أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - بشارة الخوري بمقام عراقي














المزيد.....


بشارة الخوري بمقام عراقي


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


سَلْ أيا كان، بمن فيهم نقادنا الموسيقيون ومؤرخو الفن العربي، عن قصائد بشارة الخوري المغناة؟ ستأتيك الإجابة جاهزة مكررة وكأنها درس على التلاميذ الصغار حفظه وتكرار ترديده عن ظهر قلب!
هكذا يجيبون جميعهم لحّن له محمد عبدالوهاب “الهوى والشباب” و”جفنه علّم الغزل” ثم “يا جمال الورد” التي غنتها أسمهان، ويسترسلون في تكرار المكرر بأن فريد الأطرش لحن له وغنى “أضنيتني بالهجر” ثم “عش أنت، إني مت بعدك”، وعندما يكون المجيب أقل إجحافا في مدونة التاريخ الموسيقي يعود إلى الرحابنة وفيروز على اعتبار لبنانية بشارة الخوري، فيضيفون إلى القائمة الجاهزة “يا عاقد الحاجبين” ثم “قد أتاك يعتذر/ لا تسله ما الخبر” و”يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا.”
وماذا غير ذلك “أيها السادة”، وكأن الفن العربي برمته توقف هناك؟
مَن بين كل هؤلاء الذين يتبرعون لنا بزهو الإجابة كحقيقة نهائية وفتح تاريخي عن قصائد بشارة الخوري الملحنة، قد ذكر لنا قصيدته “نم إن قلبي فوقَ مَهْدِكَ، كُلَّمَا ذُكِر الهوى صلَّى عليكَ وسلَّما” بصوت ناظم الغزالي!
أكاد أجزم لا أحد! لماذا؟ لأن السقوط في فخ سطوة ثقافة المركز وتهميش الأطراف بقي سائدا على مدار عقود، وأن كل من يريد أن يؤرخ لتاريخ الموسيقى العربية اليوم لا يحاول الخروج من سطوتها.
وهنا، ليس بوسعي القول إن تساؤلي يقلل من قيمة تلك الألحان التي شكلت مساحة مهمة في تاريخ الذائقة السمعية العربية، وإن عبدالوهاب والأطرش والرحابنة برعوا في استخلاص قيمة نغمية من تلك القصائد، بل إن عبدالوهاب نفسه اعترف بأنه لا يلحن قصائد بشارة الخوري، لأنها مترعة بالموسيقى أصلا وكانت تأتيه ملحنة وكل ما يقوم به هو اختيار الجملة الموسيقية المناسبة لها.
ولأن كل ما دوّنَ من التاريخ الفني العربي هو إجحاف يخضع قسرا لثقافة المركز وإهمال الأطراف التي كانت سائدة آنذاك، وكأن الموسيقى لم تكن موجودة في تونس والمغرب واليمن والعراق… أقترح عليكم العودة اليوم إلى أداء الغزالي لقصيدة الأخطل الصغير تلك، ومثلها قصيدة إلياس أبو شبكة “ما لي أَرى القَلبَ في عَينَيكِ يَلتَهِبُ/ أَلَيسَ لِلنّارِ يا أُختَ الشَقا سَبَبُ” التي برع الفنان سعدون جابر في إعادة أدائها بمسلسل ناظم الغزالي.
أختار الغزالي في نوع من الاختبار لأدائه مقام “الدشت” بوصفه الأصعب من بين المقامات العراقية لأداء قصيدة “نم إن قلبي فوقَ مَهْدِكَ.” ولست على يقين هنا إن كان خياره شخصيا أم عمل بنصيحة ملحنه المفضل ناظم نعيم أو الموسيقار محمد القبانجي اللذين ساهما في صناعة ناظم الغزالي الذي نعرفه.
هذا المقام العراقي يدخل الأصوات في اختبار قاس، مثلما يجعل الأسماع تهيم تساؤلا معه، وكان قد أدخل “الدشت” إلى سلة المقامات العراقية القارئ أحمد زيدان في القرن الثامن عشر وأضفى عليه مسحة مقام البيات العربي، فصار عراقيا صرفا. و”الدشت” مفردة فارسية تعني الصحراء الممتدة على لمح البصر. لذلك تجد فيه اِلتياع مقام البيات الممتد مع الأنفاس، ففيه من الثراء النغمي ما يجعل الأسماع مترعة بالتساؤل، حتى أن سُلمه المقامي لا يختلف في الأبعاد عن مقام البيات بقدر ما يعتمد على الأداء، ولا تقترب الأصوات منه إلا من مهرت أداء المقامات العراقية.
وهكذا يبدو أن الغزالي كان في اختبار أدائي مع صوته وجمهوره آنذاك وهو يؤدي قصيدة الأخطل الصغير، حتى يمتد صوته أبعد من نبض القلوب عندما يصل إلى ذروة البيت العجيب في تساؤله “لوْ أَنَّ بعضَ هواكَ كان تعبُّـدًا/ وحياةِ عينِكَ ما دخلتُ جَهَنَّما.”
فيا مؤرخي الموسيقى العربية من كان فيكم عادلا ودوّن لنا مشاعر الأخطل الصغير وهو يستمع إلى الغزالي؟



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما كانت الرسائل شفاعة وجد
- سقوط صحافيين كبار!
- بيت العجائب
- صبا وحجاز عراقي
- البيت الشيعي اختراع مزيف
- نكهة القهوة تُدفع قسرا إلى المتحف
- لا أسوأ من التخمين السياسي
- الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية
- هل سحقت رجولة إيران الجيوسياسية؟
- أصحاب كاظم الساهر


المزيد.....




- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...
- أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
- -أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
- ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟ ...
- دور غير متوقع للموسيقى في نمو الجنين!


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - بشارة الخوري بمقام عراقي