اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 12:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثير الجدل مؤخراً حول هوية الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني، عقب تسريبات تُشير إلى انتمائهما للقومية الكردية ، وزادت التكهنات بعد تسريبات شفهية للشرع وهو يتحدث باللغة الكردية خلال لقائه بقائد "قسد" مظلوم عبدي، إلى جانب تغريدة للشيباني على منصة X باللغة الكردية، ما فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام تغيير جوهري يعيد رسم ملامح الحقوق الكردية في سوريا، أم أن الأمر لا يعدو كونه ورقة تكتيكية تستخدمها "الإدارة الانتقالية" لتحقيق مكاسب آنية؟
لطالما كانت الهوية القومية للقيادات السورية من المحظورات التي فرضتها الأنظمة المتعاقبة، حيث جرى طمس التعددية تحت غطاء القومية العروبية. إلا أن صعود الشرع يبدو مختلفاً، إذ حمل خطابه الرسمي شعارات التنوع وألمح إلى ضرورة رفع المظلومية عن الكرد. لكن يبقى السؤال: هل كان حديثه بالكردية إلى مظلوم عبدي رسالة سلام مُشفّرة لأبناء القومية الكردية ، أم محاولة لاستيعابهم في إطار لعبة سياسية معقدة؟
على الجانب الآخر، قد تكون الإدارة الحالية بصدد إعادة رسم تحالفاتها. حيث تسعى داخلياً إلى تهدئة الغضب الكردي بعد عقود من التهميش، وقد يكون هذا الانفتاح محاولة لاستقطاب دعم غربي لخطواتها ، في وقت تراقب فيه تركيا التطورات بقلق. لكن، هل يمكن أن يُحدث الخطاب وحده تحولاً حقيقياً؟
التحديات أمام هذه المقاربة عديدة. فالدستور السوري لا يزال بعيداً عن الاعتراف بالحقوق القومية الكردية ، وملف "الإدارة الذاتية" أشبه بكرة نار تتقاذفها الأطراف المختلفة. كما أن العلاقة مع "قسد" تتأرجح بين التفاوض والتوتر، بينما تواصل القوى السورية ذات النزعة العروبية رفضها لأي تغيير جوهري في المشهد؟ حتى وإن قبلت ، فهل ستقبل تركيا بالأمر الواقع، و تسمح بتحوّل سوريا إلى نموذج للتعددية القومية؟
قد يكون حديث الرئيس ووزير خارجيته باللغة الكردية بادرة أمل، لكنه بحاجة إلى إجراءات عملية ملموسة، تبدأ بدستور يعترف بالهوية القومية الكردية، ومشاركة سياسية حقيقية، وإصلاح يعالج جراح الماضي . لكن السؤال الجوهري الذي يشغل الأذهان: هل نحن أمام فجر جديد للكرد السوريين، أم أن هذه الأضواء ستخفت بمجرد التوصل إلى حل لمشكلة "قسد" والإدارة الذاتية؟
التاريخ وحده سيحكم، لكن المراهنة على تحوّلات الأنظمة غالباً ما تكون لعبة ذات نهايات غير متوقعة ، واحياناً مأساوية ..!
#اكرم_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟