أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 














المزيد.....

مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث 


ماهر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الحديث عن الوطن بوصفه فضاءً جامعًا لكل مكوناته يبدو في ظاهره شعارًا جاذبًا، لكنه في الممارسة اليومية لدى البعض يتحول إلى سلاح إقصائي يُقصي كل من لا يتوافق مع رؤيتهم الأحادية. هذه العقلية ليست مجرد انعكاس لخلاف سياسي عابر، بل هي نتاج نزعة إقصائية متجذرة تخشى التعددية وتصرّ على تحويل الوطن إلى ملكية حصرية لجماعة واحدة أو فئة بعينها. ومن بين أبرز ضحايا هذه العقلية في سوريا هم الكورد، الذين طالما واجهوا خطابًا يستهدف وجودهم وحقوقهم كمكون أصيل في البلاد.

إن تصوير الكورد على أنهم تهديد للوطنية السورية ليس إلا تعبيرًا عن أزمة عميقة في فهم مفهوم الوطن نفسه. الوطن ليس حدودًا جغرافية تُحكم بالقوة، ولا هوية موحدة تُفرض بالقسر. الوطن هو فضاء يعيش فيه الجميع بشراكة عادلة، تُحترم فيه حقوق الجميع دون تمييز. لكن هذا المفهوم يبدو غائبًا تمامًا في خطاب أولئك الذين يهاجمون الكورد.

بدلاً من الاعتراف بأن سوريا كانت ولا تزال بلدًا متنوعًا بطبيعته، يتبنى هؤلاء خطابًا ينكر على الكورد حقهم في الوجود، محاولين تقديم الوطن كملكية خاصة تُدار وفق أهوائهم. لكن، إذا كان الكورد، وهم يعيشون على أرضهم، يُجرّدون من حقوقهم ويُعاملون وكأنهم طارئون، فما هو شكل الوطن الذي يدّعون الدفاع عنه؟ إنه بالتأكيد ليس وطنًا للجميع، بل وطنٌ مبني على إقصاء الآخر ونفي وجوده.

الوطنية ليست شعارًا يُرفع ضد مكوّن ما، بل هي موقف أخلاقي وسياسي يعترف بالتعددية ويدافع عن حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة. الهجوم على الكورد ليس فقط ظلمًا لهم، بل هو انتهاك لمفهوم الوطن نفسه. فالوطن الذي يتجاهل مكوناته الأصيلة ويهمشها لا يمكن أن يكون وطنًا حقيقيًا، بل يصبح مشروعًا هشًا قائمًا على القوة والقهر.

ما يثير السخرية أن الذين يهاجمون الكورد اليوم هم أنفسهم من يرفعون شعارات الدفاع عن وحدة سوريا. لكن أفعالهم تتناقض مع شعاراتهم، لأنهم لا يرون في التنوع مصدر قوة، بل يرونه تهديدًا يجب القضاء عليه. هذه العقلية الإقصائية تفتح الباب أمام المزيد من الانقسامات والتوترات، بدلًا من أن تسهم في بناء وطن قوي يحتضن جميع أبنائه.

إن وجود الكورد في سوريا ليس وليد لحظة عابرة، بل هو امتداد تاريخي لآلاف السنين. الكورد لم يكونوا يومًا عابرين أو غرباء، رفض الاعتراف بهذا الحق ليس فقط إنكارًا للتاريخ، بل هو أيضًا تدمير للحاضر والمستقبل.

ما يميز الكورد في مواجهة هذا الهجوم الإقصائي هو ثباتهم على مبادئهم ورؤيتهم الواضحة لمستقبلهم. الكورد لم يطالبوا إلا بحقوقهم المشروعة، ولم يسعوا إلى إقصاء أحد، بل سعوا إلى شراكة حقيقية تُبنى على العدالة والمساواة. لكن هذا الثبات يبدو أنه يربك من اعتادوا على التلاعب بالهوية الوطنية لتحقيق مكاسبهم السياسية.

إن سؤال “ما هو شكل الوطن الذي يدّعون الدفاع عنه؟” يقودنا إلى استنتاج مؤلم: هذا الوطن، كما يتصوره أصحاب خطاب الكراهية، ليس وطنًا حقيقيًا. إنه مجرد صورة مشوهة لمفهوم الوطن، تقوم على احتكار الهوية وإقصاء الآخر. لكن الوطن الحقيقي الذي نحلم به هو وطن يتسع للجميع، وطن يعترف بتنوعه ويحتضن كل مكوناته دون استثناء.

الوطن ليس ساحة لمعركة صفرية يربح فيها طرف ويُقصى الآخر. إنه عقد اجتماعي يقوم على التفاهم والاحترام المتبادل. وإذا أرادت سوريا أن تخرج من أزماتها المتراكمة، فعليها أن تتخلى عن خطاب الكراهية والإقصاء، وتتبنى نهجًا يقوم على العدالة والشراكة.

إن الدفاع عن الكورد ليس مجرد دفاع عن مكون واحد، بل هو دفاع عن فكرة الوطن نفسه. لأن الوطن الذي لا يعترف بجميع أبنائه لا يمكن أن يكون وطنًا، بل يصبح مجرد ساحة صراع لا تنتهي.



#ماهر_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثاني 
- مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الأول
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الإعلام العربي وأجنداته الخفية: كيف يُقصى الكورد إعلامياً؟ ا ...
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الثاني
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(4)- ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير(3) ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير . ا ...
- -الفيدرالية” في نظر خريجي معهد الوحدة الأبدية، شر مستطير 
- الكورد في سوريا، من الضحية إلى المتهم. الجزء الأول
- تحرير الأرض أم اغتصابها؟ زيف الشعارات وسقوط الأقنعة


المزيد.....




- خيار وبيض ومايونيز.. الطعام يزين الأزياء ويتحول إلى رمز للمك ...
- طبق -كريب سوزيت- الفرنسي بنكهات سعودية في العلا
- لحظة انفجار سيارة في ضواحي موسكو أدى إلى مقتل مسؤول رفيع في ...
- كلامٌ فموعدٌ فاحتجاج: بيروت تستدعي سفير إيران لديها بعد تصري ...
- مقتل نائب رئيس إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العام ...
- رئيس لبنان يتسلم دعوة من نظيره العراقي لحضور القمة العربية ف ...
- الأميرة آن تنضم إلى احتفال مهيب في تركيا (صور+ فيديو)
- وفد حكومي عراقي يصل إلى دمشق لبحث مكافحة الإرهاب
- مرتضى منصور يتهم محمد رمضان بالإساءة لمصر ويلجأ للقضاء
- عراقجي يتوجه إلى مسقط مع تأكيد على ضرورة إظهار حسن النية لإح ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر حسن - مهرجو البلاط: أمراء الكراهية ضد الكورد- الجزء الثالث