سعيد عطيف
الحوار المتمدن-العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 16:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الصحة النفسية ما بين ابعاد الشك المنهجي وانواع المعرفة المولد للأفكار التخيلية..
الشك ذلك المعطى الذي اختلفت حوله الفلسفات وانشقت من خلاله التيارات هل هو اثبات للفكر ولصاحب العلة في مرسوم الوجود؟ او الكون وطبيعة الاستقرار في جوانح اسراره؟ ولعل منزله الفرد بين مدارك الكون الوجودي في الوجود سواء أكان ساكنا ام متحركا تجعله يرتبط رغما عن الكل بالمعطى اللاهوتي بغية تحقيق رغبات أسمى من الصحة النفسية عينها..
دوامة الانفعالات تجعل البشر في صراع ما بين الخير والشر، والحب المتبادل ما بين الانسان وعلة وجوده..
كيف يتحقق الانفعال الايجابي سواء أكان حبا مع الذات او مع الاخر؟
كيف يكون حقيقة كحب ذهني ويعكس حب صاحب العلة للمعلول؟
اذا كان الوجود كنتيجة فعم َّ يبحث البشر الاسباب ام الماهيات؟
عبر الشك تم اثبات الوجود ومن خلال المعارف بأنواعها الثلاث:
التخيلية والعقل والحدسية، تكونت الأفكار، وعبر الادراك تم فهم الماهيات، فهل هذه المعطيات كفيلة لتحقيق أعلى الدرجات في المجد والكمال..؟
الحب انفعال بالدرجة الاولى، لكن على مستوى الاشتغال المعرفي الذهني مختلف عما نتصوره ولكنه مرتبط وموجه نحو صاحب علة الوجود ومن خلال ماهياته المتجلية في البشر، يعكس هو الاخر حبا من طينة لا تقاس لا بالاختبارات ولا بالمقاييس..
وهذا يعني ان الجوهر واحد ويساوي ما بين سبب علة الوجود ومعطى تعدد عناصر الوجود او الطبيعة حسب المنظور السبينوزي..
اذا عدنا للبشر والانسان فهو يجمع ما بين سمة التفكير وهنا نعود لمصادر المعرفة والتي تتحكم في الافكار، سواء عبر التخيل او الادراك او عبر العقل، رغم ان السمات غير تامة الا ان لها من الدلالة ما يكفي في ايقاع اليات التفكير..
ازدواجية الامتداد ما بين سمة التفكير والتمدد تحيلنا على الشك في المساواة بين البشر كثنائية النفس والجسد الوجود من جهة، ولان صاحب العلة سيكون اكبر مما يتصور، ولان مظاهر الكون والطبيعة دلالة الابداع واللامحدودية في كل شيء ، ومن جهة ثانيه النظر الى صاحب العلة بمعزل عن الصفات والسمات الخاصة بالبشر اي ان حبه للناس اسمى وحيث انه لا يمكن تشبيهه بالمعلول بسبب سمو السمو فوق كل المواصفات والصفات.. وهذا يحيل على التساؤل التالي ما العلاقة بين الحب الخاص بصاحب العلة وكيف يرتبط بمستويات الذهن او الاشتغال لدى الانسان؟ وهل هذا الارتباط يحقق الكمال..؟
الصحة النفسية بالتقاطع ..المفهوم الحديث تحدثنا سابقا عن المعرفة والادراك وبالتالي الذهن البشري يدرك إدراك الشيء وعلى صورة غير الكمال ، اي ان صاحب العلة له إدراك لا كإدراك المعلول من عناصر الوجود .. ولكن يمكن الجزم دون الشك انه العلم المسبق لما يدركه الانسان ..
قد يكون فكره فقط على مستوى إدراك الاشياء وفي نفس الوقت عنصرا من كل.. اي ان تفكير البشر مرتبط بتفكير صاحب العلة من حيث تمثل فكره في الانسان .. ان كانت صفة الفكر الموجود ضمن كليات الاشياء فقد يكون بشكل لا متناهي، وهذا يناقض الفكر الكلاسيكي باعتباره صاحب العلة والذات المفكرة، وإذا كان الامر كذلك فهذا يثير تناقضا صارخا بين الطرح الاول والثاني بين حب صاحب العلة والمتجلي في كل الموجودات، ومن بينها البشر وبين عكسية هذا الشعور نحوه من اي أحد آخر..
اذا كانت هذه الذات كاملة السمة والصفات فحبها جزء في كل الاجزاء والكليات وبالتالي كل أنواع الانفعالات السامية عن صفات البشر تجسد اشتغالا ذهنيا منبثقا عن الذات الكاملة نحو بقيه الذوات الغير التامة بالكمال، ولكن سبيلا لتحقيق الطمأنينة الدائمة للنفس عن طريق كل انواع المعرفة وهذا يسمح بتسلق أعلى مدارك سلم الادراك وكل مسالك الانفعالات نحو الاخر.. وبالتالي فهم سر الماهيات الكلية لعناصر الاشياء قد يكون توجها يسمح بالارتقاء من الادنى الى الاسمى في مراتب الغبطة والصحة الروحية او النفسية .. وهذه الممارسة تمثل التقاطع المباشر بين مناهج الشك للحقول الفلسفية وعلم النفس الصحي في مستويات التجويد والرفاه، اي التخلص من اليات التفكير الالي السلبي.. اذا تم تجاوز المورثات الوهمية والادراكات التشويهية الى اعلى محطات الانشغالات المعرفية المبنية على اسس حقيقة المعرفة والخير بدل الشر، والراحة الروحية بدل الشقاء الروحي والعذاب الجسدي.
ارتباط الانسان -الظاهرة - بالجانب الروحي العقل كأنثروبولوجيا وليس جانبا لاهوتيا - العلاقة مع الذات السامية المتسامية بشكل غير واعي هو تجلي في كل عناصر الكليات، ولأن النفس اصلا معادلة صعبة في التاريخ الفلسفي للروح والجسد، الجسد مادي ومحدود، والروح / النفس لا مادي غير محدود.. وكيف للمادي ان يحتوي اللامادي، اي كيف للمادي المحدود ان يحتوي اللا محدود.. هذا التجلي يفرض الارتباط بمصدر اللامادي النفسي، ليس صناعة بشر، وانما صاحب علة الوجود الخارج على مستوى إدراك الانسان -الظاهرة- على مستوى الفكر/ العقل ورغما عن كل عناصر الوجود فالعلاقة قائمه بالإلزام، وفي حالة عدم الفهم ومقاصد الادراك العقلي، تتأثر مستويات البنيات المرتبطة بالنفس نحو السلبية والانحدار اي عدم التوازن والاختلال فتضطرب الانفعالات والحالات النفسية .. وتنهك أثمتة العضوية، فيصبح المرض في كل البيولوجيات الجسدية والاضطرابات في كل البنيات النفسية. إنه الفكر الأتمتي / الآلي والفهم المخالف لطبيعة التوازن ما بين النفس والجسد...
سعيد عطيف أخصائي نفسي وباحث في العلاقات الإنسانية
#سعيد_عطيف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟