|
الجزائر وسوريا الجديدة.. نحو طي الخلافات، وتجنب المطبات
عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر
(Issam Bencheikh)
الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 04:47
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
أد/ عصام بن الشيخ
تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي تحليلات توصف بالاستراتيجية تحاول أن تصف (اللحظة الغورباتشوفية) لسقوط المجرم بشار الأسد، بأنها تحول حضاري عنوانه انتهاء عصر حكم الأقليات، وسيصنع تاريخا غير مسبوق للتغيير الاقليمي. لكن حكم الأغلبيات الذي يعد به هؤلاء المحللون، ويحاولون تنصيبه خياليا على منصات التواصل الاجتماعي ضد قوى الاستعمار القديم، يعدنا بعدم التطبيع كهدية حتمية مضمونة وضمانة لصلاحية حكم يتأسس دون دولة. في الواقع اصطدم أصحاب هذه الأطروحة بواقع الداعم التركي المحاصر والذي يتعرض للابتزاز بالقضايا الكبرى والمسائل الصغرى، بداية من تصريح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أنه لا يحتاج السوريين!، وإنتهاء بقضية قطاع غزة ومشكلة إطلاق سراح الشاعر يوسف القرضاوي من الإمارات، والتي يتم مقارنتها حاليا بقضية جمال خاشقجي للضغط على أنقرة. في الواقع، المعادلة النيوكولونيالية هي كالآتي، إما أن تحكمك أقلية ويوهمك إعلام الغرب النيوكولونيالي أن الدولة قائمة ومستقرة لكنها تخدم أجندات الوكيل الغربي السري، أو أن تحكم الأغلبية مرفقة بسلسلة من الاضطرابات وسيل جارف من المؤامرات والمكائد والدسائس، التي قد تجبر ضحاياها على استنساخ نظام أسدي جديد، مجبر على تحقيق توازن اقليمي للقوى، بدعم روسي و إيراني، كما كان في العهد البعثي. بكل أسف، كان تقييم ظهور الرئيس السوري الجديد ووزير خارجيته في الإعلام الدولي، ضعيفا. من الواضح أنه يفوز على الأرض بالمعارك يوما بعد يوم، في سياق أمني محلي وإقليمي هش، ولن يقدم وعودا تاريخية كزعيم دولة، وقد أقر بنفسه أن نجاحه الإداري في إدلب، لن تتم محاكاته بالضرورة في دمشق!. هذا يعني أنه يرى نفسه (كبير محافظين) على أكثر تقدير، ما يلم يدعمه جميع السوريين ليظهر كزعيم سياسي، ويسلموا له أدوات الحكم الجديدة، لإعلان عقد اجتماعي مختلف، دون الحاجة إلى صندوق انتخابي. رسائل متناقضة استلمها الجمهور السوري والعربي أشبه بالتنويم، حتى لا أقول الوعود الكاذبة. فإذا افترضنا ان الدولة السورية مولود جديد، فالمولود بحاجة إلى رعاية طبية حتى ينمو ويتطور. ويبدو أن الضغوط الإعلامية الدولية واستعجال وزير الخارجية الشاب لحضور منتدى دافوس، أظهره مرتبكا أمام الثعلب طوني بلير. لذلك، عجز هذا المولود الذي يركز على إظهار طهارته وصورته النقية للسوريين، على مواصلة حملته التطهيرية ضد الأسديين البعثيين والقسديين والحشديين الإيرانيين والعلويين. لكن في الواقع، تفرض ضغوط الواقع الدولي على المولود السوري الجديد أن يحصل على لقاحات ستمرضه مؤقتا، حتى يشتد عوده، وتزداد مناعته. لا تتوقف الأقلام الروسية عن الكتابة بحقد ضد أحمد الشرع وحكومته، كتب ألكسندر دوغين أن التحول السوري طعنة تركية في ظهر موسكو، موجها رسائل مبطنة لبوتين ليحضر انتقامه، خاصة وأن كييف عرضت دعمها على دمشق. إضافة إلى غضب الباحث البرازيلي المؤثر في سانت بطرسبورغ، بيبي اسكوبار، الذي حزن كثيرا نتيجة تعرض بريكس وطريق الحرير، إلى ضربة موجعة في سوريا. أو أقلام أكثر غضبا مثل كورتونوف وآرباتوف، اللذين يناقشان خسارة روسيا الأمان العسكري الذي وفره شريك سوري موثوق منذ توقيع اتفاق الدفاع المشترك بوتين-الأسد 2015، كانت نتيجته كراهية السوريين للماضي العسكري الروسي، رغم مزاعم الروس قتالهم للدواعش. ومع وعد دونالد ترامب بحل مشكلة اوكرانيا عند الاتفاق مع فلاديمير بوتين، لا يبدو أن للملف السوري أولوية بعد بالنسبة لموسكو وواشنطن، وكلاهما يعتبره ملفا تركيا خالصا. هناك درس فلسطيني سريع للسوريين، لقد سافر خليل الحية زعيم حركة حماس، إلى طهران، والتقى مرشد الثورة الإيرانية. فرغم لوم وعتاب حماس للجمهورية الإيرانية بخصوص استشهاد إسماعيل هنية، إلا أن خطة دونالد ترامب للاستثمار في "غزة ريفيرا"، والتلويح باحتمال احتلال القوات الأمريكية لقطاع غزة، دفع خليل الحية الى طرق بوابة أصدقاء حماس، المنضوين تحت مضلة المشروع البريطاني القديم 1936 للإخوان المسلمين. اضافة الى خسارة طهران الأليمة لحسن نصر اللع ويحي السنوار، تجعل الشرع قبالة حماس الأقوى من حكومته. ويفترض أن الشرع على قدر كاف من الوعي بأهمية مشروع جماعة الاخوان المسلمين، من البوابة التركية. ثانيا، الدرس اللبناني القوي بعد تعيين الرئيس اللبناني المنتخب جوزف عون لرئيس الحكومة اللبناني الجديد نواف سلام، واختيار سلام للباحث اللبناني غسان سلامة وزيرا للثقافة، لقد جلب،ت لبنان عسكريا قويا مفوضا على رأس الدولة وقاضيا دوليا على رأس الحكومة وأكاديميا بارعا متخصصا في مجال النزاعات الدولية. سيكون التعامل مع هؤلاء اللبنانيين أصعب بالنسبة لدمشق، إذا لم تتم توافقات داخل الحكومة السورية الانتقالية، أساسها (تصفير المشاكل مع كل الجوار السوري)، بل مع كل دول العالم إذا أمكن ذلك. لا ينبغي ان يكون خطاب الشرع الاجتنابي للكيان الصهيوني، متكررا تجاه دول مثل لبنان أو مصر أو الجزائر، لانه سيكون مشينا. كما سيعيب حكومة سوريا الجديدة أن يطرق هؤلاء بوابة أردوغان لثني الشرع عن قرارته الارتجالية. ف:(ما هي حلوي) كما يقول السوريون، أن يظهر الشرع كتلميذ مطيع لمدير الاستخبارات التركي، في كل وقت وحين. ثالثا: الدرس المصري الجزائري المؤلم، فمصر تستضيف المقر الدائم للجامعة العربية، والجزائر تقود المجموعة العربية في مجلس الأمن. حتى إذا لم تكن القاهرة رئيسة القمة العربية التي هي بحوزة البحرين اليوم، او انتهت عهدة الجزائر في مجلس الأمن، فإن الشرع يخاطر كثيرا مقابل آلة دبلوماسية ضخمة وذات وزن ثقيل في كل من الجزائر ومصر. كما أنه ليس بحاجة آلى دفع البلدين إلى معاداة أنقرة، وتوجد جالية سورية كبيرة جدا تتجاوز المليونين في مصر والمليون في الجزائر، لسوريين يرفضون العودة الى سوريا التي تعادي مصر و الجزائر. يجب التفكير ألف مرة حول الملفات المشتكرة مع البلدين، اجتماعيا وأمنيا وتاريخيا واقتصاديا. تذكرت الاعلامي المصري احمد موسى الذي استضاف لواء مصريا متقاعدا تألم لتدمير سلاح الجو والبحر والبر السوري، آلاف الطائرات الحربية السوفيتية والسفن الحربية والدبابات دمرها الكيان الصهيوني، قال هذا اللواء على التلفزيون بمصر أن مصر يمكنها اللحتفاظ بهذا السلاح للسوريين بدل تدميره. هذه نفس معضلة الروس الراغبين في حمل السلاح السوري الى أراضيهم قبل وقوعه في يد المتاجرين بالأسلحة. لن تتحقق أمنية اللواء المصري بالطبع، لكن يمكن للشرع طلب خبرة مصر و الجزائر بعد موافقة تركيا، لحماية ممتلكات الشعب السوري أيضا.
لا أريد أن اتحدث عن نماذج الانتهازيين، ولكن اعتراف أبوظبي بحكومة الشرع، ليس كافيا. هذه الدولة كانت شريكة لنظام الأسد، ودبلوماسيتها في أزمة في ليبيا والسودان حاليا، تواجد الإماراتيون في كل دولة هشة توجد بها مصانع الكبتاغون وتسهل أقاليمها نهب الذهب الافريقي ونقله الى روسيا بدعم مرتزقة فاغنر. فهذا درس خاص ينبغي للشرع تجنبه أيضا. فالمولود السوري الجديد بحاجة إلى صفحة نقية ناصعة بعيدا عن النموذج الإماراتي التطبيعي المشبوه. كما أن السيولة المالية التي كانت توفرها صناعة المخدرات للبنك المركزي السوري لم تعد موجودة الآن، تسببت سابقا في تضخم خطير ويجب أن تطبع سوريا الجديدة عملتها الجديدة، للقطيعة مع سياسات الأسد العائلية في مجال المال والأعمال، ليثبت أنها دولة، لا خيمة في قبيلة.
ملحمة سقوط الأسد في ذكراه الشهرية الثانية: الإدمان على اللحظة الغورباتشوفية لانهيار تشاوشيسكو الشام ركز "الشرعييون" على السردية السعيدة والملحمية لهزيمة الأسديين، فارتكبوا اخطاء بالجملة تجاه حلفائهم قبل خصومهم. حتى تركيا اضطرت أن تواصل تدخلها العسكري وتصفي حساباتها مع أكراد عفرين وحدها. ويستمر تمركز الكيان الصهيوني بعد قضم أجزاء من الاقليم السوري، وتحديدا جبل الشيخ، وشاهدنا اليوم كاسحات الجليد تصور القواعد الصهيونية الجديدة، يعني ذلك أن الكيان الصهيوني يسيطر بجيشه على اعلى هضبتين، الجولان وجبل الشيخ. يذكرنا ذلك بخطأ الصين حين بنت الجدار العظيم، انذاك كانت الحروب من الجيل الأول برية تخاض بالسيف والمنجنيق وعلى الأحصنة. وحين يزعم السوريون تحقيق نصر كاسح بالسيطرة البرية فهم يرتكبون نفس صدمة الصين، وبحاجة الى تقوية قوتهم الجوية والبحرية، وهذا غير متاح اطلاقا دون مساعدة الروس الذين يمتلكون حاليا قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، والسبب، هو أن الأمريكان او حلف الناتو ليسوا بحاجة الى قاعدة في سوريا وهم يمتلكون قاعدة انجرليك في تركيا، وقطع البوارج البحرية وحاملات الطائرات قبالة منطقة الشام (الهلال الخصيب، (بالكامل). في لبنان، حكومة تتمنى يوما بعد يوم، تقوية أحمد الشرع، لأن تنصيب رئيس البلاد وحكومته الجديدة، تم تأكيده على أساس إقصاء حزب الله المنهك تماما بسبب اغتيال قيادته السياسية والعسكرية. أما الأردن الذي وصلته تهديدات بأنه مستهدف بعد سقوط بشار الأسد، فهو مثل السعودية، غير مطمئن للحكم السوري الجديد. في علم الثورة، تسمى المرحلة الانتقالية ب: الهادمة- البانية، الغامضة - المتلاشية، إذا كانت سوريا الجديدة ستهدم علاقتها مع مصر و الجزائر، فتخسر الكثير. هذا ما وصل إلى دمشق من قبل المصريين و الجزائريين، لذلك، تنازل الشرع وأسكت أحمد منصور الذي أرسل تهديدات للنظام المصري انطلاقا من سوريا، واستقبل وزير الخارجية الجزائري الذي وعد كممثل للعرب في مجلس الأمن، برفع العقوبات عن سوريا. الدور الجزائري تجاه دمشق، شبيه بالدور الروسي إلى حد كبير. فالجزائر لم تغلق سفارتها ولم تبدأ رحلات إعادة السوريين الموجودين على أراضيها، في حين، توترت العلاقات مه روسيا التي بدأت ترحيل بعض معداتها وطواقمها العسكرية من قاعدتي حميميم وطرطوس، وترفض مبدئيا تسليم الأسديين البعثيين، ومن الواضح أنها ستعتبرهم ورقة تفاوض. بالنسبة للجزائر، الوضع مريح إلى حد ما، يزعم بعض السوريين أن الجزائر دعمت قمع الأسد للثزرة السورية، في الواقع لا يوجد أدلة على الاطلاق لإثبات هذه السردية التي لا ترقى لوصفها اتهامات حتى. عرض التلفزيون السوري البارحة برنامجا يزعم فيه المعارض رياض حجاب أن الجيش الأسدي المنحل، طبق المقاربة الامنية الجزائرية ضد الإرهاب. ولكن، بتحليل ما قامت به جبهة النصرة، فهم يسمون مت قاموت به ضد الجيش التسدي، بالعنف الثوري، لتحرير الأبدان والأوطان. في الواقع، بسبب سوريا، راجعت مقالي السابق ضد التعذيب في الدول العربية، بعد مشاهد سجن صيدنايا، كتبت على منصة إكس أنه آن الأوان أن يعين وزراء العدل العرب مفتشا ساميا المعتقلات، حتى يكون في مرتبة "حامي الوطن" كما يسمى في آسبانيا، و "المفتش العام لأماكن سلب الحرية" كما يسمى في فرنسا. فلقد أثبتت الآلية العربية لمكافحة التعذيب التي تم تأسيسها في موريتانيا وتونس والمغرب، أنها غطاء على معتقلات مكتضة سيئة السمعة مثل معتقل تزمامارت المغربي (صيدنايا مراكش)، حيث يسجن الناس تحت الأرض، ويمر السياح الأجانب فوق الأرض ليشاهدوا استوديوهات هوليود في مراكش وكازا وطنجة وفاس، على أنقاض مهتقلين يتنفسون، محكومين بمؤبدات ظالمة وأغلبهم من الريف المحتل والصحراء الغربية المحتلة. سارع حساب أحمد الشرع في منصة إكس على إعلان تلقي التهاني بنجاح سقوط نظام المجرم بشار الأسد، لكنه بلع الطعم، الملك محمد السادس علوي مثل الأسد، قهر حراك 20 فبراير 2011 مثلما قهر الأسد الثورة السورية 2011، وفي المغرب معتقل تزمامارت النسخة الكربونية سيئة السمعة لمعتقل صيدنايا. تحولت جحافل أفواج من المراهقين الذين يسيرون بعض حسابات سوريا الجديدة الى شن حملة ضد مصر و الجزائر، رافقتها بثوث مشبوهة من بنغازي ومراكش ضد مصر و الجزائر، الحقيقة لم يجد السوريون أن كل هذه الطرق نافعة، فلجؤوا إلى أنقرة. يمكن أن نفعل (غمزة التغاضي) لمرة ستكون الأولى والأخيرة. فلقد أصبح الجمهور الرقمي الجزائري شرسا ومستعدا للرد على كل هاشتاغ انقلابي كالذي يبرع المخزن المغربي او الفرنسيون في تصميمه، ليفشل فشلا ذريعا على يد الرأي العام الرقمي. أمرت أنقرة دمشق بلجم فم المعارض أحمد منصور في منصة إكس، وأمرتها أيضا بستقبال وزير الخارجية الجزائري، وتم ذلك بكل سهولة. الدرس الأول لهذا اللقاح، لا يمكن لنقاء الثور. السورية أن يصمد طويلا وهو بجوار كيان صهيوني يسيل لعابه على الاقليم السوري، ومنتقم فارسي حزين على ضياع نفوذه في المراقد الشيعية بسوريا وربما العراق مستقبلا، وعثماني يقترب من استكمال أمجاده باستغلال عودة السنة لحكم سوريا بتأسيس دولة قوية رادعم للكرد والأرمن، وخليج عربي متوجس من احتمالات نشور الشرع عن اتباع النهج الأمريكي المرسوم كنذ ما قبل الآطاحة بالأسد. بالنسبة للثور السورية، بصراحة، لقد تعاطفنا مع صبر الناس على عذاباتهم، ومع عدد من الساسة والاعلاميين والمثقفين والاعلاميين الذين كانوا ضحايا الأسد، لكن عين العقل كما يقول السوري نفسه، ألا نهدم كل شيء، بل نبني عليه لتخليص الدولة السورية من العقوبات الخانقة لها، وتسريع المصالحة الوطنية تجنبا لاية صدامات قد تزرع بذور حرب أهلية أخرى. لكن، يجب أن يعلم السوريون أن تطاول اعلامي (متقطرن) مثل فيصل القاسم على الدول العربية العريقة، يتمترس خلف كاميرات الجزيرة، وعدد من الاعلاميين الشبيهين له، سيضر الثوة السورية. فلا داعي لزيادة أعداد الخصوم. طلق الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش زوجته لأنها تر تجربة الأمومة، وأخبرها انه لا يريد زيادة أعداد اللاجئين. فهل يمكن لسوريا الجديدة أن تدفن الماضي لتجنب زيادة الأعداء والخصوم، وخفض ملفات الانتقام بإسم الثورة من الأسديين البعثيين وإحالتهم على القضاء بلا دماء. الجزائري يعرف عن سوريا أنها سبب تكريم العالم الحر للأمير عبد القادر، بسبب حمايته للنصارى من الدروز، ومنع للحرب الأهلية. وأن بعض السوريين أصولهم جزائرية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لهم، لكن أحفادهم معروفون، بعضهم كان ضحية لنظام الأسد المجرم، وقد تفاجأ الجزائريون باستشهاد دكتور خلدون الجزائري حفيد الأنير عبد القادر، الذي ناصر الثورة ضد الأسد. وكما عاش جزائريون في سوريا تم نفيهم من قبل الاحتلال الفرنسي، يعيش سوريون في الجزائر الآن فروا من قمع الأسديين. بكل أسف، قابلني البارحة بث على منصة تيك توك لبعض السوريين الحمقى، قالوا للجزائريين، حين تقعون في مشكلة ما هي الصنائع التي تعرفونها حتى نشغلكم عليها لما تطليون اللجوء إلينا. في الواقع هذا السؤال الغبي لا يعرف أن الجزائري لا يترك أرضه. في تجربتنا، قال الرئيس اليامين زروال لشعبه الجزائري، أيها الجزائريون، نجن نقاتل الإرهاب وحيدين (حسبنا عدد أنصارنا، وجدناهم قلة). فليطمئن المشارقة العرب. لن يحتاج الجزائري لعربي ينتظر صنع لحظة التشفي والانتقام كهاته. قبل الانتهاء من هذا المقال، أود ارسال رسالة للمغاربة من مراكش والليبيين من بنغازي، بأن بثوثهم التي تسب الجزائر و الجزائريين مناعة، ومنعة. هم كذباب يحجم عن كتابة الاسم واللقب والظهور بالصورة والصوت، أثبتوا أنهم عاجزون عن مجاراة الجزائر، الدولة التي تهمين على منطقة شمال افريقيا مع مصر. فبكل أسف، في ليبيا والمغرب شعب بدون قيادة، لذلك يجدون وقتا لإطلاق بثوث السب والشتم. فنحن في واقع الأمر، شعب يلتف على دولته وجيشه. ولسنا بحاجة إلى أحد. إذا كانت قيمة الحرية ستعطي للمراهقين فرصة لاعتلاء المنابر، سأفضل دعم القاهرة والرياض، اللتين تعرفان وزن وثقل الجزائر، وكما قال الرئيس الجزائري للفرنسيين، لا انتظر اعترافكم لي بأنني ديمقراطي. أنا لست ديمقراطيا.
*- النصيحة المصرية و الجزائرية تحدث برهان غليون الذي شغل منصب استاذ بجامعة الجزائر سابقا، في برنامج السعودي الصحفي المرموق عبد الله المديفر، وكشف أن الأمير عبد القادر الجزائري رفض عرضا تاريخيا فرنسيا لتأسيس المملكة العربية السورية، كان سعيد الجزائري أول رئيس وزراء سني في الجمهورية السورية المستقلة، وللجزائر تاريخ نضالي كبير في دعم سوريا أثناء حربي 1967 و1973، كان سببا في تهديد واشنطن للجزائر زمن الرئيس الراخل هواري بومدين. لم تقبل الجزائر الفتن التي وقعت بين بغداد ودمشق، او مع بيروت، وسعت دائما لتكون وسيط سلام كما فعل الأخضر الإبراهيمي. لا ينبغي للسوريين التقليل مما حدث في الجزائر ومصر، كلاهما واجه وقف مسار انتخابي وأطلق حملة ضد الإرهاب، لوقف التدخلات النيوكولونيالية باسم الديمقراطية. وكلاهما خاض تجربته الخاصة في استرداد الأموال للمنهوبة في الخارج، أعلنت الجزائر استرداد 20 مليار دولار من النهابين الفارين الى الخارج أو القابعين في المعتقل، وكذلك فعلت القاهرة. أصبحت طرق استرداد المسروقات تسمة نهج تبون ونهج السيسي، ونهج بن سلمان الذي علق الأمراء من ارجلهم لإعادة الأموال من الخارج. فما هي الاجراءات التي سيقوم بها الشرع لاسترداد 135 مليار دولار منها 7 مليارات دولار في رصيد لونا الشبل مستشارة الأسد التي تم اغتيالها. استرجاع الاموال السورية المنهوبة من الخارج بحاجة إلى توقيع اتفاقيات قضائية ومفاوضات مالية، ودبلوماسية صبورة. وهذا لن يتم بسهولة دون حكومة شرعية. وعليه، خبرة الجزائر ومصر والسعودية تستطيع اخراج دمشق من عنق الزجاجة. اما حكاية التطبيع، فهو ليس مطروحا على دمشق بإلحاح، فسوريا التي خسرت أجزاء من أقاليمها، في مواجهة حقيقة وجود 13 لاعبا دوليا بقواته على أقاليمها، عليها أن تفاوض لجلاء القوات الأجنبية الأمريكية والتركية لتحرير آبار النفط والغاز، كما تم جلاء القوات الإيرانية والروسية، ثم قد يكون بإمكانها الاتفاق مع قطر وتركيا حول أنابيب الغاز التي تسيل لعاب الجميع. في الحقيقة كم هو مؤلم مشاهدة لقاء إبراهيم كالين مع قاآني في طهران، ومن الواضح أن مدير المخابرات التركي يفاوض باسم السوريين في ايران. فدمشق ستظل بحاجة إلى القاهرة والجزائر والرياض حتى تسد الفراغات التي لا يمكن لتركيا ان تسدها لوحدها.
#عصام_بن_الشيخ (هاشتاغ)
Issam_Bencheikh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسوّرون.. رؤية متقاطعة لمعاناة الإنسان: دراسة مقارنة بين م
...
-
قذارة الحملة المغرائيلية الفرنسية.. هاشتاغ انقلابي مثير للشف
...
-
تمزيق شبكة النفوذ الإقليميّ الروسيّ: كيف نقل الغرب الجماعيّ
...
-
برق الشرق العظيم... مأساة كبرى للأمة الفارسية
-
حوار دانيال استولين مع دولة الرئيس اليمني عبد العزيز بن حبتو
...
-
رجل اقتصاد لا يقرأ الفنجان.. ويقرأ اليمن صفحة بصفحة: حول سيا
...
-
تقديم موعد الرئاسيات الجزائرية.. خطوة استباقية لحسم الجدل
-
الضمير اليساري ليهود الجزائر: قصبة العاصمة من بيبي لوموكو إل
...
-
الذين يرفضون التعامل مع هنيّة، سيتعاملون مع السنوار وأبو عبي
...
-
ثورة المزارعين واحتجاج سائقي الجرارات: المجتمع الأوروبي مجتم
...
-
مشكلة أنصار قاضي إحسان مع الرئيس هواري بومدين.. تفاصيل الحيا
...
-
موقف إيمانويل تود Emmanuel Todd حول هزيمة الغرب LA Défaite d
...
-
اختلال الميغا-إمبريالية في عصر الذكاء الاصطناعيّ AI: قراءة ل
...
-
النكبة 2.0 في (نرد) حرب غزة: دراسة لآراء الشيربا بيب إسكوبار
...
-
-أنفاق غزة-.. حرب المساحات الجوفية: هل تنجح حماس في كسر الجم
...
-
فرحين لمنظر الدبابة: الحجج الذرائعية لتقبل الجماهير الإنقلاب
...
-
خطة جاك أتالي لاستخدام فناني الRap والPop والHiphop ضد أوليا
...
-
استخدام جاك أتالي لمغني الRap ضد أولياء مراهقي الضواحي..
-
المسرح حوت... يا تاكله، يا ياكلك-: حول الفنان المسرحي الكويت
...
-
السياسة وانترنت الأشياء: متى يمكن لجيلنا تأسيس حزب سياسي شبا
...
المزيد.....
-
رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يدعو لجنة القطاعات
...
-
هاوپشتي خ?باتي مام?ستايان و س?رج?م موچ?خ?رانين و ب?توندي س?
...
-
فرنسا تتهم إيلون ماسك بالتلاعب في خوارزمية منصة إكس لصالح ال
...
-
??ژنام?ي ??وت مار? 34
-
على طريق الشعب: في ذكرى 8 شباط الأسود.. ليكن من الثوابت تحري
...
-
مظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف في ألمانيا
-
حكومة ترامب الجديدة..، حكومة أغنى أغنياء أمريكا
-
-إعصار ترامب-.. مدريد تحتضن زعماء اليمين المتطرف في أوروبا
-
زعماء اليمين المتطرف الأوروبي يجتمعون في مدريد
-
تجمع زعماء اليمين المتطرف في أوروبا.. إشادة -بإعصار ترامب-
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|