أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يحيى عبيد - بين مدينة إفلاطون وإمارة ميكافيللي














المزيد.....

بين مدينة إفلاطون وإمارة ميكافيللي


عماد يحيى عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 07:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثورات الربيع العربي من فضاء المبادئ إلى دهاليز السياسة
• - حين أراد معاوية بن أبي سفيان أخذ البيعة لابنه يزيد، دعا ولاة الأمصار وأهل الديار لمبايعة يزيد، وفي مجلس البيعة وقف يزيد بن المقنع العذري وقال: هذا أمير المؤمنين وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد، فمن أبى فهذا وأشار إلى سيفه، فنظر إليه معاوية بابتسامة ماكرة وقال: اجلس فأنت سيد الخطباء.
حدث ذلك عام 679 للميلاد حيث تأسس أول حكم إسلامي بالوراثة بهول السيف، وبقي السيف يؤسس للخلافة حتى يومنا هذا وإن تغير اسم السيف فأصبح بندقية.
• - كتب افلاطون كتابه (المدينة الفاضلة) عام 375 قبل الميلاد تناول فيه العدالة وطبيعة الدولة المدنية العادلة، واستطرد في وصفه لأخلاق تلك المدينة حتى يصل إلى المدينة المتخيلة (كاليبولس) التي سيحكمها (الملك الفيلسوف) وهي مدينة غير واقعية افترضتها الأخلاق التي بشر بها أفلاطون ولم تتحقق يوما.
• - في عام 1532 كتب نيقولا ميكافيللي كتابه الأمير الذي يقوم على المبدأ الانتهازي (الغاية تبرر الوسيلة) وفي الحقيقة إن ميكافيللي استقى أفكار كتابه من كتاب (جمهورية زينون) الذي كتبه مؤسس المدرسة الرواقية (زينون الرواقي) عام 300 قبل الميلاد، معارضا فيه كتاب جمهورية أفلاطون، الذي دعا فيه إلى التأقلم مع حكم الضرورة والمصلحة، وكان ميكافيللي قد صدّر كتابه بإهداء إلى حاكم فلورنسا الإيطالية، ليكون دليلا في الحكم، فصار هذا الكتاب مرشدا لكل حاكم ديكتاتور.
• - عندما تتداخل السياسة مع المبادئ يصبح الحديث عن المبادئ والأخلاق ترفا فكريا تنظيريا فوق الواقعية، وفلسفة مثالية يدحرها دهاء الساسة وعتو القوة، فثورات الربيع العربي انطلقت دفاعا عن مبادئ جليلة وقيم سامية ومطالب محقة، وما أن خاض الثوار غمار السياسة حتى تنازل قادتهم شيئا فشيئا عن تلك المبادئ لمجاراة الواقعية السياسية، فابتدأ التلون بالمواقف في محفل المساومات الرخيصة، وصار قادة الثورات يعقدون صفقاتهم السياسية مع الكبار، لكنهم استمروا في تصدير الشعارات الخلابة للشعوب المؤمنة بتلك الثورات.
• - على الساحة العربية تتالت الانقلابات والثورات منذ فجر الاستقلالات في معظم البلاد العربية باستثناء الدول الوراثية (الممالك والإمارات والمشيخات) - فهذه تم تعيينها من الاستعمار الغربي، ومازالت مستقرة بحكم التبعية والحماية الخارجية لها - ومعظم الانقلابات والثورات التي نجحت في الاستيلاء على السلطة تبوأ قادتها مناصب الحكم، وقاموا بانقلاباتهم الثانية على رفاق الدرب للوصول إلى حكم الفرد الصمد، - حدث ذلك في سوريا والعراق ومصر والجزائر واليمن والسودان وليبيا -، وبعد إمساكهم لرسن القيادة تبخرت المبادئ أمام السياسة ثم أضحت هباء منثورا.
• -حادثتان فقط في تاريخ هذه الانقلابات لم يستلم الانقلابيون فيها السلطة، بل سلموها للحكم المدني عن رضا وقناعة، الانقلاب على الشيشكلي في سوريا عام 1954 بقيادة عبد الغني قنوت ومصطفى حمدون وفيصل الأتاسي وجميعهم من العسكر، وانقلاب المشير سوار الذهب في السودان على حكم النميري عام 1985، وما خلا هاتين الحادثتين لم يسجل التاريخ العربي الحديث مثل هذا الموقف.
• - حينما ينجح الانقلاب أو الثورة ويتصدر المشهد قائد منتقى، ما يلبث أن تغريه شهوة السلطة وعنفوان الكرسي وتأخذه العزة بالمنصب، ثم يصبح رئيسا، لذلك نرى أن الخطابات والبيانات الأولى تكون معدة بعناية مركزة، محمولة على شعارات رنانة، تدغدغ آمال الجماهير، ويرافق ذلك ممارسات شخصية وحركات مسرحية ملفتة تزيد في وهج الإعجاب، ويسيل لها لعاب الجياع إلى التغيير، وتستمر هذه الحالة فترة غير قصيرة لغاية تثبيت أركان الحكم والاطمئنان على استقراره، سيما إن كان الحكم المنقلب عليه موغل في الرذائل والاستبداد، فسرعان ما يأخذ الحكم الجديد مشروعيته من الغالبية المظلومة بالمناصرة والتأييد ثم التقديس، وقد يرافق ذلك تهليل بعض النخب المعارضة سابقا، المتحججة بالواقعية السياسية، مكتفية بالمقارنة اللحظية بين الأمس واليوم، ومنتظرة تجاوز المرحلة، ممددة له الزمن، مانحة له الفرص، ومتغاضية عن الزلات، وواهبة له التبريرات والمسوغات المؤازرة لحكمه، - قد يكون ذلك مناورة سياسية لتحصيل مكاسب تدعم موقفهم ورؤاهم، وقد يكون عن عجز في موقعهم غير القادر على المواجهة والتغيير-، وتماهيا مع الموقف ينقلب جمهور معارضة الأمس إلى موالاة اليوم.
• - غياب المشهد الديمقراطي عن الساحة العربية قاطبة جعل الشخص هو البديل المرتجى عن حالة دولة المؤسسات والقانون، فتبدأ المراهنات عليه حتى من بعض النخب التي تعتبر نفسها ذات توجه مدني علماني ديمقراطي، ويتم ربط حالة الدولة بالشخص، عليه تعلق الآمال، وبه تناط المسؤوليات، وإليه تنسب المعجزات، وقد تصل لدرجة التوثين، لتعود الدائرة إلى نقطة النفاذ ثم التململ ثم المجهول.
• - القادة الذين تصدروا الثورات ووصلوا إلى الرئاسة ليس بالضرورة أن يحافظوا على المبادئ والأيدولوجيات التي حملوها إلا بقدر ما تحميهم وتحافظ على سدة الحكم، وغالبا ما تكون مثل تلك العقائد الحامل الأساسي لهم، فيتمسكون بها لإرضاء الدهماء التي آمنت بها، واهمينها أنهم حراس لتلك المبادئ، كي يبقوا متحكمين بسلوكية ولاء القطيع، وممكن لهم أن ينقلبوا بحالة برغماتية إذا استدعت أية متغيرات أخرى، وغايتها الأساسية الاحتفاظ بالسلطة، كأنهم تلاميذ نجباء لونستون تشرشل حين قال عن السياسة: لا عداء دائم، ولا صداقة دائمة، بل هي مصالح دائمة
• - ولا يغفل من هذا الرؤية أهم عامل فاعل في هذا التشكيل السياسي ألا وهو القوى الخارجية التي تتلاعب بخيوط مسرح الدمى كما تقتضي مصالحها، تترك لقادة الدول تحريك بيادق قطعة الشطرنج غير المؤثرة في الميدان، وتبقى هي متحكمة بأمر الملك والوزير ووقد تصل إلى امتطاء الأحصنة والفيلة والتمترس في القلاع.
• - خلال هذا المسار نكتشف انحسار وداعة المبادئ أمام توحش السياسة، وانهزام أخلاقية مدينة أفلاطون أمام فجور إمارة ميكافيللي.



#عماد_يحيى_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2 ...
- أوكرانيا تعلن القبض عن أسرى صينيين جُنّدوا للقتال في صفوف ال ...
- خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولديها أوراق لمو ...
- الرئيس اللبناني يجري زيارة رسمية إلى قطر
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف
- الرئيس اللبناني: 2025 سيكون عام حصر السلاح بيد الدولة ولن نس ...
- ابنة شقيقة مارين لوبان تدعو وزير الخارجية الفرنسي لتقديم است ...
- نتنياهو يوضح لماكرون سبب معارضته إقامة دولة فلسطين
- في حدث مليوني مثير للجدل.. إطلاق أول سباق عالمي للحيوانات ال ...
- بيان وزارة الدفاع الروسية عن سير العمليات في كورسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يحيى عبيد - بين مدينة إفلاطون وإمارة ميكافيللي