أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات















المزيد.....


من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما كان النظام السوري، بشقيه الأب والأبن، مولعًا بالهدوء، هدوء القبور تحديدًا. كان يريد شعبًا صامتًا، خانعًا، يعيش وفق قواعد واضحة: لا تسأل، لا تفكر. لكن - المثقف الكوردي، قرر أن يفعل العكس تمامًا. بدلًا من تقمص دور المواطن المثالي الذي يهز رأسه موافقًا على أي خطاب، قرر أن ينبش في التاريخ، ويكتب عن المظلومية، وينتقد القمع، بل وتجرأ على المطالبة بالحقوق!



من بين الأسماء البارزة في مواجهة النظام السوري، الشهيد مشعل، والشهيد محمد معشوق الخزنوي، وإبراهيم محمود، وإبراهيم يوسف، وغيرهم. هؤلاء كانوا من الأوائل الذين تصدوا لآلة النظام الإعلامية القمعية، وكشفوا معاناة الكورد في مكانه، رافضين طمس الحقيقة وتكميم الأفواه.



في الفترة التي سبقت انتفاضة ٢٠٠٤، كانوا يعتمدون على المواقع الإلكترونية كأداة للتعبير عن آرائهم، حيث كانت تلك المنصات بمثابة متنفس حقيقي. وبمجرد أن اندلعت انتفاضة آذار ٢٠٠٤، أصبح العدد الأكبر من الكتاب في الخارج متضامنًا مع قضيتهم، مما أسهم في نشر على نطاق أوسع. ومع ذلك، لم يكن هناك سوى القمع والاعتقال والتنكيل بالمثقفين الكورد، الذين كانت كتاباتهم تشكل تهديدًا مباشرًا لنظام استبدادي لا يعرف سوى القهر.



الهجوم على المثقفين الكورد لم يتوقف عند سقوط النظام السوري، بل على العكس، تحول هؤلاء- الأدوات الموالية للنظام السابق إلى أدوات جديدة، مستهدفين الكورد الذين يفضحون تلاعبات القوى السياسية التي تعمل ضد مصالح الكورد في مكانهم. وتستخدم هذه القوى أدوات إعلامية لترويج الأكاذيب وتشويه صورة الكورد، موجهةً التهم جزافًا ضدهم، في محاولات بائسة لمحو وجودهم الثقافي والسياسي.



إن الهدف من هذه الحملات القذرة هو كسر الكورد ثقافيًا وإعلاميًا قبل أن يكسروا قوتهم العسكرية، التي هي بلا شك تشكل تهديدًا حقيقيًا لمن لا يريدون للكورد أن يكون لهم وجود في المستقل.



إننا اليوم في مواجهة حرب جديدة، ولكن هذه الحرب ليست حربًا عسكرية فحسب، بل هي حرب ثقافية وإعلامية، معركة متعددة الأوجه، تشن بأدوات مختلفة، لا تستخدم الجيوش، بل تستخدم المنصات الإعلامية والمنابر السياسية والأدوات الثقافية، بهدف فرض سرديات زائفة تحاول تشويه صورة الكورد وتصويرها على غير حقيقتها في محاولة ممنهجة لضرب الثقة بالنفس، والتلاعب بالوعي الجمعي، ودفع الكورد إلى فقدان الإيمان بحقوقه. فحين تفشل الأنظمة القمعية في القضاء على شعب بإبادته الجسدية، تلجأ إلى اغتياله معنويًا، عبر تحريف تاريخه، ومحاصرة ثقافته، وتشويه صورته أمام العالم.



لقد رأينا كيف يتم استغلال وسائل الإعلام لتشويه النضال الكوردي، وتصويره كمجرد اضطراب سياسي عابر، بدلاً من كونه حركة تحررية نابعة من تاريخ طويل من المقاومة ضد الظلم. ورأينا كيف يتم تهميش الثقافة الكوردية، ومحاولة حصرها في نطاقات ضيقة، وكأنها مجرد تراث فلكلوري، لا ثقافة حية تتجدد وتساهم في بناء الحضارة الإنسانية.



هذه الحرب الثقافية ليست أقل خطورة من الحرب العسكرية، بل ربما تكون أكثر تهديدًا، لأنها تستهدف الهوية والوعي، وهما جوهر بقاء أي شعب. إن محاولات تشكيك في شرعية المطالب القومية، وشيطنة النضال السياسي، كلها أدوات تستخدم في هذه الحرب لإضعاف روح المقاومة، ولجعل الشعب الكوردي يشعر بأنه معزول، بلا تاريخ، وبلا مستقبل.



قد تكون ملامح المعركة قد تغيرت، لكن جوهرها لم يتبدل. فبعد أن سقط النظام السوري، وبعد أن أصبح المشهد أكثر تعقيدًا، لم تتوقف الحرب على الكورد، بل تحولت إلى أشكال أخرى، أشد خطورة وأكثر تأثيرًا.لم يعد الهجوم على الكورد يتم فقط عبر الدبابات والاعتقالات، بل عبر الإعلام والدعاية السياسية، عبر تشويه الوعي، وإضعاف الثقة بالنفس، وزرع الشكوك.



بعد كل هذا، هل يحق لنا أن نصدق أن الحرب على المثقفين الكورد قد انتهت؟ أم أن الأعداء الجدد الذين استخدموا أدوات النظام السابق يواصلون محاولاتهم للقضاء على هذه الأصوات التي طالما أرعبتهم؟ هل من المعقول أن بعض الذين كانوا في صف النظام يتحولون الآن إلى أدوات جديدة يواصلون استهداف المثقفين الكورد تحت اسم “الوطنية” و”المصلحة العامة”؟



لماذا يستهدف إعلاميين وكتّاب كما لو أن الصوت الكورد في الإعلام أصبح تهديدًا حقيقيًا؟ هل يعتبر نشر الحقائق عن معاناة الكورد تهديدًا للنظام الجديد كما كان تهديدًا للنظام القديم؟ أين الضمير في هذا؟ هل هؤلاء يريدون أن يتكرر نفس الخطأ القديم؟ هل يظنون أن إسكات المثقفين من الكورد سيؤدي إلى تهميشهم للأبد؟



من الصادم أن نرى بعض الكورد اليوم يعملون ضد من كانوا في المقدمة. هل هؤلاء يعرفون حقيقة ما يفعلون؟ هل هم مغرّر بهم؟ أم أنهم جزء من لعبة أكبر، لا يدركون تبعاتها؟ هل يظنون أن الخضوع أو السكوت يمكن أن يحميهم من الموجة القادمة؟ هل يتصورون أن تهميش المثقفين الكورد سيساهم في حصولهم على مكاسب شخصية؟



الهجوم على المثقفين الكورد لا يعد حربًا على أفراد، بل هو هجوم على كل كورد. إذا سكتنا الآن، سنندم لاحقًا. فإذا سمح اليوم بإخماد هذه الأصوات، فسيأتي يوم نجد فيه أن تاريخ الكورد يكتب من قبل أعدائهم، وأن قضيتهم يتم تشويهها بأيدي من لا يريد لهم البقاء.



هل نسمح لمن عملوا بالأمس على قمعنا، أن يعودوا اليوم في ثوب جديد ليكرروا نفس الجرائم؟ هل نسمح بأن تمحى معالمنا الثقافية، ويغتال صوتنا الفكري، لمجرد أن هناك أطرافًا تسعى لحرف البوصلة؟ فهل نكون جزءًا من هذه المعركة، أم نكون صامتين في ظل الدخان الذي يلتف حولنا؟ هل نسمح أن يغتال صوتنا تحت شعار “التغيير”؟ هل نسمح لأنفسنا أن نغلق أعيننا أمام محاولات اختراق الثقافة الكوردية بواسطة أولئك الذين يعملون لصالح أنظمة سعت دائمًا إلى تقويضنا؟



لكن كما فشلت كل المحاولات السابقة لإلغاء الكورد، ستفشل هذه الحرب أيضًا، لأن الهوية الكوردية ليست مجرد شعار، بل هي إرث حيّ ممتد عبر الأجيال، وهوية تشكلت عبر القرون رغم كل محاولات الإقصاء والإنكار. الرد على هذه الحرب لا يكون بالصمت، بل بالمزيد من الوعي، بالمزيد من الإنتاج الثقافي، بالمزيد من الإعلام الحر الذي يكشف الحقائق ويواجه الأكاذيب. فالمعركة اليوم لم تعد فقط معركة بنادق، بل هي أيضًا معركة أفكار، ومن يربح معركة الوعي يربح الحرب الحقيقية.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الثاني
- سوريا ليست دولة عربية ولا حكرًا على عرق واحد. الجزء الأول
- سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديد 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- القبض على إيد شيران في الهند بعد عزفه في الشارع دون إذن
- تونس.. وفاة طفل جراء انفجار -جسم مشبوه- في منطقة تابعة لمحاف ...
- نيبينزيا: موسكو لطالما صرحت عن دعم USAID للمتطرفين
- الرئيس الجزائري يقدم وساما لوزير السكن محمد طارق بلعريبي…فما ...
- ترامب: لن أرحل الأمير هاري بسبب ميغان
- الشرع: آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد بعد الإ ...
- الرفيقة نزهة مقداد، تسائل السيد وزير التعليم العالي والبحث ا ...
- الجيش الإسرائيلي يخرق اتفاق وقف إطلاق النار ويطلق مسيّرات في ...
- الوفد الإسرائيلي يعود فجأة من محادثات وقف إطلاق النار في قطر ...
- -عقب إعلان أبو عبيدة-.. وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز للجيش با ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - من القمع إلى التشويه، حرب الإعلام والمغالطات