أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - الوطنية على طريقة ديك الحارة














المزيد.....

الوطنية على طريقة ديك الحارة


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 07:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد جديد من مسرحية “الوطنية المزيفة”، ظهر علينا مؤخراً بعض الشخصيات البائسة التي تشبه الديك الذي يظن أن الشمس لا تشرق إلا بصرخته. هؤلاء قرروا فجأة أن يتحولوا إلى حراس الثورة السورية، إذ لم يكن لهم وجود يُذكر خلال السنوات الماضية، غابوا عن مواجهة النظام أو دعم الثورة في أحلك ظروفها، ثم فجأة، وسبحان من يغيّر الأحوال بين ليلة وضحاها، استيقظوا من سباتهم الطويل ليقرروا أن معركتهم هي مهاجمة وجود الكورد ورموزهم القومية. لم يرَ هؤلاء في الكوارث التي حلّت بسوريا ما يدعوهم للتحرك، لكنهم الآن وجدوا في علم كوردستان إلى جانب علم الثورة ذريعةً لإشعال حرب جانبية لا هدف لها سوى تعميق الانقسامات، وكأن الثورة قامت لتحارب بعضها بدلاً من أن تُسقط الظلم.

 هذا السلوك لا يعكس سوى فشل في فهم معنى الثورة الحقيقي الذي يقوم على الحرية لكل السوريين دون استثناء. الثورة لم تكن يومًا ضد مكون أو هوية، بل كانت نداءً لكل السوريين بمختلف انتماءاتهم. هذه التصرفات تعكس إصرار البعض على إعادة إنتاج مظالم الماضي بدل تصحيحها. سوريا الجديدة يجب أن تكون قائمة على احترام التنوع والتعددية، لا على إقصاء أي طرف، لأن هذه العقلية هي ما أوصل البلاد إلى مآسيها منذ البداية

هؤلاء العباقرة، الذين لا نعرف لهم تاريخاً سوى التهجم على الآخرين، يبدو بعد أن استيقظوا فجأة، قرروا أن العلم الكورد هو أكبر خطر يواجه الثورة السورية. نعم، بعد أن حُلّت كل مشاكل الثورة المزعومة: أُعيد المهجرون إلى ديارهم، وأُخمدت نيران الحرب، وأُعيد بناء هيكلية الدولة من جديد، وجد البعض وقتاً إضافياً لشن حربهم “الخزعبلية” على علم كوردستان. في مشهد يثير السخرية، تحول من مواجهة التحديات الحقيقية، إلى معارك سخيفة تستهدف رموزاً قومية وشعباً عانى من القمع أكثر من بقية السوريين. هذا الانشغال بتأجيج الخلافات على حساب المصالحة الوطنية يهدد مستقبل سوريا التي يفترض أن تتأسس على التعددية واحترام الجميع

لكن دعونا نخبر هؤلاء العباقرة حين قرروا أن يتحولوا إلى خبراء في السياسة بعد فشلهم في كل شيء آخر؟ الكورد رفعوا علمهم منذ عقود في وجه النظام البائد، ورفعوه بجانب علم الثورة، بينما أنتم لم ترفعوا سوى أصواتكم المزعجة التي لا تثمر سوى الفرقة، ولم تقدموا سوى الكلام الفارغ. في الوقت الذي كان فيه الكورد جزءًا من الثورة بكل أبعاده، كنتم أنتم غائبين عن الفعل، وعندما قررتم الظهور، كان اختياركم الوحيد هو مهاجمة من ناضلوا إلى جانب الثورة.

من يهاجم الكورد اليوم لا يعرفون سوى لغة الصراخ والاتهام، وكأنهم يعتقدون أن الوطنية تُقاس بعدد الشتائم التي يمكن أن يطلقوها في الدقيقة الواحدة.

لقد أصبح علم كوردستان بالنسبة لهم مشكلة وجودية، لأنه يذكرهم بأن هناك شعوباً حرة لا تخضع لرغباتهم الصغيرة. إنهم يظنون أن الوطنية هي أن تمنع الآخر من التعبير عن هويته، بينما الحقيقة أن الوطنية الحقيقية هي أن تقبل الجميع كما هم، دون أن تحاول أن تصنع منهم نسخاً مشوهة منك.

عندما ننظر إلى سجل هؤلاء الصارخين، نجد أن بطولاتهم لا تتعدى حدود شاشات هواتفهم. أين كانوا عندما كان الكورد يقدمون الشهداء دفاعاً عن الثورة؟ أين كانوا عندما كانت القرى الكوردية تُقصف في 2004  لأنها رفضت الخضوع للنظام؟ الجواب بسيط: كانوا يجلسون في زوايا مظلمة، يبحثون عن ذريعة ليظهروا أنفسهم أبطالاً ولو على حساب الآخرين.

هؤلاء الحمقى يعتقدون أن رفع العلم الكوردي هو مؤامرة كونية لتقسيم سوريا. إذاً، لماذا لا تطالبون بحظر قوس قزح أيضاً؟ أليست ألوانه كثيرة وقد تسبب لكم أزمة وجودية؟ يبدو أن عقولكم البسيطة لا تحتمل فكرة أن يكون هناك تنوع في هذا العالم، وأن الشعوب الحرة لا تنتظر إذناً منكم لتعيش هويتها.

يا من تصيحون على العلم الكوردي وكأنه العدو الأكبر، اعلموا أن الثورة لم تكن لتقوم أصلاً لولا شجاعة جميع مكونات الشعب السوري، بمن فيهم الكورد. أنتم مجرد ظاهرة صوتية، لا قيمة لها سوى إزعاج الآخرين. الثورة ليست ملكاً لكم، ولن تكون.

في النهاية، الكورد رفعوا علمهم وسيستمرون برفعه، لأنهم لا يحتاجون إذناً من أحد ليعيشوا كرامتهم. الكرامة التي يسعى إليها الكورد ليست منة من أحد، بل حق طبيعي. هذا العلم يمثل شعب وإصرارهم على البقاء، على الرغم من كل التحديات والظروف الصعبة التي مروا بها. أما أنتم، فستعودون إلى زواياكم المظلمة، تصرخون بلا طائل، بينما تستمر مسيرة الشعوب الحرة إلى الأمام.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- يوم دامٍ في أوكرانيا.. لحظة انفجار ضخم في سومي بعد قصفها بصو ...
- مصدر لـCNN: ويتكوف أطلع مسؤولا مقربا من نتنياهو على محادثات ...
- -الكرش- الهندي: من رمز للمكانة الاجتماعية إلى قاتل صامت
- الحوثيون يطلقون صاروخيْن باليستييْن على تل أبيب وغارة أمريكي ...
- رغم القصف والدمار.. فلسطينيون يحيون أحد الشعانين في غزة
- قرقاش يعلق على لقاء محمد بن زايد مع الشرع
- الأمن الروسي يعتقل عميلين جندتهما استخبارات كييف في مولدوفا ...
- أكبر مزاد لملابس الأميرة ديانا
- ترامب سيطلب من الدول العربية أن تختار بين المعسكرين الأمريكي ...
- زيلينسكي يتعهد باستعادة -الأراضي المحتلة- لكنه يجهل الطريقة ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - الوطنية على طريقة ديك الحارة