الترامبية حركة شعبوية أمريكية جديدة ( 4 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من صفحات النهج الشعبوي للرئيس ترامب التي ظهرت في تصريحاته و إجراءاته التي اتخذها خلال الايام الأولى من ولايته الثانية :
اولا : الإهانة المتعمدة التي وجهها للسعودية و حكامها
طلب الرئيس ترامب من السعودية صرف مبلغ 500 مليار دولار لصالح السوق الأمريكية ثم رفعه الى ترليون دولار كثمن لجعل السعودية أول دولة تتشرف بزيارته لها في ولايته الثانية و كأنه يريد الحصول على غنيمة كبيرة مقابل حصول السعودية على وسام السفرة الخارجية الأولى لزعيم الإمبراطورية الأمريكية .
تقليديا كانت بريطانيا هي المحطة الأولى للزيارات الخارجية لأي رئيس أمريكي بعد توليه لهذا المنصب , لكن الرئيس ترامب كسر هذه القاعدة في ولايته الأولى مقابل صرف مبلغ 400 مليار دولار لصالح السوق الأمريكية و بطريقة ساخرة قال الرئيس ترامب أن هذا المبلغ يجب أن يكون في هذه المرة 500 مليار دولار بعد احتساب نسب التضخم .
لقد كان رد السعودية ردا مناسبا حين وعدت باستثمار 600 مليار دولار في أمريكا دون أن تحدد طبيعة هذا الاستثمار , قادة السعودية صاروا يدركون جيدا أن ابواب الاستثمار في مجالات معينة أمامهم و امام أي استثمار عربي مغلقة , هذه المجالات تشمل الصناعات المتطورة , العسكرية و المدنية .
للسعودية تجربة سابقة مع الرئيس ترامب في ولايته الأولى حين وقعدت معه اتفاق بمبلغ 400 مليار دولار لم ينفذ معظم ما ورد في ذلك الاتفاق بسبب القيود التي فرضها الكونغرس الأمريكي على تجهيز السعودية بالمعدات العسكرية المتطورة , لذا فأن الوعد السعودي الجديد باستثمار 600 مليار دولار سيلاقي رفضا أمريكيا أكبر من السابق و لن يتحقق بالصورة التي يريدها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .
من المؤكد أن الغطرسة و الإهانة المتعمدة التي وجهها الرئيس ترامب للسعودية سوف لن تمر دون رد و سيكون لها ثمن ستدفعه أمريكا , رد هادئ و ثمن سيضعف من دور امريكا السياسي على الساحة الدولية عموما و في منطقة الخليج العربي بشكل خاص .
ثانيا : الطلب الترامبي من السعودية بتقليل سعر النفط الى 50 دولار للبرميل
يعتبر هذا الطلب غريبا جدا بسبب انعكاساته السلبية على الاستمارات في مجالات استخراج النفط الصخري حيث أن كلف استخراج النفط الصخري قد تصل في بعض الحالات لمبلغ مقارب للخمسين دولار للبرميل .
ما يزيد من غرابة هذا الطلب هو أنه يتعارض مع خطط ترامب في زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري لمستويات تجعل من امريكا دولة رئيسية في تصدير النفط , و قد اصدر الرئيس ترامب امرا رئاسيا بانسحاب أمريكا من اتفاقية باريس للمناخ كي يرفع جميع القيود على انتاج الوقود الأحفوري و خصوصا على انتاج النفط الصخري .
ثالثا : صراعه المتعدد الأبعاد مع الدولة العميقة في أمريكا
من الواضح للكثير من المتابعين للشأن الأمريكي أن الرئيس ترامب لم يحصل ليس فقط على أي دعم من اركان الدولة العميقة في أمريكا بل إن هذه الدولة عملت كثيرا على محاربته قبل وصوله للسلطة .
لقد عين الرئيس ترامب شخصية تحمل عداء كبيرا لأركان الدولة الأمريكية العميقة , هذه الشخصية هي الملياردير ايلون ماسك الذي تم تعينه في أهم منصب حكومي فدرالي بعد الرئيس الأمريكي و هو المشرف على هيئة مهمتها فحص كفاءة اجهزة و وزارات الحكومة الفدرالية الأمريكية , و عين وزيرا للخارجية الأمريكية ليكمل عمل ايلون ماسك في محاربة الدولة الأمريكية العميقة هو ماركو روبيو بالإضافة الى تعين السيدة تولسي غابارد رئيسة لجهاز المخابرات الوطني الأمريكي , هذا الجهاز الذي يشرف على عمل 17 جهاز استخبارات في أمريكا من ضمنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية , رئيسة هذا الجهاز مكمل للأركان الأساسية لنشاط الرئيس ترامب في حربه ضد الدولة العميقة المسيطرة على القرارات الاستراتيجية لأمريكا .
كانت الضحية الأولى لصراع ترامب مع الدولة العميقة هي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ( USAID ) و القائمة ستطول كما يقول المثل " الحبل على الجرار " .
رابعا : انسحاب أمريكا من منظمات و اتفاقيات دولية
بعد قراره بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ قرر الرئيس ترامب انسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية , إن حجة الرئيس ترامب بالانسحاب من هذه المنظمة هو أن أمريكا تمول هذه المنظمة بأكثر من ما تدفعه الصين للمنظمة , هذه الحجة ليست منطقية إذ بإمكان أمريكا تقليص تمويلها لمنظمة الصحة العالمية بدلا عن الانسحاب منها , ان هذا القرار شعبوي بامتياز و غير مدروس لأنه يضعف الدور الأمريكي في الساحة الدولية , هذا الانسحاب هو حلقة من سلسلة انسحابات أمريكية من منظمات و هيئات دولية منها :
** منظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم ( اليونسكو )
** مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
** وكالة الأمم المتحدة لإغاثة و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا )
من المؤكد أن هذه الانسحابات ستضعف هيئة الأمم المتحدة و ستعزز مكانة الهيئة الموازية لها و هي " بريكس " الأخذة بالتوسع بشكل سريع نتيجة حاجة دول العالم لنظام عالمي أكثر عدلا .
خامسا : العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
وقع الرئيس ترامب على أمر تنفيذي يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية متهما هذه المحكمة بالعداء لأمريكا لكونها تعادي إسرائيل الحليف الأول لأمريكا , لقد تجاهل الرئيس ترامب أن معظم الدول الأوربية هم اعضاء مشاركون في تأسيس هذه المحكمة و أن مقرها في لاهاي / هولندا لكن شعبوية ترامب تريد من المحكمة الجنائية الدولية أن تكون منحازة بشكل كامل لمصالح أمريكا .
من المؤكد أن العقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية هي حرب أمريكية مفتوحة على هذه المحكمة قد تخرجها من الأهداف التي تأسست على اساسها .
سادسا : تهجير الفلسطينيين من غزة
طلب الرئيس الأمريكي من مصر و الأردن قبول استيطان سكان غزة في بلديهما , في حقيقة الأمر لم يكن مجرد طلبا بل كان تهديدا واضحا لهاتين الدولتين , و حين وجد ترامب أن هذا التهديد لم يؤدي غرضه صار يقترح أوطان بديلة أخرى للفلسطينيين , في أند ونسيا , في المغرب , في ارض الصومال , في أي مكان أخر غير غزة ,
كانت قمة شعبوية ترامب حين قال أنه يريد تحويل غزة الى منتجع بمستوى منتجع الريفيرا لكن ليس لسكان غزة بل لإسرائيل و أنه اعتبر ذلك مشروعا عقاريا ...! إنها استهانة صريحة بحق الشعب الفلسطيني في العيش بوطنه , و إن هذه الدعوة قد ترقى لمستوى الجريمة ضد الإنسانية .
سابعا : جعل إيران دولة متقدمة و عظيمة
لدى ترامب صفقة سيعرضها على إيران للتخلي عن برنامجها النووي و عدائها لإسرائيل , و لأنه رجل الصفقات و إن عقلية التاجر هي التي تحرك مواقفه السياسية فسيكون العرض الأمريكي الأول المقدم لإيران متشدد في شروطه و مطالباته لكنه و بحكم شعبويته سيصل في نهاية المطاف الى حل مقبول إيرانيا و أمريكيا و إسرائيليا بحيث يتم رفع كافة العقوبات عنها مقابل أن تصبح إيران دولة ليس لديها برنامج نووي يمكن أن يهدد إسرائيل مستقبلا و أن لا تتدخل إيران كثيرا في أمور تخص القضية الفلسطينية , و هذا ما يقصده الرئيس ترامب بجعل إيران دولة متقدمة و عظيمة ...!

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات