أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل الحقائق














المزيد.....

الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل الحقائق


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، أصبحت الحرب لا تقتصر على المواجهات العسكرية التقليدية، بل باتت تمتد إلى ساحات أكثر تعقيدًا تشمل الإعلام، والدبلوماسية، والرأي العام. في هذا السياق، تبرز العلاقات العامة كأحد أكثر الأدوات الاستراتيجية تأثيرًا، حيث تُستخدم في تشكيل السرديات، وإدارة الأزمات، والتأثير على الجماهير محليًا ودوليًا. لم تعد الحروب تُخاض فقط في ميادين القتال، بل أيضًا في العقول، عبر بناء الصور الذهنية، والتحكم في تدفق المعلومات، وإعادة تشكيل الحقيقة بما يخدم المصالح الاستراتيجية للدول أو الأطراف المتحاربة. فما هو الدور الفعلي للعلاقات العامة في الحروب؟ وكيف تُستخدم كأداة للتأثير والتوجيه، وأحيانًا للتضليل؟

العلاقات العامة كأداة للحرب النفسية والتأثير الإعلامي

تُعد العلاقات العامة أداة محورية في الحرب النفسية، حيث تسعى إلى التأثير على الحالة المعنوية للعدو، ورفع الروح القتالية للحلفاء، وخلق مناخ نفسي ملائم لتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية. تعمل هذه الاستراتيجية من خلال وسائل عدة، مثل إدارة الأخبار، والتلاعب بالمصطلحات، واستخدام الرموز الوطنية والدينية، وبث الشائعات المغرضة أو المعلومات المضللة.

في هذا الإطار، تعتمد الدول والجماعات المسلحة على الإعلام التقليدي والجديد لنقل صور منتقاة من ساحة المعركة، إما لتبرير قراراتها أمام الرأي العام، أو لنشر الرعب في صفوف العدو، أو لحشد التأييد الدولي والإقليمي. وقد تطورت الأساليب لتشمل التلاعب بالصور والفيديوهات، وإنشاء سرديات مضادة، وإعادة تفسير الأحداث وفق منظور يخدم الأهداف الاستراتيجية.

إدارة الأزمات والصورة الذهنية خلال الحروب

تلعب العلاقات العامة دورًا أساسيًا في إدارة الأزمات أثناء الحروب، حيث تعمل على تخفيف الأضرار الإعلامية، وتبرير الخسائر، واحتواء ردود الفعل الدولية. يمكن ملاحظة هذا الدور في التصريحات الرسمية التي تُصاغ بعناية لامتصاص الغضب الشعبي أو التغطية على انتهاكات أو خسائر عسكرية.

كما تبرز العلاقات العامة في بناء الصورة الذهنية للأطراف المتحاربة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. تسعى الدول إلى تقديم نفسها كـ"الضحية" أو "المدافع عن القيم الإنسانية"، بينما تُصور خصومها كمعتدين أو إرهابيين. هذه الصورة الإعلامية تلعب دورًا كبيرًا في كسب الدعم الدولي، أو نزع الشرعية عن العدو، أو حتى تحفيز العقوبات الاقتصادية والضغط الدبلوماسي عليه.
الحرب الناعمة والتأثير في الجماهير

أصبحت العلاقات العامة اليوم جزءًا لا يتجزأ من الحرب الناعمة، حيث يتم توظيف المؤثرين، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنظمات غير الحكومية، والسينما، والإعلام الدولي لخلق سردية معينة حول الحرب. كما يتم استغلال المبادرات الإنسانية كأداة لإضفاء الشرعية على التدخلات العسكرية، أو إظهار طرف ما بأنه الأكثر التزامًا بالقوانين الدولية.

على سبيل المثال، تستخدم بعض الدول المنظمات الإغاثية كواجهة لإدارة حملاتها الإعلامية، بحيث يتم توظيف الأعمال الخيرية في الترويج لشرعية الحروب أو كسب الرأي العام لصالحها. كذلك، يتم استغلال الأحداث الرياضية والفنية والثقافية لتوجيه رسائل سياسية بطريقة غير مباشرة.
خاتمة: العلاقات العامة كسلاح استراتيجي في معارك المستقبل

لم يعد تأثير العلاقات العامة في الحروب مجرد عامل مساعد، بل أصبح سلاحًا استراتيجيًا بحد ذاته، يحدد مصير الصراعات، ويؤثر في القرارات السياسية والعسكرية. ومع التطورات التكنولوجية، أصبح بالإمكان توجيه الجماهير، وصناعة الرأي العام، وخلق حقائق افتراضية تسبق الحقيقة الواقعية نفسها. إن فهم هذه الأدوات وإدراك خطورتها لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية لفهم طبيعة الحروب الحديثة والتعامل معها بوعي استراتيجي.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن القومي العربي بين الواقعية السياسية والتحديات غير التق ...
- حق العودة الفلسطيني: جوهر القضية أم عقبة أمام التسويات السيا ...
- الوجود الإسلامي في أوربا: بين العزلة والاندماج
- الموت في الفكر الفلسفي: بين الوجود والعدم
- الدارك ويب: الوجه المظلم للإنترنت بين الحرية والجريمة
- الولايات المتحدة والسياسة الخارجية: من الهيمنة إلى التراجع؟ ...
- التغير المناخي: التحدي الأكبر في تاريخ البشرية وآفاق المواجه ...
- أحمد الشرع من ميادين القتال إلى ساحات الحكم: تحول استثنائي ف ...
- فلاسفة ما بعد الاستعمار: نقد الهيمنة ومسارات تحرير العقل وال ...
- تعزيز ثقافة المساءلة والشفافية في العالم العربي: تحديات الحا ...
- شركة الهند الشرقية: الوجه الخفي للاستعمار البريطاني في الهند
- نحو تعليم عالي تنافسي في مصر: خارطة طريق لجذب الطلاب الدوليي ...
- مدرسة بغداد الفلسفية بين التأصيل والتجديد: جدلية العقل والدي ...
- الفلسفة الأخلاقية في مواجهة الأزمات: من التغيرات البيئية إلى ...
- من التنوير إلى ما بعد الحداثة: أزمات الفكر الفلسفي الأوروبي ...
- لينين والثورة الروسية: نقطة التحول في مسار التاريخ الحديث
- الدعاية الإسرائيلية ضد حماس في معركة طوفان الأقصى: قراءة تحل ...
- أبعاد الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر: التحديات والحلو ...
- بين إرادة الحياة ومعاناة الوجود قراءة في فلسفة شوبنهاور
- البراغماتية: فلسفة العمل والتجربة في مواجهة تحديات العصر


المزيد.....




- حذّر من -أخطاء- الماضي.. أول تعليق لخامنئي على المحادثات مع ...
- نتنياهو لماكرون: -نرفض إقامة دولة فلسطينية لأنها ستكون معقلا ...
- خامنئي: لا تفاؤل مفرط ولا تشاؤم بشأن المحادثات النووية مع وا ...
- الأردن يعلن إحباط مخططات -تهدف إلى المساس بالأمن الوطني-
- حماس تدرس مقترحاً إسرائيلياً جديداً لهدنة في غزة وإطلاق الره ...
- مئات الكتاب الإسرائيليين يدعون إلى إنهاء الحرب في غزة
- هجوم لاذع من لابيد على نتنياهو مستندا إلى قضية -قطر غيت-
- الاستخبارات الروسية: أهداف روسيا في أوكرانيا لن تتغير قيد أن ...
- الإمارات.. حريق برج سكني في الشارقة يودي بحياة 5 أشخاص (صورة ...
- الذكاء الاصطناعي يكتشف 44 نظاما كوكبيا مثيلا للأرض في درب ال ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الحروب الناعمة والعلاقات العامة: صناعة السرديات وإعادة تشكيل الحقائق