أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - رواية (منذ 1927 ) خارج دائرة النقد















المزيد.....


رواية (منذ 1927 ) خارج دائرة النقد


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 16:57
المحور: الادب والفن
    


(ملخص )
ورقتي التي قدمتها بحق الروائي المبدع علاء المرقب
بسم الله الرحمن الرحيم
( ان هذا لهو القصص الحق وما من اله الا الله ان الله لهو العزيز الحكيم)
صدق الله لعلي العظيم

اشد على ايدي الاخوة في مؤسسة ثغر الفيحاء للثقافة والاعلام وكذلك اتحاد الادباء والكتاب في البصرة
تنصب موضوعة رواية (منذ 1927) للأديب القاص المبدع (علاء المرقب) تحت ما يعرف بثيمة الروي، محددا في محور التحول الجندري ، ومرض اضطراب الهوية الجنسية ، وهو ما يمثل الصراع الذي يحسم جوهر عملها.
لست هنا محاولا استنطاق النص او العمل بطرق التحقيق والتشريح والتفكيك ، ولكني واحتراما لزمن هذه الاحتفائية سأجعلها ضمن الرصد الموضوعي للأخوة المتداخلين ، الذين سيثرون الجلسة حتما بمداخلاتهم وآرائهم.
السمة الغالبة لأدوات الراوي تتحدد باشتغالاته على عناصر المفارقة والتباين ، او ما يعرف بالثنائيات المتضادة والاوجه المتنافرة (الادهاش والمفارقة) التي عززها بالثنائية الضدية في مناورات ساقها متعمدا ، وصولا لتعزيز نشيده السردي . الحب الكره، الخير الشر، التخلف التحضر، الطموح الانتكاس، الموت البقاء.. كما اعتمد على الربط المحوري ، والترابط الأيديولوجي من خلال لعنة (شبيب) التي اختفت خلف زحمة احداث الرواية.
هذا اللون من الكتابات السردية لم يضمنه المشهد السردي المحلي ، لكنما المشهد السردي والروائي العربي قد استقطب مثل هذه الكتابات ، ناهيك من انها حديثة العهد ، ولعل ابرز هذه الكتابات تمثل في رواية (حرشقانة) لمسعود ابو بكر 2017 ، و(البيت الأزرق) لعبده وازن 2019 ، ومسرحية (عبور) لمنصف الزهراني من تونس ، و(انعتاق الرغبة ) لفاتحة مرشيد من المغرب ، و(حابي) للقاص الكويتي طالب الرفاعي و(بدون) الاخزمي من سلطنة عمان والفلم الاردني (ذكرانا واناثا) للفنان الفلسطيني كامل الباشا . ولا انسى هنا رواية (بئر العزلة ) للروائية مارغريت رادكليف عام 1928 . ولم تشر الاحداث السردية المحلية الى كتابة في هذا المضمار البتة ، باستثناء حوادث شعبية متفرقة هنا وهناك ، لم نتثبت من صحتها على مستوى الاعلام الرسمي . كما ان هنالك شاهدا نستذكره مخصوص بالفنان العراقي مسعود العمارتلي الذي نتذكر بعض اعماله في اربعينيات القرن الفائت (سوده شلهاني يا يمه – ذبي العبايه – عاين يالاسمر) .)
قد يصبح الراوي مؤرخا ! ذلك امر طبيعي ، اذا ما سلمنا ان التاريخ يكتبه المؤرخون ، وهذا ما مسلم به ، ولكن ما علاقة التاريخ بالرواة ؟ هذه اشكالية ما زالت غير محسومة ، والسبب ان الرواة يمتلكون حسا تخييليا تصوريا ، فيما يعتمد المؤرخون الدلالات والعناصر والاحداث الواقعية والتسجيلية . الراوي يبتكر عالمه ويصوغ شخصياته واحداثه ، فهو يعتمد (الامتاع) . فيما يسعى المؤرخ الى سرد الاحداث التاريخية وتركيبها وصياغة نسق تفسيري لهذه الاحداث ، وبذلك يعتمد (التوثيق) ! بحيث يبدو التاريخ متناغما ومنطقيا ومقنعا لدارسيه والراغبين في التعرف الى الاحداث وسير الحياة وطبيعة الازمنة . اذن ، الراوي صانع ، والمؤرخ جامع . الراوي يعتمد المتعة والادهاش والذاكرة التخييلية ، اما المؤرخ فيحاول الوصول الى الحقائق من خلال الذاكرة التصويرية . وعذرا فالرواية تلفيق واصطناع – كما يقولون – ، والتاريخ سعي الى الوصول واستشراف دقة الملاحظة والتبصر والسعي لاستهداف كبد الحقيقة . هذه اشكالية بقيت قائمة في ذاكرة الثقافة العربية ، بدليل اننا قرأنا يوما ان الشعر ديوان العرب ، لكنها جاءت برأي (مارون عبود) : (ان الرواية ديوان العرب ) ! الرواية التي نستطيع ان نقول ان لم يحظ صنف او مضمار ادبي نثري باهتمام الباحثين والنقاد مثلما نالت .

ولعلي اسوق هنا مثالا في أوجه التقريب لمشاهد ودلالات وصور واحداث التاريخ ، واحيلها الى دائرة الراوي ، واستشهد بأدوار وجهود الرحالة الذين قدموا الى البصرة ورصدوا احداثها عن قرب ، مثل نيبور الألماني ، وناصر خسرو الإيراني ، وابن بطوطة المغربي ، ومدام مارسيل ديولا الفرنسية ، وسيدي علي ويس التركي .. هؤلاء جميعا قربوا لنا المعنى والوصف بشروحهم ورحلاتهم وطوافاتهم ، بحيث انهم ذكروا ما لم يذكره المؤرخ ، وقد جابوا وطافوا واخترقوا كل المعالم التي لم تكمن ضمن بوصلة المؤرخين . ولعل مثالا تعزيزيا آخر اسوقه هنا يتمثل باثر ودور المقامة التي هي مجموعة حكايات قصيرة جمعت النثر والشعر تعتمد الراوي والبطل والنكتة ، ولطالما يكون بطلها بطلا وهميا طوبائيا . فالمقامة التي تعتمد على راويها وبطلها ونكتتها تستدرك مالم يقله المؤرخ مثلما اعتمد الحريري فيها بطله (ابو زيد السروجي ) ، فقد ذكر هذا السروجي اسما للبصرة لعله (جبل الجص) في ظل أسماء أخرى عرفت بها البصرة مثل : الحجارة الرخوة / الحجارة البيضاء / الحجارة البراقة هذا احالني الى واحدة من تسميات مدينة البصرة القديمة (جبل الجص) منوها الى ان بعض تفسيرات كلمة (بصرة) . ولكن السؤال هنا بكلمة جبل اي المكان المرتفع عاطفا الذاكرة الى منطقة في العشار تسمى الجبل ، وهي منطقة قريبة من الدوب او الداكير او ما يعرف ب(القشلة) . ولعل البعض حسبني قد ابتعدت عن جوهر موضوعي ، لكنني استطيع ان اجمل الامر هنا الى ان هذا المكان كان مرتفعا ومائلا الى البياض الذي يشبه الجص او الكلس ، اما كلمة جبل فلطالما اسال نفسي عنها ، لاسيما وهناك منحدرا اجده في المنطقة الواقعة في جامع الأمير باتجاه شارع الكويت . واظن ان هذا المكان كان عامرا باللون الأبيض ، ولكن لانتقالات او انعطافات جغرافية وطبيعية اصبح بهذا الشكل ، فما بالك لو قلت لك ان هذا الجبل يقع في (المربد) وهو مكان يبعد عن البصرة بأكثر من عشرين كم . اصل هنا الى ان هذا العمل الروائي لم يفصله المؤرخ ، بقدر ما فصله الرواي!
نعم نحن نستشعر ان منافسة تجري بين التاريخ والرواية ، اذ يحاول التاريخ قدر الامكان تجيير ادوار الرواية وجعلها ضمن خانته وتطلعاته ونشيده الاساس ، هذا الامر يذكرني بالفلسفة ومهيمناتها وسطوتها التي جهدت يوما لان تجعل العلوم والمعارف تدور في فلكها ، حتى سميت ام العلوم ، بل حسبها البعض مسؤولة عنها . وهذا الامر اغاض العلم الذي راح يحفر جبل الفلسفة الرملي بإبرة صغيرة ، الى ان تحقق له ذلك بانهيارها في بداية القرن التاسع عشر ، وأصبحت المهيمنة المعرفية للعلم نفسه . وهو امر اسوقه هنا لارتباطه بورقتي المتواضعة ، لأعود مقارنا شاعرية مؤلف الرواية التي انحسرت في هذه الرواية ، باستثناء بعض المواطن الوصفية او التي تأخذ جانبا سحريا ! فلقد عرفنا عن (علاء المرقب) ومن خلال منجزه الشعري الذي تمثل بكتابته عن الشعر ونقده الكثير، وهو بالمناسبة شاعر حالم جدا ، ولكن شعره غاب في خضم تشابك احداث روايته وتسارعها ، لاسيما وقد اختار لروايته زمنا حكائيا تأرجح بين حياة الريف والمدينة ، فكان المروي من الاحداث مجموعة من الشخصيات الحاضرة الفاعلة والمؤثرة في الحدث ، وهو ذكي حذق هنا في توظيفاته واشاراته التي تدلل على نتائج الاشتباك والتعقيد التي حتما ستفصح عن حالة الانفراج التي ينتظرها القارئ . وهنا انوه متعمدا الى ان الرواية تمر بمراحل الجدب والقحط والانحسار ، ولا بأس ان أقول السبات ، مثلما وجدنا في تاريخ القصة العراقية ، ومراحل التألق والفتور التي شابت تاريخ السرد منذ نشأت القصة والى زمننا الحاضر . في حين لم يمر الشعر ومن خلال تاريخه الطويل بمثل هذه المراحل ، والسبب ان الشعر مرتهن بالشعور والرواية ، تميل دائما الى استثمار اللاشعور ،الميول الى الرغبات المكبوتة ، القلق ، المزاجية ، الاكتئاب ، الانطباعات المكبوتة ، الرصد الغائي ، الذاكرة الانفعالية ، الصور والمشاهد المؤثرة حسبما يصفها علم النفس التقليدي القائم أساسا على الاستنباط العقلي ..
لوح الراوي بإشارات من خلال احداثه الحركات المناهضة / متهم مطلوب الى الدولة/ التمرد في الاهوار/ هنا يستطيع التحكم برمزيته التي تنصل عنها ، وهو يتعمد ان يجعل الرواية واضحة ومباشرة ولا يغلفها باي لون او حدث فرعي او غيره لذلك لم يحترم التقابلية في الحدث الهزاز( مقتل شبيب/ مقتل كريمة ) وكان يحرص على بقاء سارة لأنها تمثل الامل وبارقته الذي يؤكد نجاح روايته ، على ان فعل الخير قائم ، وهو من يتسيد كل الحالات . ولكن المرقب اختصر هذا السبيل الرمزي بمستهل روايته بعد ان نقش بعض كلمات تقول : ( من الخرافة ان تقنع مجتمعا بدائيا ليغير من تقاليده حينما تكون قد حكمت على نفسك بالنفي ... وربما لعالم آخر) تعمد المرقب ان يجعل كلمة (آخر) بمثابة شحذ أفكار وتصورات القارئ كيما يحلق في عالم من التساؤلات والتفسيرات التي تعزز نشيده الروائي .

وّفق الراوي من هدفه النبيل وهو يجعل الشر حائلا دون التطلع والسلام ، ولا ننسى هنا رؤيته الفاحصة وهو يتصدى الى عملية احياء وافشاء السلم المجتمعي ، فكسر الاطواق ، وازاح الجدر ، وهو يجعل شخصية (ابو سالم) هي العون لبطلة روايته ، فقد قاسمها الرأي وحرص عليها ، وزار ضريح الامام الكاظم (عليه السلام) في العاصمة بغداد ، بما تعتقده بطلة الرواية ، وهو من مذهب آخر . هنا يثقف (علاء المرقب) الى ضرورة ان تسهم القصة والرواية بأمور راهنة تنخر المجتمع العراقي حري بالقصاصين التصدي لها ، وهو امر يحيلنا الى ضرورة تعزيز الشعور بالانتماء للوطن . ولعل الرواية في هذه الكلمات القليلة التي بينها الراوي قد استكملت نيتها المبيتة في التثقيف والنشيد .. كما وفق في عرض مواقف المعارضين في الهور والذين يناهضون الدولة ويتخذون الهور وسيلة لمعارضتهم ‘ فلم ينوه على انهم خارجون عن القانون ، ولم يلوح على انهم ثائرون على نظام جائر وحاكم متعسف . هذا فضلا عن الشريط السينمائي الذي اعتمده في عرض الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نوه عنها بذكاء وحنكة.
ولعلي في النهاية اتوقف امام قول نجيب محفوظ : ( ان اكثر التفاصيل صناعة ومكر لإيهام القارئ بان ما يقرأه حقيقة لا خيال ، اذ انه لا يثبت الموقف او الشخص كحقيقة مثل التفاصيل المتصلة به ، وكلما كان وقت التفاصيل اسرع القارئ الى تصديقها) .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة ، شجرة الأسماء وثريا الصفات مقاربات في كتابات الراحل ...
- لقد تقاسموا العالم أيها القيصر !
- لا تأمن ملمسها ، ستنفرط حبات مسبحتك لا محالة !
- فيصل شريف فارس الذكريات
- اطلاقة الرحمة على البرتقال
- نسألكم الدعاء شيخنا !
- رسالة إلى البطل طالب خزعل (سيمفونية عمارتليه) :
- ماتت النكتة يا طارق الجوزي ..
- شهد
- الحاج اديب نظرة في الكتاب الكريم
- التدبر سر المعرفة
- الفكر الموسوعي لدى الحاج محمد اديب كاظم
- من دير العاقول الى المفتول *
- ورقة نقدية احتفاء بادباء الزبير وابي الخصيب
- أخيرا رحل طائر السعف
- علاء المرقب ( الازميل والخشب الطري )
- الشاعر علي الياسري .. مظان التجلي
- (ريوق بروليتاري)
- النص والصورة
- فاروق عبود حمدي


المزيد.....




- الفاروق عبد العزيز: السينما كانت نافذتي للعالم والرقابة أوقف ...
- فيديو: بجوار جده.. الآغا خان الرابع يوارى الثرى في مصر ضمن م ...
- نجوى كرم تتعرض لموقف محرج على المسرح خلال حفلها في أمستردام ...
- مطالب بحماية حقوق المبدعين في قمة باريس العالمية حول الذكاء ...
- وفاة الفنانة السورية الشابة إنجي مراد في ظروف مأساوية
- مع تصاعد نجاحات أفلام التيار المحافظ.. هل تضطر هوليود لتغيير ...
- كتبت رسالة مؤثرة قبل رحيلها.. وفاة الفنانة السورية إنجي مراد ...
- نجوى كرم تثير تفاعلا بسبب العلم السوري وتعثرها على المسرح في ...
- تركي آل الشيخ يشوق متابعيه بالمزيد من كواليس فيلم -Seven Dog ...
- وفاة فنانة سورية شابة بعد تعرضها لأزمة صحية (صورة)


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - رواية (منذ 1927 ) خارج دائرة النقد