|
سلوى زكو وسؤالها حمال الأوجه..
موسى فرج
الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 22:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سلوى زكو أم عمار التي أطلقت عليها يوماً باجتهاد شخصي لقب "أم المثقفين" ولست بنادم على ذلك، كتبت اليوم وبمناسبة انقلاب 8 شباط سؤالاً مقتضباً يبدو في مظهره سؤالاً عابراً لكنه حمالاً للأوجه بنسبة ربما أكثر من تلك التي توجه للقرآن الكريم أو دستور العراق سؤالها العابر يقول: " كيف امكن لدبابتين اخترقتا شارع الرشيد وطائرة قصفت مبنى وزارة الدفاع اسقاط نظام كان يحظى بكل تلك الشعبية الجارفة؟ حتى اليوم وبعد مرور اكثر من ستين عاما ستجد من جيل 8 شباط من يتغزل بعبد الكريم قاسم". سؤال أم عمار وأم المثقفين تزامن مع حالتين شهدتهما أمس: الأولى: في اجتماع مجلس الوزراء الذي تزامن مع ذكرى انقلاب 8 شباط لم يتم استذكار الحدث الذي لم تنحصر آثاره بقتل الألاف من العراقيين ممن تنطبق عليهم تسمية: الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين والذين لا تشفع من وجهة نظر النظام السياسي الحالي جنسيتهم العراقية للترحم عليهم، وانما امتدت آثاره لاحقاً لقتل آلاف أيضاً من الاسلاميين الذين باسمهم يقوم نظام الحكم الحالي، طبعاً الى جانب الأثار المدمرة على العراق والشعب العراقي برمته والتي يعرفها القاصي والداني. الثانية: أمس حضرت ندوة أقامتها اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في السماوة ألقى فيها السيد عزة أبو التمن محاضرة حول "الأوضاع العامة، والمستجدات السياسية في البلاد"، أيضاً الذي قدم السيد المحاضر طلب الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشيوعيين والوطنيين ممن فقدوا حياتهم من جراء انقلاب 8 شباط ولكنه لم يذكر ولو بمفردة واحدة عبد الكريم قاسم أو الذين قضوا معه، مع إن عبد الكريم قاسم لم يكن وحده الذي قتله البعثيين في مثل هذا اليوم بل كل زملائه من الضباط وهم جميعاً شيوعيين: المهداوي، طه الشيخ أحمد، وصفي طاهر، كنعان حداد، عبد الكريم الجده ، جلال الأوقاتي، ماجد محمد أمين، الجنابي.. والقائمة تطول لتضم آلاف مؤلفة.. فلماذا طغت الضغينة على عبد الكريم قاسم على انتماء أولئك للحزب الشيوعي وقبل ذلك للعراق..؟ في وقت عرفنا وعلى نطاق واسع أن صدام حسين الذي اشترك شخصياً بمحاولة اغتيال عبد الكريم قاسم عام 1959 قد ذكره بخير ووصفه بالوطني وحتى انه ندم على اشتراكه في تلك المحاولة وعزاها الى عدم نضج حزب البعث والتيار القومي في حينه.. نعود الى سؤال سلوى زكو حمال الأوجه.. لا يا أم المثقفين وانت قد عاصرت الأحداث ..ودرايتك في هذا المجال ليست دراية الشاهدة البالغة الراشدة فقط وانما المثقفة التقدمية الصحفية القديرة وشهادة كاملة غير منقوصة فنحن قوم لا نقول بشهادة الذكر مثل شهادة الأنثيين.. نظام عبد الكريم لم تسقطه دبابتين اخترقتا شارع الرشيد وطيارة قصفت مبنى وزارة الدفاع، انما الذي اسقطه تحالف دولي واقليمي ومحلي واسع وعريض على رأي أحد ساسة المحاصصة عندنا، يضم حتى المقربين منه بل حتى هو نفسه ساهم في ذلك: 1. الطرف الدولي: -أمريكا اشتركت في اسقاط نظام عبد الكريم قاسم طبقاً لما ينقل عن القيادي البعثي وعضو القيادة القطرية آنذاك طالب شبيب قوله: "ان خطتهم التي درسوها بشكل جيد بالتداول مع السفارة الأمريكية وبحضور خبير الانقلابات الأمريكي الذي استخدمته السفارة الأمريكية وأطلق على الخطة "خطة عضة السبع" ، ويضيف: أن الوسيط بين البعث والسفارة الأمريكية هو صالح مهدي عماش أحد أركان انقلاب 8 شباط ونائب رئيس نظام البعث لاحقاً وفي حينه تم اعتقال علي صالح السعدي سكرتير حزب البعث صاحب القول الشهير بـ "أننا جئنا بقطار أمريكي" ، ويُذكر أن الرئيس الأمريكي جون كنيدي كان يصر على إسقاط الحكم في بغداد ويكثف اتصالاته لهذا الغرض، وضغينة الأمريكان لنظام عبد الكريم قاسم لها مبرراتها وفي مقدمتها توجه النظام للكتلة الشرقية في حينه بدلاً من الغرب لدوافع وطنية وليست أيديولوجية ، وهو موقف مشابه لما قاله ترودو رئيس وزراء كندا أمس رداً على محاولة خنق بلده برسوم ترامب، وسبقته في ذلك رئيسة المكسيك ومن ينكر على عبد الكريم قاسم فعله بالتوجه عن أمريكا وبريطانيا فليقل الأمر نفسه مع ترودو ورئيسة المكسيك، الى جانب موقف عبد الكريم قاسم من شركات النفط . -بريطانيا: ومعروف عداءها السافر لنظام عبد الكريم قاسم منذ الساعات الأولى لإعلانه حتى انها سارعت بذريعة الدفاع عن الكويت بإنزال قواتها على الحدود العراقية رفقة جيوش مصر ودول أخرى، وكانت سنوات حكم عبد الكريم قاسم سنوات للتآمر ليل نهار عليه من قبل السفارة البريطانية ، ولبريطانيا مبرراتها فعبد الكريم قاسم قطع عليها حكم العراق من خلف الكواليس والخروج من كتلة الإسترليني وإلغاء حلف بغداد العدواني، واسقاط مطايا الاستعمار وعملاء وأذناب الإنكَليز في بغداد . 2. الطرف الإقليمي: -مصر عبد الناصر: عبد الناصر أعلن العداء لعبد الكريم قاسم منذ الأيام الأولى لحكمه، وجهز المعادين له بإذاعة وأسلحة حتى ان الذين قتلوا عبد الكريم ورفاقه قتلوه بغدارات البورسعيد التي جهزهم بها.. ومبرره وانصاره في الداخل أنهم يريدون اعلان الوحدة الفورية معه لكنهم لم يجدوا ذلك ممكناً من عبد الكريم قاسم. -الأردن وكان تآمرها مكشوفاً على نظام عبد الكريم قاسم ومبررها أنه اسقط نظام الملك العراقي ابن عم الملك الأردني، وأخرج العراق من عباءة الاتحاد الهاشمي. -الكويت وهي من انشط المتآمرين على عبد الكريم قاسم بالذات وجيشت جيوش بريطانيا ومصر في أراضيها ضده، ومبررها مطالبته بضم الكويت. 3. المحلي: -القوميين والبعثيين: وعداءهم وتآمرهم على عبد الكريم قاسم قائم على قدمين وساقين وحركات الشواف والطبقچلي تشهد على ذلك ومبررهم المعلن تسليم عبد الكريم السلطة للشيوعيين. وعدم الموافقة على الوحدة الفورية مع جمال عبد الناصر. -المرجعية الدينية في النجف وبغداد التي اتخذت من تحالفه مع الشيوعين قميص عثمان لمعاداته وحملوه وزر حلفائه الذي كانوا يعلنون العداء لهم والتطاول عليهم فكانت فتاوى الحكيم من جانب والخالصي من الجانب الآخر..ومبررهم غير المعلن تطبيق قانون الاصلاح الزراعي الذي ضرب حلفاءهم الإقطاعيين وشيوخ العشائر فتراجعت من جراء ذلك مداخيلهم من الخمس والحقوق الشرعية. وتشريع قانون الأحوال الشخصية الذي يبعدهم عن احتواء وحكم اتباعهم بدلاً من الدولة.. - الشيوعيون: الذين يريدون الانفراد بالحكم وينادون بالمطلب العظيم على حساب القوميين والاسلاميين، وعندما سنحت لهم لم يخطفوا السلطة من عبد الكريم في حين أن جل القوات المسلحة بأيديهم. وهم يعلمون بانقلاب 8 شباط قبل حصوله. -زميلاتك سيدتي اللاتي كن يهزجن في ساحات بغداد والمحافظات: "بس هالشهر ماكو مهر موتوا يرجعيه..!"، دون أن يأخذن بنظر الاعتبار مستوى الوعي المتدني عند العامه الذي يفسر مفردة المهر بأنها تعني عقود الزواج والاشهار، وليس مثلما يقصدن به باعتباره المعجل والمؤجل أو الحاضر والغايب بلهجة أهل الجنوب، فكانت همهمات رجال الدين في آذانهم والذين صوروا للناس ان أهزوجتهن تعني: وانت تمشي بالشارع أو تركب الباص يمكن أن تحصل الدخله.. -عبد الكريم نفسه: فهو من جانب ليس شيوعياً ومن جانب هو مفجر الثوره ويأخذ الشيوعيون عليه عدم تسليمهم الحكم على طبق من خوص النخيل بدعوى انهم ايديولوجياً أفضل منه وهو مجرد برجوازي صغير أو بلغتهم الأم "بتي برجوا"..في حين انت شخصياً يا أم المثقفين لا تقبلين مني أن أطلب منك أن تتخلين عن مسيحيتك وتصيرين مسلمه بدعوى أن الله قد أتم عليكم نعمته وقبل منكم الاسلام ديناً وأظهره على الدين كله، الى جانب ان الرجل ليس سياسياً محنكاً فيتجه لإعلان الدستور واجراء الانتخابات وكفى الله المحسنين شر القتال.. أفبعد هذا تقولين بمجرد دبابتين وطائره سقط نظام عبد الكريم قاسم وهو بين حشد الشر الأممي والإقليمي والمحلي هذا.. لم يبق معه غير فقرائه المسلحين بحبه وعصي لا جاءت ولا راحت..! أما الذين تقولين عنهم: "حتى اليوم وبعد مرور اكثر من ستين عاما ستجد من جيل 8 شباط من يتغزل بعبد الكريم قاسم" ، ومنهم أنا المحب له والذي رسخت قناعتي تلك بإطلاق اسمه على آخر أبنائي ..عبد الكريم، فإن مبرري في حب عبد الكريم قاسم هو انه: 1. لم يتعامل مع العراقيين على أساس الدين والعرق والمذهب وانما على أساس عراقيتهم فحسب وهو أمر يقر لعبد الكريم به الأعداء قبل المتغزلين. 2. الرجل لم يكن عميل أو ذيل أو تابع لأي طرف دولي أو إقليمي.. ولم يهادن في سيادة العراق. 3. شهدت بعفته ونزاهته حتى ملائكة السماء، وبحث اعداءه وحتى الشيطان باستماتة عن لوثة فساد في سجله فلم يجدوا.. و_أفبعد هذا تنكرون علينا محبته..؟ أأتونا بمن تتوفر فيه هذه الخصال الثلاثة واتعهد بمراجعة دائرة الأحوال الشخصية لتغيير اسم أبني من عبد الكريم الى عبد السطيع.. ولا يهمني إن كان بتي برجوا أو أبو عمامه أم ذيل كالتي يعتمرها الشيخ الخالصي.. بالمناسبه: عندما كنا صغاراً كانوا يقولون لنا إن علي والحسين يقبلان أن تشتمونهم إذا أُجبرتم ولكن أن لا تتبرؤون منهم.. وها نحن نفعل فلا يضيرنا شتم الشاتمين عبد الكريم وسبابهم مثلما لا نأبه إن وقفوا دقيقة حداد على روحه والآخرين أم لم يفعلوا لكننا لا نتبرأ من خصاله في الوطنية والمواطنة والنزاهة..
#موسى_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لم يعد الأدب والفن مؤثرًا كما السابق..؟ مناقشة أصل الم
...
-
هل يستمر القتل في غزه المنحوسه..؟
-
عون.. بنسخته الجديدة غير عون صاحبي...
-
شقشقة على بقايا الفرات..
-
السوداني يكشف عورة ساسة -المدنية- في العراق..
-
الانتخابات في العراق.. أداة للتغيير أم وسيلة للتكريس..؟
-
لو كنت مكان حميد الشطري لفعلتها..
-
مفارقة بيننا وبين بنو عمومتنا...
-
استغلوا -خرطة السوكَ- لا أباً لكم...
-
حول موقف العراق مما يجري في سوريا...
-
صفحات من كتاب تحت الطبع...
-
أوراق من كتاب تحت الطبع: نظام الحكم مختلفٌ عليه ويلزمه إثبات
...
-
خوازيق ميزوبوتاميا المعاصرة
-
موقف...
-
محنة النزاهة في العراق... موقف القضاء من هيئة النزاهة
-
محنة النزاهة في العراق...ح/2 الصدق والمكاشفة هو السبيل لمواج
...
-
محنة النزاهة في العراق: غريب في ثقافة حكم لم تألفه....
-
نور زهير ليس بطل -سرقة القرن- بل مجرد شيّال لحقيبة أبطالها..
...
-
هل نحن أمام -نصبة القرن- ، بدلاً من -سرقة القرن-...؟ وهل أن
...
-
الشعراء ... وكلمة السواء ....
المزيد.....
-
التزلج بلا مصاعد..لماذا يزدهر هذا الاتجاه الشاق في منتجعات أ
...
-
عاصفة سريعة الحركة تتسبب في سقوط ثلوج كثيفة على مناطق متعددة
...
-
ريتشارد هاس يعلق على موقف ترامب من إيران وروسيا ويكشف ما أده
...
-
كيف تعرف أن الشخص الذي أمامك كاذب؟
-
رئيس كولومبيا يطالب باستقالة جميع وزراء حكومته في ظل أزمة سي
...
-
بين الدلافين وفي الملاعب والمساجد.. كيف يعمل مترجمو الخارجية
...
-
أردوغان: على إسرائيل وحدها دفع فاتورة إعادة إعمار غزة
-
سفير روسيا لدى ليبيا: نعمل على عودة القنصلية العامة إلى بنغا
...
-
الرئيس الإيراني: ترامب يدعم القتلة ويحميهم من محكمة الجنايات
...
-
الأسباب المحتملة للعقم عند الرجال
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|