أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - الدفاع الفلسفي عن وجود الله: رؤية وليام كريج في مواجهة الإلحاد المعاصر















المزيد.....


الدفاع الفلسفي عن وجود الله: رؤية وليام كريج في مواجهة الإلحاد المعاصر


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 08:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في عصر يعجّ بالنزاعات الفكرية حول علاقة الدين بالعقل، يبرز وليام لين كريج كأحد أبرز المفكرين والفلاسفة المسيحيين الذين نجحوا في خوض معركة فكرية ضد النزعات الإلحادية والشكوك الفلسفية التي تطرح تساؤلات حول وجود الله وحقيقة الدين. يُعتبر كريج من أبرز المدافعين عن الإيمان المسيحي في العصر المعاصر، حيث طور مجموعة من الأدلة الفلسفية والعقلية التي تهدف إلى تقديم إجابات منطقية وقوية للأسئلة الكبرى المتعلقة بوجود الله، ومعنى الحياة، والأخلاق، والشر.

تنبع أهمية أفكار كريج من قدرته الفائقة على الجمع بين الفلسفة التقليدية والأدلة العلمية الحديثة لتقديم تفسير شامل للعالم، يتجاوز البُعد المادي الذي يسعى الإلحاد إلى فرضه. إذ يشتهر كريج بتطويره للعديد من البرهانات الفلسفية الشهيرة، مثل البرهان الكوسمولوجي الذي يتناول بداية الكون وحاجته إلى مسبب أول، والبرهان الأخلاقي الذي يعارض الفكرة القائلة بأن الأخلاق يمكن أن تكون مجرد نتاج اجتماعي أو بيولوجي، بل هي متأصلة في مصدر إلهي.

على الرغم من تحليله العميق للمفاهيم الفلسفية والدينية، فإن كريج لا يقتصر على النقاشات النظرية بل يخوض العديد من المناظرات العامة مع كبار المفكرين الإلحاديين والعلماء الماديين. هذه المناظرات تُظهر مهاراته الفكرية العالية في الرد على الانتقادات التي يوجهها خصومه، وتبرهن على أن الإيمان الديني ليس مجرد قضية شعورية أو ثقافية، بل هو أيضًا قضية عقلية منطقية يمكن دعمها بالبراهين الفلسفية والحقائق العلمية.

من خلال هذه المقدمة، سوف نغوص في تجربة وليام كريج الفكرية وأثرها الكبير في مجال الدفاع عن الإيمان المسيحي. سنتناول أهم براهينه الفلسفية، ردوده على الاعتراضات الإلحادية، وأهمية محاضراته ومناظراته في نشر الفكر المسيحي المدعوم بالعقل والمنطق.

نبذة عن وليام كريج

وليام لين كريج (William Lane Craig) هو فيلسوف ومؤرخ للأفكار من الولايات المتحدة، ويعد من أبرز المدافعين عن الإيمان المسيحي في العصر الحديث. وُلد في 23 أغسطس 1949 في ولاية إلينوي الأمريكية، وقد اشتهر بتطويره ونشره للعديد من البراهين الفلسفية والعقلية التي تدعم وجود الله وتدحض النزعات الإلحادية.

التعليم والمسيرة الأكاديمية
حصل كريج على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة برانديس في عام 1977، ثم أكمل دراساته العليا في التاريخ والفلسفة في جامعات مرموقة مثل جامعة أكسفورد وجامعة توبنغن. عمل كأستاذ للفلسفة في عدد من الجامعات، وهو حالياً أستاذ في جامعة بايلا في تكساس، بالإضافة إلى كونه محاضرًا في العديد من الجامعات حول العالم.

أبرز أعماله الفلسفية والدينية

"دفاع عن وجود الله " (Reasonable Faith)
"دليل الفلسفة المسيحية " (Philosophical Foundations for a Christian Worldview)
"البرهان الكوسمولوجي: أصول الكون ووجود الله " (The Kalam Cosmological Argument)

تركز أعماله على مناقشة وتقديم براهين فلسفية وأدلة علمية حول موضوعات مثل:

- البرهان الكوسمولوجي (الذي يعتمد على فكرة أن الكون له بداية وبالتالي يحتاج إلى سبب مسبب(.
- البرهان الأخلاقي (الذي يناقش فكرة الأخلاق المطلقة وارتباطها بمصدر إلهي).

التأثير والأهمية

يعتبر كريج من أكثر المفكرين تأثيرًا في مجال الدفاع المسيحي في العصر المعاصر. بفضل أطروحاته الفلسفية واللاهوتية، فقد أصبح شخصية محورية في النقاشات بين الدين والعلم. يسعى كريج إلى بناء جسر بين الإيمان والعقل، ويرى أن الفلسفة والعلم يمكن أن يعززوا بعضهم البعض في تفسير الوجود والحياة.

تجربة وليام كريج في دحض النزعات الالحادية

تعد تجربة وليام كريج (William Lane Craig) في دحض النزعات الإلحادية واحدة من أبرز التجارب في مجال الدفاع عن الإيمان المسيحي في العصر الحديث. كريج هو فيلسوف مسيحي وأستاذ جامعي معروف، ويعتبر من أكبر المدافعين عن العقيدة المسيحية ضد التحديات التي يطرحها الإلحاد والفكر العلمي المادي. في هذا السياق، يمكن تسليط الضوء على عدة محاور رئيسية في تجربته الفكرية.

1. الفلسفة والعقلانية المسيحية

يعتبر وليام كريج أن الفلسفة العقلانية هي إحدى الأدوات الأساسية في الدفاع عن الإيمان المسيحي. كريج يستفيد من الفلسفة التقليدية والمنطق لفهم وتفسير العقيدة المسيحية. وهو يروج لفكرة أن الإيمان الديني، لا سيما المسيحي، لا يتناقض مع العقل ولا مع العلم. بل، بالعكس، يرى أن الإيمان المسيحي يقدم تفسيرات أكثر منطقية وواقعية لأسئلة الوجود الكبرى مثل أصل الكون، والمعنى، والشر، والوجود الإنساني.

2. البرهان على وجود الله

من أبرز أساليب كريج في دحض الإلحاد هو برهانه الشهير "برهان كوسمولوجي" (Cosmological Argument)، الذي يركز على فكرة أن الكون لابد أن يكون له سبب أول أو مسبب أعلى، وهو الله. كريج يعتمد في هذا البرهان على فكرة أن الكون له بداية زمنية، ويستند في ذلك إلى نتائج علمية مثل الانفجار الكبير. ويستخلص من ذلك أن الكون لم يأتِ من العدم، بل لابد من وجود سبب غير مادي وغير زماني وراءه.

البرهان الكوسمولوجي الذي يعتمده كريج يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

الكون له بداية، سواء في تفسيره الكوني أو الفيزيائي.
كل شيء له بداية يحتاج إلى سبب.
لذلك، لابد أن يكون هناك سبب أول لا يعتمد على شيء آخر، وهو الله.
هذا البرهان أثار جدلاً واسعاً، خصوصاً في النقاشات مع الملحدين. كريج يشير إلى أن هذا البرهان يمكن أن يتناسب مع الاكتشافات العلمية الحديثة مثل قانون الديناميكا الحرارية الثاني، الذي يفترض أن الكون في حالة من التغير والتطور المستمر.

3. البرهان الأخلاقي

برهان آخر شهير لكريج هو البرهان الأخلاقي، الذي يعتمد على وجود معيار أخلاقي موضوعي يجب أن يكون له مصدر غير بشري وغير مادي. فوفقاً لهذا البرهان، إذا كان هناك ما يُسمى بالخير والشر في العالم، فإن هذه المفاهيم لا يمكن أن تكون نتيجة عشوائية أو تطور بيولوجي فقط، بل لابد لها من مصدر أعلى يدعمها. كريج يربط هذا المعيار الأخلاقي بالله باعتباره المصدر المطلق للأخلاق.

4. الدفاع عن قيامة المسيح

في نقاشاته مع الملحدين، يتطرق كريج أيضاً إلى دفاعه عن قيامة المسيح كأدلة تاريخية على صحة العقيدة المسيحية. يرى كريج أن الأدلة التاريخية والآثارية تؤكد حدوث القيامة بشكل يقترب من اليقين. فهو يعتبر أن القيامة هي الحدث المركزي في العقيدة المسيحية، وإذا ثبتت صحتها، فإن ذلك يشير إلى حقيقة لاهوتية عميقة حول هوية المسيح. كريج يجادل بأن الأدلة التاريخية التي تروي كيف أن الحواريين شهدوا القيامة تُعد أدلة مقنعة.

5. النقد للفكر الإلحادي المعاصر

كريج لا يتردد في توجيه النقد اللاذع للفكر الإلحادي المعاصر، خاصة فيما يتعلق بمفاهيم مثل العشوائية والصدفة. يرى كريج أن العديد من الملحدين يتبنون رؤية مادية للكون، حيث ينكرون أي تدخل إلهي أو غرض في الكون. كريج يشير إلى أن العلم، في حد ذاته، لا يمكن أن يقدم إجابات حول الأسئلة النهائية عن أصل الكون أو الوجود الإنساني. لذلك، يظل المبدأ الإلحادي غير قادر على تلبية الأسئلة الوجودية الكبرى.

6. نقد الأدلة المعتمدة من قبل الملحدين

كريج يتعامل مع العديد من الأدلة التي يستخدمها الملحدون لتدعيم مواقفهم، مثل الاعتماد على التطور البيولوجي أو التفسير المادي للكون. في مقابلاته ومناظراته، يظهر كريج كيف أن هذه الأدلة يمكن أن تكون غير كافية أو غير قاطعة في تفسير الأسئلة الكبرى. على سبيل المثال، يعترض على تفسير "الصدفة" في تفسير نشأة الحياة، مؤكداً أن هذه التفسيرات لا يمكن أن تكون شاملة أو نهائية.

7. التأثير العلمي والفلسفي

إضافة إلى جوانب الدفاع الفلسفي عن الإيمان المسيحي، يُعتبر كريج من الشخصيات التي تؤثر في الحوار بين العلم والدين. عبر محاضراته ومناظراته، يسعى كريج إلى بناء جسر بين المنطق الفلسفي والتفكير العلمي، داعياً إلى استخدام العلم كأداة لفهم أعماق الوجود، بدلاً من جعله في صراع مع الإيمان.

8. مناظرات وليام كريج

من أشهر ما عرف عن كريج هو مشاركته في العديد من المناظرات مع كبار المفكرين الملحدين والعلماء، مثل ريتشارد دوكينز وكريستوفر هيتشنز. هذه المناظرات أظهرت قدرة كريج على الرد على الاعتراضات الإلحادية بأسلوب عقلاني ومتوازن، حيث يوضح النقاط الجوهرية التي تؤيد الإيمان المسيحي ضد الادعاءات الإلحادية.

9. الرد على إشكالية الشر

كريج يقدم أيضاً ردوداً على مشكلة الشر، والتي تُعد من أبرز التحديات التي يواجهها المؤمنون في مواجهة الإلحاد. في هذا الصدد، يوضح أن وجود الشر في العالم لا ينفي وجود إله صالح وقادر. بل، يرى كريج أن الشر يمكن أن يكون جزءاً من خطة إلهية أوسع، وأنه يمكن أن يساعد في نمو الإنسان الروحي والأخلاقي.

وفي المجمل، فإن تجربة وليام كريج تمثل محاولة فلسفية متكاملة ومتكافئة للرد على النزعات الإلحادية، سواء على المستوى العقلاني أو الأخلاقي أو التاريخي. لقد أسهم كريج بشكل كبير في إعادة النظر في العلاقة بين الدين والعقل والعلم، وقدم أدوات قوية للمدافعين عن الإيمان المسيحي في مواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.

نقد افكار وليام كريج

على الرغم من التأثير الكبير الذي حققه وليام كريج في مجال الدفاع عن الإيمان المسيحي، فإنه ليس بمعزل عن النقد الأكاديمي والفلسفي. هناك عدد من القضايا التي أثارها النقاد حول أفكاره ومناظراته، تتراوح بين اعتراضات على أسس براهينه الفلسفية إلى نقد أسلوبه في الرد على الأسئلة الوجودية والدينية. وفيما يلي أبرز النقاط النقدية التي وُجهت إلى أفكار كريج:

1. النقد لفكرة "السبب الأول" (البرهان الكوسمولوجي)

يعتبر البرهان الكوسمولوجي الذي يقدمه كريج من أبرز براهينه الفلسفية. يعتمد هذا البرهان على فكرة أن الكون له بداية وبالتالي يحتاج إلى سبب أول غير مادي وهو الله. إلا أن العديد من الفلاسفة والعلماء قد نقدوا هذه الفكرة من عدة زوايا:

- الرفض العلمي: بعض النقاد يرون أن افتراض أن الكون له "بداية" يجب أن يواجه أفقًا جديدًا من التفسيرات العلمية الحديثة مثل نظرية الانفجار الكبير، التي لا تشترط مسببًا خارجًا عن النظام الفيزيائي. وفقًا لبعض العلماء، قد تكون "البداية" مجرد مرحلة في تطور الكون، ولا تشير بالضرورة إلى وجود مسبب إلهي.
- الاعتراض الفلسفي: بعض الفلاسفة يرفضون فرضية "السبب الأول" بناءً على أن الكون يمكن أن يكون "أبديًا" أو "مستمرًا"، وبالتالي لا يحتاج إلى مسبب أول. ففي بعض المدارس الفلسفية مثل الفلسفة الهندية أو الفلسفات اللاهوتية الأخرى، لا يُعتبر الكون حادثًا أو مسببًا بل هو أزلي أو متجدد.

2. البرهان الأخلاقي وأصله الإلهي

يستخدم كريج البرهان الأخلاقي للدفاع عن وجود الله، حيث يعتقد أن القيم الأخلاقية المطلقة لا يمكن أن تكون موجودة إلا إذا كان هناك مصدر أخلاقي أعلى، وهو الله. ومع ذلك، يتعرض هذا البرهان لعدة اعتراضات:

- النقد الفلسفي للأخلاق: العديد من الفلاسفة المعاصرين، مثل أولوينيس، يرى أن الأخلاق قد تنبع من التطور البشري والاجتماعي وليس بالضرورة من مصدر إلهي. من هذا المنطلق، قد تكون القيم الأخلاقية عبارة عن اتفاقيات اجتماعية أو نتائج تطورية.

- نقد التفسير الديناميكي للأخلاق: بعض النقاد يذهبون إلى أن فكرة الأخلاق المطلقة التي يسوقها كريج هي غير ضرورية، وأن القيم الأخلاقية يمكن أن تكون موجهة من خلال الحكمة الإنسانية والتفاعل الاجتماعي بعيدًا عن تدخل إلهي.

3. إشكالية الشر

أحد النقاط الأساسية في نقد كريج هو ردوده على إشكالية الشر، وهي الحجة التي تقدمها العديد من المدارس الإلحادية لدحض فكرة وجود إله صالح وعظيم وسط وجود الشر والمعاناة في العالم. رغم أن كريج يطرح حلولًا لاهوتية لهذا التحدي، مثل أن الشر جزء من خطة إلهية أكبر، يرى بعض النقاد أن تفسيره غير كافٍ:

- الرد الضعيف على الشدة الأخلاقية: البعض يرى أن تفسير كريج للشر (مثل إمكانية تعلم الإنسان من خلال المعاناة) يظل غير كافٍ أمام المعاناة الشديدة التي يعاني منها العديد من الأفراد في العالم. هل من المنطقي أن يُسمح بالمعاناة الإنسانية الكبيرة لتحقيق هدف أعلى؟

- اعتراضات على اللاهوت التوفيقي: النقد الرئيسي هنا هو أن مبدأ التوفيق بين وجود إله صالح ووجود الشر في العالم قد لا يكون قابلاً للتصديق بشكل كامل، مما يجعل القبول بالحلول التي يقدمها كريج موضوعًا مثيرًا للجدل.

4. موقفه من العلم

يُنتقد كريج أحيانًا بسبب محاولاته الربط بين العقيدة المسيحية والعلم، خصوصًا في موضوعات مثل نظرية الانفجار الكبير، حيث يروج لفكرة أن هذه النظرية تدعم البراهين على وجود خالق. لكن هناك من يعتقد أن كريج قد يتجاهل بعضًا من الحقائق العلمية المعترف بها في العلم الحديث، محاولًا فرض تفسيرات دينية لا يتوافق معها المجتمع العلمي.

- الانتقادات من العلماء: بعض النقاد يرون أن كريج يبالغ في تأويل بعض الظواهر العلمية، ويستخدم العلم لتعزيز موقفه الديني في حين أن هذه الظواهر قد تكون قابلة لعدة تفسيرات فلسفية وعلمية مختلفة.

5. موقفه من الإلحاد والعقلانية

يوجه كريج بعض الانتقادات الشديدة للمفكرين الملحدين والعلماء، لكن بعض النقاد يرون أن طريقته في نقد الإلحاد قد تكون في بعض الأحيان مبالغًا فيها أو غير دقيقة. البعض يعتقد أن التفسير الذي يقدمه حول الإلحاد يعكس تبسيطًا مبالغًا فيه لحجج الملحدين، ويفترض أن الإلحاد قائم على تجاهل الأدلة العقلية. هذا النقد يظهر خصوصًا في ردود كريج على فلاسفة مثل ريتشارد دوكينز وكريستوفر هيتشنز.

وعلى الرغم من أن وليام كريج قد نجح في بناء دفاعات عقلانية قوية عن الإيمان المسيحي، إلا أن أفكاره وتفسيراته لا تخلو من الجدل والنقد. فبينما يظل كريج أحد أبرز المدافعين عن الإيمان الديني ضد الإلحاد، فإنه يواجه تحديات فلسفية وعلمية معقدة تتطلب استمرار النقاش والتطوير الفكري.

في الختام، يمثل وليام كريج نموذجًا رائدًا في مجال الدفاع عن الإيمان المسيحي، حيث نجح في إعادة تقديم الدين في إطار فلسفي عقلاني يتحدى المادية والإلحاد بأسلوب منطقي وموضوعي. من خلال براهينه الفلسفية العميقة مثل البرهان الكوسمولوجي والبرهان الأخلاقي، قدم كريج إجابات محورية للأسئلة الكبرى حول وجود الله وأصل الكون، مُظهرًا كيف يمكن للعقل والمنطق أن يعززوا الإيمان بدلاً من أن يتناقضا معه.

كما أن مناظراته العامة مع كبار المفكرين الملحدين والعلماء قد أثبتت قدرته على الدفاع عن الإيمان المسيحي بمهارة، وأظهرت أن الفلسفة الدينية ليست مجرد تخيلات أو آراء شخصية، بل هي مجال يُعتمد فيه على استدلالات عقلية وعلمية تدعم حقيقة وجود الله وضرورة الأخلاق المطلقة. وبذلك، يصبح كريج مثالاً يُحتذى في السعي نحو تنقية الفكر الديني من الشوائب العقلية، ودمج الإيمان مع العقل في نسق متكامل لا يمكن الفصل بينهما.

إن إسهاماته الفكرية لا تقتصر على تقديم دفاع فلسفي عن الإيمان المسيحي، بل أيضًا على بناء جسر بين الدين والعقل والعلم، مؤكدًا أن العقل لا يجب أن يقف ضد الدين، بل يمكن أن يكون حليفًا قويًا في استكشاف الحقائق الكونية والوجودية. وفي النهاية، يبقى دور وليام كريج محوريًا في تعزيز الفكر الفلسفي المسيحي، وفي الدعوة إلى حوار فكري بنّاء بين الإيمان والعقل.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل كأداة للهيمنة الأمريكية: قراءة في الأدوار والوظائف ا ...
- الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل ...
- الأمن القومي العربي بين الواقعية السياسية والتحديات غير التق ...
- حق العودة الفلسطيني: جوهر القضية أم عقبة أمام التسويات السيا ...
- الوجود الإسلامي في أوربا: بين العزلة والاندماج
- الموت في الفكر الفلسفي: بين الوجود والعدم
- الدارك ويب: الوجه المظلم للإنترنت بين الحرية والجريمة
- الولايات المتحدة والسياسة الخارجية: من الهيمنة إلى التراجع؟ ...
- التغير المناخي: التحدي الأكبر في تاريخ البشرية وآفاق المواجه ...
- أحمد الشرع من ميادين القتال إلى ساحات الحكم: تحول استثنائي ف ...
- فلاسفة ما بعد الاستعمار: نقد الهيمنة ومسارات تحرير العقل وال ...
- تعزيز ثقافة المساءلة والشفافية في العالم العربي: تحديات الحا ...
- شركة الهند الشرقية: الوجه الخفي للاستعمار البريطاني في الهند
- نحو تعليم عالي تنافسي في مصر: خارطة طريق لجذب الطلاب الدوليي ...
- مدرسة بغداد الفلسفية بين التأصيل والتجديد: جدلية العقل والدي ...
- الفلسفة الأخلاقية في مواجهة الأزمات: من التغيرات البيئية إلى ...
- من التنوير إلى ما بعد الحداثة: أزمات الفكر الفلسفي الأوروبي ...
- لينين والثورة الروسية: نقطة التحول في مسار التاريخ الحديث
- الدعاية الإسرائيلية ضد حماس في معركة طوفان الأقصى: قراءة تحل ...
- أبعاد الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر: التحديات والحلو ...


المزيد.....




- شولتس: الحديث لا يدور عن عضوية أوكرانيا في الناتو حاليا
- ترامب: سنفرض رسوما بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم
- ترامب يعتبر عودة الفلسطينيين إلى غزة بعد انتهاء الصراع -خطأ ...
- شولتس: ليس من الحكمة أن نزود أوكرانيا بأسلحة تضرب العمق الرو ...
- رئيس وزراء فرنسا الأسبق: تحركات إيجابية لإنهاء الأزمة الجزائ ...
- شولتس: الاتحاد الأوروبي يستطيع -التصرف خلال ساعة- إذا فرضت أ ...
- نيبينزيا يوضح شرطا أساسيا لإبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا
- مقتل 7 فلسطينيين بالضفة وغزة بنيران إسرائيلية ووفد من تل أبي ...
- حملة لمكافحة المخدرات في فرنسا تستهدف المستهلكين
- عاجل | عمدة كييف: هجوم روسي بالمسيرات يستهدف العاصمة الأوكرا ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدي سيد محمد محمود - الدفاع الفلسفي عن وجود الله: رؤية وليام كريج في مواجهة الإلحاد المعاصر