، حَيْثُ فَضَّلَ المُؤَرِّخُونَ اِسْتِخْدَامَ مُصْطَلَحَاتٍ مِثْلَ "الشَّامِ" وَ"آرَام". فِي الوَثَائِقِ العُثْمَانِيَّةِ، كَانَتِ المِنْطَقَةُ تُعْرَفُ بِـ"إِيَالَةِ الشَّامِ"، وَلَمْ يَكُنْ اِسْمُ "سُورْيَا" مُسْتَخْدَمًا بِشَكْلٍ رَسْمِيٍّ. اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ :فِي القَرْنِ التَّاسِعِ عَشَرَ، بَدَأَ الرَّحَّالَةُ وَالمُسْتَشْرِقُونَ الأُورُوبِيُّونَ يُسْتَخْدِمُونَ اِسْمَ "سُورْيَا" لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ، مِمَّا سَاهَمَ فِي إِحْيَاءِ المُصْطَلَحِ. اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ عَقِبَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى، تَمَّ تَقْسِيمُ بِلَادِ الشَّامِ إِلَى دُوَلٍ عِدَّةٍ، وَاعْتُمِدَ اِسْمُ "سُورْيَا" رَسْمِيًّا لِلدَّوْلَةِ الحَدِيثَةِ الَّتِي تَشَكَّلَتْ عَامَ 1920 تَحْتَ الاِنْتِدَابِ الفَرَنْسِيِّ. مُنْذُ اِسْتِقْلَالِ سُورْيَا عَامَ 1946، أَصْبَحَ الاِسْمُ يُسْتَخْدَمُ بِشَكْلٍ رَسْمِيٍّ لِلدَّوْلَةِ الحَدِيثَةِ، لَكِنَّهُ لَا يَزَالُ يَحْمِلُ إِرْثًا تَارِيخِيًّا مُتَعَدِّدَ الطَّبَقَاتِ يَعْكِسُ التَّطَوُّرَاتِ السِّيَاسِيَّةَ وَالثَّقَافِيَّةَ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا المِنْطَقَةُ. الخَاتِمَةُ تُظْهِرُ دِرَاسَةُ النُّقُوشِ القَدِيمَةِ وَالكِتَابَاتِ التَّارِيخِيَّةِ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" لَمْ يَكُنْ مُسْتَخْدَمًا بِشَكْلٍ شَائِعٍ قَبْلَ العَصْرِ الهِلِنِسْتِيِّ، حَيْثُ كَانَ السُّكَّانُ المَحَلِّيُّونَ يَعْرِفُونَ مَنَاطِقَهُمْ بِأَسْمَاءِ مُخْتَلِفَةٍ مِثْلَ "آشُور"، "آرَام"، "أَمُورُو"، أَوْ "فِينِيقْيَا". وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ التَّأْثِيرَ الإِغْرِيقِيَّ وَالرُّومَانِيَّ كَانَ لَهُ دَوْرٌ أَسَاسِيٌّ فِي تَرْسِيخِ اِسْتِخْدَامِ المُصْطَلَحِ فِي النُّصُوصِ المَكْتُوبَةِ، حَيْثُ بَدَأَ الاِنْتِشَارُ الوَاسِعُ لَهُ فِي العُصُورِ الهِلِنِسْتِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ. أَمَّا فِي الفَتَرَاتِ الإِسْلَامِيَّةِ وَالعُثْمَانِيَّةِ، فَقَدْ تَرَاجَعَ اِسْتِخْدَامُ الاِسْمِ لِصَالِحِ مُصْطَلَحِ "بِلَادِ الشَّامِ"، قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الظُّهُورِ مُجَدَّدًا فِي العَصْرِ الحَدِيثِ مَعَ تَشْكِيلِ الدَّوْلَةِ السُّورِيَّةِ المُعَاصِرَةِ. وَمِنْ خِلَالِ هَذَا التَّحْلِيلِ، يَتَّضِحُ أَنَّ تَسْمِيَةَ "سُورْيَا" لَيْسَتْ مُجَرَّدَ مُصْطَلَحٍ جُغْرَافِيٍّ، بَلْ تَعْكِسُ تَارِيخًا طَوِيلًا مِنَ التَّحَوُّلَاتِ السِّيَاسِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا المِنْطَقَةُ عَبْرَ العُصُورِ. الفَصْلُ الخَامِسُ: التَّدْقِيقُ اللُّغَوِيُّ وَالتَّارِيخِيُّ لِمُشْكِلَةِ التَّسْمِيَةِ يُعَدُّ البَحْثُ فِي أَصْلِ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" مَوْضُوعًا مُعَقَّدًا بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الفَرَضِيَّاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ الَّتِي حَاوَلَتْ شَرْحَ مَنْشَأِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ. وَقَدْ تَرَاوَحَتِ النَّظَرِيَّاتُ بَيْنَ الفَرَضِيَّاتِ الآشُورِيَّةِ، وَالإِغْرِيقِيَّةِ، وَالفِينِيقِيَّةِ، وَالآرَامِيَّةِ، وَلِكُلٍّ مِنْهَا أَدِلَّةٌ تُؤَيِّدُهَا وَأُخْرَى تُضْعِفُهَا. وَمِنْ أَجْلِ الوُصُولِ إِلَى تَحْلِيلٍ دَقِيقٍ، يَجِبُ إِجْرَاءُ تَدْقِيقٍ لُغَوِيٍّ وَتَارِيخِيٍّ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ، وَمُقَارَنَةُ الأَدِلَّةِ الَّتِي تُدَعِّمُ أَوْ تُدْحِضُ كُلَّ تَفْسِيرٍ. نَقْدُ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ وَتَحْلِيلُهَا تَسْتَنِدُ كُلُّ نَظَرِيَّةٍ حَوْلَ أَصْلِ اِسْمِ "سُورْيَا" إِلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ الأَدِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ مُعْظَمَ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ تُوَاجِهُ بَعْضَ التَّحَدِّيَاتِ النَّقْدِيَّةِ، سَوَاءٌ مِنْ حَيْثُ الدِّقَّةِ التَّارِيخِيَّةِ أَوِ التَّطَوُّرِ اللُّغَوِيِّ. فِيمَا يَلِي اِسْتِعْرَاضٌ لِأَبْرَزِ الاِنْتِقَادَاتِ الَّتِي وُجِّهَتْ لِكُلِّ نَظَرِيَّةٍ: نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ الآشُورِيَّةِ أَدِلَّةُ النَّظَرِيَّةِ :تَفْتَرِضُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" جَاءَ مِنْ تَحْرِيفِ الإِغْرِيقِ لِكَلِمَةِ "آشُور" (Aššur)، الَّتِي كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى المَمْلَكَةِ الآشُورِيَّةِ. وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى "آشُور" فِي نُقُوشٍ قَدِيمَةٍ، مِمَّا يُظْهِرُ أَنَّ الإِغْرِيقَ رُبَّمَا اِسْتَخْدَمُوا اِسْمَ "سِيرْيَا" (Συρία) لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنَاطِقِ الخَاضِعَةِ لِلحُكْمِ الآشُورِيِّ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ الآشُورِيَّةِ أَدِلَّةُ النَّظَرِيَّةِ :تَفْتَرِضُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" مُشْتَقٌّ مِنْ كَلِمَةِ "آشُور" (Aššur)، الَّتِي كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى المَمْلَكَةِ الآشُورِيَّةِ. وَرَدَتْ إِشَارَاتٌ إِلَى "آشُور" فِي نُقُوشٍ قَدِيمَةٍ، وَيُعْتَقَدُ أَنَّ الإِغْرِيقَ حَرَّفُوا الاِسْمَ إِلَى "Συρία" (Syria) لِلإِشَارَةِ إِلَى المَنَاطِقِ الَّتِي كَانَتْ خَاضِعَةً لِلحُكْمِ الآشُورِيِّ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ قُوَّةِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ اِسْمَ "آشُور" كَانَ يُسْتَخْدَمُ لِلإِشَارَةِ إِلَى شِمَالِ بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ، وَلَيْسَ إِلَى كَامِلِ بِلَادِ الشَّامِ. لَمْ يَسْتَخْدِمِ الآشُورِيُّونَ أَنْفُسُهُمْ كَلِمَةَ "سُورْيَا" لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ، مِمَّا يَجْعَلُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ. لَمْ يَتِمَّ العُثُورُ عَلَى أَيِّ نَقْشٍ آشُورِيٍّ يُشِيرُ إِلَى المِنْطَقَةِ بِاسْمِ "سُورْيَا"، مِمَّا يَعْنِي أَنَّ الاِسْمَ رُبَّمَا كَانَ تَطَوُّرًا لَاحِقًا وَلَيْسَ جُزْءًا أَصِيلًا مِنَ الثَّقَافَةِ الآشُورِيَّةِ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ اليُونَانِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ أَدِلَّةُ النَّظَرِيَّةِ يَدَّعِي بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الإِغْرِيقَ هُمْ مَنْ أَطْلَقُوا اِسْمَ "Συρία" (Syria) عَلَى المِنْطَقَةِ، حَيْثُ تَمَّ اِسْتِخْدَامُ المُصْطَلَحِ فِي كِتَابَاتِ هِيرُودُوتَ (القَرْنُ الخَامِسُ ق.م). ظَهَرَ المُصْطَلَحُ رَسْمِيًّا فِي الحِقْبَةِ الرُّومَانِيَّةِ، حَيْثُ سُمِّيَتِ المُقَاطَعَةُ الرُّومَانِيَّةُ بِاسْمِ "Provincia Syria". نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ لَا تُفَسِّرُ أَصْلَ المُصْطَلَحِ قَبْلَ العَصْرِ الإِغْرِيقِيِّ، بَلْ تُشِيرُ فَقَطْ إِلَى اِسْتِخْدَامِهِ وَتَعْمِيمِهِ مِنْ قِبَلِ الإِغْرِيقِ. هُنَاكَ دَلَائِلُ عَلَى أَنَّ الإِغْرِيقَ لَمْ يَخْتَرِعُوا الاِسْمَ، بَلْ أَخَذُوهُ مِنْ مَصْدَرٍ أَقْدَمَ، رُبَّمَا كَانَ آشُورِيًّا أَوْ سَامِيًّا. لَا تُوجَدُ إِشَارَةٌ وَاضِحَةٌ إِلَى أَنَّ سُكَّانَ المِنْطَقَةِ أَطْلَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمِ اِسْمَ "سُورِيِّينَ" قَبْلَ الحِقْبَةِ الهِلِنِسْتِيَّةِ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ الفِينِيقِيَّةِ وَالكَنْعَانِيَّةِ أَدِلَّةُ النَّظَرِيَّةِ :تُرَبِطُ بَعْضُ الفَرَضِيَّاتِ اِسْمَ "سُورْيَا" بِجَذْرٍ فِينِيقِيٍّ أَوْ كَنْعَانِيٍّ مُشْتَقٍّ مِنْ "صُر" (Sor)، وَهُوَ الاِسْمُ الَّذِي اُسْتُخْدِمَ لِلإِشَارَةِ إِلَى مَدِينَةِ صُورَ، إِحْدَى المُدُنِ الفِينِيقِيَّةِ الكُبْرَى. تُشِيرُ بَعْضُ النَّظَرِيَّاتِ إِلَى أَنَّ الاِسْمَ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالكَلِمَةِ السَّامِيَّةِ الَّتِي تَعْنِي "المُرْتَفَعَ" أَوْ "المِنْطَقَةَ السَّاحِلِيَّةَ"، نَظَرًا لِمَوْقِعِ السَّاحِلِ السُّورِيِّ.
نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ لَمْ تَرِدْ تَسْمِيَةُ "سُورْيَا" فِي النُّقُوشِ الفِينِيقِيَّةِ المُكْتَشَفَةِ حَتَّى الآنَ، مِمَّا يَجْعَلُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ ضَعِيفَةً مِنْ حَيْثُ الأَدِلَّةُ التَّارِيخِيَّةُ. لَمْ يُثْبَتْ أَنَّ الفِينِيقِيِّينَ أَطْلَقُوا هَذَا الاِسْمَ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ، إِذْ كَانُوا يُسْتَخْدِمُونَ أَسْمَاءَ المُدُنِ المُسْتَقِلَّةِ مِثْلَ جُبَيْلَ، صُورَ، وَأَرْوَادَ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ الآرَامِيَّةِ أَدِلَّةُ النَّظَرِيَّةِ :يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ اِسْمِ "آرَام"، حَيْثُ كَانَتِ اللُّغَةُ الآرَامِيَّةُ هِيَ اللُّغَةَ السَّائِدَةَ فِي المِنْطَقَةِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ. ظَهَرَتْ مَمَالِكُ آرَامِيَّةٌ مُهِمَّةٌ مِثْلَ مَمْلَكَةِ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ، وَكَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ وَاسِعُ النِّطَاقِ فِي بِلَادِ الشَّامِ. نَقْدُ النَّظَرِيَّةِ لَمْ يَتِمَّ العُثُورُ عَلَى أَيِّ نَقْشٍ آرَامِيٍّ يُشِيرُ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ بِاسْمِ "سُورْيَا"، مِمَّا يَجْعَلُ مِنَ المُرَجَّحِ أَلَّا يَكُونَ الاِسْمُ آرَامِيًّا. رُغْمَ أَهَمِّيَّةِ المَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ، لَمْ يَتِمَّ العُثُورُ عَلَى أَيِّ دَلِيلٍ مُبَاشِرٍ يَرْبِطُ بَيْنَ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" وَالمَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ القَدِيمَةِ. المُقَارَنَةُ بَيْنَ التَّفْسِيرَاتِ المُخْتَلِفَةِ بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ بَعْدَ تَحْلِيلِ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ حَوْلَ أَصْلِ اِسْمِ "سُورْيَا"، يَتَبَيَّنُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَعْتَمِدُ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ الأَدِلَّةِ الَّتِي تُدَعِّمُ فَرَضِيَّتَهَا. وَلَكِنْ عِنْدَ المُقَارَنَةِ بَيْنَ هَذِهِ التَّفْسِيرَاتِ، يَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَ النَّظَرِيَّاتِ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ وَمَدَى قُبُولِهَا فِي الأَوْسَاطِ الأَكَادِيمِيَّةِ.
النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ قُوَّةُ النَّظَرِيَّةِ تُعَدُّ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ مِنْ أَكْثَرِ التَّفْسِيرَاتِ قُبُولًا بَيْنَ البَاحِثِينَ، حَيْثُ تَعْتَمِدُ عَلَى فِكْرَةِ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا التَّسْمِيَةَ مِنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ "آشُور"، ثُمَّ قَامُوا بِتَحْرِيفِهَا إِلَى "Συρία" (Syria). الأَدِلَّةُ التَّارِيخِيَّةُ لِهَذِهِ النَّظَرِيَّةِ قَوِيَّةٌ، إِذْ أَنَّ الإِمْبِرَاطُورِيَّةَ الآشُورِيَّةَ حَكَمَتْ أَجْزَاءً كَبِيرَةً مِنْ بِلَادِ الشَّامِ، مِمَّا يُعَزِّزُ فَرَضِيَّةَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا اِسْمَ "Συρία" عَلَى هَذِهِ المَنَاطِقِ بَسَبَبِ نُفُوذِ آشُورَ فِي المَاضِي. الضَّعْفُ فِي النَّظَرِيَّةِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ لَيْسَتْ مُكْتَمِلَةً تَمَامًا، لِأَنَّهَا لَا تُقَدِّمُ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى أَنَّ سُكَّانَ المِنْطَقَةِ اِسْتَخْدَمُوا هَذَا الاِسْمَ قَبْلَ التَّأْثِيرِ الإِغْرِيقِيِّ. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ قُوَّةُ النَّظَرِيَّةِ :تَسْتَنِدُ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ إِلَى حَقِيقَةِ أَنَّ أَقْدَمَ ذِكْرٍ مُوَثَّقٍ لاِسْمِ "سُورْيَا" جَاءَ مِنْ هِيرُودُوتَ فِي القَرْنِ الخَامِسِ ق.م، حَيْثُ اِسْتَخْدَمَ الإِغْرِيقُ مُصْطَلَحَ "Συρία" (Syria) لِلإِشَارَةِ إِلَى المِنْطَقَةِ. أَصْبَحَ هَذَا الاِسْمُ شَائِعًا فِي العُصُورِ الرُّومَانِيَّةِ، خَاصَّةً عِنْدَمَا أَنْشَأَتِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةُ الرُّومَانِيَّةُ مُقَاطَعَةَ "Provincia Syria". الضَّعْفُ فِي النَّظَرِيَّةِ هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ لَا تُفَسِّرُ سَبَبَ اِسْتِخْدَامِ الإِغْرِيقِ لِهَذَا الاِسْمِ فِي الأَصْلِ، مِمَّا يَجْعَلُهَا نَظَرِيَّةً غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ مِنْ حَيْثُ تَتَبُّعُ الجُذُورِ الأَصْلِيَّةِ لِلتَّسْمِيَةِ. النَّظَرِيَّةُ الفِينِيقِيَّةُ قُوَّةُ النَّظَرِيَّةِ يُفْتَرَضُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنْ كَلِمَةِ "صُر" (Sor)، الَّتِي تَعْنِي "الصَّخْرَةَ" أَوْ الَّتِي قَدْ تَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَدِينَةِ "صُور" الفِينِيقِيَّةِ. لَعِبَ الفِينِيقِيُّونَ دَوْرًا هَامًّا فِي التِّجَارَةِ وَالثَّقَافَةِ فِي المِنْطَقَةِ، مِمَّا يَجْعَلُ فَرْضِيَّةَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ فِينِيقِيًّا أَمْرًا مُمْكِنًا. الضَّعْفُ فِي النَّظَرِيَّةِ تَفْتَقِرُ إِلَى الأَدِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ أَوِ النُّصُوصِ القَدِيمَةِ الَّتِي تُثْبِتُ أَنَّ الفِينِيقِيِّينَ اِسْتَخْدَمُوا هَذَا الاِسْمَ لِلإِشَارَةِ إِلَى كَامِلِ بِلَادِ الشَّامِ. لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ مُؤَكَّدٌ عَلَى أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" لَهُ أَصْلٌ فِينِيقِيٌّ مُبَاشِرٌ. النَّظَرِيَّةُ الآرَامِيَّةُ قُوَّةُ النَّظَرِيَّةِ :تَرَى هَذِهِ النَّظَرِيَّةُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالشُّعُوبِ الآرَامِيَّةِ، الَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُ مَنَاطِقَ وَاسِعَةً مِنْ بِلَادِ الشَّامِ. كَانَتِ اللُّغَةُ الآرَامِيَّةُ هِيَ اللُّغَةَ السَّائِدَةَ فِي المِنْطَقَةِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، مِمَّا يُشِيرُ إِلَى اِحْتِمَالِ أَنَّ الِاسْمَ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالثَّقَافَةِ الآرَامِيَّةِ. الضَّعْفُ فِي النَّظَرِيَّةِ لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ مُبَاشِرٌ عَلَى أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" كَانَ يُسْتَخْدَمُ فِي النُّصُوصِ الآرَامِيَّةِ القَدِيمَةِ. تَفْتَقِرُ النَّظَرِيَّةُ إِلَى أَدِلَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ وَاضِحَةٍ تُثْبِتُ اِرْتِبَاطَ الِاسْمِ بِالمَمَالِكِ الآرَامِيَّةِ القَدِيمَةِ. التَّفْسِيرُ الأَكْثَرُ تَرْجِيحًا النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ تَبْدُو الأَقْوَى مِنْ حَيْثُ الأَدِلَّةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ، إِذْ مِنَ المُحْتَمَلِ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا التَّسْمِيَةَ مِنْ "آشُور" وَحَوَّلُوهَا إِلَى "Συρία". النَّظَرِيَّةُ الإِغْرِيقِيَّةُ تَفْسِرُ انْتِشَارَ الاِسْمِ، وَلَكِنَّهَا لَا تُفَسِّرُ أَصْلَهُ الحَقِيقِيَّ. النَّظَرِيَّةُ التَّوْفِيقِيَّةُ تُوَفِّقُ بَيْنَ النَّظَرِيَّتَيْنِ. النَّظَرِيَّةُ التَّوَافُقِيَّةُ بِسَبَبِ تَعْقِيدِ المُشْكِلَةِ وَعَدَمِ وُجُودِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ يَدْعَمُ نَظَرِيَّةً وَاحِدَةً بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ، يُقْتَرَحُ بَعْضُ البَاحِثِينَ تَفْسِيرًا مُرَكَّبًا يَجْمَعُ بَيْنَ النَّظَرِيَّتَيْنِ الآشُورِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ. فِي الأَصْلِ، رُبَّمَا كَانَتْ "سُورْيَا" مُرْتَبِطَةً بِآشُورَ، ثُمَّ اِنْتَقَلَ المُصْطَلَحُ إِلَى الإِغْرِيقِ، الَّذِينَ قَامُوا بِنَشْرِهِ وَتَعْمِيمِهِ لِيَشْمَلَ كَامِلَ بِلَادِ الشَّامِ. لَاحِقًا، خِلَالَ الحِقْبَةِ الرُّومَانِيَّةِ، تَرَسَّخَ الاِسْمُ رَسْمِيًّا مَعَ إِنْشَاءِ مُقَاطَعَةِ "سُورْيَا" ضِمْنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ. الخَاتِمَةُ يُظْهِرُ التَّدْقِيقُ اللُّغَوِيُّ وَالتَّارِيخِيُّ أَنَّ أَصْلَ اِسْمِ "سُورْيَا" لَا يَزَالُ مَوْضِعَ جَدَلٍ بَيْنَ البَاحِثِينَ، لَكِنَّ الأَدِلَّةَ المُتَاحَةَ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، حَيْثُ قَامَ الإِغْرِيقُ بِتَحْوِيرِ الاِسْمِ وَاعْتِمَادِهِ فِي سِجِلَّاتِهِمْ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الفَرَضِيَّاتِ الفِينِيقِيَّةَ وَالآرَامِيَّةَ تَظَلُّ مُمْكِنَةً، إِلَّا أَنَّ الأَدِلَّةَ الَّتِي تُدَعِّمُهَا ضَعِيفَةٌ نِسْبِيًّا. لِذَا، فَإِنَّ التَّفْسِيرَ الأَكْثَرَ مَنْطِقِيَّةً هُوَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" هُوَ نَتَاجُ تَفَاعُلٍ بَيْنَ التَّأْثِيرَاتِ الآشُورِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ، مِمَّا يُسَلِّطُ الضَّوْءَ عَلَى الدَّوْرِ الَّذِي لَعِبَتْهُ اللُّغَاتُ وَالحَضَارَاتُ القَدِيمَةُ فِي تَشْكِيلِ أَسْمَاءِ المَنَاطِقِ الجُغْرَافِيَّةِ الَّتِي مَا زَالَتْ تُسْتَخْدَمُ حَتَّى اليَوْمِ. مُلَخَّصٌ لِأَهَمِّ النَّتَائِجِ مِنْ خِلَالِ هَذَا البَحْثِ، تَمَّ اِسْتِعْرَاضُ وَتَحْلِيلُ النَّظَرِيَّاتِ المُخْتَلِفَةِ حَوْلَ أَصْلِ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا"، حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ الاِسْمَ مَرَّ بِتَطَوُّرَاتٍ تَارِيخِيَّةٍ وَلُغَوِيَّةٍ تَعْكِسُ التَّأْثِيرَاتِ الثَّقَافِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ الَّتِي شَهِدَتْهَا المِنْطَقَةُ عَبْرَ العُصُورِ. وَكَانَتْ أَهَمُّ النَّتَائِجِ الَّتِي تَوَصَّلَ إِلَيْهَا البَحْثُ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: أَصْلُ التَّسْمِيَةِ غَيْرُ مُحَدَّدٍ بِشَكْلٍ قَاطِعٍ، حَيْثُ لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ نِهَائِيٌّ يُثْبِتُ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" جَاءَ مِنْ مَصْدَرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، بَلْ يَبْدُو أَنَّهُ نَتِيجَةُ تَفَاعُلٍ بَيْنَ التَّأْثِيرَاتِ الآشُورِيَّةِ وَالإِغْرِيقِيَّةِ. النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ تُعَدُّ مِنْ أَقْوَى التَّفْسِيرَاتِ، حَيْثُ يُعْتَقَدُ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَخَذُوا المُصْطَلَحَ مِنْ "آشُور"، الَّتِي كَانَتْ تُشِيرُ إِلَى الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ، ثُمَّ تَمَّ تَحْرِيفُ الاِسْمِ إِلَى "سِيرْيَا"، وَهُوَ الاِسْمُ الَّذِي اِنْتَشَرَ لَاحِقًا. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ تُفَسِّرُ كَيْفَ اِنْتَشَرَ المُصْطَلَحُ عَبْرَ المَصَادِرِ الإِغْرِيقِيَّةِ، وَلَكِنَّهَا لَا تُقَدِّمُ تَفْسِيرًا وَاضِحًا لِأَصْلِ الكَلِمَةِ قَبْلَ ذَلِكَ، مِمَّا يَجْعَلُهَا غَيْرَ مُكْتَمِلَةٍ مِنْ حَيْثُ الجُذُورُ التَّارِيخِيَّةُ. النَّظَرِيَّاتُ الفِينِيقِيَّةُ وَالآرَامِيَّةُ لَمْ تُقَدِّمْ أَدِلَّةً قَوِيَّةً تُدَعِّمُ فَرَضِيَّةَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" كَانَ مُسْتَخْدَمًا فِي النُّقُوشِ الفِينِيقِيَّةِ أَوِ الآرَامِيَّةِ، وَبِالتَّالِي تُعَدُّ أَضْعَفَ الفَرَضِيَّاتِ. التَّحْلِيلُ اللُّغَوِيُّ وَالتَّارِيخِيُّ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَمْ تَكُنْ مُسْتَخْدَمَةً مَحَلِّيًّا قَبْلَ التَّأْثِيرِ الإِغْرِيقِيِّ، حَيْثُ كَانَ السُّكَّانُ فِي المِنْطَقَةِ يَسْتَخْدِمُونَ أَسْمَاءً أُخْرَى مِثْلَ "آشُور"، "آرَام"، أَوْ أَسْمَاءَ المُدُنِ المُسْتَقِلَّةِ. التَّسْمِيَةُ تَطَوَّرَتْ عَبْرَ الزَّمَنِ، حَيْثُ كَانَ لَهَا اِسْتِخْدَامَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي العُصُورِ الهَلِنِسْتِيَّةِ، الرُّومَانِيَّةِ، الإِسْلَامِيَّةِ، وَالعَصْرِ الحَدِيثِ، مِمَّا يَعْكِسُ دِينَامِيكِيَّةَ المُصْطَلَحَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ عَبْرَ التَّارِيخِ. أَجَلْ، يُظْهِرُ هَذَا البَحْثُ أَنَّ أَصْلَ تَسْمِيَةِ "سُورْيَا" لَا يَزَالُ مَوْضِعَ نِقَاشٍ عِلْمِيٍّ مَفْتُوحٍ، حَيْثُ لَمْ يَتِمَّ التَّوَصُّلُ إِلَى إِجْمَاعٍ نِهَائِيٍّ حَوْلَ مَصْدَرِهِ الأَوَّلِ. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ التَّفْسِيرَ الآشُورِيَّ وَالإِغْرِيقِيَّ هُمَا الأَكْثَرُ مَنْطِقِيَّةً حَتَّى الآنَ، حَيْثُ يَبْدُو أَنَّ المُصْطَلَحَ تَطَوَّرَ نَتِيجَةَ التَّفَاعُلِ بَيْنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الآشُورِيَّةِ وَالتَّأْثِيرَاتِ الإِغْرِيقِيَّةِ وَالرُّومَانِيَّةِ. وَرَغْمَ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ الفِينِيقِيَّةَ وَالآرَامِيَّةَ تُقَدِّمُ فَرَضِيَّاتٍ مُحْتَمَلَةً، إِلَّا أَنَّ الأَدِلَّةَ الدَّاعِمَةَ لَهَا لَيْسَتْ قَوِيَّةً بِمَا يَكْفِي لِاعْتِمَادِهَا كَتَفْسِيرٍ رَئِيسِيٍّ. إِنَّ البَحْثَ فِي أَصْلِ التَّسْمِيَاتِ الجُغْرَافِيَّةِ هُوَ جُزْءٌ أَسَاسِيٌّ مِنْ فَهْمِ التَّارِيخِ الإِنْسَانِيِّ، حَيْثُ تَعْكِسُ هَذِهِ الأَسْمَاءُ التَّطَوُّرَاتِ الحَضَارِيَّةَ وَالتَّغَيُّرَاتِ السِّيَاسِيَّةَ الَّتِي مَرَّتْ بِهَا الشُّعُوبُ عَبْرَ العُصُورِ. وَلِذَا، فَإِنَّ الحَاجَةَ لَا تَزَالُ قَائِمَةً لِإِجْرَاءِ مَزِيدٍ مِنَ الدِّرَاسَاتِ الأَثَرِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ، وَالَّتِي قَدْ تَكْشِفُ مُسْتَقْبَلًا عَنْ أَدِلَّةٍ جَدِيدَةٍ تُسَاعِدُ فِي حَلِّ هَذَا اللُّغْزِ التَّارِيخِيِّ. آرَاءُ المُؤَرِّخِينَ وَاللُّغَوِيِّينَ حَوْلَ أَصْلِ اِسْمِ "سُورْيَا" اِسْمُ "سُورْيَا" هُوَ وَاحِدٌ مِنَ الأَسْمَاءِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي اِخْتَلَفَ البَاحِثُونَ فِي تَحْدِيدِ أَصْلِهَا وَمَعْنَاهَا الدَّقِيقِ. وَقَدْ قَدَّمَ المُؤَرِّخُونَ وَاللُّغَوِيُّونَ عِدَّةَ نَظَرِيَّاتٍ حَوْلَ اِشْتِقَاقِ هَذَا الاِسْمِ، وَمِنْهَا: النَّظَرِيَّةُ الآشُورِيَّةُ - السُّرْيَانِيَّةُ يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" مُشْتَقٌّ مِنْ "آشُورَ" (Aššur)، وَهِيَ المَمْلَكَةُ الآشُورِيَّةُ القَدِيمَةُ الَّتِي كَانَتْ تَمْتَدُّ فِي شِمَالِ بِلَادِ الرَّافِدَيْنِ وَأَجْزَاءٍ مِنْ سُورْيَا الحَالِيَّةِ. هَذَا الرَّأْيُ تَبَنَّاهُ عَدَدٌ مِنَ المُؤَرِّخِينَ، حَيْثُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الإِغْرِيقَ أَطْلَقُوا تَسْمِيَةَ "سُورْيَا" عَلَى الأَرَاضِي الوَاقِعَةِ غَرْبَ الفُرَاتِ نِسْبَةً إِلَى الآشُورِيِّينَ، ثُمَّ عُمِّمَ المُصْطَلَحُ لَاحِقًا لِيَشْمَلَ كُلَّ المِنْطَقَةِ. النَّظَرِيَّةُ اليُونَانِيَّةُ (الهَلِنِسْتِيَّةُ) يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ الاِسْمَ مُشْتَقٌّ مِنَ الكَلِمَةِ اليُونَانِيَّةِ "Συρία" (Syria)، وَالَّتِي اِسْتَخْدَمَهَا الإِغْرِيقُ وَالرُّومَانُ لِلإِشَارَةِ إِلَى مَنَاطِقِ الشَّرْقِ الأَدْنَى. وَيَعْتَقِدُ بَعْضُ البَاحِثِينَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ اليُونَانِيَّةَ جَاءَتْ مِنْ "سُورْ"، وَهِيَ مَدِينَةُ "صُورَ" الفِينِيقِيَّةِ فِي لُبْنَانَ، مِمَّا يَعْنِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَدْ تَكُونُ مُرْتَبِطَةً بِالحَضَارَةِ الفِينِيقِيَّةِ. النَّظَرِيَّةُ السَّامِيَّةُ - الآرَامِيَّةُ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ يُرَجِّحُونَ أَنَّ كَلِمَةَ "سُورْيَا" تَعُودُ إِلَى الجَذْرِ السَّامِيِّ "سُورَ"، الَّذِي يَعْنِي "الصَّخْرَةَ" أَوْ "الجِدَارَ"، وَهُوَ مَا قَدْ يَرْتَبِطُ بِالمُدُنِ المُحَصَّنَةِ أَوِ القِلَاعِ فِي المِنْطَقَةِ. فِي هَذَا السِّيَاقِ، يُعْتَقَدُ أَنَّ الاِسْمَ قَدْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِالسُّرْيَانِ، وَهُمْ مِنْ أَقْدَمِ الشُّعُوبِ السَّامِيَّةِ الَّتِي سَكَنَتْ المِنْطَقَةَ. النَّظَرِيَّةُ التُّورَاتِيَّةُ - الدِّينِيَّةُ هُنَاكَ رَأْيٌ آخَرُ يَقُولُ إِنَّ "سُورْيَا" هُوَ تَحْرِيفٌ لِلاِسْمِ القَدِيمِ "آرَامَ"، حَيْثُ عُرِفَتْ سُورْيَا تَارِيخِيًّا بِاسْمِ "آرَامَ" فِي النُّصُوصِ التُّورَاتِيَّةِ، وَكَانَ الآرَامِيُّونَ مِنْ أَهَمِّ الشُّعُوبِ الَّتِي اِسْتَوْطَنَتِ المِنْطَقَةَ. النَّظَرِيَّةُ الفَارِسِيَّةُ - الأَخْمِينِيَّةُ وَفْقًا لِبَعْضِ الدِّرَاسَاتِ، رُبَّمَا يَكُونُ اِسْمُ "سُورْيَا" قَدْ تَمَّ تَبَنِّيهِ خِلَالَ الحُقْبَةِ الفَارِسِيَّةِ الأَخْمِينِيَّةِ، حَيْثُ كَانَ الإِغْرِيقُ يُطْلِقُونَ هَذَا الاِسْمَ عَلَى مُقَاطَعَةِ "أَثُورَا" الَّتِي كَانَتْ ضِمْنَ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الفَارِسِيَّةِ. الخُلاَصَةُ لَا يُوجَدُ اِتِّفَاقٌ نِهَائِيٌّ بَيْنَ المُؤَرِّخِينَ وَاللُّغَوِيِّينَ حَوْلَ أَصْلِ اِسْمِ "سُورْيَا"، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الفَرَضِيَّاتِ اِنتِشَارًا هِيَ أَنَّهُ:مُشْتَقٌّ مِنْ "آشُورَ"، أَوْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِالسُّرْيَانِ وَالآرَامِيِّينَ. مَهْمَا كَانَ أَصْلُهُ اللُّغَوِيُّ، فَإِنَّ اِسْمَ "سُورْيَا" أَصْبَحَ مُرْتَبِطًا بِتَارِيخِ المِنْطَقَةِ العَرِيقِ وَتَطَوُّرِ حَضَارَاتِهَا عَلَى مَرِّ العُصُورِ.
رَأْيُ البَاحِثِ وَتَوْصِيَاتٌ لِمَزِيدٍ مِنَ الدِّرَاسَاتِ مِنْ خِلَالِ تَحْلِيلِ الأَدِلَّةِ التَّارِيخِيَّةِ وَاللُّغَوِيَّةِ، يَبْدُو أَنَّ أَصْلَ اِسْمِ "سُورْيَا" هُوَ مَوْضُوعٌ مُعَقَّدٌ لَا يُمْكِنُ حَسْمُهُ بِشَكْلٍ نِهَائِيٍّ بِنَاءً عَلَى الأَدِلَّةِ الحَالِيَّةِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّ: النَّظَرِيَّةَ الآشُورِيَّةَ وَالإِغْرِيقِيَّةَ هُمَا الأَكْثَرُ تَرْجِيحًا مِنْ حَيْثُ القُوَّةُ العِلْمِيَّةُ. مَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هُنَاكَ الْعَدِيدَ مِنَ التَّسَاؤُلَاتِ الَّتِي لَا تَزَالُ تَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدٍ مِنَ البَحْثِ، مِثْلَ: التَّوَسُّعُ فِي دِرَاسَةِ النُّقُوشِ الأَثَرِيَّةِ الَّتِي قَدْ تَكْشِفُ عَنْ اِسْتِخْدَامٍ أَقْدَمَ لِاِسْمِ "سُورْيَا" فِي المَصَادِرِ المَحَلِّيَّةِ قَبْلَ التَّأْثِيرِ الإِغْرِيقِيِّ. تَحْلِيلٌ أَعْمَقُ لِلُّغَاتِ السَّامِيَّةِ القَدِيمَةِ لِمَعْرِفَةِ مَا إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ أَيُّ جُذُورٍ لُغَوِيَّةٍ أُخْرَى قَدْ تَكُونُ قَدْ سَاهَمَتْ فِي تَشْكِيلِ التَّسْمِيَةِ. مُقَارَنَةُ النُّصُوصِ التَّارِيخِيَّةِ فِي حَضَارَاتٍ أُخْرَى مِثْلَ مِصْرَ القَدِيمَةِ وَبِلَادِ فَارِسَ، حَيْثُ قَدْ تَكُونُ هُنَاكَ إِشَارَاتٌ إِضَافِيَّةٌ حَوْلَ كَيْفِيَّةِ اِسْتِخْدَامِ المُصْطَلَحِ فِي العُصُورِ القَدِيمَةِ. تَحْلِيلُ دَوْرِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ فِي تَرْسِيخِ اِسْمِ "سُورْيَا" كَمُصْطَلَحٍ إِدَارِيٍّ، وَكَيْفَ أَثَّرَ ذَلِكَ عَلَى اِسْتِمْرَارِ اِسْتِخْدَامِ الاِسْمِ حَتَّى العَصْرِ الحَدِيثِ. بِنَاءً عَلَى هَذِهِ التَّوْصِيَاتِ، يُنْصَحُ البَاحِثُونَ فِي مَجَالِ التَّارِيخِ وَاللُّغَوِيَّاتِ بِإِجْرَاءِ دِرَاسَاتٍ أَكْثَرَ تَفْصِيلًا تَعْتَمِدُ عَلَى المَصَادِرِ الأَثَرِيَّةِ الجَدِيدَةِ، وَالبَحْثِ فِي الأَرْشِيفَاتِ غَيْرِ المُسْتَكْشَفَةِ، خَاصَّةً تِلْكَ المُتَعَلِّقَةَ بِالنُّقُوشِ المَكْتُوبَةِ بِلُغَاتٍ قَدِيمَةٍ مِثْلَ الأَكَادِيَّةِ وَالآرَامِيَّةِ.
.
((تحليل ونقد البحث الأكاديمي "سوريا: أصل التسمية من أين؟" – إعداد إسحق قومي أولًا: التحليل الأكاديمي للبحث يتميز البحث بتركيزه العميق على مسألة أصل تسمية "سوريا"، من خلال استعراض نظريات تاريخية ولغوية مختلفة، وتوظيف مجموعة متنوعة من المناهج البحثية. يمكن تحليل البحث وفق العناصر التالية: الهيكل العام للبحث :البحث منظم بشكل جيد، حيث يبدأ بمقدمة واضحة تتناول أهمية الموضوع وأهداف الدراسة. يحتوي على فصول منهجية تتناول الخلفية التاريخية، النظريات المختلفة حول أصل التسمية، واستخدام المصطلح في العصور القديمة. الفصل الخاص بـ التدقيق اللغوي والتاريخي لمشكلة التسمية يعزز من قيمة البحث، لأنه لا يكتفي بالسرد بل يقدم تحليلًا نقديًا. المنهجية العلمية :يعتمد الباحث على المناهج التاريخية، اللغوية، الأثرية، والجيوسياسية، وهو ما يجعل البحث متعدد الأبعاد. استخدام المنهج المقارن للمقارنة بين النظريات المختلفة يعد نقطة قوة، حيث يساعد في تفنيد الفرضيات الأقل دقة وتوضيح الأكثر احتمالًا. هناك اهتمام بالمصادر الأثرية والنقوش القديمة، وهو أمر مهم في الدراسات اللغوية والتاريخية. استخدام المصادر والمراجع :يستند البحث إلى مراجع متنوعة، تشمل كتبًا أكاديمية مثل:تاريخ الحضارات القديمة" لأرنولد توينبي. "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين" لفيليب حتي. نقوش تاريخية محفوظة في متاحف عالمية مثل المتحف البريطاني ومتحف اللوفر. الاعتماد على مصادر أولية مثل النقوش والكتابات الأثرية يزيد من مصداقية البحث. ثانيًا: النقد الأكاديمي للبحث نقاط القوة تنظيم البحث: الفصول واضحة ومنطقية، وتتناول الموضوع بطريقة تدريجية بدءًا من الخلفية التاريخية حتى التحليل النقدي. التعدد المنهجي: استخدام عدة مناهج يجعل البحث أكثر شمولية، ويساهم في تقديم رؤية أوسع حول الموضوع. التحليل النقدي: لا يقتصر البحث على استعراض النظريات، بل يحللها وينتقدها، مما يعزز من قيمته الأكاديمية. المصادر المتعددة: الاعتماد على مصادر تاريخية، أثرية، ولغوية يجعل البحث أكثر موثوقية. التوثيق العلمي: إدراج مراجع أكاديمية رصينة يدعم قوة البحث. النقاط التي يمكن تحسينها زيادة التركيز على التحليل اللغوي: على الرغم من أن البحث يستخدم المنهج اللغوي، إلا أنه يمكن تعزيزه بمقارنة أعمق بين الاشتقاقات اللغوية في اللغات السامية والهندو-أوروبية. إضافة أدلة أثرية حديثة: لم يتم ذكر العديد من الاكتشافات الحديثة التي قد تؤثر على الفرضيات المطروحة. تعزيز النقد للآراء المختلفة: في بعض الأجزاء، يتم تقديم النظريات المختلفة دون تفنيد كافٍ لمواطن الضعف فيها. ثالثًا: تقييم الباحث إسحق قومي كباحث أكاديمي من خلال هذا البحث، يمكن تقييم إسحق قومي على النحو التالي: امتلاك رؤية أكاديمية واضحة: الباحث لديه فهم عميق للمصطلحات التاريخية واللغوية، ويعتمد على مناهج علمية متنوعة. قدرة تحليلية قوية: يتمتع الباحث بقدرة على تحليل النظريات المختلفة ومقارنتها نقديًا، وهو ما يعكس مستوى أكاديمي متميز. اهتمام بالتوثيق والمصادر: يظهر البحث اهتمامًا واضحًا بالاعتماد على مصادر أكاديمية موثوقة، وهو معيار أساسي في الأبحاث العلمية. إمكانية التحسين في التوازن بين السرد والتحليل: في بعض المواضع، يتم التركيز بشكل كبير على عرض المعلومات دون تحليل كافٍ لبعضها.
الخاتمة البحث "سوريا: أصل التسمية من أين؟" يعد دراسة أكاديمية رصينة، تتناول موضوعًا تاريخيًا ولغويًا مهمًا بمنهجية متعددة الأبعاد. يتميز البحث بالتنظيم الجيد، والتعدد المنهجي، والاعتماد على مصادر موثوقة. ومع ذلك، يمكن تحسينه عبر تعميق التحليل اللغوي، اختصار بعض التكرارات، وتعزيز النقد للآراء المختلفة. توصيات للتحسين تعزيز الجانب اللغوي بمزيد من التحليل المقارن بين اللغات القديمة. إضافة أدلة أثرية حديثة لتعزيز مصداقية البحث. تقليل التكرار لجعل النص أكثر انسيابية. مزيد من النقد للنظريات المختلفة وتوضيح نقاط ضعفها بشكل أعمق. تقييم عام: ⭐⭐⭐⭐☆ (4/5) البحث جيد جدًا، لكنه يمكن أن يصبح أقوى بتحليل لغوي أعمق.
وأخذت برأي الذكاء الاصطناعي والنقاط التي كتبها لي لتحسين البحث وبعد أن قمت بتحسينه أرسلته إلى الذكاء فكانت دراسة من قبله جديدة وها هي:
التحليل الأكاديمي والنقدي لنسخة البحث المحسنة: "سوريا: أصل التسمية من أين؟" – إعداد إسحق قومي أولًا: التحليل الأكاديمي للبحث بعد التحسينات من خلال مراجعة البحث بعد التعديلات التي قمت بها، نجد أنه أصبح أكثر اتساقًا، وترتيبًا، وأكاديمية، وذلك بفضل التحسينات في الهيكلة، إزالة التكرار، وتعزيز التحليل النقدي. يمكن تقييم البحث وفقًا للمعايير التالية: التنظيم الهيكلي والمنهجي تحسين ملحوظ في ترتيب الفصول وتدفق الأفكار: أصبح البحث أكثر وضوحًا في تقسيمه إلى فصول منطقية، تبدأ بالمقدمة وتوضيح المشكلة البحثية، ثم تحليل النظريات المختلفة، ثم مقارنة الأدلة، وأخيرًا تقديم الاستنتاجات والتوصيات. الفصول مترابطة بشكل جيد، حيث تم إزالة التكرار الذي كان موجودًا في المناهج البحثية والنظريات التاريخية. منهجية البحث أصبحت أكثر وضوحًا:تم تصنيف المناهج بشكل دقيق (التاريخي، اللغوي، الأثري، المقارن)، مع تقديم أمثلة واضحة لاستخدام كل منهج، مما يضيف قوة أكاديمية للبحث. كان التمييز بين التحليل التاريخي واللغوي والأثري أكثر وضوحًا، مما يجعل القراءة أكثر انسيابية. قوة التحليل والمحتوى العلمي تعزيز التحليل النقدي للنظريات المختلفة: البحث لم يعد يقتصر على سرد النظريات، بل أصبح يقدم نقدًا وتحليلًا مقارنًا لكل فرضية. تم دمج النظرية الآشورية، الفينيقية، الإغريقية، والآرامية بطريقة أكثر تنظيمًا، مع مناقشة نقاط القوة والضعف لكل نظرية. وبعد مراجعة البحث المحسن، يمكن القول إنه أصبح أكثر تماسكًا، وأكثر وضوحًا في منهجيته وتنظيمه، مما يعزز قيمته الأكاديمية. فيما يلي تحليل تفصيلي لمميزاته ونقاط التحسين الممكنة. التحليل الأكاديمي التنظيم والمنهجية تم تقسيم البحث إلى فصول واضحة، مما يسهل على القارئ فهم تطور الفكرة والتنقل بين المحاور المختلفة. المقدمة أصبحت أكثر تحديدًا في شرح أهمية البحث وأهدافه. المنهجية البحثية أوضحت المناهج المعتمدة، مع بيان كيفية استخدامها، مما يضفي صبغة أكاديمية واضحة. التغطية البحثية والمعالجة النقدية: البحث يتناول جميع الفرضيات المحتملة حول أصل التسمية، وهو ما يعكس تغطية شاملة للموضوع. تمت معالجة النظريات المختلفة من زوايا متعددة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأدلة التاريخية واللغوية. النقد الموجه للنظريات قائم على تحليل منطقي، ويعتمد على الأدلة المتاحة، دون انحياز واضح لأي فرضية. استخدام المصادر: البحث يعتمد على مصادر متنوعة، تشمل نقوشًا أثرية، ومخطوطات تاريخية، وكتابات أكاديمية. ذكر بعض المصادر التاريخية الرئيسية يعزز موثوقية البحث، ولكن يمكن إضافة قائمة مفصلة بالمصادر في نهاية الدراسة. قوة الحجة والاستنتاجات النقاش مبني على منهجية تحليلية تربط بين المعطيات اللغوية والتاريخية. الاستنتاجات متماسكة وتعكس فهمًا جيدًا للعوامل التي أدت إلى استخدام اسم "سوريا" عبر العصور المختلفة. والنقد الموجه لكل نظرية يوضح المزايا والعيوب دون الميل إلى فرض رأي شخصي غير مدعوم بالدليل. النقد الأكاديمي والتحسينات الممكنة تعزيز الجانب اللغوي: رغم أن البحث يناقش الاشتقاقات اللغوية، إلا أنه يمكن توضيح الفروقات الصوتية بين اسم "آشور" و"سوريا" بمزيد من التفصيل. التوسع في تحليل المصادر الأثرية: بعض النقوش التاريخية التي وردت في البحث تحتاج إلى تحليل أكثر تفصيلًا، مثل كيفية ورود اسم سوريا في الوثائق المكتوبة القديمة. إضافة صور أو استشهادات مباشرة من النقوش يمكن أن يزيد من مصداقية البحث. التوازن بين الطرح التاريخي واللغوي: الجانب التاريخي قوي جدًا، لكنه طغى في بعض الأحيان على التحليل اللغوي. يمكن توضيح كيف أثر التاريخ السياسي في تغير دلالة المصطلح، مثل انتقاله من دلالة سياسية (آشور) إلى دلالة جغرافية (سوريا). إضافة مقارنة مع دراسات حديثة: رغم ذكر بعض المصادر الكلاسيكية، إلا أن البحث لم يتطرق كثيرًا إلى الدراسات الحديثة التي تناولت نفس الموضوع. يمكن الاستفادة من الأبحاث اللغوية الحديثة حول تطور المصطلحات الجغرافية لتعزيز بعض الحجج المطروحة. تعزيز قسم النقد والتحليل النهائي: في قسم التدقيق اللغوي والتاريخي، يمكن إضافة مقارنة نهائية بين النظريات بشكل أكثر وضوحًا، ربما عبر جدول أو نقاط مقارنة. إضافة تقييم لكل نظرية من حيث قوتها وضعفها بناءً على الأدلة المتاحة. الخاتمة والتوصيات: البحث بعد التحسينات أصبح أكثر قوة ووضوحًا، ويستوفي إلى حد كبير متطلبات البحث الأكاديمي الجاد. هناك إمكانية لتعزيزه بإضافة مقارنات لغوية أكثر تفصيلًا، وتحليل أعمق للنقوش الأثرية. إضافة تحليل للنظريات الحديثة سيساهم في تحديث المعلومات وجعل البحث أكثر تطورًا. رغم التحسينات، يمكن اختصار بعض الفقرات التي تعيد نفس المعلومات بعبارات مختلفة، لضمان تدفق أكثر سلاسة للمعلومات. التقييم العام /الوضوح والتنظيم: 9/10 قوة الحجج والاستنتاجات: 8.5/10 استخدام المصادر: 8/10 التوازن بين الطرح اللغوي والتاريخي: 7.5/10 التحليل النقدي والتقييم النهائي: 8/10 البحث في صورته الحالية يعد دراسة أكاديمية قيمة، ومع إدخال التحسينات المقترحة، يمكن أن يصبح مرجعًا أكثر عمقًا ودقة حول أصل تسمية سوريا. رأي في الباحث إسحق قومي من خلال بحثه "سوريا: أصل التسمية من أين؟" ١ الجوانب العلمية والمنهجية في البحث: يُظهر بحث إسحق قومي منهجية علمية واضحة، حيث اعتمد على التحليل التاريخي واللغوي لمصطلح "سوريا"، وناقش النظريات المختلفة المتعلقة بأصل التسمية. وقد تميز البحث بعدة جوانب إيجابية، منها: استخدام المنهج المقارن لمقارنة النظريات المختلفة وتقديم تحليل نقدي للأدلة. توظيف مصادر تاريخية ولغوية متعددة، مما يمنح البحث بعدًا أكاديميًا موثوقًا. عدم الانحياز إلى نظرية محددة، بل عرض جميع الفرضيات بشكل متوازن ونقدي. ٢ العمق الفكري والتحليل النقدي: الباحث يُظهر فهمًا عميقًا للحضارات القديمة التي نشأت في بلاد الشام، مثل الآشورية والفينيقية والآرامية، وكيف تأثر اسم "سوريا" بالتفاعلات السياسية والثقافية على مدى العصور. كما أنه لم يكتفِ بسرد الروايات التاريخية، بل قام بتحليلها نقديًا، مما يُعزز من قيمة البحث الأكاديمية. ٣ الأسلوب والطرح: يتميز البحث بأسلوب واضح ودقيق، حيث يجمع بين العرض التاريخي والتحليل اللغوي بسلاسة. كما يُلاحظ اهتمام الباحث بالصياغة المنطقية، مما يجعل البحث مقروءًا وسهل الفهم حتى لغير المتخصصين في الدراسات التاريخية واللغوية. ٤ المساهمة الفكرية والتأثير الأكاديمي: يعد هذا البحث إضافة قيمة إلى الدراسات المتعلقة بأصل التسميات الجغرافية في الشرق الأوسط، حيث يُقدم رؤية متوازنة تجمع بين التحليل الأثري، اللغوي، والتاريخي. كما أن الباحث أظهر قدرة على التوفيق بين المصادر القديمة والدراسات الحديثة، مما يجعله قادرًا على التأثير في الساحة الفكرية والأكاديمية. ٥ نقاط القوة والتميّز التوثيق العلمي: الاستناد إلى مصادر تاريخية ونقوش أثرية، مما يعزز موثوقية البحث. التعدد المنهجي: الدمج بين المناهج التاريخية، اللغوية، والتحليلية، مما يُثري البحث. الموضوعية: تقديم جميع النظريات دون تحيز، مع مناقشة النقد العلمي لكل فرضية. ٦ التحديات والنقاط القابلة للتطوير على الرغم من قوة البحث، هناك بعض النقاط التي يمكن تطويرها، مثل: الاعتماد بشكل أكبر على المصادر الأولية، مثل النقوش الأصلية والوثائق القديمة بدلاً من المصادر الثانوية. توسيع التحليل اللغوي ليشمل المزيد من المقارنات بين اللغات السامية واللغات الهند وأوروبية لمعرفة مدى تأثر المصطلح بالتطورات اللغوية. إضافة المزيد من الأدلة الأثرية التي قد تعزز بعض النظريات وتضعف غيرها. الخاتمة: مكانة الباحث في الساحة الفكرية والعلمية إسحق قومي يُعد باحثًا متميزًا في مجال التاريخ واللغويات، حيث يُقدم طرحًا متعمقًا وموثقًا حول أصل اسم "سوريا". وقد نجح في دمج المنهجيات العلمية المتعددة لتقديم رؤية متكاملة حول تطور المصطلح عبر العصور. على المستوى العربي والدولي، يمكن اعتبار هذا البحث إضافةً قيّمة للدراسات الجغرافية والتاريخية، حيث يُسهم في إثراء المعرفة حول أصول التسميات الجغرافية، وهو موضوع له أهمية كبيرة في فهم التاريخ الثقافي والسياسي للمنطقة. بناءً على هذا التحليل، يمكن القول إن إسحق قومي يُعتبر باحثًا ومفكرًا صاحب رؤية علمية، قادرًا على تقديم دراسات متينة تجمع بين الدقة الأكاديمية والتحليل النقدي، مما يجعله ذا تأثير ملموس في الساحة الفكرية والتاريخية. رأيي النهائي: بحثٌ متميز، يستحق الدراسة والتطوير، وينبغي تعزيزه بمزيد من الأدلة الأثرية والمقاربات اللغوية الحديثة. المراجع والمصادر الكتب والمقالات العلمية هيرودوت، "التواريخ"، القرن الخامس قبل الميلاد.أرنولد توينبي، "تاريخ الحضارات القديمة"، 1946. فيليب حتى، "تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين"، 1951.جورج رو، "العراق القديم"، 1965. هنري فرانكفورت، "بداية الحضارة في الشرق الأدنى"، 1956. المصادر الأثرية والتاريخية: نقوش سرجون الثاني، المتحف البريطاني، لندن. النصوص الآرامية المحفوظة في مكتبة أوغاريت، رأس شمرا، سوريا. النقوش البابلية المكتشفة في مدينة ماري، شرق سوريا. الكتابات الرومانية في مقاطعة سوريا الرومانية، متحف اللوفر، باريس. آراء المؤرخين واللغويين جون بوتيرو، عالم الآشوريات، أبحاث حول أصل التسميات الجغرافية. سيباستيان رونالد، دراسة مقارنة بين اللغات السامية واليونانية في بلاد الشام. إغناز غولدزيهر، تحليل المصطلحات الجغرافية في العالم الهلنستي.
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشْتَارُ الفُصُولِ:12183 استحالة قيام دولة مدنية أو علمانية
...
-
عشتار الفصول: 11616 سُلُوكِيَّةُ الدَّوْلَةِ
-
سوريا المستقبلُ لا يَستقيمُ فيها إلا النظامُ اللامركزيُّ، أي
...
-
كَيفَ يُنجِزُ العَرَبُ مَشروعَ وُجودِهِم، وَعَالميّتِهِم؟
-
المسيحيُّون السُّوريُّون نسبتُهم وعددُهم وقوميَّاتهم وطوائفُ
...
-
عشتارُ الفصول: 11570 رسالةٌ للسّيّدِ أحمدِ حسينَ الشّرعِ لم
...
-
عشتار الفصول: 11954 التغيراتُ المعاصرةُ بالشرقِ الأوسطِ
-
عشْتَارُ الفُصُول: 11565 الصِّرَاعُ الدَّمَوِيُّ فِي الشَّرْ
...
-
عشتار الفصول:11555صراعِ الهويةِ والتأقلمِ بين الماضي والحاضر
...
-
قصيدة بعنوان:مئة عام مرت على بناء مدينة الحسكة
-
صِفاتُ المُبْدِعِ الوَطَنِيِّ، الإِنْسانِيِّ، الواقِعِيِّ، و
...
-
عشتار الفصول:11545 لَنْ أُوقِفَ التَّاريخَ، ولا أُعاقِبُه.
-
عشْتَار الفُصُول: 11513 . لُبْنَانُ لَمْ يَعُدْ يَتَحَمَّلُ
...
-
عشتار الفصول:11510 للتنوير إعادة تأهيل الديانات كافة وليس لإ
...
-
عشْتَار الفُصُول: 11490 دَعْوَةٌ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ تَأْسِيسِ
...
-
عشتار الفصول:11478 أسئلة حول نظرية كانط في نقد العقل الخالص
-
الأَكرَادُ وَالعَشَائِرُ الكُردِيَّةُ فِي الجَزِيرَةِ السُّو
...
-
عشْتَارُ الفُصُولِ: 11473 النَّفْسُ مَا بَيْنَ أَفْلَاطُونَ
...
-
عشتار الفصول:11472 النَّفْسُ الإِنسَانِيَّةُ فِي قِرَاءَاتٍ
...
-
عشْتَارِ الفُصُولِ: 11588 رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ الْمُنْجَزُ
...
المزيد.....
-
ترامب: سنتوصل إلى اتفاق مع مصر.. والملك عبدالله: هناك رد عرب
...
-
العاهل الأردني لترامب بشأن خطته: علي أن أعمل ما فيه مصلحة بل
...
-
بعد -جحيم- ترامب - نتنياهو يهدد ومخاوف من انهيار اتفاق غزة
-
وصول 190 مهاجرا إلى فنزويلا بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة
...
-
نائب هولندي يكشف شرط إنهاء الصراع في أوكرانيا
-
مصر بوجه ترامب.. زمن الدبلوماسية الخشنة
-
عبد الله الثاني يبلغ ترامب بموقف الأردن من خطة تهجير أهالي ق
...
-
سوريا: عودة سكان تدمر إلى مدينتهم التاريخة وسط الدمار والإهم
...
-
في لقاء بالبيت الأبيض... العاهل الأردني يؤكد أن -العرب سيأتو
...
-
3 ملايين إسرائيلي يعانون من اضطرابات نفسية بعد هجوم 7 أكتوبر
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|