أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - قراءة في ديوان ما يشبه الحلم للشاعر عيسى حماد















المزيد.....


قراءة في ديوان ما يشبه الحلم للشاعر عيسى حماد


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 12:03
المحور: الادب والفن
    


بقلم: زياد جيوسي
ما يشبه الحلم هو الإصدار الرابع من دواوين الشعر الخاصة بالشاعر عيسى حماد، وقد صدر عام 2022م عن دار خطوط وظلال في عمَّان عاصمة الأردن، والديوان من القطع المتوسط من 102 صفحة، وقد تميز بتصميم جميل للغلاف عبارة عن لوحة تصور وجه امرأة مغمضة العينين ومستلقية في الماء وكأنها نائمة أو تفكر في "ما يشبه الحلم" حيث الأفق معتم وعاصف وداكن الغيم، وهناك برق يسطع من بين الغيوم إضافة الى درج يصعد من الماء الى الأعلى بحيث يظهر أنه يخترق الغيمات، ولم يتم الإشارة لصاحب اللوحة أو التصميم في بداية الديوان، وإن لحظت على منتصف حافة الغلاف إسم "نياز"، وقدم للديوان بإطالة ولكن بجمال الشاعر سعيد يعقوب حيث وصف "الشاعر حالم كبير، وعاشق أبدي، ونار كشعلة لهب مقدسة".
الشاعر عيسى حماد يحلق في فضاء الشعر ويعشقه، وفي هذا الديوان بين شعر البحور والشعر الحر والشعر الحديث، كان ديوانه يحلق في العديد من المحاور الشعرية التي رسمها بالكلمات، وتتجلى في القصائد كلها، علما أن الديوان حفل بين جنباتة بتسع عشر قصيدة:
المحور الأول: في الإفتخار حيث كان نصه الأول في الديوان "نمير الشعر" تحليق في الشعر والتعريف به والافتخار، فالشعر ليس "صدى" وليس "خرافة" وليس "عزف ناي" بل هو يراه: "بل واحة الأرواح تحفز طلعنا.. ليعب أطياف الرحيق وينفحا"، وهو أيضا: "مهمازة للنبض يحفز وخزها.. ثكلى القلوب لكي تضمد بالضحى"، وحين قرأت الشطرة: "ما غادر الشعراء من بدع به" أعادتني هذه القصيدة للشعر العربي الأصيل وقصيدة عنترة العبسي التي قال فيها: "هل غادر الشعراء من متردم.. أم هل عرفت الدار بعد توهم"، فالشاعر وفي غالبية قصائده يحلق في شعر البحور الأصيل والذي بتنا نفتقده الآن إلا ما ندر، وفي القصيدة ما قبل الأخيرة "رجع الرصيفة" مديح وافتخار بالرصيفة ومنتداها وأهلها، والواقعة قرب عمَّان فيقول: "هذي الرصيفة شرق القلب موئلها.. قد زاحمت شغفي بالغرب عمَّان".
المحور الثاني: في محراب الجمال والحكمة، ففي قصيدة "ما أُبن الجمال" ومن العنوان نجد أنه يرفض أن يموت الجمال ويجري تأبينه، فرغم أننا أصبحنا نحيا في "عالم ألف الخراب وجمله" الا أن شاعرنا يواصل البحث عن الجمال فيقول: "حتى فقدت مشيئتي وتوازني" ولا يفقد الأمل رغم كل المعيقات فالبحث عن الجمال في ظل الخراب ليس سهلا "بل صار سعيي للجمال كأنما.. حصاد قمح يستجير السنبلة"، بينما في قصيدة "رديف الأذى" نرى الحكمة في النصائح التي يوجهها بقوله: "يا وارد البئر لا تقذف بها حجرا.. بعض الحجارة سجيل وأنت ظمي"، وفي نص "حصاد من ذهب" بالقول: "فاعتناق الصمت نهجا، قد يساويه الذهب".
المحور الثالث: في التصوف والإيمان، ففي قصيدة "ما أُبن الجمال" يتجلى ذلك في الأبيات الأخيرة حين يقول فيها: "لولا دعاء مسلم بذنوبه.. لقضى مليما لانبعاث الزلزلة/ وأنا بإثمي إن جحدت قسامة.. فجلال ربي سرمد لا شبه له"، وتجلى هذا الايمان في قصيدة "رسول الخَلق والخُلق" وهي في مديح الرسول محمد عليه أطيب الصلاة والسلام وفي مطلعها يقول: "يا من بمولدك البهي همى الهدى.. ذكراك تعبق بالهداية أحمدا"، وكذلك في قصيدة "ابتهالات أواب" بقوله: "واغفر بعفوك يا رؤوف خطيئتي.. إني بهجرك أمحلت حسناتي/ فأنا أسيرك ان فرطت بجنحتي.. فارحم جحودي واغتفر نزواتي".
المحور الرابع: في الوطن، والشاعر وهو ابن فلسطين وبلدته جرى هدمها بالكامل مباشرة بعد هزيمة 1967 وطرد سكانها لا يفوته الوطن والإصرار على حريته، ونرى ذلك يتجلى في قصيدة "أول الحشر" حين يقول فيها:"وطن تربع في الجنان ولم يزل.. كرسوخ وشم في الفؤاد تخثرا"، ونرى في قصيدة "حمالة الحطب" قوله: "رفقا فكل من اخترعت من البيادق، وابتكرت من البنادق والصواعق، محض وهم من خشب" وهذه قصيدة يمكن اسقاط أبياتها على أكثر من محور.
المجور الخامس: في الحب والعشق والبعد والفراق، والحب شعور انساني يكاد لا يخلو منه انسان، فكيف بشاعر؟ والحب قد يصل لمرحلة العشق وفي الوجه الآخر قد يصل إلى البعد والفراق، وقد أخذت منه هذه المشاعر مساحة كبيرة من الديوان، ونرى تجلي الحب في قصيدة "قافية همس" بقوله: "أحبكِ مذ تحصن في وريدي.. خيالك باعثا ياء النداء"، وفي بيت آخر يقول: "عشقتك مذ ترنم في شغافي.. مقام الحب يومئ باللقاء"، وفي كل بيت في القصيدة يتجلى الحب والعشق حتى أنه يمازج الشعر بالحب بالقول: "وإن شحت بحور الشعر وزنا.. سأنشد فيك بحرا من غنائي"، وفي نص "أمنيات" نراه يحلق بالأمنيات باحثا عن حب يرسمه خياله فيقول: "من ذي تُعمدُ رغبتي برضابها، وتقيل أرتال الصقيع بغربتي، وتقيم عرسا للزفير بثغرها"، ويتجلى العشق أيضا في قصيدة "ترنيمة الخال" بتغزله بخال على وجه الحبيب، وهنا يلجأ للقاعدة التي تقول: يقول الجزء ويقصد الكل، فيقول: "إن لم أنل من لثمه لمهاده.. لجنيت اثما واستبحت نزالا/ عتبي على ذي الخال أودع غَيه.. في بدعة تجري الأجاج زُلالا"، ويتألق شاعرنا في البيت الأخير بالقول: "يا ليت شعري لو يجود بوده.. لاخترت لحدي للنهاية خالا".
وفي قصيدة "من يخبر الهنوف" والتي تميزت بجماليتها يتجلى الحب والرغبة في وقف التباعد، فنراه يقول: "قل للحبيبة يكفي تباعدنا.. من عسر شوق تنامى في خلايانا"، وفي بيت آخر نجد الشاعر يصفها بأجمل الصور فيقول: "أنثى ووشم حياء في ملامحها.. يكتظ سحرا شهي الرجع وسنانا"، واختيار الشاعر هذه الاسم لم يأت عبثا، فهو اسم عربي صرف لا نجده بلغات أخرى، ومعانيه جميلة وينتشر في دول الخليج أكثر من باقي الدول العربية، بينما في نص "رحماك قلبي" وفيه خرج عن شعر البحور، كان يتحدث أيضا عن الحب والفراق فيقول: "راودت أطياف العذارى دون اذن من شغاف، ونزفت شعرا ليس يدلي باعتراف"، وبكل ألم يناشد قلبه ليكف عن لوعة الحب فيقول: "فكفاك يا قلبي المعذب لهفة، وارحم ولوعي في اجتراع رضاي".
وفي قصيدته "على مشارف الفراق" حيث نجده نادما على قصة حب فبقول: "لهفي علي فقد بذرت حماقتي.. فثمار عشقك ليس تعدل درهما"، وهذا الموضوع يتكرر في قصيدة "برهن مزاد" بقوله: "فلا تسرف بقلبك بل تمهل.. ولا تطل التأمل في الخيال"، ولكن تميزت هذه القصيدة أنها حمالة أوجه فيمكن اسقاطها على أكثر من مسألة، بينما في قصيدته "أطلال عهد" كان أكثر مباشرة بالإصرار على الفراق وذلك بالقول: "فاكسر جرار فراقه.. واحذر خصائل من معك"، بينما في نص "حمالة الحطب" نجده أكثر حدة في مخاطبة التي فارقها وابتعد عنها بقوله: "تبا فمهما تهرقين دمي، لن تحصدي من جثتي غير الغضب".
ولا بد بعد أن تمتعت روحي في هذه الديوان الشعري الجميل، من الإشارة لبعض الملاحظات العابرة، فقد وردت في الديوان قصيدة "أعاتب البحر" وهي عن فاجعة البحر الميت لأطفال مدرسة وأنهاها بالقول: "هيهات ندرك ما ترجوه فطرتنا.. فالموت حق وأمر الله قد كانا"، وكذلك قصيدة "سندحر الكوفيد" وهاتان القصيدتان خارج اطار المحاور التي كان مجال القصائد في الديوان، ويلاحظ أن الشاعر استخدم كلمات وردت في القرآن الكريم في قصيدة "نمير الشعر" مثل "نمير" والتي وردت في سورة يوسف، والاستعارة في البيت الأخير حين قال: "سبحان ربي ما نظمت قصيدة.. إلا سجدت على الحروف مسبحا"، فالسجود أساس في كل الصلوات المفروضة وغير المفروضة، و"حمالة الحطب" كعنوان لقصيدة، وفيها وردت كلمتي "تبت يدان" و"أبي لهب" والتي تعيدنا للآية في القرآن "تبت يدا ابي لهب وتب" وأيضا "فبأي الآء" وكذلك كلمات "الإفك" و"الأخدود".
الشاعر تألق بلغة قوية وألفاظ جزلة في قصائده إضافة للصور ورسم اللوحات بالكلمات، فالقصائد كان مكثفة اللغة والصور، وكانت غالبية القصائد على شعر البحور، وبعضها على الشعر الحر ومسمياته المختلفة، فلم يبتعد الشاعر كثيرا عن بحر البحور وإن لم يترك التحديث الذي جرى على الشعر، فمن المعروف أن الشعر انتقل من شعر البحور إلى شعر التفعيلة فالشعر الحر ومن ثم "النثيرة" أو ما يسمى الشعر النثري، وإن كان شعر البحور هو الأصل في الشعر العربي بالإلتزام بالقافية والبحور، لكن مع اشارة أن الابتكار والتجديد كان أيضا في شعر الموشحات، ويبقى هناك رابط بين كل هذه الأشكال من الشعر أن الشعر شعور، فقد كان ذلك في شعر البحور عبر مئات الأعوام ومن قبل أن يضع الخليل بن أحمد الفراهيدي قواعد العَروض في القرن الثاني الهجري، بعد دراسته الشعر العربي منذ ما قبل الإسلام وخاصة شعر المعلقات وعمالقة الشعر، بينما الشعر الحر ظهر قبل منتصف القرن العشرين من خلال الاعتماد على التفعيلة والإيقاع وليس على البحور، بينما الشعر الحديث "النثيرة" تحرر من الأنماط السابقة مركزا على اللوحات والصور الشعرية، ولكن تبقى روح الشعر والجمال وتكثيف اللغة واعتماد اللوحات والرمزية رابط أساس في العلاقة بين أشكال الشعر وأنماطه.
"عمَّان 31/1/2025"



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناق المكان والسرد في رواية ظلال الغياب
- إضاءة حول كتاب -سينما المهرجانات العالمية والعربية في عمَّان ...
- تنهدات مع نص -تنهيدة- للشاعرة رفعة يونس
- همسات مع المشاعر والأحاسيس في صدى الصرخات
- رواية قط بئر السبع بين الصمود والرمزية
- ياسمينات باسمة .. للكاتب الأديب زياد جيوسي
- تحليق في رواية رؤوس هشة
- مع الرسالة 31 لقمر عبد الرحمن
- تحليق في ديوان فلسطين في أناشيد محمد نصيف
- همسات مع نص/ جذوة الحرب/ للشاعرة رفعة يونس
- اضاءة على كتاب حكم العدالة
- مجتمع ووطن وفكر في دروب حائرة
- إضاءة على كتاب كلام وخطا
- عقل وقلب ومشاعر أنثى في ربع قرن
- مقاعد الانتظار في لجوء ستان
- عبير حمودي تروي حكاية العراق بريشتها
- دفء- 2
- أحلام عمَّانية: -بوح- 1
- الجرح النازف في رواية تفصيل ثانوي
- إطلالة على كشكول رباعي متكامل


المزيد.....




- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...
- أحلام سورية على أجنحة الفن والكلمة
- -أنا مش عايز عزاء-.. فنان مصري يفاجئ متابعيه بإعلان وصيته
- ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟ ...
- دور غير متوقع للموسيقى في نمو الجنين!
- الممثلة السعودية ميلا الزهراني بمسلسل -فضة- في رمضان


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - قراءة في ديوان ما يشبه الحلم للشاعر عيسى حماد