|
الصراع بين التقليد والتحديث على أساس تناسل التناقضات في قصص تحت عنوان شهوة الملائكة للكاتبة المصرية سعاد سليمان .
حسن ابراهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 20:50
المحور:
الادب والفن
تطور السرد ضمن القصص الموسومة بشهوة الملائكة للكاتبة المصرية سعاد سليمان على أساس جملة من التناقضات تمظهرت على مستوى العديد من الأحداث القصصية ضمن هذا المتن ، مما جعل عملية التخييل تنطلق من الواقع ، أقصد واقع مصر وما يفرزه من إشكالات، مع العودة إليه بعد إعادة خلقه فنيا ، بما ينسجم ووظائف الشخصيات القصصية من منطلق شبكة علائقية يتبدى من خلالها الصراع بشكل أفقي أحيانا ، وبشكل عمودي أحيانا أخرى. بمعنى أن براعة القص تزداد كلما جعلتنا هذه القصص نشارك الشخصيات القصصية همومها ، حيث يتم التعبير عنها برؤية سردية تتغيا تصوير الواقع ، بل رصده من منطلق الرغبة في تجاوزه ، حيث أحداث هذه القصص تبين ذلك . من هنا يأتي عامل الزمن ليفرز التطور لأسئلة السرد من حيث غايات نشتم منها استفزاز افق انتظار بعض القراء أحيانا ، لكن أحيانا أخرى يأتي السرد منسجما مع مختلف التقاليد التي تنسجم و الرغبة في الحفاظ على هذه العلاقات التي تدفع بالأحداث اللاحقة الى الأمام. وعليه فأحيانا لا نحس بأي تطور سيلحق الأحداث التي نحن بصدد قراءتها ، لكنه أحيانا أخرى تهيئنا بعض الأحداث لتقبل أحداث جديدة نشتم منها الرغبة في الاتكاء على الواقع لتجاوزه ضمن إطار التفاعل بين الواقع نفسه والخيال حيث السرد يأتي ممتعا ، ومفيدا ، من منطلق وعي بعض الشخصيات بمختلف الإشكالات المطروحة على مستوى الواقع المصري ، والرغبة في التدخل لتقديم إجابات تناسب مستوى وعي هذه الشخصيات نفسها ، حيث دخلت في علاقات مع غيرها في صراع الهدف منه تجاوز الإشكالات المطروحة لنجد أنفسنا نعود إليها ضمن سياقات مختلفة ، وضمن تجليات تختلف من قصة لأخرى . هكذا تجعلنا هذه القصص نقف عن قرب عند بعض الظواهر الاجتماعية التي تطورت ضمن إطار التطور التاريخي للتاريخ العربي المصري ، في سياق التقاط أسئلة جوهرية يحملها منطق الصراع بين التقليد والتحديث . وعليه يتبدى من خلال قراءة هذه القصص أنها أتت في سياق الرغبة في فضح التطور التاريخي الذي تنمو فيه هذه التناقضات ، والذي لا يفضي الى تغيير سواء تعلق الأمر بالبنى التي ينمو فيها وعي الشخصيات ، ولا بوعيها الذي ينتظر أن يصمد أكثر لتحقيق هذا التغيير ، إذ بالنبش في وعي ولا وعي هذه الشخصيات ، تتضح الرغبة في حسم أسئلة ماض له تجليات في أغلب المواقف التي تم التعبير عنها ضمن هذه القصص، لكن واقع السرد يعيد أهم الأسئلة إلى نقطة الصفر ، حيث تتخذ نفس الأسئلة مضامين أخرى وتتبدى كما لو أنها أسئلة جديدة ، غير أنها أسئلة قديمة لم يتم حسمها فتتمظهر في وقائع وأحداث أخرى تجعلنا نتوهم أننا بصدد أحداث جديدة أتت لتعبر عن واقع جديد . من هنا جاء وصف هذه الشخصيات ، ووصف الأفضية التي تتحرك داخلها لإبراز السكون الذي تتميز به بعض الأحداث ، حيث تتصارع بعض الظواهر ، ومن خلال هذا الصراع يتبدى أنها غير قابلة للتغيير رغم المجهودات التي تبذل لحسم العديد من التقاليد التي أصبحت متجاوزة . من هذا المنطلق يأتي دور المرأة التي اكتسبت حقها من التعليم مشرفا بتدخلها المستميت من أجل إبراز قيمة الحرية ، خلافا لما تفرزه ثقافة تقليدية من مواقف الهدف منها قيد الحريات ، وتكبيل بعض الشخصيات من خلال تربيتها بشكل مباشر أو غير مباشر على ثقافة تقليدية يتبدى عدم جدواها من منطلق كونها عبارة عن إفراز لتطور تاريخي أصبح متجاوزا . وعليه يأتي الحوار بين الأم وبنتها لرصد هذا التطور التاريخي المبني على الصراع بين التقليد الذي تمثله الأم ، والحداثة حيث تسعى البنت لتحقيقهما على الأقل على مستوى سرد الأحداث . من هذا المنطلق نود الكشف عن دلالة الأم ضمن هذه القصص ، والمراد بذلك كما نعتقد هو الوطن ، الذي تتصارع فيه المواقف ، والرؤى ، ووجهات النظر ضمن تفاعل المجتمع وصفوته تفاعلا مع مؤسسات الدولة ودورها في حماية الحق في هذا الاختلاف . إن الصراع المحتدم بين الأم وبنتها إنما الهدف منه إبراز الصراع بين مختلف الفاعلين برغبة الحسم مع التخلف بمختلف تجلياته رغم العراقيل التي تنتصب أمام المبادرات الجادة لمنع إمكانية تحقيق أي تطور يفضي إلى الغايات ألتي تناضل البنت من أجلها، أهمها الانتقال إلى مجتمع المعرفة ، والتقدم ،ونتائجهما المتعلقة بمختلف تجليات الحياة العامة ، والخاصة للمواطنين ، والاستفادة منها . يبدو وعي البنت المتقدم والمهم هنا إنما الهدف من إبرازه هو الرغبة في التأثير في وعي باقي الشخصيات إذ بالعمل بواسطة العلم والمعرفة ينبغي حسم كل الإشكالات. إن التناقضات التي تكشف عليها هذه القصص إنما الهدف منها الكشف عن الرغبة في إحداث تحولات في وعي الشخصيات ، ومن تم في واقعها بمختلف تجلياته الاقتصادية الاجتماعية السياسية ، والثقافية ، ومن تم في الظواهر الاجتماعية المرتبطة بها ، ومن تم خلق شرط الحياة الكريمة . وعليه فعملية القراءة لهذه القصص تجعلنا نرصد الظواهر من خلال رصد الأحداث القصصية ، بالتالي تجعلنا نعيش في مجتمع معيش واقعي ، لا علاقة له بأحداث قصصية حيث عملية التخييل تجعلنا نتقاسم مع الشخصيات نفس الأحاسيس ، ومن تم نفس المواقف أتفقنا ، أو اختلفنا معها . وعليه فالحرمان الذي تعاني منه بعض الشخصيات ، إنما يدل ذلك على واقع متخلف خلف وعيا جعلها تنظر للواقع من خلاله ، مقابل هذا الحرمان نجد السماح بممارسة الحريات الفردية في اطار الصراع بين ماض تتناسل أسئلته حيث لا تريد أن تزول ، وحاضر طفق يفرز أسئلة جديدة ، وما السماح بممارسة الحريات الفردية فيه إلا بهدف التأكيد على الرغبة في تثبيت أسئلة الحاضر ، والسماح بممارسة الحريات ، والحقوق ، من منطلق رصد منطق التطور ، حيث التاريخ يشهد عليه . وضمن هذا الصراع تتبدى نفسية بعض الشخصيات التي تتملكها الرغبة في الفعل ، مع التحفظ أحيانا من منطلق استحضار واقع التخلف ، وما يفرزه من مواقف الهدف منها الحفاظ على التقاليد والأعراف السائدة . بناء عليه وبالرصد لمختلف المواقف التي يحكمها الصراع بين التقليد ، والحداثة نلاحظ سيادة المواقف التي تأسست على ضوء أعراف وتقاليد عرفها المجتمع المصري ، والتي تم تناقلها ، حيث مؤسسة الأسرة عملت على الحفاظ على هذا التناقل كوظيفة تقليدية لها . ومن خلال دلالة الام كما سلف ذكره يتضح أن التقليد لا يمارس فقط على مستوى الاسرة ، وانما ينتقل إلى باقي المؤسسات بناء على عامل التربية ، ما يجعلنا نتساءل من حيث دور التشريع في تغير هذا والواقع ، والقضاء على التقليد بشكل نهائي على الأقل على مستوى سرد الاحداث .
#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السارد وهاجس بناء الوعي الديموقراطي عند الشخصيات القصصية في
...
-
ولادة قبل الحمل
-
مخاطر الهيمنة الثقافية في ظل ضرورة الحفاظ على الهويتين الأ
...
-
الأبعاد الوطنية ، الإنسانية ، والجمالية في ديوان شعر تحت عنو
...
-
ثقب يدنس الحذاء .
-
موج يقرع المآسي .
-
تبديد رقابة اللهو .
-
الاتصال والانفصال والعوامل المساعدة على تحقيقهما برواية تحت
...
-
السارد وتأطير وظائف الشخصيات برواية تحت عنوان أنطوان البائس
...
-
التحكم في الجيش ودفعه للهو للتحكم في المجتمع بروسيا من خلال
...
-
وأد الجدران .
-
رُهاب يرعى الأصفار.
-
ذئاب خلف المرآة .
-
نبيذ الأُوار .
-
أعشاب من العبث .
-
ترهل قلة سقراط .
-
أشياء تشبه دماء المستحيل .
-
ضيق النتفة
-
إبرة تشخِر داخل القماش .
-
تضاريس الخيانة .
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي في الترجمة.. أداة مساعدة لا بديلا
-
-نسائم الإضاءة وستائر الدهشة-.. حوارات مع الشاعر الفلسطيني م
...
-
أوكرانيا تعترف بأن اللغة الروسية تضاهي الأوكرانية استخداما ب
...
-
زوار كثر بلا كتب.. جولة في معرض القاهرة للكتاب
-
وزارة الثقافة في صنعاء تحتضن معرضا فنيا عن القضية الفلسطينية
...
-
صوت أم كلثوم ينبعث من الكتب والمقاهي بعد 50 عاما على رحيلها
...
-
50 عامًا بعد الرحيل.. ودموع فرقة أم كلثوم لم تجف
-
محاضرة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب تستعرض ثراء وتنوع الثقافة
...
-
مهرجان كان السينمائي يختار الممثلة جولييت بينوش لرئاسة لجنة
...
-
صدور أول كتاب للفن المعماري الطليعي الروسي باللغة العربية في
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|