أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصورة الجانبية .














المزيد.....


مقامة الصورة الجانبية .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 23:34
المحور: الادب والفن
    


مقامة الصورة الجانبية :

كتبت لطفية الدليمي عن الحرب مقطعا من نص طويل أسمته : صورة جانبية للجنون , (( الآباء الذين لم يموتوا في الجبهات قشرتهم الحروب السابقة مثل حبات الجوز والتهمت قلوبهم , والأمهات سكبن بحيرات أرواحهن على العتبات ومفارق الطرق , فنبتت أشجار الدموع على الأرصفة وبللت شاشات الأخبار, الأولاد تشرنقوا داخل أحلامهم فنبتت لهم في ليل البلاد الطويل أجنحة وحلقوا بعيدا بعيدا عن ليل البلاد )) .

يقولون لي : (( أُغتيلَ العراق , انهار قلبي وكلي يرفض ما يقال , سألت قلبي الخلاص , باليأس جاءني الرد مشوبًا , إذ أنهارٌ من الدماءِ تسيل , ونحرالعقول وفير , والسارقون , ومزوري التاريخ كُثر , تئن دقات قلبي والجراح , تئن حزنًا على سيد الأوطان )) , يغادر الشهداء في مواكب البهجة , والجليلاتُ أمهاتُ العـُرْف ِ والمعروف , يأتين حاملات جرارهنّ معتقات بالحنان , جئن إليك بلا نحيب ْ , مشْرِعات ٍ صدورهن ّ , وتفوح من أثوابهن نذر الوفاء , يُصَليّن لقداسة الدم المسفوح , كأنهن جميعاً أصبحن سيدة القيامة البتول , وقد صَبَغْنَ الجدائل بالحناء وتَجَمّلْنَ كأجمل ما يكن ّ من النساء ليحضرن عرسك في يوم زفّتـِكَ الأخيرة , والأصدقاء يصنعون من تراب قبرك قلائد الجمان , وهم يـُقـْسمون بالحبر المكنون , والقلم وما يسطرون , ليجعلوا من دمك فاتحة ً لهم في الصبح والمساء , ويطردون الشر من بلادك كما تشاء يا أنت ياحامل ضمائر الوطن ْ, يا من أنرت في بلادنا الضميرْ , وأوقدت نارا ً في الظلام , وأضأتَ بلاد السواد , من أول الخليقة لآخر الكلام .

في حروب العراق المؤبدة تعتلي العرش آلهة العالم السفلي , تطرق الأبواب بمخالب من لهب , تحتسي دم التاريخ و تلتهم الأجنة والعقول , وتترك وشمها الأسود على جبين الزمان , فقم ياوطني يانبضي وصوت عقلي وقلبي , فقط عندك ومعك وبك أحيا , أواه يامن كنت للوطن , نغمةً لإطلاقة البندقية , أذكر يانديم الصبا عندما كنت تكبّر باسم ألله أكبرعلى كل ظالم تجبر , ويعتصرك الألم على وجوه صغارنا الحزينة والدمعة في عيون ثكلاه احتواك غدر السجون فأينكَ ؟ فقد باتت من دونك ياوطني دنياي مقيتة .

(( قولوا ما أصاب العراق كان كابوسًا سقيمًا , أو كان مجرد خيال , مازال نزيف الموت يقطر, وتئن الجراح وشمسُ الشهيد تنكسف على لجة البحر غاضبة , تتمتم مازال حقنا بعيدًا ولقاؤنا أبعد , هو عاشقُ الوردِ , ومختبئٌ بين تويجاته , وعلى أطرافِ لسانِهِ , تلم ُّ تعبَهَا أحرف ُ النسور , صديقٌ هو للقلم ِ , وصديقٌ للحلم ِ الطويل ِ , تتراجَفُ على حِبْره ِ فراخ ُ البط ِّ, وأوزّاتُ المساء ِ كان دافئاً في تصُّوره ِ, وحزيناً في تَفَردِهِ وعلى يديه , تـُدار ُ الشَموع ُ لم تغرِّبْهُ بغداد أمُّ العواصم ِ, بل غرّبَهُ الأهل ُ وأحْزَنَهُ القريبُ الغريبُ )) .

حين يجن الليل ويرخي سدوله على عاتقيها , تقاسم الله لواعج دامعات ليلها , وما بهن من الجوى والتوجعات , أيتها الروح المكتظة بالألم اللامتناهي , أحتاج إلى حالة وعي , كي أحفظ ملامحي من الضياع , والإنتظارعاهة مستديمة لقلب لايحب النسيان , وما عدت احتمل الهوان , أحتاج مَنْ يوقظني فأنا أموت فوق الشفاه , ولك بين ثنايا الشغف , سنبلة تقيم طقوس الهوى , على كف الريح , فقدت الفتيات الشهية ونحلت اجسادهن عندما مات عشاقهن في الحرائق والخنادق , فاتخذن من أقراص الهوية تعويذات ضد النسيان , ثم أكتشفن أن قلوبهن الصغيرة قد تحولت الى حصى , الحصى القاسي يطرق – كل ليلة – على عظامهن بشدة ويؤلمهن , فينتحبن ويصرخن ثم يهوين في متاهة الكوابيس , يختلطن بالاشباح والارواح الهائمة في سهول البلاد , تندبهن الوسائد وتطبق المرايا أجفانها على أحلامهن القتيلة .

شهدت أجندة الغرب , وأصابع العرب , غيلتك , فتم اغتيالك , أثقلتك زج الرماح في أقلامك , أصابوا الطيبة فشيعوها , أسجفوا العشير طوائفَ , وأسرجوا الدستور عرقيًا , لَمَّ اللهُ شعثَك ياعراق , بين رافديك , سأقف لألملــــم شتات ظلي ونسيج الصمت في دجلة والفرات يئن الكلم في جوانحي , ممزوجًا بدم الأحبة , ووحشة الغربة , فقايضني الألم بحورًا , وحسرة تنز من الأدمة , وفي عمقِ الحكاية ,
‎حيث لا أحدَ يسمعُ أغنياتِنا المبتورة ,
‎ينمو السكونُ
‎كضوءِ قمرٍ في بحرٍ هائج , ‎وتطفو الذكرياتُ
‎على سطحِ الروح ,
‎تُحاكينا عن عالمٍ يتنفسُ
‎من خلفِ الجدرانِ الصامتة , عن قمرٍ‎لا يعرفُ الأفول .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الظلمة .
- مقامة الأدمان .
- مقامة الطمأنينة .
- مقامة الثمل .
- مقامة الحريق .
- مقامة الحزن .
- مقامة العذل .
- مقامة التدفق .
- مقامة التستخج .
- مقامة حق الكسل ( الأوبلوموفية ) .
- مقامة اللي مضيع وطن .
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .


المزيد.....




- شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43 ...
- اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
- ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران- ...
- 80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع ...
- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الصورة الجانبية .