اسعد عبدالله عبدعلي
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 04:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصطلح "الحرب السيبرانية" تردد كثيرا خلال السنة الاخيرة, خصوصا مع اشتعال حرب طوفان الاقصى, ويمكن الإفصاح عن معناه انها نوع من الصراع الذي يتم من خلال الفضاء الإلكتروني، حيث تستخدم الدول أو الجماعات قدرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لاستهداف نظم المعلومات والبيانات للخصوم, وهذا النوع من الحرب يمكن أن يتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة، مثل الهجمات الإلكترونية والتي تكون على شكل اختراق الشبكات أو تدمير البيانات أو سرقتها, وبعضها يكون على شكل التجسس الإلكتروني حيث يتم استغلال الثغرات للوصول إلى بيانات حساسة دون إذن, وشكل مختلف آخر للحرب تسمى بحرب المعلومات, حيث يتم نشر معلومات مضللة أو دعاية تهدف إلى التأثير على الرأي العام أو إحداث فوضى, وطريقة اخرى للحرب عبر التهديدات ضد البنية التحتية الحيوية, مثل الهجوم على محطات الطاقة، شبكات الاتصالات، أو أنظمة النقل وتعطيلها والعبث بأنظمتها.
وتتسم الحرب السيبرانية غالبًا بالسرية والغموض، مما يجعل من الصعب ردع أو التحقق من الفاعلين.
• دوافع الحرب السيبرانية
الحرب السيبرانية تشمل الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الأنظمة المعلوماتية, ودوافع هذه الحرب متعددة ويمكن تحديد أهمها: فأولها هو الرغبة في التحكم في المعلومات والحصول على معلومات حساسة أو سرية، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. وثانيها محاولة التأثير على الخصوم عبر استخدام الهجمات السيبرانية لإضعافهم أو التأثير على قراراتهم، مثل التدخل في الانتخابات أو نشر معلومات مضللة. ثالثها هو الرد على الاعتداءات, وتُستخدم كوسيلة للرد على الاعتداءات أو الهجمات الأخرى، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية. ورابعها هو الإرهاب والتخويف, فان بعض الجماعات المتطرفة قد تستخدم الحرب السيبرانية كوسيلة لنشر الذعر أو تحقيق أهدافهم الأيديولوجية. وخامسها هو التجسس فان بعض الدول قد تقوم بتنفيذ هجمات سيبرانية لجمع المعلومات عن أنشطة الدول الأخرى أو الشركات المنافسة.
وسادس تلك الدوافع هو السعي الى التحكم في البنية التحتية, وتهدف بعض الهجمات إلى تدمير أو تعطيل البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء أو النظام المالي. وسابعها تلك الصراعات الاقتصادية, وهو نوع من المنافسة الاقتصادية, والتي قد تؤدي إلى هجمات سيبرانية على الشركات المنافسة للحصول على ميزة.
• ما هي أدوات الحرب السيبرانية
لكي تستطيع الدول او الجماعات المشاركة في الحرب السيبرانية، هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب توافرها، سواء كنت فردًا أو منظمة. منها المعرفة والمهارات التقنية, فهم الأنظمة والشبكات, ومعرفة كيفية عمل الشبكات والكمبيوترات. ومنها برمجة وتشفير, وهي مهارات في لغات البرمجة وفهم تقنيات التشفير. تحليل الثغرات, وهو القدرة على تحديد واستغلال الثغرات الأمنية في الأنظمة. ومنها الأدوات والتقنيات, برمجيات القرصنة الأخلاقية مثل أدوات اختبار الاختراق لتحليل الأمان. أدوات تحليل البيانات, لتجميع وتحليل وتفسير المعلومات التي يتم جمعها.
• مخاطر الحرب السيبرانية
الحرب السيبرانية تحمل مجموعة من المخاطر التي يمكن أن تؤثر على الأفراد، والشركات، والدول, فمثلا ان الاختراقات الأمنية تتسبب في تعرض الأنظمة والشبكات الى فقدان البيانات الحساسة وسرقة المعلومات الشخصية. ويمكن ان نفهم حجم المخاطر التي تحصل عبر تعطيل البنية التحتية, حيث يمكن أن تستهدف الهجمات السيبرانية البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء، والمياه، والصحة، ما قد يؤدي إلى انقطاع الخدمات الأساسية, فتصور حجم الخطر.
ومن مخاطرها هو الأضرار المالية, حيث تتُسبب الهجمات تكاليف هائلة للشركات والدول، سواء من خلال خسائر مباشرة أو من خلال تكاليف إعادة بناء الأنظمة المتضررة. ومخاطر اخرى هي فقدان الثقة, وتؤدي الهجمات إلى فقدان الثقة بين الأفراد والشركات والسلطات، مما يؤثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية. والشائعات والمعلومات المضللة, ويمكن استخدام الفضاء السيبراني لنشر معلومات مضللة تهدف إلى زعزعة استقرار المجتمعات أو التأثير على الانتخابات. ويمكن ان تكون على شكل التجسس الصناعي, وتقوم الدول أو الشركات بسرقة التكنولوجيا والأبحاث من المنافسين، مما يمكن أن يؤدي إلى تفوق غير عادل.
• حرب الكيان الصهيوني ضد حزب الله
الحرب السيبرانية بين الكيان الصهيوني وحزب الله تعكس تزايد استخدام التكنولوجيا في النزاعات الحديثة. ويعتبر الكيان الصهيوني من الدول الرائدة في مجال الأمن السيبراني، وقد استثمرت الكثير في تطوير قدراتها لمواجهة التهديدات الرقمية. بالمقابل حزب الله أعطى أهمية متزايدة للقدرات الإلكترونية، خصوصاً في ظل الصراع المستمر مع الصهاينة.
ان الكيان الصهيوني نفذ عمليات هجوم سيبراني استهدفت البنية التحتية لحزب الله وأي أصول مرتبطة به، مثل الاتصالات والشبكات المالية.
بالمقابل حاول حزب الله استخدم تقنيات القرصنة لمهاجمة المواقع الصهيونية، ومحاولة جمع معلومات استخباراتية. وكان كل طرف يستخدم الدعاية والحرب النفسية, مثل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائله الإعلامية وتحقيق أهدافه النفسية، مما يؤثر على الرأي العام.
هنالك تعاون دولي تحقق للكيان الصهيوني مع دول العظمى, ساعدها في تحسين قدراتها السيبرانية، بينما سعى حزب الله للاستفادة من التكنولوجيا المتاحة له قدر الإمكان.
• حرب الكيان الصهيوني ضد العراق
الحرب السيبرانية بين الكيان الصهيوني والعراق تعكس توترات تاريخية واستراتيجية في الشرق الأوسط, رغم أن العراق لم يكن هدفًا رئيسيًا للهجمات السيبرانية الصهيونية كما هو الحال مع دول أخرى مثل إيران أو حزب الله، إلا أن هناك العديد من الجوانب المثيرة للاهتمام حول هذا الموضوع, مثل الخلفية التاريخية للصراع, لطالما كانت العلاقة بين الكيان الصهيوني والعراق متوترة، خاصة منذ تأسيس الكيان عام 1948. حيث شكلت الأحداث السياسية والحروب في المنطقة عوامل رئيسية في هذه التوترات.
ويقوم الكيان بالاستطلاع والتجسس على العراق, وتستخدم الصهيونية الهجمات السيبرانية لجمع معلومات عن الأنشطة العسكرية العراقية.
ويمكن للكيان الصهيوني في حالة تصعيد التوترات، أن تستهدف الهجمات السيبرانية البنية التحتية الحيوية في العراق، مثل الشبكات الاتصالية أو مرافق الطاقة.
وتنظر الحكومة العراقية إلى التهديدات السيبرانية الصهيونية بجدية، وقد تسعى لتعزيز قدراتها السيبرانية من خلال التعاون مع حلفاء مثل إيران.
ومع تطور التكنولوجيا يُتوقّع أن يزداد استخدام الهجمات السيبرانية كأداة للصراع بين الدول، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات, ويجب على العراق تعزيز وعيه الأمني السيبراني لحماية بنيته التحتية من الهجمات المحتملة.
• حرب الكيان الصهيوني ضد إيران
الحرب السيبرانية بين الكيان الصهيوني وإيران تمثل أحد أهم جوانب الصراع المستمر بين البلدين، وتتميز القدرات المتطورة لكل منهما على الصعيد السيبراني, لقد قام الكيان الصهيوني بشن عدد من الهجمات السيبرانية على ايران، مثل الهجوم على برنامج إيران النووي عن طريق فيروس "ستكسنت" في 2010، والذي دمر أجهزة الطرد المركزي في نطنز. ويُعتقد أن هذا الهجوم تم بالتعاون مع الولايات المتحدة.
بالمقابل إيران استهدفت أيضًا البنية التحتية الإسرائيلية من خلال هجمات سيبرانية، مثل هجوم "أحدث الأعوام" ضد المؤسسات المالية الإسرائيلية عام 2012 وأساليب أخرى لإظهار القوة وإحداث الاضطراب.
وضمن هذه الحرب المفتوحة يقوم كلا البلدين باستهداف البنية التحتية الحيوية للطرف الآخر، بما في ذلك أنظمة الطاقة، النقل، والمياه كجزء من استراتيجيتها العسكرية. وتستخدم أيضا الهجمات السيبرانية كوسيلة للدعاية ونشر الخوف بين السكان. الهجمات السيبرانية لها تأثيرات نفسية كبيرة.
وتتجه كل من إيران وايضا الكيان لتعزيز قدراتها السيبرانية. ويسعى كل منهما لتطوير تقنيات متقدمة للتجسس والدفاع والهجوم. ويتعين على كل طرف تعزيز نظامه الأمني السيبراني لحماية بنيته التحتية ومعلوماته الحساسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب اسعد عبدالله عبدعلي
العراق – بغداد
موبايل/07702767005
ايميل/ [email protected]
#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟