أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة السقوط .














المزيد.....


مقامة السقوط .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 16:12
المحور: الادب والفن
    


مقامة السقوط :

يقول ابراهيم البهرزي : ((كل يوم تلد القرى معتوها يذهب إلى المدينة وينفخ في البوق)) , ذهلت وأنا أشاهد أحد الساسة يقول وبضرس قاطع , وبكل صفاقة وكأنه يحقق انتصارا :(( الان نحن في عصر بيع المبادئ )) , صدق من قال : (( أن تُحافظ على مبادئك في وقت تُباع وتشترى فيه المبادئ بسعر بخس , فأنت على خير)) , فمعلوم ان مَن يسهل عليه بيع نفسه لن يصعب عليه بيعك , فهؤلاء هم خونة العصر , فئة أضاعت الطريق الصحيح وانحازت إلى صف الأعداء , متخلية عن القيم الأصيلة والنزاهة , متجردة من كُـلّ مبدأ يربطها بأوطانها وبقضايا الأُمَّــة , خيانتهم ليست متوارية , بل جهروا بانحيازهم للمحتل علنًا , متفاخرين ببيعهم للقيم وسعيهم وراء مصالح شخصية ضيقة على حساب أمن وكرامة شعوبهم .

في تقاطعات الحياة وصداماتها المستمرة قد تتغيَّر بعض مفاهيمنا , قناعاتنا , اهتماماتنا , هذا أمر وارد , وهو دليل نضج وتفاعل إنساني لا يبعث على قلق طالما بقيت مبادئنا , أخلاقنا , نزاهتنا , إنسانيتنا ثابتة لا تتغيَّر , وعندما نقرأ : (( إن خير من استأجرت القوي الأمين)) , فهذا دليل واضح على أن الأقوياء والأمناء هم أصحاب المبادئ , وأولو العزم من الشرفاء الذين تنصلح بهم الأمم , وتنتشر بتعاملاتهم الفضيلة , ويكتب بجهودهم الخير.

المبادئ ليست شيئاً ميتاً يرقد في بطون الكتب كما قد يعتقد البعض , بل هي كائنات حية , إما أن تسكن روحك لتضيئها من الداخل فينعكس نورها ليضيء كل دروبك , أو أن تخرج منها للأبد , وفي أسواق الحياة تُختبر مبادئنا كل يوم , وفي كل يوم أيضاً يسير الناس على مذهبين لا ثالث لهما : فإما (صامد) مستعد للتضحية بكل شيء من أجل قيمه ومبادئه , وإما (بائع) بثمنٍ بخس هو بخس بالفعل مهما ارتفع , فلا حياة بلا كرامة , ولا كرامة دون مبادئ.

انظر الى تعاليم السماء فالشمس ثابتة في الشروق وفي الغروب , والليل بظلمته وهدوئه , والجبال بشهاقتها وصلابتها , وهكذا فإن جوهر الأشياء قد نبعت من ثباتها على خصائصها وتمسكها بسلوكها ومبدئها , والإنسان شيء من الأشياء , اذا الكون يمضي على ناموس لا يتغير , فغياب المباديء عن أفكار البشر ضياع في إدراك معنى الحياة , قد تكون أفضل الطرق أعسرها ولكن عليك اتباعها , إذ أن الاعتياد عليها سيجعل الامور تبدو سهلة للوصول , ويكفيك شرف السير , فالسير على طريق الوصول وصول .

مبادئك هي ذاتك وهويتك , ‏اصمد إن كنت على يقين بأنك تفعل الصواب , لا تستسلم لما يدور حولك من قبحٍ وزيف وبيع وشراء وماراثونات طويلة في التزلُّف والتسلُّق والنفاق والخنوع , لا تُخالف مبادئك لتوافقهم , لا تتلوّن بألوانهم , ولا تُبدِّل كلماتك لتعجبهم , أنت مختلف ببصمتك وبترفعك , باحترامك لنفسك , وستشعر بهذا الاختلاف كلما نظرت لصورتك في المرآة.

يقولون إن ‏الوقوف على قدميك يمنحك مساحة صغيرة في هذا العالم , لكن الوقوف على مبادئك يمنحك العالم كله , فما قيمة الإنسان بلا مبدأ ؟ هناك من يؤثر التضحية بكل ما يملك لأجل قيمه , هناك من يؤثر تفويت الفرص وتضييع المغريات لأن مبادئه لا تقبل الخطأ , وعلى النقيض هناك من يبيع كل شيء , ضمير وقيم وأخلاق وللأسف حتى العرض لأجل مكسب رخيص , هو رخيص ولو كان عالي الثمن وغالي القدر, فلا حياة دون كرامة , ولا كرامة دون مبادئ , ولا عزة لإنسان لا يصر على العيش عزيزاً .

(( إذا اعتاد الفتى خوض المنايا … فأهون ما يمر به الوحول
ومن أمر الحصون فما عصته … أطاعته الحزونة والسّهول )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الصورة الجانبية .
- مقامة الظلمة .
- مقامة الأدمان .
- مقامة الطمأنينة .
- مقامة الثمل .
- مقامة الحريق .
- مقامة الحزن .
- مقامة العذل .
- مقامة التدفق .
- مقامة التستخج .
- مقامة حق الكسل ( الأوبلوموفية ) .
- مقامة اللي مضيع وطن .
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .


المزيد.....




- عاصمة الثقافة الأوروبية 2025.. مدينة واحدة عبر دولتين فرّقته ...
- تحذيرات من تأثير الشاشات على تطور اللغة والذكاء لدى الأطفال ...
- الأطفال والقراءة.. مفتاح لبناء مجتمع معرفي متطور
- هل تؤثر الشاشات على ذكاء طفلك؟.. كشف العلاقة بين وقت الشاشة ...
- -سنجعله عظيما مرة أخرى-.. ترامب يعين نفسه رئيسا لمركز -جون ك ...
- قناة RT العربية تعرض فيلم -الخنجر- عن الصداقة بين روسيا وسلط ...
- مغامرة فنان أعاد إنشاء لوحات يابانية قديمة بالذكاء الاصطناعي ...
- قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائ ...
- في قطر.. -متى تتزوجين-؟
- المنظمات الممثلة للعمال الاتحاديين في أمريكا ترفع دعوى قضائي ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة السقوط .